الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سورة الأنعام
81 -
قال اللَّه تعالى: (قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ فَإِنَّهُمْ لَا يُكَذِّبُونَكَ وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ
(33)
* سَبَبُ النُّزُولِ:
أخرج الترمذي عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أن أبا جهل قال للنبي صلى الله عليه وسلم إنا لا نكذبك ولكن نكذب بما جئت به فأنزل اللَّه: (فَإِنَّهُمْ لَا يُكَذِّبُونَكَ وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ).
* دِرَاسَةُ السَّبَبِ:
هكذا جاء في سبب نزول هذه الآية الكريمة. وقد أورد جمهور المفسرين هذا الحديث عند تفسيرها منهم الطبري والبغوي وابن عطية والقرطبي وابن كثير.
قال ابن العربي: (هذه سخافة من أبي جهل تدل على تحقق اسمه فيه، ومن كذّب قول المخبر فقد كذب المخبر، فإن كان خفي ذلك عليه فلقد أحاط به الخذلان، وإن كان ذلك استهزاءً فقد كفى الله رسوله المستهزئين وما يستهزئون إلا بأنفسهم وما يشعرون والصحيح في المعنى أن محمد بن عبد اللَّه بن عبد المطلب كان صدوقاً أميناً عفيفاً شريفاً حتى حدث عن الله ففاضت عقولهم من الحسد غيظاً، وفاضت نفوسهم من الحسد فيضاً، ولا يحزنك ما يقولون فإنهم لا يكذبونك مخففة أي لا يجدونك كذاباً أبداً كما قال صلى الله عليه وسلم ثم لا تجدوني بخيلاً ولا جباناً ولا كذاباً، وإن كانت مُثَقَّلَة فالمعنى بأنهم لا يردون ما جئت به عن حقيقة في نفوسهم فقد علموا أن الذي جئت به حق ولكنهم يظهرون الرد نفاسة ويكون تقدير الكلام فإنهم لا يكذبونك بحقيقة يجدونها في أنفسهم من تكذيبك، ولكن الظالمين يجحدون بآيات الله وقد استيقنوها ظلماً وعلواً) اهـ.
وخالف في سبب النزول ابن عاشور فقال: (ولا أحسب هذا هو سبب نزول الآية لأن أبا جهل إن كان قد قال ذلك فقد أراد الاستهزاء، كما قال ابن العربي في العارضة: ذلك أن التكذيب بما جاء به تكذيب له لا محالة، فقوله: لا نكذبك، استهزاء بأطماع التصديق) اهـ.
والظاهر - واللَّه أعلم - أن ما ذكره الطاهر بن عاشور ليس علةً لرد السبب لأن أبا جهل إن كان صادقاً فيما يقول فاللَّه قد قال: (فَإِنَّهُمْ لَا يُكَذِّبُونَكَ) وهذا يدل على تناقضه إذ كيف يصدقه بنفسه ويجحد ما جاء به من الآيات البينات.
وإن كان قال هذا مستهزِئاً فالاستهزاء لا يعدو اللسان أما القلب فقد انعقد رغماً عنه على تصديق رسول الله صلى الله عليه وسلم ويكون قوله تعالى: (فَإِنَّهُمْ لَا يُكَذِّبُونَكَ) أي: بقلوبهم وإن قالوا: بألسنتهم غير ذلك، ومما يدل على أن أبا جهل كان يعرف صدق رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: (ما روى ابن إسحاق عن الزهري
أنه حُدِّث أن أبا سفيان بن حرب، وأبا جهل بن هشام، والأخنس بن شريق فذكر الحديث إلى أن قال (أي الأخنس): يا أبا الحكم، ما رأيك فيما سمعتَ من محمد؟ فقال: ماذا سمعتُ، تنازعنا نحن وبنو عبد مناف الشرف، أطعموا فأطعمنا، وحملوا فحملنا، وأعطوا فأعطينا حتى إذا تجاذينا على الركب، وكنا كفرسي رهان، قالوا: منا نبي يأتيه الوحي من السماء، فمتى ندرك مثل هذه، واللَّه لا نؤمن به أبدًا ولا نصدقه، قال: فقام عنه الأخنس وتركه) اهـ باختصار.
* النتيجة:
أن سبب النزول وإن كان مرسلاً فإن موافقته للفظ الآية وتصريحه بالنزول، وسياق المفسرين له عند تفسيرها يدل على أن له أصلاً واللَّه أعلم.
* * * * *