الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْأَمر إِلَيْهِ بِاعْتِبَار شخص من أَفْرَاده وَالنَّهْي إِلَيْهِ بِاعْتِبَار شخص آخر فمثال الأول الْعِبَادَة وتحتها نَوْعَانِ عبَادَة لله وَعبادَة لغيره وَقد تعلق الْأَمر بالنوع الأول وَتعلق النَّهْي بِالثَّانِي ثمَّ إِن عبَادَة الله تَعَالَى تصير جِنْسا بِاعْتِبَار مَا تحتهَا من الْأَنْوَاع كَالصَّلَاةِ وَالزَّكَاة وَغَيرهمَا فَالْأَمْر يتَعَلَّق بِالصَّلَاةِ وَالنَّهْي تعلق بهَا من جِهَة إيقاعها فِي مَكَان مَغْصُوب أَو من جِهَة إيقاعها بِلَا طَهَارَة وحاصلة أَن الْأَمر وَالنَّهْي يتوجهان إِلَى الْجِنْس بِاعْتِبَار تعداد أَنْوَاعه وَإِلَى النَّوْع بِاعْتِبَار تعداد أشخاصه
وَأما الْفِعْل الْوَاحِد بالشخص فَلهُ جِهَة وَاحِدَة إِذْ يَسْتَحِيل كَونه وَاجِبا حَرَامًا كَمَا لَو قَالَ صل هَذِه الظّهْر لاتصل هَذِه الظّهْر وتمثيلنا بإيقاع الصَّلَاة فِي مَكَان مَغْصُوب مَبْنِيّ على القَوْل بِأَنَّهَا لَا تصح فِيهِ وَلَا يسْقط الطّلب بهَا وَلَا عِنْدهَا وَإِلَيْهِ ذهب أَحْمد وَأكْثر أَصْحَابه والظاهرية والزيدية والجبائية
وَقيل يسْقط الْفَرْض عِنْدهَا لَا بهَا وَهَذَا قَول الباقلاني والرازي وَذهب أَحْمد فِي رِوَايَة عَنهُ وَمَالك وَالشَّافِعِيّ والخلال وَابْن عقيل والطوفي إِلَى أَنَّهَا تحرم وَتَصِح وَمَعْنَاهُ أَنَّهَا تصح بِمَعْنى تسْقط الطّلب لَكِن لَا ثَوَاب بهَا وَإِلَى هَذَا صَحَّ الْأَكْثَر وَقيل إِن لفاعلها ثَوابًا وَقَالَت الْحَنَفِيَّة تكره
قَالَ نجم الدّين الطوفي مَذْهَب الْحَنَفِيَّة فِي هَذَا الأَصْل أَدخل فِي التدقيق وأشبه بالتحقيق
فصل
الْمَكْرُوه ضد الْمَنْدُوب إِذْ الْمَنْدُوب الْمَأْمُور بِهِ غير الْجَازِم وَالْمَكْرُوه الْمنْهِي عَنهُ غير الْجَازِم فالمندوب قسم الْوَاجِب فِي الْأَمر وَالْمَكْرُوه قسم الْحَرَام فِي النَّهْي وَشرعا مَا مدح تَاركه وَلم يذم
فَاعله وَهُوَ دَاخل تَحت النَّهْي فَيُقَال إِنَّه مَنْهِيّ عَنهُ وَلَا يتَنَاوَلهُ الْأَمر الْمُطلق إِذْ الْأَمر الْمُطلق بِالصَّلَاةِ لَا يتَنَاوَل الصَّلَاة الْمُشْتَملَة على السدل والتحضر وَرفع الْبَصَر إِلَى السَّمَاء واشتمال الصماء والالتفات وَنَحْو ذَلِك من المكروهات فِيهَا وَأطلق بعض أَصْحَابنَا الْمَكْرُوه على الْحَرَام فقد قَالَ الْخرقِيّ فِي مُخْتَصره وَيكرهُ أَن يتَوَضَّأ فِي آنِية الذَّهَب وَالْفِضَّة انْتهى
مَعَ أَن التَّوَضُّؤ فيهمَا حرَام بِلَا خلاف فِي ذَلِك فِي الْمَذْهَب وَقد تطلق على ترك الأولى كَقَوْل الْخرقِيّ أَيْضا وَمن صلى بِلَا أَذَان وَلَا إِقَامَة كرهنا لَهُ ذَلِك وَلَا يُعِيد
وَأَرَادَ أَن الأولى أَن يُصَلِّي بِأَذَان وَإِقَامَة أَو بِأَحَدِهِمَا وَإِن أخل بهما ترك ذَلِك الأولى
وَقَالَ الْآمِدِيّ قد يُطلق الْمَكْرُوه على الْحَرَام وعَلى مَا فِيهِ شُبْهَة وَتردد وعَلى ترك مَا فعله رَاجِح وَإِن لم يكن مَنْهِيّا عَنهُ انْتهى
قلت أما إِطْلَاقه على الْحَرَام فقد سبق لَك بَيَانه فِي أَن الْإِمَامَيْنِ أَحْمد ومالكا يطلقانه على الْحَرَام الَّذِي يكون دَلِيله ظنيا تورعا مِنْهُمَا
وَأما الْبَاقِي فَهُوَ بِمَعْنى ترك الأولى
قَالَ الطوفي فِي مُخْتَصر الرَّوْضَة وَإِطْلَاق الْكَرَاهَة ينْصَرف إِلَى التَّنْزِيه
وَقَالَ المرداوي فِي التَّحْرِير الْمَكْرُوه إِلَى الْحَرَام أقرب وَهُوَ فِي عرف الْمُتَأَخِّرين للتنزيه وَيُقَال لفَاعِله مُخَالف وَغير ممتثل ومسيىء نصا وَقيل يخْتَص الْحَرَام
وَقَالَ القَاضِي أَبُو يعلى وَابْن عقيل يَأْثَم بترك السّنَن أَكثر عمره
قَالَ الإِمَام أَحْمد من ترك الْوتر فَهُوَ رجل سوء