المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌شذرة أيضا في كلامه في الأصول - المدخل إلى مذهب الإمام أحمد لابن بدران

[ابن بدران]

فهرس الكتاب

- ‌العقد الأول

- ‌رَوْضَة فِي كَلِمَات للْإِمَام فِي مسَائِل من أصُول الدّين

- ‌شذرة أَيْضا فِي كَلَامه فِي الْأُصُول

- ‌العقد الثَّانِي

- ‌فِي السَّبَب الَّذِي لأَجله اخْتَار كثير من كبار الْعلمَاء مَذْهَب الإِمَام أَحْمد على مَذْهَب غَيره

- ‌العقد الثَّالِث

- ‌فِي ذكر أصُول مذْهبه فِي استنباط الْفُرُوع وَبَيَان طَرِيقَته فِي ذَلِك

- ‌العقد الرَّابِع

- ‌فِي مسالك كبار أَصْحَابه فِي تَرْتِيب مذْهبه واستنباطه من فتياه وَالرِّوَايَات عَنهُ وتصرفهم فِي ذَلِك الْإِرْث المحمدي الأحمدي

- ‌شذرة فِي بَيَان طَريقَة الْأَصْحَاب فِي فهم كَلَام الإِمَام أَحْمد وَطَرِيق تصرفهم فِي الرِّوَايَات عَنهُ

- ‌فصل

- ‌فصل أَرَاك أَيهَا النَّاظر قد علمت عَمَّا رقمناه آنِفا

- ‌فصل

- ‌فصل فِي قَول الشَّافِعِي رضي الله عنه إِذا وجدْتُم فِي كتابي خلاف سنة

- ‌العقد الْخَامِس

- ‌فِي الْأُصُول الْفِقْهِيَّة الَّتِي دونهَا الْأَصْحَاب

- ‌مُقَدّمَة

- ‌بسط هَذَا الْإِجْمَال

- ‌فصل فِي التَّكْلِيف

- ‌فصل فِي أَحْكَام التَّكْلِيف

- ‌فصل فِي مَسْأَلَة مَا لَا يتم الْوَاجِب إِلَّا بِهِ

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌تَتِمَّة

- ‌فَائِدَة

- ‌تَنْبِيه

- ‌فصل فِي خطاب الْوَضع

- ‌تَنْبِيه

- ‌فَائِدَة

- ‌فصل فِي اللُّغَات

- ‌فصل اعْلَم أَن الْأَسْمَاء على أَرْبَعَة أضْرب

- ‌فصل فِي الْأُصُول

- ‌الْكتاب الْعَزِيز الَّذِي هُوَ أصل الْأُصُول

- ‌فصل فِي شذرات من مبَاحث السّنة

- ‌تَتِمَّة

- ‌بَاب النّسخ

- ‌تَنْبِيه

- ‌فَائِدَتَانِ

- ‌الْأَوَامِر والنواهي

- ‌فصل وَأما النَّهْي

- ‌فَوَائِد

- ‌الْعُمُوم وَالْخُصُوص

- ‌تَنْبِيه

- ‌فصل

- ‌خَاتِمَة

- ‌فصل

- ‌فصل فِي الْمُطلق والمقيد

- ‌فصل الْمُجْمل

- ‌فصل

- ‌فصل فِي الْمَنْطُوق وَالْمَفْهُوم

- ‌الأَصْل الثَّالِث الْإِجْمَاع

- ‌الأَصْل الرَّابِع من الْأُصُول الْمُتَّفق عَلَيْهَا اسْتِصْحَاب الْحَال

- ‌الْأُصُول الْمُخْتَلف فِيهَا

- ‌الأَصْل الْخَامِس الْقيَاس

- ‌فصل

- ‌فصل فِي شَرَائِط أَرْكَان الْقيَاس ومصححاتها

- ‌فصل

- ‌‌‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل فِي الأسئلة الْوَارِدَة على الْقيَاس

- ‌فصل

- ‌عقد نضيد فِي الِاجْتِهَاد والتقليد

- ‌تَنْبِيه

- ‌فصل

- ‌تَنْبِيه

- ‌فصل

- ‌عقد نَفِيس فِي تَرْتِيب الْأَدِلَّة وَالتَّرْجِيح

- ‌فصل

- ‌تَنْبِيه

- ‌العقد السَّادِس

- ‌فِيمَا اصْطلحَ عَلَيْهِ المؤلفون فِي فقه الإِمَام أَحْمد مِمَّا يحْتَاج إِلَيْهِ الْمُبْتَدِي وأبرز الْأَسْمَاء الَّتِي تذكر فِي مصنفاتهم

- ‌العقد السَّابِع

- ‌فِي ذكر الْكتب الْمَشْهُورَة فِي الْمَذْهَب وَبَيَان طَريقَة بَعْضهَا وَمَا عَلَيْهِ من التعليقات والحواشي حسب الْإِمْكَان

- ‌الْمُغنِي ومختصرالخرقي

- ‌الْمُسْتَوْعب

- ‌الْكَافِي

- ‌الْعُمْدَة

- ‌مُخْتَصر ابْن تَمِيم

- ‌رُؤُوس الْمسَائِل

- ‌الْهِدَايَة

- ‌التَّذْكِرَة

- ‌الْمُحَرر

- ‌الْمقنع

- ‌الْفُرُوع

- ‌مغنى ذَوي الأفهام عَن الْكتب الْكَثِيرَة فِي الْأَحْكَام

- ‌مُنْتَهى الإرادات فِي جمع الْمقنع مَعَ التَّنْقِيح وزيادات

- ‌الْإِقْنَاع لطَالب الِانْتِفَاع

- ‌دَلِيل الطَّالِب

- ‌غَايَة الْمُنْتَهى

- ‌عُمْدَة الرَّاغِب

- ‌كَافِي الْمُبْتَدِي وأخصر المختصرات ومختصر الإفادات

- ‌الرعايتان

- ‌مُخْتَصر الشَّرْح الْكَبِير والإنصاف

- ‌العقد الثَّامِن

- ‌فِي أَقسَام الْفِقْه عِنْد أَصْحَابنَا وَمَا ألف فِي هَذَا النَّوْع وَفِي هَذَا العقد دُرَر

- ‌فصل وَأما مَا اتَّصل بِنَا خَبره من كتب التَّفْسِير لِأَصْحَابِنَا

- ‌فصل

- ‌فرائد فَوَائِد

- ‌لطائف قَوَاعِد

- ‌رد الْعَجز على الصَّدْر

الفصل: ‌شذرة أيضا في كلامه في الأصول

‌شذرة أَيْضا فِي كَلَامه فِي الْأُصُول

أخرج ابْن الْجَوْزِيّ عَن أَحْمد بن مُحَمَّد بن هانىء الطَّائِي الْمَعْرُوف بالأثرم قَالَ سَمِعت أَبَا عبد الله أَحْمد بن حَنْبَل يَقُول إِنَّمَا هُوَ السّنة والاتباع وَإِنَّمَا الْقيَاس يقيس على أصل ثمَّ يَجِيء إِلَى الأَصْل فيهدمه ثمَّ يَقُول هَذَا قِيَاس فعلى أَي شَيْء كَانَ هَذَا الْقيَاس وَقيل لَهُ لَا يَنْبَغِي أَن يقيس إِلَّا رجل عَالم كَبِير يعرف نِسْبَة الشَّيْء بالشَّيْء معرفَة كَثِيرَة فَقَالَ أجل لَا يَنْبَغِي

قَالَ الْأَثْرَم وَسمعت أَبَا عبد الله يَقُول إِذا كَانَ فِي الْمَسْأَلَة عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم حَدِيث لم نَأْخُذ فِيهَا بقول أحد من الصَّحَابَة وَلَا بقول من بعدهمْ وَإِذا كَانَ فِي الْمَسْأَلَة عَن أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَول مُخْتَلف نتخير من أقاويلهم وَلَا نَأْخُذ بقول من بعدهمْ وَإِذا لم يكن فِيهَا حَدِيث وَلَا قَول لأحد من الصَّحَابَة نتخير من أَقْوَال التَّابِعين وَرُبمَا كَانَ الحَدِيث عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم وَفِي إِسْنَاده شَيْء فنأخذ بِهِ إِذا لم يجىء خِلَافه قَالَ أَخذنَا بِالْحَدِيثِ الْمُرْسل إِذا لم يجىء خِلَافه

وروى مُحَمَّد بن عَوْف بن سُفْيَان الطَّائِي الْحِمصِي عَن الإِمَام أَحْمد مقَالَة طَوِيلَة فِي الِاعْتِقَاد حَكَاهَا عَنهُ أَبُو يعلى فِي الطَّبَقَات لَكِنَّهَا لما كَانَت مسائلها قد تضمنتها رسالتي مُسَدّد وعبدوس أضربنا عَن ذكرهَا خوف التَّطْوِيل

وروى أَبُو يعلى فِي تَرْجَمَة أَحْمد بن يَعْقُوب الْفَارِسِي

ص: 85

الأصطخري عَنهُ رِسَالَة مُطَوَّلَة عَن الإِمَام أَحْمد وَنحن ننقلها هُنَا وَإِن كَانَ فِيهَا تكْرَار لما مضى فَإِن المكرر أحلى

قَالَ الأصطخري قَالَ أَبُو عبد الله أَحْمد بن مُحَمَّد بن حَنْبَل هَذِه مَذَاهِب أهل الْعلم وَأَصْحَاب الْأَثر وَأهل السّنة المتمسكين بعروقها المعروفين بهَا المقتدى بهم فِيهَا من لدن أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عليه وسلم إِلَى يَوْمنَا هَذَا وَأدْركت من أدْركْت من عُلَمَاء أهل الْحجاز وَالشَّام وَغَيرهم عَلَيْهَا فَمن خَالف شَيْئا من هَذِه الْمذَاهب أَو طعن فِيهَا أَو أعاب قَائِلهَا فَهُوَ مُبْتَدع خَارج من الْجَمَاعَة زائل عَن مَنْهَج السّنة وسبيل الْحق وَكَانَ قَوْلهم إِن الْإِيمَان قَول وَعمل وَنِيَّة وَتمسك بِالسنةِ وَالْإِيمَان يزِيد وَينْقص وَيسْتَثْنى فِي الْإِيمَان غير أَن لَا يكون الِاسْتِثْنَاء شكا إِنَّمَا هِيَ سنة عِنْد الْعلمَاء مَاضِيَة قَالَ وَإِذا سُئِلَ رجل أمؤمن أَنْت فَإِنَّهُ يَقُول أَنا مُؤمن إِن شَاءَ الله أَو مُؤمن أَرْجُو أَو يَقُول آمَنت بِاللَّه وَمَلَائِكَته وَكتبه وَرُسُله

أَن الْإِيمَان قَول بِلَا عمل فَهُوَ مرجىء

ص: 86

وَمن زعم أَن الْإِيمَان هُوَ القَوْل والأعمال شرائع فَهُوَ مرجىء

وَمن زعم أَن الْإِيمَان لَا يزِيد وَلَا ينقص فقد قَالَ بقول المرجئة

وَمن لم ير الِاسْتِثْنَاء فِي الْإِيمَان فَهُوَ مرجىء

وَمن زعم أَن إيمَانه كَإِيمَانِ جِبْرِيل وَالْمَلَائِكَة فَهُوَ مرجىء قَالَ وَمن زعم أَن الْمعرفَة تَنْفَع فِي الْقلب لَا يتَكَلَّم بهَا فَهُوَ مرجىء

قَالَ وَالْقدر خَيره وشره وقليله وَكَثِيره وَظَاهره وباطنه وحلوه ومره ومحبوبه ومكروهه وَحسنه وقبيحه وأوله وَآخره من الله قَضَاء قَضَاهُ وَقدرا قدره عَلَيْهِم لَا يعدو أحد مِنْهُم مَشِيئَة الله عز وجل وَلَا يُجَاوز قَضَاءَهُ بل هم كلهم صائرون إِلَى مَا خلقهمْ لَهُ واقعون فِيمَا قدر عَلَيْهِم لأفعاله وَهُوَ عدل مِنْهُ عز وجل

وَالزِّنَا وَالسَّرِقَة وَشرب الْخمر وَقتل النَّفس وَأكل المَال الْحَرَام والشرك بِاللَّه والمعاصي كلهَا بِقَضَاء وَقدر من غير أَن يكون أحد من الْخلق على الله حجَّة بل لله الْحجَّة الْبَالِغَة على خلقه {لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ} الْأَنْبِيَاء 23 علم الله تَعَالَى مَاض فِي خلقه بِمَشِيئَة مِنْهُ قد علم من إِبْلِيس وَمن غَيره مِمَّن عَصَاهُ من لدن أَن عصي تبارك وتعالى إِلَى أَن تقوم السَّاعَة الْمعْصِيَة وخلقهم لَهَا وَعلم الطَّاعَة من أهل الطَّاعَة وخلقهم لَهَا وكل يعْمل لما خلق لَهُ وصائر إِلَى مَا قضي عَلَيْهِ وَعلم مِنْهُ لَا يعدو أحد مِنْهُم قدر الله ومشيئته وَالله الْفَاعِل لما يُرِيد الفعال لما يَشَاء وَمن زعم أَن الله شَاءَ لِعِبَادِهِ الَّذين عصوه الْخَيْر وَالطَّاعَة وَأَن الْعباد شَاءُوا لأَنْفُسِهِمْ الشَّرّ وَالْمَعْصِيَة فعملوا على مشيئتهم فقد زعم أَن مَشِيئَة الْعباد أغْلظ من مَشِيئَة الله تبارك وتعالى فَأَي افتراء أكبر على الله عز وجل من هَذَا وَمن زعم أَن الزِّنَا لَيْسَ بِقدر قيل لَهُ أَرَأَيْت هَذِه الْمَرْأَة إِن

ص: 87

حملت من الزِّنَا وَجَاءَت بِولد هَل شَاءَ الله عز وجل أَن يخلق هَذَا الْوَلَد وَهل مضى فِي سَابق علمه فَإِن قَالَ لَا فقد زعم أَن مَعَ الله خَالِقًا وَهَذَا هُوَ الشّرك صراحا وَمن زعم أَن السّرقَة وَشرب الْخمر وَأكل المَال الْحَرَام لَيْسَ بِقَضَاء وَقدر فقد زعم أَن هَذَا الْإِنْسَان قَادر على أَن يَأْكُل رزق غَيره وَهَذَا صراح قَول الْمَجُوسِيَّة بل أكل رزقه وَقضى الله أَن يَأْكُلهُ من الْوَجْه الَّذِي أكله

وَمن زعم أَن قتل النَّفس لَيْسَ بِقدر من الله عز وجل فقد زعم أَن الْمَقْتُول مَاتَ بِغَيْر أَجله وَأي كفر أوضح من هَذَا بل ذَلِك بِقَضَاء الله عز وجل وَذَلِكَ بمشيئته فِي خلقه وتدبيره فيهم وَمَا جرى من سَابق علمه فيهم وَهُوَ الْعدْل الْحق الَّذِي يفعل مَا يُرِيد وَمن أقرّ بِالْعلمِ لزمَه الْإِقْرَار بِالْقُدْرَةِ والمشيئة على الصغر والقمأ وَلَا نشْهد على أحد من أهل الْقبْلَة أَنه فِي النَّار لذنب عمله وَلَا لكبيرة أَتَاهَا إِلَّا أَن يكون فِي ذَلِك كَمَا جَاءَ على مَا رُوِيَ بِصَدقَة ونعلم أَنه كَمَا جَاءَ وَلَا ننص الشَّهَادَة والخلافة فِي قُرَيْش مَا بَقِي من النَّاس اثْنَان لَيْسَ لأحد من النَّاس أَن ينازعهم فِيهَا وَلَا يخرج عَلَيْهِم وَلَا يقر لغَيرهم بهَا إِلَى قيام السَّاعَة وَالْجهَاد مَاض قَائِم مَعَ الْأَئِمَّة بروا أَو فجروا لَا يُبطلهُ جور

ص: 88

جَائِر وَلَا عدل عَادل وَالْجُمُعَة وَالْعِيدَيْنِ وَالْحج مَعَ السُّلْطَان وَإِن لم يَكُونُوا بررة وَلَا أتقياء وَلَا عُدُولًا

وَدفع الصَّدقَات وَالْخَرَاج والأعشار والفيء والغنائم إِلَى الْأُمَرَاء عدلوا فِيهَا أم جارو والانقياد إِلَى من ولاه الله أَمركُم لَا تنْزع يدا من طَاعَته وَلَا تخرج عَلَيْهِ بسيفك حَتَّى يَجْعَل الله لَك فرجا ومخرجا وَلَا تخرج على السلطات وَتسمع وتطيع

وَلَا تنكث بيعَة فَمن فعل ذَلِك فَهُوَ مُبْتَدع مُخَالف مفارق للْجَمَاعَة

وَإِن أَمرك السُّلْطَان بِأَمْر هُوَ لله مَعْصِيّة فَلَيْسَ لَك أَن تُطِيعهُ أَلْبَتَّة وَلَيْسَ لَك أَن تخرج عَلَيْهِ وَلَا تَمنعهُ حَقه

والإمساك فِي الْفِتْنَة سنة مَاضِيَة وَاجِب لُزُومهَا فَإِن ابْتليت فَقدم نَفسك دون دينك وَلَا تعن على الْفِتْنَة وَلَا بِلِسَان وَلَكِن اكفف يدك وَلِسَانك وهواك وَالله الْمعِين

والكف عَن أهل الْقبْلَة وَلَا تكفر أحدا مِنْهُم بذنب وَلَا تخرجه من الْإِسْلَام بِعَمَل إِلَّا أَن يكون فِي ذَلِك حَدِيث فيروى الحَدِيث كَمَا جَاءَ وكما رُوِيَ ونصدقه ونقبله ونعلم أَنه كَمَا رُوِيَ نَحْو ترك الصَّلَاة وَشرب الْخمر وَمَا أشبه ذَلِك أَو يبتدع بِدعَة ينْسب صَاحبهَا إِلَى الْكفْر وَالْخُرُوج من الْإِسْلَام فَاتبع الْأَثر فِي ذَلِك وَلَا تجاوزه والأعور الدَّجَّال خَارج لَا شكّ فِي ذَلِك وَلَا ارتياب وَهُوَ أكذب الْكَاذِبين

وَعَذَاب الْقَبْر حق يسْأَل العَبْد عَن دينه وَعَن ربه وَعَن الْجنَّة وَعَن النَّار ومنكر وَنَكِير حق وهما فتانا الْقَبْر فنسأل الله الثَّبَات

وحوض مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم حق ترده أمته وَله آنِية يشربون بهَا مِنْهُ

ص: 89

والصراط حق وضع على سَوَاء جَهَنَّم ويمر النَّاس عَلَيْهِ وَالْجنَّة من وَرَاء ذَلِك نسْأَل الله السَّلامَة

وَالْمِيزَان حق توزن بِهِ الْحَسَنَات والسيئات كَمَا شَاءَ الله أَن توزن

والصور حق ينْفخ فِيهِ إسْرَافيل فَيَمُوت الْخلق ثمَّ ينْفخ فِيهِ الْأُخْرَى فَيقومُونَ لرب الْعَالمين

والحساب وَالْقَضَاء وَالثَّوَاب وَالْعِقَاب وَالْجنَّة وَالنَّار واللوح الْمَحْفُوظ تستنسخ مِنْهُ أَعمال الْعباد سبق فِيهِ من الْمَقَادِير وَالْقَضَاء والقلم حق كتب الله بِهِ مقادير كل شَيْء وأحصاه فِي الذّكر تبارك وتعالى

والشفاعة يَوْم الْقِيَامَة حق يشفع قوم فِي قوم فَلَا يصيرون إِلَى النَّار وَيخرج قوم من النَّار بعد مَا دخلوها بشفاعة الشافعين وَيخرج قوم من النَّار بعد مَا دخلوها وَلَبِثُوا فِيهَا مَا شَاءَ الله ثمَّ يخرجهم من النَّار وَقوم يخلدُونَ فِيهَا أبدا أبدا وهم أهل الشّرك والتكذيب والجحود وَالْكفْر بِاللَّه عز وجل ويذبح الْمَوْت يَوْم الْقِيَامَة بَين الْجنَّة وَالنَّار

وَقد خلقت الْجنَّة وَمَا فِيهَا وَالنَّار وَمَا فِيهَا خلقهما الله عز وجل وَخلق الْخلق لَهما وَلَا يفنيان وَلَا يفنى مَا فيهمَا أبدا

فَإِن احْتج مُبْتَدع أَو زنديق بقول الله عز وجل {كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ} الْقَصَص 88 وَنَحْو هَذَا من متشابه الْقُرْآن قيل لَهُ كل شَيْء مِمَّا كتب الله عَلَيْهِ الفناء والهلاك هَالك وَالْجنَّة وَالنَّار خلقا للبقاء لَا للفناء وَلَا للهلاك وهما من الْآخِرَة لَا من الدُّنْيَا

والحور الْعين لَا يمتن عِنْد قيام السَّاعَة وَلَا عِنْد النفخة وَلَا أبدا لِأَن الله عز وجل خَلقهنَّ للبقاء لَا للفناء وَلم يكْتب عَلَيْهِنَّ الْمَوْت فَمن قَالَ خلاف هَذَا فَهُوَ مُبْتَدع وَقد ضل عَن سَوَاء السَّبِيل وَخلق سبع سموات بَعْضهَا فَوق بعض وَسبع أَرضين

ص: 90

بَعْضهَا أَسْفَل من بعض وَبَين الأَرْض العلياء وَالسَّمَاء الدُّنْيَا مسيرَة خَمْسمِائَة عَام وَبَين كل سَمَاء إِلَى سَمَاء مسيرَة خَمْسمِائَة عَام وَالْمَاء فَوق السَّمَاء الْعليا السَّابِعَة وعرش الرَّحْمَن عز وجل فَوق المَاء وَالله عز وجل على الْعَرْش والكرسي مَوضِع قَدَمَيْهِ وَهُوَ يعلم مَا فِي السَّمَوَات وَالْأَرضين السَّبع وَمَا بَينهمَا وَمَا تَحت الثرى وَمَا فِي قَعْر الْبحار ومنبت كل شَعْرَة وشجرة وكل زرع وكل نَبَات ومسقط كل ورقة وَعدد كل كلمة وَعدد الْحَصَا والرمل وَالتُّرَاب وَمَثَاقِيل الْجبَال وأعمال الْعباد وآثارهم وَكَلَامهم وأنفاسهم وَيعلم كل شَيْء لَا يخفى عَلَيْهِ من ذَلِك شَيْء وَهُوَ على الْعَرْش فَوق السَّمَاء السَّابِعَة ودونه حجب من نَار وظلمة وَمَا هُوَ أعلم بهَا

فَإِن احْتج مُبْتَدع ومخالف بقول الله عز وجل {وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ} الْحَدِيد 4 وَبِقَوْلِهِ {مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ} المجادلة 7 وَنَحْو هَذَا من متشابه الْقُرْآن فَقل إِنَّمَا يَعْنِي بذلك الْعلم لِأَن الله تَعَالَى على الْعَرْش فَوق السَّمَاء السَّابِعَة الْعليا يعلم ذَلِك كُله وَهُوَ بَائِن من خلقه لَا يَخْلُو من علمه مَكَان وَللَّه عز وجل عرش وللعرش حَملَة يحملونه وَالله عز وجل على عَرْشه وَلَيْسَ لَهُ حد وَالله أعلم بحده وَالله عز وجل سميع لَا يشك بَصِير لَا يرتاب عليم لَا يجهل جواد لَا يبخل حَلِيم لَا يعجل حفيظ لَا ينسى يقظان لَا يسهو قريب لَا يغْفل يَتَحَرَّك وَيتَكَلَّم وَينظر ويبسط ويضحك ويفرح وَيُحب وَيكرم وَيبغض ويرضى ويغضب ويسخط وَيرْحَم وَيَعْفُو وَيُعْطِي وَيمْنَع وَينزل كل لَيْلَة إِلَى سَمَاء الدُّنْيَا كَيفَ يَشَاء {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيع الْبَصِير} الشورى

ص: 91

11 -

) وَقُلُوب الْعباد بَين إِصْبَعَيْنِ من أَصَابِع الرَّحْمَن يقلبها كَيفَ يَشَاء ويوعيها مَا أَرَادَ وَخلق آدم بِيَدِهِ على صورته وَالسَّمَوَات وَالْأَرْض يَوْم الْقِيَامَة فِي كَفه

وَيَضَع قدمه فِي النَّار فتنزوي وَيخرج قوما من النَّار بِيَدِهِ

ص: 92

وَينظر إِلَى وَجهه أهل الْجنَّة يرونه فيكرمهم ويتجلى لَهُم فيعطيهم

وَتعرض عَلَيْهِ الْعباد يَوْم الْقِيَامَة ويتولى حسابهم بِنَفسِهِ لَا يَلِي ذَلِك غَيره عز وجل

وَالْقُرْآن كَلَام الله تكلم بِهِ لَيْسَ بمخلوق وَمن زعم أَن الْقُرْآن مَخْلُوق فَهُوَ جهمي كَافِر

وَمن زعم أَن الْقُرْآن كَلَام الله ووقف وَلم يقل لَيْسَ بمخلوق فَهُوَ أَخبث من قَول الأول وَمن زعم أَن ألفاظنا بِهِ وتلاوتنا لَهُ مخلوقة وَالْقُرْآن كَلَام الله فَهُوَ جهمي وَمن لم يكفر هَؤُلَاءِ الْقَوْم كلهم فَهُوَ مثلهم {وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيماً} النِّسَاء 164 من فِيهِ وناوله التَّوْرَاة من يَده إِلَى يَده وَلم يزل الله عز وجل متكلما {فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ} الْمُؤْمِنُونَ 14 والرؤيا من الله عز وجل وَهِي حق إِذا رأى صَاحبهَا شَيْئا فِي مَنَامه مَا لَيْسَ هُوَ صَعب فَقَصَّهَا على عَالم وَصدق فِيهَا وأولها الْعَالم على أصل تَأْوِيلهَا الصَّحِيح وَلم يحرف فالرؤيا تَأْوِيلهَا حِينَئِذٍ حق وَقد كَانَت الرُّؤْيَا من الْأَنْبِيَاء عليهم السلام وَحيا فَأَي جَاهِل أَجْهَل مِمَّن يطعن فِي الرُّؤْيَا وَيَزْعُم أَنَّهَا لَيست بِشَيْء وَبَلغنِي أَن من قَالَ هَذَا القَوْل لَا يرى الِاغْتِسَال من الِاحْتِلَام وَقد رُوِيَ عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم أَن رُؤْيا الْمُؤمن كَلَام يكلم الرب عَبده وَقَالَ إِن الرُّؤْيَا من الله عز وجل وَبِاللَّهِ التَّوْفِيق

ص: 93

وَمن الْحجَّة الْوَاضِحَة الثَّابِتَة الْبَيِّنَة الْمَعْرُوفَة ذكر محَاسِن أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عليه وسلم كلهم أَجْمَعِينَ والكف عَن ذكر مساويهم الَّتِي شجرت بَينهم فَمن سبّ أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عليه وسلم أَو وَاحِدًا مِنْهُم أَو تنقص أَو طعن عَلَيْهِم أَو عرض بعيبهم أَو عَابَ وَاحِدًا مِنْهُم فَهُوَ مُبْتَدع رَافِضِي خَبِيث مُخَالف لَا يقبل الله مِنْهُ صرفا وَلَا عدلا بل حبهم سنة وَالدُّعَاء لَهُم قربَة والاقتداء بهم وَسِيلَة وَالْأَخْذ بآثارهم فَضِيلَة وَخير الْأمة بعد النَّبِي صلى الله عليه وسلم أَبُو بكر وَعمر بعد أبي بكر وَعُثْمَان بعد عمر وَعلي بعد عُثْمَان ووقف قوم على عُثْمَان

وهم خلفاء راشدون مهديون ثمَّ أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عليه وسلم بعد هَؤُلَاءِ الْأَرْبَعَة خير النَّاس لَا يجوز لأحد أَن يذكر شَيْئا من مساويهم وَلَا يطعن على أحد مِنْهُم بِعَيْب وَلَا بِنَقص فَمن فعل ذَلِك فقد وَجب على السُّلْطَان تأديبه وعقوبته لَيْسَ لَهُ أَن يعْفُو عَنهُ بل يُعَاقِبهُ ويستتيبه فَإِن تَابَ قبل مِنْهُ وَإِن ثَبت أعَاد عَلَيْهِ الْعقُوبَة وخلده فِي الْحَبْس حَتَّى يَمُوت أَو يُرَاجع

ونعرف للْعَرَب حَقّهَا وفضلها وسابقتها ونحبهم لحَدِيث النَّبِي صلى الله عليه وسلم فَإِن حبهم إِيمَان وبغضهم نفاق وَلَا نقُول بقول الشعوبية وأراذل الموَالِي الَّذين لَا يحبونَ الْعَرَب وَلَا يقرونَ لَهَا بِفضل فَإِن لَهُم بِدعَة ونفاقا وَخِلَافًا

وَمن حرم من المكاسب والتجارات وَطيب المَال من وَجهه

ص: 94

فقد جهل وَأَخْطَأ وَخَالف بل المكاسب من وَجههَا حَلَال قد أحلهَا الله عز وجل وَرَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَالرجل يَنْبَغِي لَهُ أَن يسْعَى على نَفسه وَعِيَاله من فضل ربه فَإِن ترك ذَلِك على أَنه لَا يرى الْكسْب فَهُوَ مُخَالف وكل أحد أَحَق بِمَالِه الَّذِي وَرثهُ واستفاده أَو أوصى بِهِ أَو كَسبه لَا كَمَا يَقُول المتكلمون المخالفون

وَالدّين إِنَّمَا هُوَ كتاب الله عز وجل وآثار وَسنَن وَرِوَايَات صِحَاح عَن الثِّقَات الصَّحِيحَة القوية الْمَعْرُوفَة يصدق بَعْضهَا بَعْضًا حَتَّى يَنْتَهِي ذَلِك إِلَى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَأَصْحَابه رضوَان الله عَلَيْهِم وَالتَّابِعِينَ وتابع التَّابِعين أَو من بعدهمْ من الْأَئِمَّة المعروفين المقتدى بهم المتمسكين بِالسنةِ والمتعلقين بالآثار لَا يعْرفُونَ بِدعَة وَلَا يطعن فيهم بكذب وَلَا يرْمونَ بِخِلَاف وَلَيْسوا أَصْحَاب قِيَاس وَلَا رَأْي لِأَن الْقيَاس فِي الدّين بَاطِل والرأي كَذَلِك وأبطل مِنْهُ وَأَصْحَاب الرَّأْي وَالْقِيَاس فِي الدّين مبتدعة ضلال إِلَّا أَن يكون فِي ذَلِك أثر عَمَّن سلف من الْأَئِمَّة الثِّقَات وَمن زعم أَنه لَا يرى التَّقْلِيد وَلَا يُقَلّد دينه أحدا فَهُوَ قَول فَاسق عِنْد الله وَرَسُوله صلى الله عليه وسلم إِنَّمَا يُرِيد بذلك إبِْطَال الْأَثر وتعطيل الْعلم وَالسّنة والتفرد بِالرَّأْيِ وَالْكَلَام والبدعة وَالْخلاف وَهَذِه الْمذَاهب والأقاويل الَّتِي وصفت مَذَاهِب أهل السّنة وَالْجَمَاعَة والْآثَار وَأَصْحَاب الرِّوَايَات وَحَملَة الْعلم الَّذين أدركناهم وأخدنا عَنْهُم الحَدِيث وتعلمنا مِنْهُم السّنَن وَكَانُوا أَئِمَّة معروفين ثِقَات أَصْحَاب صدق يقْتَدى بهم وَيُؤْخَذ عَنْهُم وَلم يَكُونُوا أَصْحَاب بِدعَة وَلَا خلاف وَلَا تَخْلِيط وَهُوَ قَول أئمتهم وعلمائهم الَّذين كَانُوا قبلهم فَتمسكُوا بذلك رحمكم الله وتعلموه وعلموه وَبِاللَّهِ التَّوْفِيق

ولأصحاب الْبدع ألقاب وَأَسْمَاء لَا تشبه أَسمَاء الصَّالِحين وَلَا الْعلمَاء من أمة مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم

وَمن أسمائهم

ص: 95

المرجئة وهم الَّذين يَزْعمُونَ أَن الْإِيمَان قَول وَلَا عمل وَأَن الْإِيمَان قَول والأعمال شرائع وَأَن الْإِيمَان مُجَرّد وَأَن النَّاس لَا يتفاضلون فِي إِيمَانهم وَأَن إِيمَان الْمَلَائِكَة والأنبياء وَاحِد وَأَن الْإِيمَان لَا يزِيد وَلَا ينقص وَأَن الْإِيمَان لَيْسَ فِيهِ اسْتثِْنَاء وَأَن من آمن بِلِسَانِهِ وَلم يعْمل فَهُوَ مُؤمن حَقًا

هَذَا قَول المرجئة وَهُوَ أَخبث الْأَقَاوِيل وأضلها وأبعدها من الْهدى

والقدرية وهم الَّذين يَزْعمُونَ أَن إِلَيْهِم الاستطالة والمشيئة وَالْقُدْرَة وَأَنَّهُمْ يملكُونَ لأَنْفُسِهِمْ الْخَيْر وَالشَّر والضر والنفع وَالطَّاعَة وَالْمَعْصِيَة وَالْهدى والضلالة وَأَن الْعباد يعلمُونَ بديا من غير أَن يكون سبق لَهُم ذَلِك من الله عز وجل أَو فِي علم وَقَوْلهمْ يضارع الْمَجُوسِيَّة والنصرانية وَهُوَ أصل الزندقة

والمعتزلة وهم يَقُولُونَ قَول الْقَدَرِيَّة ويدينون بدينهم ويكذبون بِعَذَاب الْقَبْر والشفاعة والحوض

وَلَا يرَوْنَ الصَّلَاة خلف أحد من أهل الْقبْلَة وَلَا الْجُمُعَة إِلَّا من كَانَ على هواهم ويزعمون أَن أَعمال الْعباد لَيست فِي اللَّوْح الْمَحْفُوظ

والنصيرية وهم قدرية وهم أَصْحَاب الْجنَّة والقيراط وَالَّذين يَزْعمُونَ أَن من أَخذ حَبَّة أَو قيراطا أَو دانقا حَرَامًا فَهُوَ كَافِر وَقَوْلهمْ يضاهي قَول الْخَوَارِج

والجهمية أَعدَاء الله وهم الَّذين يَزْعمُونَ أَن الْقُرْآن مَخْلُوق وَأَن الله لم يكلم مُوسَى وَأَن الله لَيْسَ بمتكلم وَلَا يتَكَلَّم وَلَا ينْطق وكلاما كثيرا أكره حكايته وهم كفار زنادقة أَعدَاء الله

والواقفة يَزْعمُونَ أَن الْقُرْآن كَلَام الله وَلَكِن ألفاظنا بِالْقُرْآنِ وقرائتنا لَهُ مخلوقة وهم جهمية فساق

ص: 96

والرافضة وهم الَّذين يتبرأون من أَصْحَاب مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم ويسبونهم وينتقصونهم ويكفرون الْأَئِمَّة الْأَرْبَعَة إِلَّا عَليّ

وعمار

والمقداد

وَسليمَان وَلَيْسَت الرافضة من الْإِسْلَام فِي شَيْء

والمنصورية وهم رافضة أَخبث من الروافض وهم الَّذين يَقُولُونَ من قتل أَرْبَعِينَ نفسا مِمَّن خَالف هواهم دخل الْجنَّة وهم الَّذين يخيفون النَّاس ويستحلون أَمْوَالهم وهم الَّذين يَقُولُونَ أَخطَأ جِبْرِيل عليه السلام بالرسالة وَهَذَا هُوَ الْكفْر الْوَاضِح الَّذِي لَا يشوبه إِيمَان فنعوذ بِاللَّه مِنْهُ

والسبائية وهم رافضة وهم قريب مِمَّن ذكرت يخالفون الْأَئِمَّة كذابون وصنف مِنْهُم يَقُولُونَ عَليّ فِي السَّحَاب وَعلي يبْعَث قبل يَوْم الْقِيَامَة وَهَذَا كذب وزور وبهتان

والزيدية وهم رافضة وهم الَّذين يتبرأون من عُثْمَان وَطَلْحَة وَالزُّبَيْر وَعَائِشَة ويرون الْقِتَال مَعَ كل من خرج من ولد عَليّ رضي الله عنه برا كَانَ أَو فَاجِرًا حَتَّى يغلب أَو يقتل

والخشبية وهم يَقُولُونَ بقول الزيدية وهم فِيمَا يَزْعمُونَ ينتحلون آل مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم وكذبوا بل هم المبغضون لآل مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم دون النَّاس إِنَّمَا الشِّيعَة لآل مُحَمَّد المتقون أهل السّنة والأثر من كَانُوا وَحَيْثُ كَانُوا الَّذين يحبونَ آل مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم وَجَمِيع أَصْحَاب مُحَمَّد لَا يذكرُونَ أحدا مِنْهُم بِسوء وَلَا عيب وَلَا منقصة

فَمن ذكر أحدا من أَصْحَاب مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم بِسوء أَو طعن عَلَيْهِم أَو تَبرأ من أحد مِنْهُم أَو سبهم أَو عرض بشتمهم فَهُوَ رَافِضِي خَبِيث مخبث

ص: 97

وَأما الْخَوَارِج فمرقوا من الدّين وفارقوا الْملَّة وشردوا عَن الْإِسْلَام وشذوا عَن الْجَمَاعَة فضلوا عَن السَّبِيل وَالْهدى وَخَرجُوا على السُّلْطَان وسلوا السَّيْف على الْأَئِمَّة وَاسْتَحَلُّوا دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالهمْ وأبعدوا من خالفهم إِلَّا من قَالَ بقَوْلهمْ وَكَانَ على مثل قَوْلهم ورأيهم وَثَبت مَعَهم فِي بَث ضلالتهم وهم يشتمون أَصْحَاب مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم وأصهاره وأختانه ويتبرأون مِنْهُم ويرمونهم بالْكفْر والعظائم ويرون خلافهم فِي شرائع الْإِسْلَام وَلَا يُؤمنُونَ بِعَذَاب الْقَبْر وَلَا الْحَوْض وَلَا الشَّفَاعَة وَلَا خُرُوج أحد من النَّار وَيَقُولُونَ من كذب كذبة أَو أَتَى صَغِيرَة أَو كَبِيرَة من الذُّنُوب فَمَاتَ من غير تَوْبَة فَهُوَ فِي النَّار خَالِدا مخلدا أبدا وهم يَقُولُونَ بقول البكرية فِي الْحبَّة والقيراط

وهم قدرية جهمية مرجئة رافضة لَا يرَوْنَ الْجَمَاعَة إِلَّا خلف إمَامهمْ وهم يرَوْنَ الصَّوْم قبل رُؤْيَة الْهلَال وَالْفطر قبل رُؤْيَته وهم يرَوْنَ النِّكَاح بِغَيْر ولي وَلَا سُلْطَان ويرون الْمُتْعَة دينهم ويرون الدِّرْهَم بِدِرْهَمَيْنِ يدا بيد وَلَا يرَوْنَ الصَّلَاة فِي الأخفاف وَلَا الْمسْح عَلَيْهَا وَلَا يرَوْنَ للسُّلْطَان عَلَيْهِم طَاعَة وَلَا لقرشي عَلَيْهِم خلَافَة وَأَشْيَاء كَثِيرَة يخالفون عَلَيْهَا الْإِسْلَام وَأَهله وَكفى بِقوم ضَلَالَة يكون هَذَا رَأْيهمْ ومذهبهم وَدينهمْ وَلَيْسوا من الْإِسْلَام فِي شَيْء

وَمن أَسمَاء الْخَوَارِج الحرورية وهم أَصْحَاب حرروا

والأزارقة وهم أَصْحَاب نَافِع بن الْأَزْرَق وَقَوْلهمْ أَخبث الْأَقَاوِيل وأبعده من الْإِسْلَام وَالسّنة

والنجدية وهم أَصْحَاب نجدة بن عَامر الحروري

والأباضية وهم أَصْحَاب عبد الله بن إباض

ص: 98

والصفرية وهم أَصْحَاب دَاوُد بن النُّعْمَان

والمهلبية والحارثية والحازمية كل هَؤُلَاءِ خوارج فساق مخالفون للسّنة خارجون من الْملَّة أهل بِدعَة وضلالة

والشعبية أَو الشعوبية وهم أَصْحَاب بِدعَة وضلالة وهم يَقُولُونَ إِن الْعَرَب والموالي عندنَا وَاحِد لَا يرَوْنَ للْعَرَب حَقًا وَلَا يعْرفُونَ لَهُم فضلا وَلَا يحبونهم بل يبغضون الْعَرَب ويظهرون لَهُم الغل والحسد والبغضة فِي قُلُوبهم وَهَذَا قَول قَبِيح ابتدعه رجل من أهل الْعرَاق فتابعه يسير فَقتل عَلَيْهِ

وَأَصْحَاب الرَّأْي وهم مبتدعة ضلال أَعدَاء السّنة والأثر يبطلون الحَدِيث ويردون على الرَّسُول صلى الله عليه وسلم ويتخذون صَاحب الرَّأْي وَمن قَالَ بقوله إِمَامًا ويتدينون بدينهم وَأي ضَلَالَة أبين مِمَّن قَالَ بِهَذَا وَترك قَول الرَّسُول وَأَصْحَابه وَيتبع صَاحب الرَّأْي وَأَصْحَابه فَكفى بِهَذَا غيا مرديا وطغيانا وَالْولَايَة بِدعَة والبراءة بِدعَة وهم الَّذين يَقُولُونَ نتولى فلَانا ونتبرأ من فلَان وَهَذَا القَوْل بِدعَة فَاحْذَرُوهُ فَمن قَالَ بِشَيْء من هَذِه الْأَقَاوِيل أَو رَآهَا أَو صوبها أَو رضيها أَو أحبها فقد خَالف السّنة وَخرج من الْجَمَاعَة وَترك الْأَثر وَقَالَ بِالْخِلَافِ وَدخل فِي الْبِدْعَة وَزَل عَن الطَّرِيق وَمَا توفيقنا إِلَّا بِاللَّه

وَقد رَأَيْت لأهل الْبدع والأهواء وَالْخلاف أَسمَاء مشنعة قبيحة يسمون بهَا أهل السّنة يُرِيدُونَ بذلك عيبهم والطعن عَلَيْهِم والوقعية فيهم والإزراء بهم عِنْد السُّفَهَاء والجهال

ص: 99

فَأَما المرجئة فَإِنَّهُم يسمون أهل السّنة شكاكا وكذبت المرجئة بل هم بِالشَّكِّ أولى وبالتكذيب أشبه وَأما الْقَدَرِيَّة فَإِنَّهُم يسمون أهل السّنة وَالْإِيمَان مجبرة وكذبت الْقَدَرِيَّة بل هم أولى بالتكذيب وَالْخلاف ألغوا قدر الله عز وجل عَن خلقه وَقَالُوا لَيْسَ لَهُ بِأَهْل تبارك وتعالى وَأما الْجَهْمِية فَإِنَّهُم يسمون أهل السّنة المشبهة وكذبت الْجَهْمِية أَعدَاء الله بل هم أولى بِالنِّسْبَةِ والتكذيب افتروا على الله عز وجل الْكَذِب وَقَالُوا الْإِفْك والزور وَكَفرُوا بقَوْلهمْ وَأما الرافضة فَإِنَّهُم يسمون أهل السّنة الناصبة وكذبت بل هم أولى بِهَذَا لإنصابهم أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عليه وسلم بالسب والشتم وَقَالُوا فيهم بِغَيْر الْحق ونسبوهم إِلَى غير الْعدْل كفرا وظنا وجرأة على الله تَعَالَى واستخفافا بِحَق الرَّسُول صلى الله عليه وسلم وَالله أولى بالتعيير والانتقام مِنْهُم

وَأما الْخَوَارِج فَإِنَّهُم يسمون أهل السّنة وَالْجَمَاعَة مرجئة وكذبت الْخَوَارِج فِي قَوْلهم بل هم المرجئة يَزْعمُونَ أَنهم على إِيمَان وَحقّ دون النَّاس وَمن خالفهم كَافِر

وَأما أَصْحَاب الرَّأْي فَإِنَّهُم يسمون أهل السّنة ثابتية وحشوية وَكذب أَصْحَاب الرَّأْي أَعدَاء الله بل هم الثابتية والحشوية تركُوا آثَار الرَّسُول وَحَدِيثه وَقَالُوا بِالرَّأْيِ وقاسوا الدّين بالاستحسان وحكموا خلاف الْكتاب وَالسّنة وهم أَصْحَاب بِدعَة جهلة ضلال وطلاب دنيا بِالْكَذِبِ والبهتان رحم الله عبدا قَالَ بِالْحَقِّ وَاتبع الْأَثر وَتمسك بِالسنةِ واقتدى بالصالحين

اللَّهُمَّ ادحض بَاطِل المرجئة وأوهن كيد الْقَدَرِيَّة وأزل دولة

ص: 100

الرافضة وامحق سنة أَصْحَاب الرَّأْي واكفنا مُؤنَة الخارجية وَعجل الانتقام من الْجَهْمِية

انْتهى مَا رَوَاهُ أَبُو يعلى فِي طبقاته عَن الأصطخري وَلم أجد هَذِه الرسَالَة فِي المناقب لِابْنِ الْجَوْزِيّ وَذكر الْبُرْهَان ابْن مُفْلِح صدرها فِي طبقاته وَفِي هَذِه الرسَالَة حط على بعض الْأَئِمَّة وَلم يقْصد بذلك تنقيصهم وَلَكِن سَبيله فِي ذَلِك على مَا قَالَه الْحَافِظ ابْن الْجَوْزِيّ

وَقد كَانَ الإِمَام أَحْمد لشدَّة تمسكه بِالسنةِ وَنَهْيه عَن الْبِدْعَة يتَكَلَّم فِي جمَاعَة من الأخيار إِذا صدر مِنْهُم مَا يُخَالف السّنة وَكَلَامه فِي ذَلِك مَحْمُول على النَّصِيحَة فِي الدّين ثمَّ رُوِيَ عَنهُ أَنه طلب من إِسْمَاعِيل بن إِسْحَاق السراج أَن يسمعهُ كَلَام الْحَارِث المحاسبي فأحضر إِسْمَاعِيل بشرا وَأَجْلسهُ فِي مَكَان مَعَ أَصْحَابه بِحَيْثُ يسمعهُ الإِمَام أَحْمد وَكَانَ ذَلِك لَيْلًا فَتكلم من نصف اللَّيْل إِلَى الصَّباح فَلَمَّا انْقَضى كَلَامه قَالَ لَهُ إِسْمَاعِيل كَيفَ رَأَيْت هَؤُلَاءِ يَا أَبَا عبد الله فَقَالَ مَا أعلم أَنِّي رَأَيْت مثل هَؤُلَاءِ فِي عُلُوم الْحَقَائِق وَلَا سَمِعت مثل كَلَام هَذَا الرجل وعَلى مَا وصفت من أَحْوَالهم وَلَا أرى لَك صحبتهم

وروى عَنهُ ابْن الْجَوْزِيّ أَنه قَالَ من رد حَدِيث رَسُول الله فَهُوَ على شفا هلكة

وَإِنَّمَا كَانَ ينْهَى عَن الرَّأْي ليتوفر النَّاس على النَّقْل

ص: 101

وَقَالَ لعُثْمَان بن سعيد لَا تنظر فِي كتب أبي عبيد وَلَا فِيمَا وضع إِسْحَاق وسُفْيَان وَلَا الشَّافِعِي وَلَا مَالك وَعَلَيْك بِالْأَصْلِ

وَقَالَ إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم بن هانىء سَأَلته عَن كتب أبي ثَوْر فَقَالَ كتاب ابتدع فِيهِ بِدعَة

عَلَيْكُم بِالْحَدِيثِ

وَقَالَ لَهُ رجل أكتب كتب الرَّأْي فَقَالَ لَا قَالَ فَابْن الْمُبَارك قد كتبهَا فَقَالَ إِن ابْن الْمُبَارك لم ينزل من السَّمَاء إِنَّمَا أمرنَا أَن نَأْخُذ الْعلم من فَوق

قَالَ ابْن الْجَوْزِيّ وَكَانَ ينْهَى عَن كِتَابَة كَلَامه فَنظر الله إِلَى حسن قَصده فنقلت أَلْفَاظه وحفظت فَقل أَن تقع مَسْأَلَة إِلَّا وَله فِيهَا نَص من الْفُرُوع وَالْأُصُول وَرُبمَا عدمت فِي تِلْكَ الْمَسْأَلَة نُصُوص الْفُقَهَاء الَّذين صنفوا وجمعوا فَرضِي الله عَنهُ وأرضاه آمين

ص: 102