الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
98 -
قال الله تعالى: (وَلَا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا وَلَا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ إِنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَمَاتُوا وَهُمْ فَاسِقُونَ
(84)
وَلَا تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ وَأَوْلَادُهُمْ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُعَذِّبَهُمْ بِهَا فِي الدُّنْيَا وَتَزْهَقَ أَنْفُسُهُمْ وَهُمْ كَافِرُونَ
(85)
* سَبَبُ النُّزُولِ:
أخرج البخاري وأحمد والترمذي والنَّسَائِي عن ابن عبَّاسٍ - عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال: لما مات عبد اللَّه بن أبي ابن سلول، دعي له رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ليُصلي عليه، فلما قام رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وثبتُ إليه، فقلت: يا رسول اللَّه، أَتصلي على ابن أُبي، وقد قال يوم كذا وكذا: كذا وكذا؟ أُعَدِّدُ عليه قولَه، فتبسم رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وقال:(أَخِّرْ عني يا عمر). فلما أكثرتُ عليه، قال:(إني خُيرت فاخترت، لو أعلم أني إن زدت على السبعين يغفر له لزدت عليها)، قال: فصلى عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم انصرف، فلم يمكث إلا يسيرًا حتى نزلت الآيتان من براءة:(وَلَا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا) إلى قوله: (وَهُمْ فَاسِقُونَ). قال: فعجبت بعد من جرأتي على رسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذٍ، واللَّه ورسوله أعلم.
وأخرجه البخاري، وأحمد ومسلم والترمذي والنَّسَائِي وابن ماجه من حديث ابن عمر رضي الله عنهما.
وأخرج ابن ماجه من حديث جابر رضي الله عنه نحوه.
* دِرَاسَةُ السَّبَبِ:
هكذا جاء في سبب نزول الآية الكريمة. وقد أورد جمهور المفسرين هذا الحديث وجعلوه سبب نزولها منهم الطبري والبغوي وابن العربي وابن عطية والقرطبي وابن كثير وابن عاشور.
قال الطبري: (يقول جل ثناؤه لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم ولا تصل يا محمد على أحد مات من هؤلاء المنافقين الذين تخلفوا عن الخروج معك أبداً ولا تتول دفنه وتقبره إنهم جحدوا توحيد الله ورسالة رسوله، وماتوا وهم خارجون من الإسلام، مفارقون أمر الله ونهيه وقد ذكر أن هذه الآية نزلت حين صلى النبي صلى الله عليه وسلم على عبد الله بن أبي) اهـ بتصرف يسير.
وقال ابن العربي: (المسألة الأولى في سبب نزولها:
ثبت في الصحاح والمصنفات حديث عبد الله بن عبَّاسٍ وغيره قال: سمعت عمر بن الخطاب يقول: لما توفي عبد اللَّه بن أبي دعي رسول الله صلى الله عليه وسلم للصلاة عليه. فذكر الحديث) اهـ.
وقال ابن عطية: (هذه الآية نزلت في شأن عبد الله بن أبي ابن سلول وصلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر كلامًا إلى أن قال: وتظاهرت الروايات أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم صلى عليه، وأن الآية نزلت بعد ذلك). اهـ.
وقال القرطبي: (روي أن هذه الآية نزلت في شأن عبد اللَّه بن أبي ابن
سلول، وصلاة النبي صلى الله عليه وسلم عليه. ثبت ذلك في الصحيحين وغيرهما، وتظاهرت الروايات بأن النبي صلى الله عليه وسلم صلى عليه، وأن الآية نزلت بعد ذلك) اهـ.
وقال ابن كثير: (أمر اللَّه تعالى رسوله صلى الله عليه وسلم أن يبرأ من المنافقين وأن لا يصلي على أحد منهم إذا مات وأن لا يقوم على قبره ليستغفر له أو يدعو له لأنهم كفروا باللَّه ورسوله وماتوا عليه، وهذا حكم عام في كل من عرف مقامَه وإن كان سبب نزول الآية في عبد اللَّه بن أبي ابن سلول رأس المنافقين كما قال البخاري ثم ساق الحديث) اهـ.
وبناءً على ما تقدم فإنه لا خلاف بين المفسرين أن قصة عبد اللَّه بن أبي ابن سلول وصلاة النبي صلى الله عليه وسلم عليه هي سبب نزول الآيات الكريمة.
* تنبيه:
جاء في بعض ألفاظ الحديث من طريق ابن عمر قول عمر: أليس اللَّه قد نهاك أن تصلي على المنافقين؟ فكيف قال عمر ذلك له مع أن قوله: (وَلَا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا) كان بعد الصلاة عليه؟.
أجاب الحافظ ابن حجر: (محصل الجواب أن عمر فهم من قوله: (اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لَا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ)، منع الصلاة عليهم، فأخبره النبي صلى الله عليه وسلم أن لا منع، وأن الرجاء لم ينقطع بعد) اهـ.
* النتيجة:
أن سبب نزول الآيات الكريمة صلاة رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم على رأس المنافقين وذلك لصحة سنده، وموافقته للفظ الآية، وتعويل المفسرين عليه وتصريحه بالنزول واللَّه أعلم.
* * * * *