الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عصيانه بإقدامه على الْإِفْسَاد فحصلت فَائِدَة التَّكْلِيف فَلَا يقْدَح فِيهِ انْتِفَاء شَرط صِحَة صَوْم الْيَوْم بِمَوْتِهِ قبل إكماله وَكَذَلِكَ من مرض أَو سَافر فِي يَوْم قد وطىء فِيهِ لم تسْقط عَنهُ الْكَفَّارَة لِأَن عصيانه اسْتَقر قبل وجود الْمُبِيح للإفطار وَمن فروعها أَيْضا أَن الْمَرْأَة يجب عَلَيْهَا الشُّرُوع فِي صَوْم يَوْم علم الله أَن تحيض فِيهِ لِأَن حَقِيقَة الصَّوْم بِكَمَالِهِ وَإِن فَاتَت بطريان الْحيض لَكِن طاعتها بالعزم على امْتِثَال الْأَمر بِالصَّوْمِ بِتَقْدِير عدم الْحيض أَو معصيتها لعدم الْعَزْم لم يفت
فصل وَأما النَّهْي
فَهُوَ القَوْل الإنشائي الدَّال على طلب كف عَن فعل على جِهَة الاستعلاء فَخرج الْأَمر لِأَنَّهُ طلب فعل غير كف وَخرج الالتماس وَالدُّعَاء لِأَنَّهُ لَا استعلاء فيهمَا وَقد اتَّضَح فِي الْأَوَامِر أَكثر أَحْكَامه إِذْ لكل حكم مِنْهُ وزان من الْأَمر أَي حكم يوازنه على الْعَكْس مِثَاله فِي حدهما أَن الْأَمر اقْتِضَاء فعل وَالنَّهْي اقْتِضَاء كف عَن فعل وَالْأَمر ظَاهر فِي الْوُجُوب وَاحْتِمَال النّدب وَالنَّهْي ظَاهر فِي التَّحْرِيم مَعَ احْتِمَال الْكَرَاهَة وَصِيغَة الْأَمر افْعَل وَصِيغَة النَّهْي لَا تفعل
وَالنَّهْي يلْزمه التّكْرَار والفور وَالْأَمر يلزمانه على الْخلاف فِيهِ وَالْأَمر يَقْتَضِي صِحَة الْمَأْمُور بِهِ وَالنَّهْي يَقْتَضِي فَسَاد الْمنْهِي عَنهُ وكما يخرج عَن عُهْدَة الْمَأْمُور بِهِ بِفِعْلِهِ كَذَلِك يخرج عَن عُهْدَة الْمنْهِي عَنهُ بِتَرْكِهِ فَهَذَا معنى الموازنة بَين الْأَمر وَالنَّهْي
وَمن مباحثه أَن النَّهْي إِذا ورد عَن السَّبَب الَّذِي يُفِيد حكما
اقْتضى فَسَاده سَوَاء كَانَ النَّهْي عَنهُ لعَينه أَو لغيره فِي الْعِبَادَات أَو فِي الْمُعَامَلَات وَذَلِكَ كالنهي عَن بيع الْغرَر وَعَن البيع وَقت النداء وَفِي الْمَسْجِد كَبيع الْمُزَابَنَة وكالنهي عَن نِكَاح الْمُتْعَة
والشغار وَنِكَاح الْإِمَاء لمن لَا يبحن لَهُ فَإِنَّهُ يَقْتَضِي الْفساد فِي ذَلِك كُله على خلاف فِي بعضه إِلَّا لدَلِيل يدل على أَنه لَا يَقْتَضِي الْفساد بل الْإِثْم بِفعل السَّبَب أَو كَرَاهَته وَذَلِكَ كَبيع الْحَاضِر للبادي وتلقي الركْبَان أَو النجش وَنَحْوهَا
فَإِن النَّهْي ورد عَنْهَا لَكِن الدَّلِيل على أَن النَّهْي الْمَذْكُور لَا يَقْتَضِي فَسَادهَا على الْأَظْهر لَكِن يحرم تواطئها أَو يكره لأجل النَّهْي
وَقَالَ الطوفي فِي مُخْتَصر الرَّوْضَة وَالْمُخْتَار أَن النَّهْي عَن الشَّيْء لذاته أَو وصف لَهُ لَازم مُبْطل ولخارج عَنهُ غير مُبْطل وَفِيه لوصف غير لَازم تردد وَالْأولَى الصِّحَّة هَذَا كَلَامه
فمثال النَّهْي عَنهُ لذاته الْكفْر وَالْكذب وَالظُّلم والجور وَنَحْوهَا من المستقبح لذاته عقلا وَمِثَال النَّهْي عَن الْفِعْل لوصف لَازم لَهُ نِكَاح الْكَافِر الْمسلمَة وَبيع العَبْد الْمُسلم من كَافِر فَإِن ذَلِك يلْزم مِنْهُ إِثْبَات الْقيام والاستيلاء والسبيل للْكَافِرِ على الْمُسلم فَيبْطل هَذَا الْوَصْف اللَّازِم لَهُ