الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الإخشيد إلى دمشق، فسار سيف الدولة إلى حلب وملكها، وبعث إلى الإخشيد وهو في دمشق، فاصطلحا على مال يحمله للإخشيد في كلّ سنة، وزوجه الإخشيد بابنة أخيه. فاستقرّت حمص وما وراءها لابن حمدان، ودمشق وما بين يديها للإخشيد.
وقدم الخبر بخلع المستكفي ومبايعة المطيع لله (1) الفضل بن جعفر المقتدر في يوم الجمعة ثالث شوّال سنة أربع وثلاثين [وثلاثمائة].
ومات الإخشيد بدمشق يوم الجمعة لثمان بقين من ذي الحجّة سنة أربع وثلاثين [وثلاثمائة] بعلّة القولنج (2). وقيل: مات بمصر، وهو خطأ.
وكانت سنّه يومئذ ستّا وستّين سنة وخمسة أشهر.
فثارت العبيد ونهبت دوابّه وخزائنه. واشتغل كافور بضبط الأمور وترك الإخشيد بغير غسل ولا كفن ثلاثة أيّام، وهو يداري الناس ويعدهم حتّى سكنت الأمور، فتفرّغ للإخشيد فإذا الفأر قد أكل أطراف أصابعه وأكل الذرّ عينيه، فغسّل وكفّن.
ولم يوجد له كافور يحنّط به فاشتري له كافور مغشوش من السوق، وصلّى عليه على عجل، وجعل في تابوت، ولم يوجد له بغل يحمل صندوقه عليه حتى حمل على جمل أعور. وصار الذين يسيرون به من دمشق يتأذّون به لنتن ريحه، فكانوا إذا نزلوا منزلا طرحوا التابوت به لنتن ريحه، فكانوا إذا نزلوا منزلا طرحوا التابوت وابتعدوا عنه حتى دخلوا به إلى بيت المقدس، ودفنوه هناك.
وكان حازما شديد التيقّظ في حروبه حسن التدبير مكرما للأجناد شديد القوى لا يكاد يجرّ قوسه غيره، حسن السيرة في الرعيّة، نجيبا، شهما. وكانت عدّة جنوده أربعمائة ألف. وكان له ثمانية آلاف مملوك يحرسه في كلّ ليلة منهم ألف
مملوك. ويوكل بجانب خيمته الخدم إذا سافر، ثمّ لا يثق حتى يمضي إلى خيمة الفرّاشين فينام فيها.
وذكر صالح بن نافع أنّ الإخشيد لمّا رحل إلى الرقّة أوقفه على سبع مطامير في كلّ مطمورة ألف ألف دينار من سكّة واحدة.
وكان شيخا من شيوخ المعتزلة، حدّث عن عمّه بدر بن جفّ. حكى عنه أبو محمّد عبد الله بن أحمد بن جعفر الفرغانيّ (3).
وفرغانة في خراسان على ثلاثة وخمسين فرسخا من سمرقند، بناها أنوشروان، وحمل إليها من كلّ بيت قوما وسمّاها أزهر خانة، أيّ: من كل بيت.
2383 - محمّد بن طلحة المدينيّ [- 204]
محمّد بن طلحة بن أبي سفيان بن جابر بن عتيك بن قيس بن الأسود.
مدينيّ قدم مصر، وكتب عنه بها. مات سنة أربع ومائتين. ذكره ابن يونس.
2384 - كمال الدين النصيبنيّ [582 - 652]
(4)
محمّد بن طلحة بن محمّد بن الحسن بن
(1) المطيع العبّاسيّ: 334 - 363.
(2)
القولنج: داء في الأمعاء أو في الكلى.
(3)
تراجم الأخشيد محمد بن طغج كثيرة، وأكثرها تفصيلا الترجمة التي نقلها ابن سعيد في القسم المصري من مغربه، وقد ألحّ خاصّة على قساوة هذا الأمير وجشعه وبخله. ولكنّه من جهة أخرى تعرّض إلى حنكته السياسيّة وطموحه الذي جعله يرضى بأن يكون بازبار أمير مصر، أي مربّى بزاته والقائم على شؤون الصيد، حتى لا يبتعد عن مراكز النفوذ.
(4)
الوافي 3/ 176 (1146)، طبقات الإسنويّ 2/ 503 (1200)، السبكيّ 8/ 63 (1076) وزاد: مصنّف العقد الفريد، كحّالة 10/ 104، وكتاب «العقد الفريد للملك السعيد» خصّصه للأخلاق وسياسة الملك. كشف الظنون 1152.
محمّد بن عمر بن أبي القاسم، أبو عبد الله، وأبو سالم، القرشيّ، العدويّ، العمريّ، النصيبنيّ، الشافعيّ، كمال الدين.
مولده يوم عاشوراء سنة اثنتين وثمانين وخمسمائة بقرية العمريّين من عمل نصيبين. قرأ القرآن بالروايات على محمود بن بدر. وسمع بخراسان في رحلته إليها لطلب العلم من المؤيّد الطوسيّ جميع صحيح مسلم عن الفراويّ، وسمع من القاسم بن الصفّار، وزينب الشعريّة. وبرع حتّى صار أحد العلماء المشهورين والأئمّة المفتين، يرجع إليه في الفقه والأصول والخلاف.
وقدم إلى مصر رسولا في الدولة العادليّة، وتردّد إلى القاهرة غير مرّة إحداها في سنة ستّ وثلاثين وستّمائة. وحدّث بها بكتاب برّ الوالدين للبخاري. وسمع منه الحافظ أبو محمّد الدمياطيّ بقراءته عليه كتاب الوسيط في التفسير بسماعه من المؤيّد الطوسيّ بسماعه من عبد الجبّار بن محمّد الجواديّ عن الواحديّ، وقال فيه: الفقيه المفتي المنعوت بالكمال: رحل إلى خراسان في طلب الفقه والعلم، وسمع بشاوباج نيسابور صحيح مسلم من المؤيّد. وكان إماما عالما بالفقه والأصول والخلاف وغير ذلك، مفتيا على مذهب الشافعيّ، معظّما. ولي الوزارة بدمشق [288 ب] يوما أو يومين، ثمّ تركها وخرج عن مركوبه وملبوسه وتزهّد في الدنيا وأقبل على عبادته، إلى أن توفّي.
وقال القاضي محيي الدين عبد الله بن عبد الظاهر: لمّا ملك الملك الناصر يوسف بن عبد العزيز دمشق سنة ثمان وأربعين وستّمائة، قدم كمال الدين ابن طلحة إلى دمشق، فعرض عليه الناصر وزارته. فبات تلك الليلة فرأى في منامه والده وهو يقول: يا محمّد! - ويتلو قوله تعالى:
وَلا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلى ما مَتَّعْنا بِهِ أَزْواجاً مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَياةِ الدُّنْيا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقى * نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعاقِبَةُ لِلتَّقْوى [طه: 131 - 132]. فلمّا أصبح أعتق عبيده، ولبس ثياب الزهّاد، وخلع الطيلسان.
وانقطع عن السلطان. (قال): وكان يكتب في خطّه: «العمريّ» موهما أنّه من ولد عمر بن الخطّاب رضي الله عنه، وليس كذلك. بل إنّه ولد بالعمريّة قرية من قرى نصيبين.
توفّي بحلب يوم السبت السابع والعشرين من رجب سنة اثنتين وخمسين وستّمائة.
ومن شعره [الوافر]:
إذا حكم المنجّم في القضايا
…
بأمر جازم فاردد عليه
فليس بعالم ما الله قاض
…
فقلّدني ولا تركن إليه
وقال [الكامل]:
لا تركننّ إلى مقال منجّم
…
وكل الأمور إلى الإله وسلّم
واعلم بأنّك إن نسبت لكوكب
…
تدبير حادثة فلست بمسلم