الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
2025 - ابن زيّان المراديّ [- 229]
محمد بن حجّاج بن زيّان، المراديّ، مولى سليم.
يروي عن عبد الله بن وهب.
توفّي سنة تسع وعشرين ومائتين. ذكره ابن يونس.
2026 - أبو جعفر الحمصيّ الجوهريّ [- 262]
محمد بن الحجّاج بن سليمان، أبو جعفر، ابن أبي الأسود، الحمصيّ، مولاهم، الجوهريّ.
حدّث بمصر عن الخصيب بن ناصح، وبشر بن بكر، وأسد بن موسى، في جماعة.
روى عنه كهمس بن معمر الجوهريّ. وسمع منه بمصر غير واحد. قال ابن أبي حاتم: كتبت عنه بمصر، وهو ثقة.
وقال ابن يونس: توفّي في صفر لسبع عشرة خلت منه سنة اثنتين وستّين ومائتين. وكان رجلا صالحا.
وقال الكنديّ: كان زاهدا.
2027 - ابن مطرّف الإشبيليّ [618 - 704]
(1)
محمد بن حجّاج بن مطرّف بن إبراهيم، أبو بكر، الحضرميّ، الإشبيليّ، نزيل مكّة.
دخل مصر، وكان من الصالحين الأولياء العاملين الزهّاد. وكان يحفظ كتاب سيبويه في النحو. وسمع على الحافظ أبي بكر بن مسدي،
وقرأ النحو على أبي عليّ الشلوبين.
وتوفّي بمكّة في رمضان سنة أربع وسبعمائة.
2028 - محمد بن الحجّاج بن يوسف اللخميّ [- 185]
روى عنه سعيد بن عفير. قال ابن يونس: توفّي يوم السبت لسبع بقين من شعبان سنة خمس وثمانين ومائة.
2029 - ابن أبي حجيرة القرطبيّ [- 293]
(2)
محمد بن أبي حجيرة، أبو عبد الله، الأندلسيّ، القرطبيّ.
رحل منها، وروى عن يونس بن عبد الأعلى، والمزنيّ، ومحمد بن عبد الله بن عبد الحكم.
وكان خيّرا فاضلا. قال ابن الفرضيّ: توفّي بمصر سنة ثلاث وتسعين ومائتين.
2030 - ابن أبي حذيفة «مشئوم قريش» [- 36]
(3)
محمد بن أبي حذيفة- واسم أبي حذيفة:
هشيم، ويقال: مهشم. وقيل: هاشم- بن عتبة بن ربيعة بن عبد شمس بن عبد مناف، القرشيّ، العبشميّ، كنيته أبو القاسم.
كان أبوه أبو حذيفة من فضلاء الصحابة من المهاجرين الأوّلين، جمع الله له الشرف والفضل، صلّى القبلتين وهاجر الهجرتين. وكان إسلامه قبل دخول رسول الله صلى الله عليه وسلم دار الأرقم (4) للدعاء فيها إلى
(1) الدليل الشافي 612 (2100)، وفيه: وفاته سنة ستّ وكذلك في بغية الوعاة 30.
(2)
ابن الفرضيّ 2/ 21 (1144)، جذوة 49 (40).
(3)
المعارف 272، الكندي 14، النجوم 1/ 94، الوافي 2/ 328 (776).
(4)
دار الأرقم بن أبي الأرقم بمكّة هي الدار التي دعا فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الإسلام سرّا حتى صار المسلمون-
الإسلام. هاجر مع امرأته سهلة بنت سهيل بن عمرو القرشيّة العامريّة إلى أرض الحبشة، وولدت له هناك محمد بن أبي حذيفة. ثمّ قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بمكّة. فأقام بها حتى هاجر إلى المدينة فشهد بدرا وأحدا والخندق والحديبيّة والمشاهد كلّها، وقتل يوم اليمامة شهيدا وهو ابن ثلاث أو أربع وخمسين سنة.
فكفل عثمان بن عفان رضي الله عنه محمد بن أبي حذيفة بعد أبيه، وكان في حجره فربّاه وأحسن تربيته. وقدم عليه مرّة فأجازه بمائة ألف درهم (1).
…
[199 أ] وكان فيما قيل قد أصاب شرابا فحدّه عثمان. ثمّ تنسّك محمد وأقبل على العبادة.
وطلب من عثمان أن يولّيه عملا بعد ما بويع بالخلافة، فقال: لست هناك، ولو كنت أهلا لذلك لولّيتك.
فقال: إنّي ركبت في غزو البحر فائذن لي في إتيان مصر. فأذن له وجهّزه. فلمّا قدمها رأى الناس عبادته فلزموه وعظّموه، حتّى قدم عبد الله ابن السوداء [ابن سبأ] ودعا إلى بدعته، [ف] كان من أوّل من اشتمل عليه محمد. ثمّ خرج مع عبد الله بن سعد بن أبي سرح في غزوة ذات الصواري، فبدأ يتكلّم في عثمان ويظهر عيبه هو ومحمد ابن أبي بكر ويقولان: قد خالف أبا بكر وعمر واستعمل عبد الله بن سعد، رجلا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أباح دمه ونزل القرآن بكفره، وأخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم قوما من المدينة فأدخلهم إليها، ونزع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم واستعمل
سعيد بن العاصي وابن عامر.
فبلغ ذلك ابن أبي سرح فقال: لا تركبا معنا! - فركبا في مركب ما معهما إلّا القبط ولم يقاتلا.
فقيل لهما في ذلك، فقالا: كيف نقاتل مع ابن أبي سرح الذي استعمله عثمان، وقد فعل عثمان كذا وكذا؟
فبعث ابن أبي سرح يتهدّدهما فلم يرجعا.
وكان محمد ركب مع كعب الأحبار في سفينة، فقال محمّد يهزأ به: تجد في توراتك مجرى هذه السفينة؟
فقال: أجد في توراتي غلاما من قريش أشعر الإليتين يصبر كما يضبر الحمار في قيده فيقتل، وإيّاك أن تكونه!
وفسد الناس بمصر على عثمان لقول محمد بن أبي حذيفة وعبد الله ابن السوداء وتكلّموا بما لم يكونوا ينطقون [199 ب] به. فكتب ابن أبي سرح إلى عثمان أنّ محمد بن أبي حذيفة قد أفسد عليّ البلاد هو ومحمد بن أبي بكر. فكتب إليه: أمّا ابن أبي بكر فإنّه يوهب لأبيه ولعائشة. وأمّا ابن أبي حذيفة فإنّه ابني وابن أخي وهو تربيتي وفرخ قريش.
فكتب إليه أنّ هذا الفرخ قد استوى ريشه ولم يبق إلّا أن يطير.
فبعث عثمان إلى ابن أبي حذيفة بثلاثين ألف درهم وبجمل عليه كسوة. فوضع ذلك في المسجد وقال: يا معشر المسلمين، ألا ترون إلى عثمان يخادعني عن ديني ويرشوني عليه؟
فازداد أهل مصر تعظيما له وطعنا على عثمان وبايعوه على رئاستهم. فكتب إليه عثمان يذكّره برّه وتربيته إيّاه وقيامه بشأنه، ويقول: إنّككفرت إحساني أحوج ما كنت إلى شكري.
- أربعين نفرا. انظر سيرة ابن هشام 2/ 2151.
(1)
تتواصل الترجمة بكلام لا صلة له بما سبق:
…
بمائة ألف درهم سعد بن أبي سرح من مصر. فانتقلنا إلى الصفحة 199 أالموالية حيث يتواصل الكلام بصفة منتظمة منطقيّة.
فلم يردّه ذلك عن ذمّه وتأليب الناس عليه وحثّهم على المسير إلى حصره ومساعدة من يريد ذلك. فلمّا سار عبد الله بن سعد (1) بن أبي سرح من مصر وافدا إلى عثمان رضي الله عنه انتزى محمد بن أبي حذيفة في شوّال سنة خمس وثلاثين على عقبة بن عامر خليفة ابن أبي سرح وأخرجه من الفسطاط، ودعا إلى خلع عثمان رضي الله عنه من الخلافة وأسعر البلاد وحرّض على عثمان، بكلّ شيء يقدر عليه. فكان يكتب الكتب على ألسنة أزواج النبيّ صلى الله عليه وسلم ثمّ يأخذ الرّواحل فيضمرها ثمّ يأخذ الرجال الذين يريد أن يبعث بذلك معهم، فيجعلهم على ظهور البيوت فيستقبلون بوجوههم الشمس لتلوّحهم تلويح المسافر، ثمّ يأمرهم أن يخرجوا إلى طريق المدينة بمصر، ثمّ يرسلون رسلا يخبرون بهم الناس ليلقوهم. وقد أمرهم إذا لقيهم الناس أن يقولوا: ليس عندنا خبر، الخبر في الكتب! - فيجيء رسول أولئك الذي دسّ فيذكر مكانهم، فيتلقّاهم ابن أبي حذيفة، والناس يقولون: نتلقّى رسل أزواج النبيّ صلى الله عليه وسلم، فإذا لقوهم [و] قالوا لهم: الخبر؟ قالوا: لا خبر عندنا، عليكم بالمسجد!
فتقرأ عليهم كتب أزواج النبيّ صلى الله عليه وسلم، فيجتمع الناس في المسجد اجتماعا ليس فيه تقصير، ثمّ يقوم القارئ [200 أ] بالكتاب، فيقول: إنّا نشكو إلى الله وإليكم ما عمل في الإسلام وما ضيّع في الإسلام- فيقوم أولئك الشيوخ من نواحي المسجد بالبكاء فيبكون، ثمّ ينزل عن المنبر ويتفرّق الناس بما قرئ عليهم.
فلمّا رأت ذلك شيعة عثمان اعتزلوا محمد بن أبي حذيفة ونابذوه، وهم: معاوية بن حديج،
وخارجة بن حذافة، وبسر بن أرطاة، ومسلمة بن مخلّد الأنصاريّ، وعمرو بن قحزم الخولانيّ، ومقسم بن بجرة التّجيبيّ، وحمرة بن ليشرح بن عبد كلال (2)، وأبو الكنود سعد بن مالك الأزديّ، وخالد بن ثابت الفهميّ، في جمع كبير ليس لهم من الذكر ما لهؤلاء. وبعثوا سلمة بن مخرمة التجيبيّ إلى عثمان رضي الله عنه ليخبره بأمرهم وبصنيع ابن أبي حذيفة، فأتى مسلمة عثمان فقال:
يا أمير المؤمنين، ابن أبي حذيفة إمام ضلالة كما قد علمت، وإنّه انتزى علينا بمصر فدعانا إلى أعطياتنا فأبيت أن آخذ منه (3).
فقال عثمان: قد عجزت، إنّما هو حقّك.
وبعث عثمان رضي الله عنه سعد بن أبي وقّاص رضي الله عنه إلى مصر ليصلح أمرهم. فبلغ ذلك ابن أبي حذيفة، فخطب الناس وقال: ألا إنّ الكذا وكذا قد بعث إليكم سعد بن مالك ليفلّ جماعتكم ويشتّت كلمتكم ويوقع التخاذل بينكم، فانفروا إليه!
فخرج إليه مائة أو نحوها، فلقوه وقد ضرب فسطاطه، وهو قائل فقلبوا عليه فسطاطه وشجّوه وسبّوه. فركب راحلته وعاد راجعا من حيث جاء، وقال: ضربكم الله بالذلّ والفرقة وشتّت أمركم وجعل بأسكم بينكم، ولا أرضاكم بأمير ولا أرضاه عنكم!
وأقبل عبد الله بن سعد بن أبي سرح حتى إذا بلغ جسر القلزم وجد به خيلا لابن أبي حذيفة، فمنعوه أن يدخل، فقال: ويلكم! دعوني أدخل على جندي فأعلمهم بما جئت به، فإنّي قد جئتهم بخير.
(1) رجع النص إلى الصفحة الأولى بعد قوله: بمائة ألف درهم.
(2)
ابن ماكولا 2/ 500، وزاد: ابن عريب الرعينيّ، شهد فتح مصر، وروى عن عمر رضي الله عنه.
(3)
الكندي 16.
فأبوا أن يدعوه، فقال: والله لوددت أنّي دخلت عليهم فأعلمتهم ما جئت به ثمّ متّ- فانصرف إلى عسقلان.
وأجمع محمد بن أبي حذيفة على بعث جيش إلى عثمان، فقال: من يتشرّط (1) في هذا البعث؟
فكثر عليه من يتشرّط. فقال: إنّما يكفينا منكم ستّمائة رجل.- فتشرّط من أهل مصر ستّمائة رجل، على كلّ مائة منهم رئيس، وعلى جماعتهم عبد الرحمن ابن عديس البلويّ، وهم: كنانة بن بشر بن سلمان التجيبيّ، وعروة بن شتيم الليثيّ، وأبو عمرو بن بديل بن ورقاء الخزاعيّ، وسواد [200 ب] بن رويان الأصبحيّ، وزرع بن يشكر اليافعيّ.
وسجن رجال من أهل مصر في دورهم، منهم بسر بن أرطاة، ومعاوية بن حديج. فبعث ابن أبي حذيفة إلى معاوية بن حديج وهو رمد ليكرهه على البيعة. فلمّا رأى ذلك كنانة بن بشر وكان رأس الشيعة الأولى، دفع عن معاوية بن حديج ما كره.
ثمّ قتل أمير المؤمنين عثمان رضي الله عنه في ذي الحجّة سنة خمس وثلاثين. وقدم الركب الذين انصرفوا إلى عثمان، فدخلوا الفسطاط ومرتجزهم يرتجز:
خذها إليك واحذرن أبا الحسن
…
إنّا نمرّ الحرب إمرار الرسن
بالسيف كي تخمد نيران الفتن
فلمّا دخلوا المسجد صاحوا: إنّا لسنا قتلنا عثمان ولكنّ الله قتله!
فلمّا رأى ذلك شيعة عثمان قاموا وعقدوا لمعاوية بن حديج عليهم وبايعوه على الطلب بدم عثمان، وساروا معه إلى الصعيد. فبعث إليهم ابن
أبي حذيفة خيلا فالتقوا بكورة البهنسى فهزم أصحاب ابن أبي حذيفة. ومضى معاوية بن حديج حتّى بلغ برقة، ثمّ رجع إلى الإسكندريّة. وبعث ابن أبي حذيفة بجيش آخر عليهم قيس بن حرمل اللخميّ، فاقتتلوا بخربتا أوّل يوم من شهر رمضان سنة ستّ وثلاثين، فقتل قيس وابن الخثماء [البلويّ] وأصحابهما.
وسار معاوية بن أبي سفيان من الشام إلى مصر، فنزل سلمنت من كورة عين شمس في شوّال منها، فخرج إليه ابن أبي حذيفة في أهل مصر، فمنعوا معاوية وأصحابه أن يدخلوا الفسطاط. فبعث إليه معاوية: إنّا لا نريد قتل أحد، إنّما جئنا نسأل القود لعثمان، ادفعوا إلينا قاتليه، وهم عبد الرحمن بن عديس، وكنانة بن بشر، وهما رأس القوم.
فامتنع ابن أبي حذيفة وقال: لو طلبت منّا جديّا أرطب السرّة بعثمان ما دفعناه إليك!
فقال معاوية بن أبي سفيان لابن أبي حذيفة:
اجعل بيننا وبينكم رهنا فلا يكون بيننا وبينكم حرب! فقال ابن أبي حذيفة: فإنّي أرضى بذلك.
فاستخلف ابن أبي حذيفة على مصر الحكم بن الصّلت بن مخرمة بن المطّلب بن عبد مناف، وخرج في الرهن هو وابن عديس وكنانة بن بشر وأبو شمر بن أبرهة بن الصبّاح وغيرهم من قتلة عثمان رضي الله عنه. فلمّا بلغوا لدّ سجنهم معاوية بن أبي سفيان بها، وسار إلى دمشق.
فهربوا من السجن، غير أبي شمر بن أبرهة فإنّه قال: لا أدخله أسيرا وأخرج منه آبقا.
وتبعهم صاحب فلسطين، فقتل محمد بن أبي حذيفة رشدين مولى معاوية في ذي الحجّة سنة ستّ وثلاثين، وقتل معه ابن عديس وكنانة بن
(1) يتشرّط في البعث: يتخرط فيه (ولم نجدها في القواميس).
[201 أ] بشر وغيره. وقال محمد بن أبي حذيفة في الليلة التي قتل في صباحها: هذه الليلة التي قتل في صباحها عثمان، فإن يكن القصاص لعثمان فسنقتل في غد! - فقتل من الغد.
قال هشام بن الكلبيّ: استأذن محمد [بن أبي حذيفة] عثمان في غزو البحر فأذن له، فخرج إلى مصر. فلمّا رأى الناس عبادته وزهده أعظموه.
وكان محمد جهوريّ الصوت، فكبّر يوما خلف عبد الله بن سعد [بن أبي سرح] تكبيرة أفزعته، فشتمه ابن سعد وقال: أنت حدث أحمق، ولولا ذلك قاربت بين خطاك!
وقال ابن يونس: وكان يسمّى مشئوم قريش.
وكان ابن خال معاوية بن أبي سفيان: فإنّ أباه حذيفة وهندا أمّ معاوية، أبوهما عتبة بن ربيعة.
وقال أبو أحمد الحاكم: كان عاملا على مصر قد ضبطها فخدع حتّى خرج إلى العريش وخلّف الحكم بن [الصلت بن مخرمة بن] المطّلب (1)، فنصبالمنجنيق عليه حتى نزل على صلح في ثلاثين من أصحابه، فحبسوا ثمّ قتلوا. فبعث عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه قيس بن سعد بعد ذلك إلى مصر. وقال حرملة بن عمران: حدّثني عبد العزيز بن عبد الملك بن بليل: حدّثني أبي قال: كنت مع عقبة بن عامر الجهنيّ قريبا من المنبر يوم الجمعة. فخرج محمد بن أبي حذيفة فاستوى على المنبر فخطب الناس ثمّ قرأ عليهم سورة من القرآن- وكان من أقرإ الناس- فقال عقبة بن عامر: صدق الله ورسوله، إنّي سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «ليقرأنّ القرآن رجال لا يجاوز تراقيهم، يمرقون من الدين كما يمرق
السهم من الرميّة» (2).
وقد قيل إنّ عمرو بن العاص سار إلى مصر، فلقيه ابن أبي حذيفة في جيش كثير، فخدعه وأتاه فقال له: إنّه قد كان ما ترى، وقد بايعت معاوية، وما أنا براض بكثير من أمره، وإنّي لأعلم أنّ صاحبك- يعني عليّ بن أبي طالب- أفضل من معاوية نفسا وقدما، وأولى بهذا الأمر. فواعدني موعدا ألتقي فيه معك في غير جيش: تأتي في مائة، وآتي في مثلها وليس معنا إلّا السيوف في القرب.
فتعاهدا على ذلك واتّعدا العريش. وعاد عمرو إلى معاوية وأخبره الخبر. فلمّا جاء الأجل سارا في العدّة التي تعاهدا عليها، وقد أكمن عمرو جيشا خلفه. فعند ما رأى كلّ منهما صاحبه طرق جيش عمرو، فالتجأ ابن أبي حذيفة إلى قصر بالعريش وامتنع به. فحصره عمرو ورماه بالمنجنيق حتّى أخذ أسيرا، وبعثه إلى معاوية فسجنه. وكانت قرط امرأة معاوية تبعث إليه بالأكل لأنّ أمّها فاطمة ابنة عتبة عمّته. فبعثت إليه يوما بمبارد في الطعام، فبرد قيوده وفرّ إلى غار فأخذ منه وقتل. وقيل: بل بقي محبوسا حتى قتل حجر بن عديّ ففرّ. فطلبه مالك بن هبيرة السكونيّ وقتله. وقيل: بل تأخّر ابن حذيفة بعد قتل محمد بن أبي بكر، وخرج في جمع كبير على عمرو بن العاصي فأمّنه عمرو ثمّ غدر به وبعثه إلى معاوية فحبسه بفلسطين ففرّ فظفر به. وذلك أنّ معاوية أظهر أنّه كره هربه وبعث عبيد الله بن عمرو بن ظالم النخعيّ في طلبه فأدركه بحوران في غار، فجاءت حمر لتدخل فنفرت فقال أناس هناك: والله إنّ لنفرها أسبابا. ودخلوا فإذا ابن أبي حذيفة، فضرب عبيد الله عنقه.
(1) في المخطوط: ابن المطلب بن مخرمة والإصلاح من الكندي 19، وانظر في نهاية ابن أبي حذيفة، الطبريّ 5/ 106.
(2)
الجامع الصغير 2/ 139.