الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
1969 - ابن أخي العلم [558 - 637]
(1)
محمد بن جبريل- ويقال فيه: هبة الله بن جبريل- بن المغيرة بن سلطان بن نعمة، ابن أبي العشائر، أبو البركات- ويقال: أبو عبد الله، ابن أبي الأمانة، ابن أبي القاسم، المغيريّ، الشافعيّ، العدل، الكاتب، التاريخيّ، المترجم، يلقّب عماد الدين ويعرف بابن أخي العلم.
كان أوحد زمانه في قراءة فصوص الخواتم.
وكان على بيت المال ونظر الإسكندريّة. وسمع الحديث من قاضي القضاة أبي القاسم عبد الملك بن عيسى بن درباس وغيره. وحدّث بمصر والإسكندريّة. وتقلّب في الخدم الديوانيّة بهما. قال الحافظ أبو محمد المنذريّ: اجتمعت به مرارا، ولم يتّفق لي السماع منه. وكان إماما فاضلا مشهورا بكثرة الأمانة فيما يتولّاه. ووالده جبريل أحد العدول بالقاهرة. ومولده سنة ثمان وخمسين وخمسمائة. وتوفّي بالقاهرة في يوم الخميس خامس شعبان سنة سبع وثلاثين وستّمائة. وصلّى عليه البهاء ابن الجمّيزى.
وفيه يقول عبد الحكم بن إبراهيم بن منصور بن المسلم حين وقع، فانكسرت يده [البسيط]:
[181 ب] إنّ العماد ابن جبريل أخا العلم
…
قد أصبحت يده مو [
…
] الأثر
تأخّر القطع عنها وهي سارقة
…
فجاءها الكسر يستقصي عن الخبر
1970 - الطبريّ [224 - 310]
(2)
[182 أ] محمد بن جرير بن يزيد بن كبير بن
غالب الآمليّ، الطبريّ، أبو جعفر، الإمام صاحب التصانيف المشهورة.
استوطن بغداد وأقام بها إلى حين وفاته. وكان قد رحل في طلب الحديث وسمع بالعراق والشام ومصر من خلق كثير، وحدّث بأكثر مصنّفاته.
وقرأ القرآن ببيروت على العبّاس بن الوليد بن مزيد، وسمع بمصر من يونس بن عبد الأعلى وغيره. وحدّث عن محمد بن عبد الملك بن أبي الشوارب الأمويّ، وإسحاق بن أبي إسرائيل، وإسماعيل بن موسى الفزاريّ، وهناد بن سريّ التّميميّ، وأبي همّام الوليد بن شجاع السكونيّ، وأبي كريب محمد بن العلاء الهمدانيّ، وأبي سعيد عبد الله بن سعيد الأشجّ، وأحمد بن منيع البغويّ، ويعقوب بن إبراهيم الدورقيّ، وعمرو بن عليّ الفلّاس، ومحمد بن بشّار بندار، وأبي موسى محمد بن المثنّى الزمن، وعبد الأعلى بن واصل، وسليمان بن عبد الجبّار، والحسن بن قرعة، والزبير بن بكّار القاضي، وغيرهم من العراقيّين والشاميّين والمصريّين.
روى عنه أبو شعيب عبد الله بن الحسن بن أحمد بن أبي شعيب الحرّانيّ، وهو أقدم منه سماعا ووفاة، وأبو عمرو محمد بن أحمد بن حمدان النيسابوريّ، وأبو الحسن عليّ بن الحسن بن علّان الحافظ الحرّانيّ، وأبو الطيّب عبد الغفّار بن عبيد الله بن السريّ الحضينيّ المقرئ الواسطيّ، وأبو القاسم سليمان بن أحمد بن أيّوب الطبرانيّ، في آخرين- وقد تقدّم في ترجمة محمد بن إسحاق بن
- الوافي 2/ 284 (720)، السبكي 3/ 120 (121)، تذكرة 710، ميزان الاعتدال 3/ 498، غاية النهاية 2/ 106 (2886).
(1)
التكملة 3/ 536 (2940).
(2)
وفيات 4/ 191 (570)، تاريخ بغداد 2/ 162 (589)، -
خزيمة اجتماع ابن خزيمة والطبريّ ومحمد بن نصر ومحمد بن هارون الرّويانيّ بمصر (1).
قال أبو سعيد ابن يونس: كان فقيها، قدم إلى مصر قديما سنة ثلاث وستّين ومائتين، وكتب بها ورجع إلى بغداد، وصنّف تصانيف حسنة تدلّ على سعة علمه.
وقال الخطيب أبو بكر: أحد أئمّة العلم، يحكم بقوله ويرجع إلى رأيه، لمعرفته وفضله. وكان قد جمع من العلوم ما لم يشاركه فيه أحد من أهل عصره. وكان حافظا لكتاب الله عارفا بالقراءات، بصيرا بالمعاني، فقيها في أحكام القرآن، عالما بالسنن وطرقها، وصحيحها وسقيمها، وناسخها ومنسوخها، عارفا بأقوال الصحابة والتابعين، ومن بعدهم من المخالفين في الأحكام ومسائل الحلال والحرام، عارفا بأيّام الناس وأخبارهم.
وله [182 ب] الكتاب المشهور ب «تاريخ الأمم والملوك» ، وكتاب التفسير لم يصنّف أحد مثله.
وكتاب «تهذيب الآثار» ، لم أر سواه في معناه، إلّا أنّه لم يتمّمه. وله في أصول الفقه وفروعه كتب كثيرة، واختيار من أقاويل الفقهاء. وتفرّد بمسائل حفظت عنه. وبلغني عن أبي حامد أحمد بن أبي طاهر الأسفرايينيّ قال:«لو سافر رجل إلى الصين حتى يحصل له كتاب تفسير محمد بن جرير، لم يكن ذلك كثيرا» . وسمعت علي بن عبيد الله بن عبد الغفار اللغويّ يحكي أنّ محمد بن جرير مكث أربعين سنة يكتب في كلّ يوم منها أربعين ورقة.
وذكره بسنده عن أبي علي الطوماريّ قال: كنت أصلّي [العيد، بل] في شهر رمضان، بين يدي أبي بكر بن مجاهد في المسجد صلاة التراويح. فخرج
ليلة من ليالي العشر الأواخر من داره واجتاز على مسجده فلم يدخله، وأنا معه، وسار حتّى انتهى إلى آخر سوق العطش، فوقف بباب مسجد محمد بن جرير، ومحمد يقرأ سورة الرحمن.
فاستمع قراءته طويلا ثمّ انصرف. فقلت له: يا أستاذ، تركت الناس ينتظرونك وجئت لتسمع قراءة هذا؟
فقال: يا أبا عليّ، دع عنك! ما ظننت أنّ الله تعالى خلق بشرا يحسن [أن] يقرأ هذه القراءة.
وقال أبو عمرو الداني في طبقات القرّاء: أخذ القراءة عرضا عن سليمان بن عبد الرحمن بن حمّاد الطلحيّ عن خلّاد بن خالد الشيبانيّ الصيرفيّ الكوفيّ عن سليمان بن عيسى الكوفيّ عن حمزة. وروى الحروف سماعا عن العبّاس بن الوليد ويونس بن عبد الأعلى الصدفيّ، وأبي كريب محمد بن العلاء، وأحمد بن يوسف التغلبيّ، وصنّف كتابا حسنا في القراءات.
روى عنه الحروف محمد بن أحمد الدجوانيّ، وعبد الواحد بن عمر، وعبد الله بن أحمد الفرغانيّ. وممّن روى عنه ابن مجاهد غير أنّه دلّس اسمه فقال: حدّثني محمد بن عبد الله.
وقال أبو عبد الله الحاكم في تاريخ نيسابور:
سمعت أبا أحمد الحسين بن عليّ التّميميّ يقول:
أوّل ما سألني محمد بن إسحاق بن خزيمة قال: ما كتبت عن محمد بن جرير الطبريّ؟
قلت: لا.
قال: لم؟
قلت: كان لا يظهر وكانت الحنابلة تمنع الدخول عليه.
فقال: بئس ما فعلت! ليتك لم تكتب عن كلّ من كتبت عنهم، وسمعت من أبي جعفر!
(1) ترجمة ابن خزيمة رقم 1881 ولكنّها مبتورة البداية، فلا ذكر فيها لهذا الاجتماع. والرّويانيّ تأتي ترجمته برقم 3458.
وقال ابن خزيمة وقد نظر تفسير محمد بن جرير: قد نظرت فيه من أوّله إلى آخره، وما أعلم على أديم الأرض أعلم من محمد بن جرير.
وقال أبو محمد عبد الله بن [183 أ] أحمد الفرغانيّ في تاريخه: فثمّ من كتبه- يعني محمد بن جرير-: كتاب تفسير القرآن، وجوّده، وبيّن فيه أحكامه وناسخه ومنسوخه، ومشكله وغريبه، ومعانيه واختلاف أهل التأويل والعلماء في أحكامه وتأويله، والصحيح لديه من ذلك، وإعراب حروفه، والكلام على الملحدين فيه، والقصص، وأخبار الأمّة والقيامة وغير ذلك، وغير ذلك ممّا حواه من الحكم والعجائب، كلمة كلمة وآية آية من الاستعاذة وإلى أبي جاد (1)، فلو ادّعى عالم أن يصنّف منه عشرة كتب كلّ كتاب منها يحتوي على علم مفرد عجيب مستقص، لفعل.
وثمّ من كتبه أيضا كتاب الغرائب والتنزيل والعدد. وثمّ أيضا كتاب اختلاف علماء الأمصار.
وثمّ أيضا التاريخ، إلى عصره. وثمّ أيضا تاريخ الرجال من الصحابة والتابعين والخالفين إلى رجاله الذين كتب عنهم. وثمّ أيضا لطيف القول في أحكام شرائع الإسلام، وهو مذهبه الذي اختاره وخرّجه واحتجّ له، وهو ثلاثة وثلاثون كتابا، منها كتاب البيان عن أصول الأحكام وهو رسالة لطيفة. وثمّ أيضا كتابه المسمّى التبصير، وهي رسالته إلى أهل طبرستان (2) يشرح فيها ما يتقلّده من أصول الدين. وابتدأ تصنيف تهذيب الآثار، و [هو] من عجائب كتبه، فابتدأ بما رواه أبو بكر الصدّيق رضي الله عنه ممّا صحّ عنده بسنده، وتكلّم على كلّ حديث منه فابتدأ بعلله
وطرقه وما فيه من الفقه والسنن، واختلاف العلماء وحججهم وما فيه من المعاني، وما يطعن فيه الملحدون والردّ عليهم وبيان فساد مايطعنون به، فخرّج منه مسند العشرة وأهل البيت والموالي، ومن مسند ابن عبّاس قطعة. وكان قصده فيه أن يأتي بكلّ ما يصحّ من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم عن آخره، ويتكلّم على جميعه حسب ما ابتدأ به فلا يكون لطاعن في شيء من علم رسول الله صلى الله عليه وسلم مطعن، ويأتي بجميع ما يحتاج إليه أهل العلم كما فعل في التفسير، فيكون قد أتى على علم الشريعة من القرآن والسنن، فمات قبل تمامه.
وابتدأ كتابه البسيط فخرّج منه كتاب الطهارة في ألف وخمسمائة ورقة، لأنّه ذكر في كلّ باب منه اختلاف الصحابة [183 ب] والتابعين وغيرهم من طرقها وحجّة كلّ من اختار منهم لمذهبه. وله اختيار رحمه الله في آخر كلّ باب منه واحتجاجه لذلك. وخرّج من البسيط أكثر كتاب الصلاة، وخرّج منه آداب الحكّام تامّا، وكتاب المحاضر والسجلّات، وكتاب ترتيب العلماء، وابتدأ بآداب النفوس، وهو أيضا من كتبه النفيسة، لأنّه عمله على ما ينوب الإنسان من الفرائض في جميع أعضاء جسده، فبدأ بما ينوب القلب واللسان والسمع والبصر، على أن يأتي بجميع الأعضاء، وما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك وعن الصحابة والتابعين ومن يحتجّ به، واحتجّ فيه وذكر كلام المتصوّفة والمتعبّدين وما حكي من أفعالهم، وإيضاح الصواب في جميع ذلك، فلم يتمّ الكتاب.
وكتاب آداب المناسك وهو ما يحتاج إليه الحاجّ من يوم خروجه وما يختاره له من الأيّام لابتداء سفره، وما يقوله وما يدعو به عند ركوبه ونزوله ومعاينة المنازل والمشاهد، إلى انقضاء حجّه.
(1) لعلّه يعني الحروف الأولى: أبجد.
(2)
في المخطوط: إلى أهل أمراء طبرستان.
وكتاب شرح السنّة، وهو لطيف، بيّن فيه مذهبه وما يدين الله به، على ما مضى عليه الصحابة والتابعون وفقهاء الأمصار.
وكتاب المسند المخرج يأتي على جميع ما رواه الصحابة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من صحيح وسقيم، ولم يتمّه.
ولمّا بلغه أنّ أبا بكر ابن أبي داود السجستانيّ تكلّم في حديث غدير خمّ، عمل كتاب الفضائل، فبدأ بفضل أبي بكر وعمر وعثمان وعليّ رضي الله عنهم، وتكلّم على تصحيح غدير خمّ، واحتج لتصحيحه، وأتى من فضائل عليّ بن أبي طالب بما انتهى إليه، ولم يتمّ الكتاب.
وكان ممّن لا تأخذه في دين الله لومة لائم.
وحكى أنّه استخار الله وسأله الإعانة على تصنيف التفسير ثلاث سنين فأعانه.
وروى القاضي أبو عبد الله محمد بن سلامة بن جعفر القضاعيّ قال: نا عليّ بن نضر بن الصبّاح التغلبيّ: ثنا القاضي أبو عمر عبيد الله بن أحمد السمسار، وأبو القاسم ابن عقيل الورّاق، أنّ أبا جعفر قال لأصحابه: أتنشطون لتفسير القرآن؟
قالوا: كم يكون قدره؟
فقال: ثلاثون ألف ورقة.
فقالوا: هذا ممّا تفنى الأعمار قبل تمامه.
فاختصره في نحو ثلاثة آلاف ورقة. وقال: هل تنشطون لتاريخ العالم من آدم إلى وقتنا هذا؟
قالوا: كم قدره؟
[184 أ] فذكر نحوا مما ذكره من التفسير.
فأجابوه بمثل ذلك، فقال: إنّا لله! ماتت الهمم! - فاختصره في نحو مما اختصر التفسير.
وقال أبو بكر الخطيب عن القاضي ابن كامل:
أربعة كنت أحبّ بقاءهم: أبو جعفر الطبريّ، والبربريّ، وأبو عبد الله بن أبي خيثمة والمعمريّ، فما رأيت أفهم ولا أحفظ.
ومولد أبي جعفر في سنة أربع وعشرين ومائتين بآمل (1)، ووفاته ببغداد يوم السبت، ودفن يوم الأحد بالغداة في داره، لأربع بقين من شوّال سنة عشر وثلاثمائة- وقيل: توفّي عشيّة الأحد ليومين بقيا من شوّال، ودفن يوم الاثنين- ولم يتغيّر شيبه وكان السواد في رأسه ولحيته كثيرا. وكان أسمر إلى الأدمة، أعين نحيف الجسم، مديد القامة، فصيح اللسان. ولم يؤذّن به أحد. واجتمع عليه من لا يحصيهم عددا إلّا الله. وصلّى علىقبره عدّة شهور ليلا ونهارا، ورثاه خلق كثير من أهل الدين والأدب.
وقيل: إنّه دفن بمصر بسفح المقطّم من القرافة، وليس بصحيح.
قال الفرغانيّ: وكان عالما زاهدا ورعا فاضلا، متقنا لقراءة حمزة الزيّات.
ومن طريف فتاويه أنّ رجلا قال لامرأته: أنت طالق ثلاثا بتاتا لا خاطبتني بشيء إلّا خاطبتك مثله.
فقالت له في الحال: أنت طالق ثلاثا بتاتا.
فأفتاه فقهاء بغداد بأنّها لا بدّ أن تطلّق وأنّ عليه أن يجيبها بمثل ما قالت فتصير بذلك طالقا. فدلّه شخص على أبي جعفر فجاءه وأخبره بما جرى عليه. فقال له: امض ولا تعاود الأيمان وأقم على زوجك بعد أن تقول لها: أنت طالق ثلاثا بتاتا إن أنا طلّقتك- فتكون قد خاطبتها ما خاطبتك به فوفيت بيمينك ولم تطلّقها.
(1) قال ياقوت: أكبر مدينة بطبرستان، والنسبة إليها: آملي.
وذكر محمد بن جرير ونزّهه عن الرفض فقال: وإنّما حسدته الحنابلة فرموه بذلك.