الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
54 -
قال الله تعالى: (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتَابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا هَؤُلَاءِ أَهْدَى مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا سَبِيلًا
(51)
أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ وَمَنْ يَلْعَنِ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ نَصِيرًا
(52)
* سَبَبُ النُّزُولِ:
أخرج النَّسَائِي عن ابن عبَّاسٍ رضي الله عنهما قال: لما قدم كعب بن الأشرف مكة، قالت له قريش: أنت خير أهلِ المدينة وسيدهم؟ قال: نعم، قالوا: ألا ترى إلى هذا المُنْبَتِر من قومه يزعم أنه خير منا؟ ونحن - يعني: أهل الحجيج وأهل السدانة - قال: أنتم خير منه فنزلت: (إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ) ونزلت: (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتَابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ) إلى قوله: (فَلَنْ تَجِدَ لَهُ نَصِيرًا).
* دِرَاسَةُ السَّبَبِ:
هكذا جاء في سبب نزول هذه الآية وقد ذكر جمهور المفسرين هذا الحديث وجعلوه سبب نزولها منهم الطبري والبغوي وابن عطية والقرطبي وابن كثير والطاهر بن عاشور.
قال الطبري: (إن اللَّه وصف الذين أُوتوا نصيبًا من الكتاب من اليهود بتعظيمهم غير الله بالعبادة والإذعان له بالطاعة في الكفر باللَّه ورسوله ومعصيتهما، وأنهم قالوا إن أهل الكفر باللَّه أولى بالحق من أهل الإيمان به، وإن دين أهل التكذيب للَّه ولرسوله أعدل وأصوب من دين أهل التصديق للَّه ولرسوله، وذُكر أن ذلك من صفة كعب بن الأشرف وأنه قائل ذلك) اهـ.
وقال ابن كثير: قوله: (وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا هَؤُلَاءِ أَهْدَى مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا سَبِيلًا) أي يفضلون الكفار على المسلمين بجهلهم وقلة دينهم، وكفرهم بكتاب اللَّه الذي بأيديهم) اهـ.
والظاهر - واللَّه أعلم - أن الصحيح في السبب المذكور أنه مرسل لكنه يعتضد بأمرين:
الأول: مطابقة السبب المذكور للفظ الآية فإن القائل في الآية من الذين أُوتوا نصيباً من الكتاب، والرجل المذكور في الحديث كعب بن الأشرف اليهودي.
وقوله: (وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا) هو قوله لكفار قريش أنتم خير من محمد.
وقوله تعالى: (أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ وَمَنْ يَلْعَنِ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ نَصِيرًا) هم اليهود كما أخبر اللَّه عنهم بقوله: (قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذَلِكَ مَثُوبَةً عِنْدَ اللَّهِ مَنْ لَعَنَهُ اللَّهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنَازِيرَ وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ أُولَئِكَ شَرٌّ مَكَانًا وَأَضَلُّ عَنْ سَوَاءِ السَّبِيلِ).
الثاني: أن هذا السبب قد قال به جمهور المفسرين واعتمدوه سبباً لنزول الآية ولا ريب أن اجتماع المفسرين على قولٍ كهذا مع ما يحتف به من قرائن يوجب غلبة الظن أن للحديث أصلاً، أما نزول آية الكوثر فستأتي دراستها إن شاء اللَّه تعالى في سورة الكوثر.
* النتيجة:
أن الحديث المذكور وإن كان مرسلاً فإن قرائن السببية تحيط به وذلك لموافقته للفظ الآية، وتصريحه بالنزول، واحتجاج المفسرين به على النزول والله أعلم.
* * * * *