الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْعُمُوم وَالْخُصُوص
أما الْعَام فَاعْلَم أَن اللَّفْظ إِمَّا أَن يدل على مَاهِيَّة مَدْلُوله من حَيْثُ هِيَ هِيَ أَو لَا فَإِن دلّ على الْمَاهِيّة من حَيْثُ هِيَ هِيَ أَي مَعَ قطع النّظر عَن جَمِيع مَا يعرض لَهَا من وحدة وَكَثْرَة وحدوث وَقدم وَطول وَسَوَاد وَبَيَاض
فَهَذَا هُوَ الْمُطلق وَذَلِكَ لِأَن الْإِنْسَان مثلا من حَيْثُ هُوَ إِنْسَان إِنَّمَا يدل على حَيَوَان نَاطِق لَا على وَاحِد وَلَا على حَادث وَلَا طَوِيل وَلَا أسود وَلَا على ضد شَيْء من ذَلِك وَإِن كُنَّا نعلم أَنه لَا يَنْفَكّ عَن بعض تِلْكَ وَإِن لم يدل على الْمَاهِيّة من حَيْثُ هِيَ
فإمَّا أَن يدل على وحدة أَو وحدات فَإِن دلّ على وحدة فَهِيَ إِمَّا مُعينَة كزيد وَعَمْرو وَهُوَ الْعلم أَو غير مُعينَة كَرجل وَفرس وَهُوَ النكرَة
وَإِن دلّ على وحدات مُتعَدِّدَة وَهِي الْكَثْرَة فَتلك الْكَثْرَة
أما بعض وحدات الْمَاهِيّة وجميعها فَإِن كَانَت بَعْضهَا فهواسم الْعدَد كعشرين وَثَلَاثِينَ وَنَحْوهَا وَإِن كَانَت جَمِيع وحدات الْمَاهِيّة فَهُوَ الْعَام وعَلى هَذَا فالعام هُوَ اللَّفْظ الدَّال على جَمِيع أَجزَاء مَاهِيَّة مَدْلُوله
وَقد اسْتُفِيدَ من هَذَا التَّقْسِيم معرفَة حُدُود مَا تضمنه من الْحَقَائِق وَهُوَ الْمُطلق وَالْعلم والنكرة وَاسم الْعدَد فالمطلق هُوَ اللَّفْظ الدَّال على الْمَاهِيّة الْمُجَرَّدَة عَن وصف زَائِد وَالْعلم هُوَ اللَّفْظ الدَّال على وحدة مُعينَة وَاسم الْعدَد هُوَ اللَّفْظ الدَّال على بعض ماهيات مَدْلُوله
وَالْفرق بَين الْخَاص وَاسم الْعدَد أَن دلَالَة الْخَاص إِنَّمَا هِيَ على وحدة وَاحِدَة مُعينَة أَو مَخْصُوصَة وَاسم الْعدَد يدل على وحدات مُتعَدِّدَة غير مستغرقة
ثمَّ اعْلَم أَن اللَّفْظ يَنْقَسِم إِلَى مَا لَا أَعم مِنْهُ وَذَلِكَ كالمعلوم أَو الشَّيْء لِأَن الْمَعْلُوم يتَنَاوَل جَمِيع الْأَشْيَاء قديمها ومحدثها ومعدومها وموجودها لتَعلق الْعلم بذلك كُله وَالشَّيْء يتَنَاوَل الْقَدِيم والمحدث والجوهر وَالْعرض وَسَائِر الموجودات فالشيء أخص من الْمَعْلُوم لِأَن كل شَيْء مَعْلُوم وَلَيْسَ كل مَعْلُوم شَيْئا وَهَذَا النَّوْع يُسمى الْعَام الْمُطلق وينقسم اللَّفْظ إِلَى مَا لَا أخص مِنْهُ وَيُسمى الْخَاص الْمُطلق وَذَلِكَ كزيد وَعَمْرو وَنَحْوهمَا إِذْ لَا يُوجد أخص من ذَلِك يعرف بِهِ وَلِهَذَا كَانَت الْأَعْلَام أعرف المعارف عِنْد بعض النُّحَاة وينقسم إِلَى مَا بَينهمَا وَيُقَال لَهُ الْعَام أَو الْخَاص الإضافي فَإِن الْحَيَوَان مثلا خَاص بِالنِّسْبَةِ إِلَى مَا فَوْقه وَهُوَ الْجِسْم الْمُطلق عَام بِالنِّسْبَةِ إِلَى مَا تَحْتَهُ من أَنْوَاعه كالإنسان وَالْفرس وَنَحْوهمَا وكالموجود فَإِنَّهُ خَاص بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْمَعْلُوم عَام بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْجَوْهَر فَتَقول كل إِنْسَان حَيَوَان وَلَيْسَ كل جسم حَيَوَان وَالضَّابِط فِي الْعَام وَالْخَاص أَن كل شَيْئَيْنِ انقسم أَحدهمَا إِلَى الآخر وَغَيره فالمنقسم أَعم من المنقسم إِلَيْهِ فالموجود يَنْقَسِم إِلَى جَوْهَر وَغَيره كالعرض والجوهر يَنْقَسِم إِلَى نَام وَغَيره كالجماد والنامي يَنْقَسِم إِلَى حَيَوَان وَغَيره كالنبات وَالْحَيَوَان يَنْقَسِم إِلَى إِنْسَان وَغَيره كالفرس
إِذا علم هَذَا فَليعلم أَن الْأَلْفَاظ الَّتِي يُسْتَفَاد مِنْهَا الْعُمُوم خَمْسَة
أَحدهمَا مَا عرف بأل الَّتِي لَيست للْعهد وَهُوَ إِمَّا لفظ وَاحِد كالسارق والسارقة أَو جمع ثمَّ الْجمع إِمَّا أَن يكون لَهُ وَاحِد من لَفظه كالمسلمين وَالْمُشْرِكين وَالَّذين جمع الَّذِي أَو لَا يكون لَهُ وَاحِد من لَفظه كالناس وَالْحَيَوَان وَالْمَاء وَالتُّرَاب إِذْ لَا يُقَال فِيهِ ناسة وَلَا حيوانة لِأَن هَذِه الْأَلْفَاظ وضعت لتدل على جنس مدلولها لَا على آحاده مُنْفَرِدَة والمعرف بِاللَّامِ العهدية لَا يكون عَاما لدلالته على ذَات مُعينَة نَحْو لقِيت رجلا فَقلت للرجل
الثَّانِي مَا أضيف من أَلْفَاظ الْعُمُوم إِلَى معرفَة كعبيد زيد وَمَال عَمْرو فَالْأول لَفظه جمع وَالثَّانِي اسْم جنس فَلَو قلت رَأَيْت عبيد زيد وَمَال عَمْرو اقْتضى ذَلِك أَن الرُّؤْيَة كَانَت لجَمِيع ذَلِك
الثَّالِث أدوات الشَّرْط نَحْو من بِفَتْح الْمِيم فِيمَا يعقل وَمَا فِيمَا لَا يعقل وَقيل إِن مَا فِي الْخَبَر والاستفهام تكون للعاقل وَغَيره وَأَيْنَ وأنى وَحَيْثُ للمكان وَمَتى للزمان الْمُبْهم وَأي للْكُلّ وتعم من وَأي المضافة إِلَى الشَّخْص ضميرهما فَاعِلا كَانَ أَو مَفْعُولا
الرَّابِع كل وَجَمِيع وَنَحْوهمَا ومعشر ومعاشر وَعَامة وكافة وقاطبة وَمَا أشبه هَذِه الْأَلْفَاظ
الْخَامِس النكرَة فِي سِيَاق النَّفْي أَو الْأَمر نَحْو قَوْله تَعَالَى {وَلَمْ تَكُنْ لَهُ صَاحِبَةٌ} الْأَنْعَام 101 {وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ} الْإِسْرَاء 111 {وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ} الْإِخْلَاص 4 وَنَحْو أعتق رَقَبَة وَحكم النكرَة الْوَاقِعَة فِي سِيَاق النَّهْي حكم النكرَة الْوَاقِعَة فِي سِيَاق النَّفْي نَحْو لَا تخاصم أحدا
تَتِمَّة معيار الْعُمُوم صِحَة الِاسْتِثْنَاء من غير عدد