الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
صلاة (1). وكان يختم في سائر السنة ثلاثين ختمة في كلّ شهر.
وعن الربيع: سمعت الشافعيّ يقول: ما شبعت منذ عشرين سنة- وفي رواية: ما شبعت منذ ستّ عشرة سنة- إلّا شبعة، ثمّ أدخلت يدي فتقيّأته، لأنّ الشّبع يثقل البدن ويقسي القلب ويزيل الفطنة ويجلب النوم ويضعف صاحبه عن العبادة.
(قال): وقال لي الشافعيّ: يا ربيع، عليك بالزهد! فإنّ الزهد على الزاهد أحسن من الحلي على المرأة الناعمة.
وعن حرملة: سمعت الشافعيّ يقول: ما حلفت بالله، صادقا ولا كاذبا.
*** وعن الحارث بن سريج [النفّال]: دخلت مع الشافعيّ على خادم الرشيد، وهو في بيت قد فرش بالديباج. فلمّا وضع الشافعيّ رجله على العتبة أبصره، فرجع ولم يدخل. فقال له الخادم: ادخل! فقال: لا يحلّ افتراش هذا!
فقام الخادم متبسّما حتّى دخل بيتا قد فرش بالأرمنيّ (2)، فدخل الشافعيّ. ثمّ أقبل عليه فقال:
هذا حلال، وذاك حرام. وهذا أحسن من ذاك، وأكثر ثمنا منه.
فتبسّم الخادم وسكت.
[سماحة الشافعيّ]
وقال أبو ثور: أراد الشافعي الخروج إلى مكّة ومعه مال. فقلت له- وقلّما كان يمسك الشيء من سماحته-: ينبغي أن تشتري بهذا المال ضيعة تكون لك ولولدك من بعدك.
فخرج، ثمّ قدم فسألته عن ذلك المال ما فعل به، فقال: ما وجدت بمكّة ضيعة يمكنني أن أشتريها لمعرفتي بأصلها: أكثرها قد وقفت.
ولكن قد بنيت بمنّى مضربا يكون لأصحابنا إذا حجّوا ينزلون فيه.
فكأنّي اهتممت. فأنشد قول ابن حازم [الوافر]:
إذا أصبحت عندي قوت يوم
…
فخلّ الهمّ عنّي يا سعيد
ولم تخطر هموم غد ببالي
…
ألا وعند الله رزق جديد (3)
أسلّم إن أراد الله أمرا
…
وأترك ما أريد لما يريد
وما لإرادتي وجه إذا ما
…
أراد الله لي ما لا أريد
[شعر الشافعيّ]
[166 أ] وقال أبو عمرو العثمانيّ: لمّا دخل الشافعيّ إلى مصر، [ابتدأ يخالف] أصحاب مالك، [فتنكّروا له]، فأنشأ يقول [الطويل]:
أأنثر درّا بين راعية الغنم
…
وأنثر منظوما لراغية النّعم
لئن كنت قد ضيّعت في شرّ بلدة
…
فلست مضيعا فيهم غرر الكلم
فإن فرّج الله الكريم بلطفه
…
وأدركت أهلا للعلوم وللحكم
بثثت مفيدا واستفدت ودادهم
…
وإلّا فمخزون لديّ ومكتتم
5 ومن منح الجهّال علما أضاعه
…
ومن منع المستوجبين فقد ظلم
وقال الربيع بن سليمان: سئل الشافعيّ عن
(1) الكلمات مفهومة والفكرة غامضة.
(2)
لا نعرف البساط الأرمنيّ.
(3)
هذا البيت غير موزون.
القدر فأنشأ يقول [المتقارب]:
[ف] ما شئت كان وإن لم أشأ
…
وما شئت إن لم تشأ لم يكن
خلقت العباد على ما تشاء
…
ففي العلم يجري الفتى والمسنّ
على ذا مننت، وهذا خذلت
…
وهذا أعنت، وذا لم تعن
فمنهم شقيّ، ومنهم سعيد
…
ومنهم قبيح، ومنهم حسن
وقال المزنيّ: دخلت على الشافعيّ في مرضه الذي مات فيه، فقلت: كيف أصبحت؟
قال: أصبحت من الدنيا راحلا، ولإخواني مفارقا، ولسوء أعمالي ملاقيا، ولكأس المنيّة شاربا. فو الله ما أدري أروحي إلى الجنّة تصير فأهنّيها أو إلى النار فأعزّيها. وأنشد [الطويل]:
إليك إله الخلق أرفع رغبتي
…
وإن كنت يا ذا المنّ والجود مجرما
ولمّا قسا قلبي وضاقت مذاهبي
…
جعلت رجائي نحو عفوك سلّما
تعاظمني ذنبي فلمّا قرنته
…
بعفوك ربّي كان عفوك أعظما
فما زلت ذا عفو عن الذنب لم تزل
…
تجود وتعفو منّة وتكرّما
5 فإن تنتقم منّي فلست بآيس
…
ولو دخلت نفسي بجرمي جهنّما
فلولاك لم يغرر بإبليس عابد
…
فكيف وقد أغوى صفيّك آدما؟
وإنّي لآتي الذنب أعرف قدره
…
وأعلم أنّ الله يعفو ويرحما (1)
وقال المزنيّ: أنشدني الشافعيّ من قيله [الطويل]:
شهدت بأنّ الله لا ربّ غيره
…
وأشهد أنّ البعث حقّ وأخلص
وأنّ عرى الإيمان قول مبيّن
…
وفعل زكيّ قد يزيد وينقص
وأنّ أبا بكر خليفة ربّه
…
وكان أبو حفص على الخير يحرص
وأشهد ربّي أنّ عثمان فاضل
…
وأنّ عليّا فضله متخصّص
5 أئمّة قوم يهتدون بهديهم
…
لحا الله من إيّاهم ينتقص (2)
فما لعداة يشهدون سفاهة
…
وما لسفيه لا يحيص ويخرص (3)
وممّا ينشد للشافعيّ [البسيط]:
كلّ العلوم سوى القرآن مشغلة
…
إلّا الحديث وإلّا الفقه والأدب (4)
[166 ب]
[وقال- البسيط]:
العلم ما كان فيه: قال: حدّثنا
…
وما سوى ذاك وسواس الشياطين
وقال الربيع بن سليمان: سمعت الشافعيّ يقول: اشتريت جارية مرّة. وكنت أحبّها، فقلت لها [الكامل]:
ومن البليّة أن تحب
…
ب ولا يحبّك من تحبّه
(1) هكذا في المخطوط، ولا وجه للنصب. وفي البيت السابق: لم يغوى. وعند ياقوت: لم يقدر، ولعلّ الصواب ما أثبتنا.
(2)
في الديوان 54: يهتدي بهداهم.
(3)
خرص بوزن نصر وضرب: كذب. وحاص عن الشيء:
بعد.
(4)
عند السبكي 1/ 157: وإلّا الفقه في الدين، وعليه يلحق البيت بالبيت الموالي، كما في الديوان 88.
فقالت لي:
ويصدّ عنك بوجهه
…
وتلجّ أنت فلا تغبّه (1)
ويقال إنّ الشافعيّ رحمه الله رأى امرأة فقال [البسيط]:
إنّ النساء شياطين خلقن لنا
…
نعوذ بالله من شرّ الشياطين
فقالت:
إنّ النساء رياحين خلقن لكم
…
وكلّكم يشتهي شمّ الرياحين
*** وقال المزنيّ: قال لي الشافعيّ: يا [أبا] إبراهيم، العلم جهل عند أهل الجهل، كما أنّ الجهل جهل عند أهل العلم.
ثمّ أنشأ لنفسه [الوافر]:
ومنزلة الفقيه من السفيه
…
كمنزلة السفيه من الفقيه
فهذا زاهد في علم هذا
…
وهذا فيه أزهد منه فيه (2)
وقال الربيع بن سليمان: خرجنا مع الشافعيّ من مكّة نريد منى، فلم ينزل واديا ولا يصعد شرفا إلّا وهو يقول [الكامل]:
يا راكبا قف بالمحصّب من منى
…
واهتف بقاعد خيفها والناهض
سحرا إذا فاض الحجيج إلى منى
…
فيضا كملتطم الفرات الفائض
إن كان رفضا حبّ آل محمّد
…
فليشهد الثقلان أنّي رافضيّ
وقال الربيع: سئل الشافعيّ عن مسألة فأعجب بنفسه، فأنشأ يقول [المتقارب]:
إذا المشكلات تصيّدنني
…
كشفت حقائقها بالنظر
ولست بإمعة في الرجال
…
أسائل هذا وذا: ما الخبر؟ (3)
ولكنّني مدره الأصغري
…
ن فتّاح خير وفرّاج شرّ (4)
(1) أغبّه: جاءه يوما وتركه يوما. والبيتان في الوفيات 4/ 167، وفي معجم الأدباء 17/ 308، وحلية الأولياء 1/ 153.
(2)
في ترتيب المدارك 3/ 192: في قرب هذا.
(3)
الإمّع والإمعة: التابع لكلّ أحد في رأيه (وأصلها: إنّي معك).
(4)
تأتي في اللوحة 169 ب رواية أخرى لهذه الأبيات، نثبتها هنا:
وقال المزنيّ: حضرت الشافعيّ، وقد سأله سائل عن رجل في فيه تمرة، فحلف بالطلاق أنّه لا يبلعها ولا يرمي بها.
فقال له الشافعيّ: يبلع نصفها ويرمي بنصفها حتّى لا يكون ابتلعها كلّها ولا تلفّظ بها كلّها.
ثمّ أنشأ يقول [المتقارب]:
إذا المشكلات تصدّين لي
…
كشفت حقائقها بالنظر
وإن برقت في عيون الأمو
…
ر عمياء لا تجتليها الفكر
مبرقعة في عيون الأمور
…
وضعت عليها حسام النظر
لسان كشقشقة الأرحب
…
يّ أو كاليمان الحسام الذكر
ولست بإمّعة في الرجال
…
أسائل هذا وذا ما الخبر
ولكنّني مدره الأصغرين
…
أقيس بما قد مضى ما غبر
والأبيات في الديوان 49، وعند ياقوت 17/ 309 مع اختلاف: كالحسام اليمّاني عوض: كاليمان الحسام، وفي الشطر الأخير: جلّاب خير وفرّاج شرّ. والأرحبيّ في البيت الرابع: الواحد من النجائب الأرحبيّة، وهي-
وممّا ينسب إلى الشافعيّ [المنسرح]:
العلم من شرطه لمن خدمه
…
أن يجعل الناس كلّهم خدمه
وواجب صونه عليه كما
…
يصون في الناس عرضه ودمه
فمن حوى [العلم] ثمّ أودعه
…
بجهله غير أهله ظلمه
وكان كالمبتني بنىّ [ف] إذا
…
تمّ له ما أراده هدمه (1)
وقال الربيع بن سليمان المرادي: أنشدنا محمد بن إدريس الشافعيّ رحمه الله [الوافر]:
صديق ليس ينفع يوم بأس
…
قريب من عدوّ في القياس
وما يبغى الصديق بكلّ عصر
…
ولا الإخوان إلّا للتّآسي
[167 أ] عمرت الدهر ملتمسا بجهدي
…
أخا ثقة فأكداه التماسي
تنكّرت البلاد عليّ حتّى
…
كأنّ أناسها ليسوا بناس
وقال الربيع: سمعت الشافعيّ يقول، وقد قصده رجل فطلب منه شيئا فأعطاه ما أمكنه، ثمّ أنشأ يقول [البسيط]:
يا لهف نفسي على مال أجود به
…
على المقلّين من أهل المروءات
إنّ اعتذاري إلى من جاء يسألني
…
ما ليس عندي، من إحدى المصيبات
ويذكر أنّ الشافعيّ رحمه الله لمّا شخص إلى سرّ من رأى، دخلها وعليه أطمار رثّة، وطال
شعره. فتقدّم إلى مزيّن، فاستقذره المزيّن لمّا نظر إليه ورأى زيّه فقال له: امض إلى غيري!
فاشتدّ على الشافعيّ والتفت إلى غلام كان معه، وقال: إيش معك من النفقة؟
قال: عشرة دنانير.
قال: ادفعها إلى المزيّن!
فدفعها الغلام إليه، وولّى الشافعيّ وهو يقول [الطويل]:
عليّ ثياب لو تباع جميعها
…
بفلس لكان الفلس منهنّ أكثرا
وفيهنّ نفس لو تقاس بمثلها
…
نفوس الورى كانت أجلّ وأخطرا
وما ضرّ نصل السّيف إخلاق غمده
…
إذا ما كان عضبا حيث أنفدته برى
فإن تكن الأيّام أزرت ببزّتي
…
فكم من حسام في غلاف تكسّرا
وقال الربيع: سمعت الشافعيّ يقول [البسيط]:
ليت الكلاب لنا كانت مجاورة
…
وأنّنا لا نرى ممّن نرى أحدا
إنّ الكلاب لتهدا في مرابضها
…
والناس ليس بهاد شرّهم أبدا
فانج بنفسك واستأنس بوحدتها
…
تلفى سعيدا إذا ما كنت منفردا
ويعزى إلى الشافعيّ [الوافر]:
وأنطقت الدراهم بعد صمت
…
أناسا بعد أن كانوا سكوتا
فما عطفوا على أحد بفضل
…
ولا عرفوا لمكرمة بيوتا
وقال الربيع: رأيت أشهب بن عبد العزيز ساجدا، وهو يقول في سجوده: اللهمّ أمت الشافعيّ، وإلّا يذهب علم مالك!
- الإبل المنسوبة إلى قبيلة أرحب الهمدانيّة (اللسان:
رحب).
(1)
الديوان 80، والسبكيّ 1/ 159 والزيادة منهما.
فبلغ الشافعيّ ذلك، فتبسّم، وأنشأ يقول [الطويل]:
تمنّى رجال أن أموت فإن أمت
…
فتلك سبيل لست فيها بأوحد
فقل للّذي يبغي خلاف الذي مضى
…
تهيّأ لأخرى مثلها فكأن قد
وقد علموا لو ينفع العلم عندهم
…
لئن متّ ما الداعي عليّ بمخلد (1)
[167 ب] وقال الربيع: كنت عند الشافعيّ إذ جاءه رجل برقعة فقرأها ووقّع فيها. فمضى الرجل، وتبعته إلى باب المسجد فقلت: «والله لا
يفوتني فتيا الشافعيّ! » فأخذت الرقعة من يده فوجدت فيها [الطويل]:
سل المفتي المكّيّ هل في تزاور
…
وضمّة مشتاق الفؤاد جناح؟
وقد وقّع الشافعيّ فيها:
فقلت: معاذ الله أن يذهب التقى
…
تلاصق أكباد بهنّ جراح
قال الربيع: فأنكرت على الشافعيّ أن يفتي لحدث مثل هذا، فقلت: يا أبا عبد الله، تفتي بمثل هذا لمثل هذا الشابّ؟
فقال لي: يا أبا محمّد، هذا رجل هاشميّ، قد عرّس في هذا الشهر- يعني شهر رمضان- وهو حدث السنّ، فسأل هل عليه جناح أن يقبّل أو يضمّ من غير وطء، فأفتيته بهذا.
قال الربيع: فأتيت الشابّ فسألته عن حاله، فذكر لي أنّه مثل ما قال الشافعيّ. (قال): فما رأيت فراسة أحسن منها.
وقال أبو يعقوب البويطيّ: قلت للشافعيّ: قد قلت في الزهد، فهل في الغزل شيء؟
فأنشدني [البسيط]:
يا كاحل العين بعد النوم بالسّهر
…
ما كان كحلك بالمنعوت للبصر
لو أنّ عيني إليك الدهر ناظرة
…
جاءت وفاتي ولم أشبع من النظر
سقيا لدهر مضى ما كان أطيبه
…
لولا التفرّق والتنغيص بالسفر
إنّ الرسول الذي يأتي بلا عدة
…
مثل السحاب الذي يأتي بلا مطر
وقال الربيع: سمعت الشافعيّ في قصّة ذكرها يقول [الطويل]:
(1) في هامش اللوحة ورد هذا التعليق:
هذه الأبيات كتب بها يزيد بن عبد الملك بن مروان إلى أخيه هشام بن عبد الملك، وقد بلغ يزيد أنّ هشاما ينتقصه. وهي:
تمنّى رجال أن أموت، وإن أمت
…
فتلك سبيل لست فيها بأوحد
وقد علموا لو ينفع العلم عندهم
…
لئن متّ ما الداعي عليّ بمخلد
لعلّ الذي يبغي رداي ويرتجي
…
به قبل موتي أن يكون هو الردي
فما عيش من يرجو رداي بضائري
…
وما عيش من يرجو رداي بمخلد
فقل للّذي يبغي خلاف الذي مضي
…
تأهّب لأخرى مثلها فكأن قد
فكتب إليه هشام [الطويل]:
ومن لا يغمّض عينه عن صديقه
…
وعن بعض ما فيه يمت وهو عاتب
ومن يتتبّع جاهدا كلّ عثرة
…
يجدها ولا يسلم له الدهر صاحب
والأبيات في العقد 4/ 443، وأمالي القالي، ذيل 218. وفي البصائر والذخائر، نشر وداد القاضي، بيروت 1988 ج 8 ص 64 (رقم 227) نسبت المراسلة إلى الوليد وسليمان ابني عبد الملك. وفي الوفيات في ترجمة أشهب بن عبد العزيز 1/ 239 نسبة الأبيات مختلفة. وقد مرّت في المقفّى 2/ 122.
لقد أصبحت نفسي تتوق إلى مصر
…
ومن دونها أرض المهامه والقفر
فو الله ما أدري أللفوز والغنى
…
أساق إليها أم أساق إلى قبري
أرى أبدا نفسي تحنّ إلى مصر
…
وكم دون مصر من فياف ومن قفر
قال الربيع: فو الله ما كان إلّا بعد قليل حتى سيق إليهما جميعا.
وقال الربيع: سمعت الشافعيّ يقول- وقال المزنيّ-: قدم الشافعيّ بعض قدماته من مكّة، فخرج إخوان له يتلقّونه فإذا هو قد نزل منزلا، وإلى جانبه رجل جالس وفي حجره عود. فلمّا فرغوا من السلام عليه قالوا له: يا أبا عبد الله، ما هذا؟ أنت في مثل هذا المكان؟
فأنشأ يقول [الطويل]
وأنزلني طول النوى دار غربة
…
يجاورني من ليس مثلي يشاكله
فحامقته حتى يقال سجيّة
…
ولو كان ذا عقل لكنت أعاقله
وقال حرملة: سمعت الشافعيّ يقول [الكامل]:
ودع الذين إذا أتوك تنسّكوا
…
وإذا خلوا فهم ذئاب حقاف (1)
وعن [168 أ] الربيع أنّه قال: جاء رجل إلى الشافعيّ يسأله عن مسألة فرأى في عقله شيئا، فأنشأ يقول [الطويل]:
جنونك مجنون ولست بواجد
…
طبيبا يداوي من جنون جنون
وقال الربيع: سمعت الشافعيّ ينشد [الطويل]:
إذا ما خلوت الدهر يوما فلا تقل
…
خلوت ولكن قل: عليّ رقيب
ولا تحسبنّ الله يغفل ساعة
…
ولا أنّ ما تخفي عليه يغيب
غفلنا لعمر الله حتى تراكمت
…
علينا ذنوب بعدهنّ ذنوب
فيا ليت أنّ الله يغفر ما مضى
…
ويأذن في توباتنا فنتوب
وقال المزنيّ: أنشدنا الشافعيّ لنفسه [السريع]:
لا تأس في الدنيا على فائت
…
وعندك الإسلام والعافية
إن فات شيء كنت تدعى له
…
ففيهما من فائت كافية
وأنشدنا [الخفيف]:
قدر الله وارد
…
حيث يرجى وروده
صاحب الحرص حرصه
…
ليس ممّا يزيده
فارض فيما يريد إن
…
لم يكن ما تريده
(قال): وأنشدنا الشافعيّ أيضا [الكامل]:
الليل سيّ والنهار كلاهما
…
نأسى لكثرة ما تدور رحاهما
يتناهبان لحومنا ودماءنا
…
نهبا علانية ونحن نراهما
وينسب إليه أيضا [الهزج]:
[و] لا يدفع مطبوع
…
إذا لم يك مسموع
(1) الحقف: ما اعوجّ واستطال من الرمال. وفي الديوان 62، والحلية 9/ 155: ذئاب خراف.