الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ما لا يعمل به مفهوم المخالفة:
1 -
لا يعمل بمفهوم المخالفة للاسم واللقب، فإذا حكمنا على زيد بالقيام، فلا يعنى الحكم على غيره بالقعود وعدم القيام، لأن زيدا علم.
ولا يعمل بمفهوم المخالفة لاسم الجنس، فقول النبي صلى الله عليه وسلم:«في الغنم زكاة» لا ينفي وجوب الزكاة في غير الغنم، لأن الغنم اسم جنس، وقد ذكر علماء الأصول أنواعا أخرى وفيها خلاف طويل.
2 -
إذا ورد الشرع بإبطال المفهوم في الأنواع التي يعمل بها والتي سبق ذكرها، كمفهوم الشرط مثلا في قوله تعالى: وَلا تُكْرِهُوا فَتَياتِكُمْ عَلَى الْبِغاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّناً ..
[النور: 33].
مفهوم الآية أنه يجوز البغاء منهن إذا لم يكرهن أحد، أي إذا لم يردن التحصن، وهذا المفهوم باطل لقوله تعالى: وَلا تَقْرَبُوا الزِّنى إِنَّهُ كانَ فاحِشَةً .. [الإسراء: 32].
وقد يقال: فلماذا ذكر هذا الشرط وهو غير مراد بالآية؟ وهل هذا إلّا إهمال لذكره أو تفريغ لمحتواه، وهو عبث محض؟ نقول: إن ذكر هذا فيه فائدة إذ فيه تقريع وتوبيخ وتقبيح لهذا الفعل بهذه الصورة، حالة الإكراه على الزنا لمن تريد العفاف، فالنهي عن هذه الصورة لا يدل على إباحة ما عداها كالزنا مزاجا وموافقة منها، وإنما حرمت الآية هذه الصورة لما ورد في سبب نزول الآية من إكراه أمية بن خلف لجواريه على الزنا، فشكون ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فنزل قوله تعالى: وَلا تُكْرِهُوا فَتَياتِكُمْ عَلَى الْبِغاءِ .. الآية (1).
ومثال آخر: قوله تعالى: لا تَأْكُلُوا الرِّبَوا أَضْعافاً مُضاعَفَةً [آل عمران: 130].
(1) وقد أراد بعض ضعاف النفوس أن يثبت الاعتزاز بالقومية العربية، وقال: إن هذه الآية تدل على إباء وشمم الفتاة العربية، إذ لم تكن تقبل على البغاء إقبالا، وإنما كانت تكره عليه إكراها، وما علم هذا المدعي أن هذه الآية إن دلت على إباء الفتاة العربية إذ لم تأت الزنا إلّا بالإكراه، فهي تدل أيضا على خنوع من يكرههن، وهو من العرب أيضا!
فهذه الآية تدل بمنطوقها وظاهرها على تحريم الربا المضاعف، ويدل مفهومها على إباحة الربا فيما سوى المضاعف، وهو معطل بقوله تعالى: .. وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُسُ أَمْوالِكُمْ لا تَظْلِمُونَ وَلا تُظْلَمُونَ .. [البقرة: 279].
هكذا رأس المال دون زيادة أو نقصان، مهما كانت الزيادة ومهما كان النقصان.
ويرد هنا السؤال نفسه الذي سبق وقلناه، فلماذا نص الشرع على تحريم الربا المضاعف ما دام المراد تحريم الربا المضاعف وغيره؟ نقول: في تحريم الربا المضاعف نهي وزجر وردع لتلك الصورة الشائنة والشائهة، والاستغلال البشع الذي كان عليه العرب في جاهليتهم، وتصوير لحالهم القبيح، وفيه ما فيه من التقريع والتوبيخ، ما لا يعلمه الجهال الذين يفتون عن جهل بجواز قليل الربا، أو عن علم، ولكنهم ركبوا الهوى، وركنوا إلى مكافئات المرابين وأعوانهم من مردة الحكم المجرمين.