الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
100 -
قال الله تعالى: (لَا تَقُمْ فِيهِ أَبَدًا لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ فِيهِ فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ
(108)
* سَبَبُ النُّزُولِ:
أخرج أبو داود والترمذي وابن ماجه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: نزلت هذه الآية في أهل قباء (فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا) قال: كانوا يستنجون بالماء فنزلت فيهم هذه الآية.
وأخرجه ابن ماجه من حديث أبط أيوب الأنصاري وجابر بن عبد الله وأنس بن مالك رضي الله عنهم أن هذه الآية نزلت: (فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ) قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: يا معشر الأنصار إن اللَّه قد أثنى عليكم في الطهور. فما طهوركم؟
قالوا: نتوضأ للصلاة ونغتسل من الجنابة ونستنجي بالماء. قال: (فهو ذاك فعليكموه).
* دِرَاسَةُ السَّبَبِ:
هكذا جاء في سبب نزول هذه الآية الكريمة. وقد أورد جمهور المفسرين هذين الحديثين عند تفسيرها منهم الطبري والبغوي وابن العربي وابن عطية والقرطبي وابن كثير والسعدي وابن عاشور.
قال الطبري: (يقول تعالى ذكره في حاضري المسجد الذي أُسس على التقوى من أول يوم رجال يحبون أن ينظفوا مقاعدهم بالماء إذا أتوا الغائط، واللَّه يحب المتطهرين بالماء) اهـ.
وقال ابن العربي: (فقوله: (فِيهِ فِيهِ) ضميران يرجعان إلى مضمر واحد بغير نزاع، وضمير الظرف الذي يقتضي الرجال المتطهرين هو مسجد قباء فذلك الذي أسس على التقوى وهو مسجد قباء والدليل على أن ضمير الرجال المتطهرين هو ضمير مسجد قباء حديث أبي هريرة قال: نزلت هذه الآية في أهل قباء (فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا) قال: كانوا يستنجون بالماء فنزلت هذه الآية فيهم) اهـ ووصف الحديث بأنه صحيح.
قال السعدي: (فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا) من الذنوب، ويتطهروا من الأوساخ والنجاسات والأحداث ومن المعلوم أن من أحب شيئاً لا بد أن يسعى له ويجتهد فيما يحب، فلا بد أنهم كانوا حريصين على التطهر من الذنوب والأوساخ والأحداث، ولهذا كانوا ممن سبق إسلامه. وكانوا مقيمين للصلاة، محافظين على الجهاد مع رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وإقامة شرائع الدين وممن كانوا يتحرزون من مخالفة الله ورسوله.
وسألهم النبي صلى الله عليه وسلم بعدما نزلت هذه الآية في مدحهم عن طهارتهم فأخبروه أنهم يتبعون الحجارة الماء فحمدهم على صنيعهم) اهـ.
وقال ابن عاشور: (وقد كان المؤمنون من الأنصار يجمعون بين
الاستجمار بالأحجار والغسل بالماء كما دلّ عليه حديث رواه الدارقطني عن أبي أيوب وجابر بن عبد اللَّه وأنس بن مالك ثم ساق الحديث الذي معنا، وقال: فهذا يعم الأنصار كلهم ولا يعارضه سؤال النبي صلى الله عليه وسلم أهل قباء عن طهارتهم لأن أهل قباء هم أيضاً من الأنصار فسؤاله إياهم لتحقق اطراد هذا التطهر في قبائل الأنصار). اهـ.
فهذه أقوال المفسرين وقد سبقهم إلى هذا جماعة من الصحابة والتابعين، ولا يعكر صفو هذا الإجماع إلا ضعف أسانيد هذا الحديث بعدما تبين من دراستها ولعل مما يجبر ضعفها أمران:
الأول: موافقة الحديث لسياق القرآن وهو تطابق تام.
الحاني: إجماع المفسرين على القول به ولعل هذا الإجماع يجبر ضعف الإسناد.
* النتيجة:
أن سبب نزول الآية - والله أعلم إعناية أهل قباء بالطهارة بالماء وعدم اقتصارهم على الاستجمار بالحجارة، ذلك لموافقته لسياق القرآن، وإجماع المفسرين عليه واللَّه أعلم.
* * * * *