الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تصدّر بالملكيّة (1) من القاهرة ولازم الاشتغال بها.
و[كان] يأتيها ماشيا وتارة على حمار مكار، [وإذا ركب لا يكتري إلّا دابّة ضعيفة محتقرة ويقول:
هذا [الحمار] ربّما لا يقصده الناس كثيرا] (2) فأنا أريد برّه والغرض يحصل. وكان فقيرا ليس له سوى معلوم الملكيّة مبلغ ثمانين درهما في الشهر، حتّى مات في الطاعون سنة تسع وأربعين وسبعمائة.
وكان إماما في الفقه، له حظّ وافر من الذكاء والفهم، وصبر على إفادة الطلبة، يأمرهم بحفظ ما يقيّده لهم وعرضه عليه. وكان مولعا بالألغازالفقهيّة، ويعظّم الحاوي (3) ويحثّ على شرحه.
وكان له اعتقاد في الفقراء يمشي إليهم ويتبرّك بدعائهم. حكي أنّه ركب مع مكار مرّة فخطر له أن يملك جارية تركيّة وبغلة. فقال له المكاري: يا فقيه شوّشت علينا: بغلة وجارية! يحصل لك ذلك! فلمّا ولي (2) قضاء الإسكندريّة ركب البغلة وملك جارية تركيّة مليحة.
وكانت دروسه لا تملّ لكثرة تنقّله من قصّة إلى نحو إلى حكاية إلى شعر.
1889 - ابن السليم قاضي الجماعة بقرطبة [306 - 367]
(4)
[117 ب] محمد بن إسحاق بن منذر بن إبراهيم بن محمد بن السليم بن أبي عكرمة، أبو
بكر، قاضي الجماعة بقرطبة.
مولده في سنة [ستّ] وثلاثمائة. وروى عن قاسم بن أصبغ وطبقته. ورحل في سنة اثنتين وثلاثين فسمع بمكّة من ابن الأعرابيّ، وبمصر من أحمد بن مسعود الزّنبريّ، وعبد الله بن جعفر البغداديّ، وأبي جعفر ابن النحّاس وغيره.
وعاد إلى الأندلس، فأقبل على الزهد ودراسة العلم. وولي قضاء قرطبة وحدّث. فسمع منه الناس، وكان حافظا للفقه بصيرا بالاختلاف، حسن الخطّ والبلاغة، متواضعا.
وتوفّي يوم الاثنين لخمس أو لسبع بقين من جمادى الأولى (5) سنة سبع وستّين وثلاثمائة.
وسليم بفتح السين المهملة وكسر اللام.
1890 - محمد بن إسحاق صاحب السيرة [- 151]
(6)
محمد بن إسحاق بن يسار بن خيار- وقيل بدل خيار: كوثان- أبو بكر- وقيل: أبو عبد الله [الأحوال]- المطّلبيّ، المدنيّ، مولى قيس بن مخرمة بن المطّلب.
كان جدّه يسار- بياء آخر الحروف ثمّ سين مهملة- من سبي عين التمر، وهو أوّل سبي دخل من العراق مع خالد بن الوليد.
وقدم محمد بن إسحاق إلى الإسكندريّة سنة خمس عشرة ومائة. وروى عن جماعة من أهل مصر. وأدرك من الصحابة أنس بن مالك ورآه وعليه عمامة سوداء. ولقي سعيد بن المسيّب،
(1) المدرسة الملكية تسمّى أيضا الجوكنداريّة باسم الحاج آل ملك الجوكندار. الخطط 2/ 392.
(2)
الرواية مضطربة والتوضيح من السبكي 9/ 129 - 130.
(3)
الحاوي الصغير في الفقه لنجم الدين القزويني عبد الغفّار بن عبد الكريم (ت 665). كشف الظنون 625، الأعلام 4/ 157.
(4)
نفح الطيب 2/ 220 (140) - المقتبس، 81 (21) - الديباج، 260.
(5)
في الجذوة: مات في رجب.
(6)
الوافي 2/ 188 (550)، أعلام النبلاء 7/ 33 (15). وقد جمع الحافظ المنذريّ في آخر كتاب الترغيب والترهيب 2/ 355 جملة من الأقوال فيه، وفي غيره من الرواة المختلف فيهم.
وسالم بن عبد الله بن عمر، وأبان بن عثمان.
وسمع القاسم بن محمد ونافعا وأبا سلمة والزهريّ والأعرج وجعفر بن محمد الصادق ومحمد بن إبراهيم التميميّ وهشام بن عروة ويحيى بن سعيد الأنصاريّ ويزيد ابن أبي حبيب وشعبة، وغيرهم.
وروى عنه يحيى بن يزيد ويزيد ابن أبي حبيب وشعبة، وهم من شيوخه، والسفيانان، والحمّادان (1)، ويزيد بن هارون، ويحيى بن سعيد الأمويّ، وسعيد ابن مربع، وجرير بن حازم، وزياد بن عبد الله.
وقال شعبة وابن عيينة: محمد بن إسحاق أمير المؤمنين في الحديث.
ورآه الزهريّ مقبلا فقال: لا يزال بالحجاز علم ما دام فيه هذا الأحول بين أظهرهم.
وعن شعبة أيضا: صدوق- وفي رواية: هو أعلم الناس بالمغازي.
وعن الشافعيّ: من أراد أن يتبحّر في المغازي فهو عيال على ابن إسحاق.
وعن ابن عيينة: ما أدركت أحدا يتّهم ابن إسحاق في حديثه.
قال السهيلي: هو ثبت في الحديث عند أكثر العلماء. وأمّا في [118 أ] المغازي والسّير فلا تجهل إمامته فيها.
وعن ابن المدينيّ: لا أعلم أحدا ترك ابن إسحاق.
وقال يعقوب بن شيبة (2): سألت ابن المدينيّ:
حديث محمد بن إسحاق عندك صحيح؟
قال: نعم، حديث صحيح عندي.
قلت: فكلام مالك فيه؟
قال: لم يجالسه ولم يعرفه.
وقال الشافعيّ عن ابن معين وأحمد بن حنبل أنّهما وثّقاه واحتجّا بحديثه.
واحتجّ الدارقطنيّ بحديث العلّتين وهو من طريقه.
وقال ابن سعد: هو أوّل من جمع مغازي رسول الله صلى الله عليه وسلم. وخرج من المدينة قديما، فلم يرو واحد منهم غير إبراهيم بن سعد، ووثّقه.
وقال أبو حاتم ابن حبّان: وقد تكلّم في ابن إسحاق رجلان: هشام بن عروة ومالك بن أنس.
فأمّا هشام فحدّثني محمد بن زياد الزياديّ: ثنا ابن أبي شيبة: ثنا عليّ بن المدينيّ: سمعت يحيى بن سعيد القطّان يقول: قلت لهشام بن عروة إنّ ابن إسحاق يحدّث عن فاطمة بنت المنذر (3)، فقال:
وهل كان يصل إليها؟ - قال أبو حاتم: وهذا الذي قال هشام من غير أن ينظروا إليها: سمعوا صوتها.
وكذلك ابن إسحاق: كان يسمع من فاطمة والسّتر بينهما مسبل. فهذا سماع صحيح، والقادح بهذا غير منصف.
وأمّا مالك، فإنّ ذلك كان منه مرّة واحدة، ثمّ عاد إلى ما يجب: وذلك أنّه لم يكن بالحجاز أعلم بأنساب الناس وأيّامهم من محمد بن إسحاق.
وكان يزعم أنّ مالكا من موالي ذي أصبح، وكان مالك يرى أنّه من أنفسهم، فوقع بينهما لهذا مفاوضة. فلمّا صنّف مالك الموطّأ قال ابن إسحاق: ائتوني به [فأنا طبيب بعلله]. فقيل هذا لمالك فقال: هذا دجّال من الدجاجلة، يروي عن اليهود. وكان بينهم ما يكون بين الناس حتى عزم محمد بن إسحاق على الخروج إلى العراق
(1) السفيانان هما: سفيان الثوري وسفيان بن عيينة.
والحمّادان هما حمّاد بن زيد بن درهم وحمّاد بن سلمة ابن دينار. انظر أعلام الزركليّ 2/ 301 و 3202 و 3/ 158 - 159.
(2)
هو صاحب المسند الكبير (ت 262)، أعلام النبلاء 12/ 476 (174).
(3)
فاطمة بنت المنذر بن الزبير بن العوّام «لها رواية عاليه» خرّج أحاديثها الستّة وهي «من رجال التهذيب» (رقم 2869)). وهي زوجة هشام بن عروة بن الزبير.