الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فقال لهم: فإن أسلم؟
قالوا: شرّنا وابن شرّنا.
[الشافعيّ عالم المائة الثانية]
وعن أبي سعيد الفريابيّ أنّه قال: قال أحمد بن حنبل: إنّ الله يقيّض للناس في كلّ رأس مائة سنة من يعلّمهم السّنن، وينفي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم الكذب.
فنظرنا، فإذا في رأس المائة عمر بن عبد العزيز (1)، وفي رأس المائتين الشافعيّ.
وقال أحمد بن عمرو بن عبد الخالق الفرّاء:
سمعت عبد الملك [بن عبد الحميد بن ميمون] الميمونيّ [الرقّيّ] يقول: كنت [عند] أحمد بن حنبل، وجرى ذكر الشافعيّ، فرأيت أحمد يرفعه، وقال: يروى عن النبيّ صلى الله عليه وسلم أنّ الله يبعث لهذه الأمّة على رأس كلّ مائة سنة من يقرّر لها دينها: فكان عمر بن عبد العزيز على رأس المائة، وأرجو أن يكون الشافعيّ على رأس المائة الأخرى.
وقال المروزيّ عن أحمد بن حنبل: إذا سئلت عن مسألة لا أعرف فيها خبرا، قلت فيها: يقول الشافعيّ؛ لأنّه إمام عالم من قريش، وقد روي عن النبيّ صلى الله عليه وسلم أنّه قال: عالم قريش يملأ الأرض علما.
وذكر في الخبر أنّ الله يقيّض في رأس كلّ مائة سنة رجلا يعلّم الناس دينهم، فكان في المائة الأولى عمر بن عبد العزيز، وفي المائة الثانية الشافعيّ، وإنّي لأدعو للشافعيّ منذ أربعين سنة في صلاتي.
[تحوّل أهل الرأي إلى الحديث اتّباعا للشافعيّ]
وعن الزعفرانيّ: قدم علينا الشافعيّ، فاجتمعنا إليه، فقال: التمسوا من يقرأ لكم، فلم يجترئ
أحد يقرأ عليه غيري- وكنت أحدث القوم سنّا، ما كان في وجهي شعرة- وإنّي لأتعجّب اليوم من انطلاق لساني بين يدي الشافعيّ، وأتعجّب من جسارتي يومئذ- فقرأت عليه الكتب كلّها إلّا كتابين، فإنّه قرأهما علينا: كتاب المناسك، وكتاب الصلاة. ولقد كتبنا كتب الشافعيّ يوم كتبناها [157 أ] وقرأناها عليه، وإنّا لنحسب أنّا في اللعب، وما يحصل في أيدينا شيء، وأنّه ضرب من اللعب، ولا نصدّق أنّه يكون آخر أمره إلى هذا [اليوم]. وذلك أنّه كان قد غلب علينا قول الكوفيّين.
وعن أبي ثور: كنت أنا وإسحاق بن راهويه، وحسين الكرابيسي، وجماعة من العراقيّين، ما تركنا بدعتنا حتى رأينا الشافعيّ.
وفي رواية: لمّا ورد الشافعيّ جاءني حسين الكرابيسيّ وكان يختلف معي إلى أصحاب الرأي فقال: قد ورد رجل من أصحاب الحديث يقعقع، قمبنا نسخر به!
فقمت وذهبنا حتى دخلنا عليه، فسأله الحسين عن مسألة فلم يزل الشافعيّ يقول:«قال الله، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم» ، حتى أظلم علينا البيت فتركنا بدعتنا واتّبعناه.
وعن أحمد بن حنبل: كانت أقضيتنا، أصحاب الحديث، في أيدي أصحاب الرأي، ما ننزع، حتى رأينا الشافعيّ، وكان أفقه الناس في كتاب الله وفي سنّة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وعنه: الشافعيّ رحمة من الله لأمّة محمد صلى الله عليه وسلم.
وقيل لحسين [بن عليّ] الكرابيسيّ: ما تقول في الشافعيّ؟
فقال: ما أقول في رجل ابتدأ في أفواه الناس الكتاب والسنّة. ما كنّا ندرك ما الكتاب والسنّة،
(1) توفّي عمر الثاني سنة 104، والشافعيّ بعده بمائة عام.