الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فعدد آيات سورة الشعراء المكية (227) آية، بينما سورة الأنفال (75) آية، وبالاستقراء فإن مجموع الآيات المدنية في القرآن لا يزيد على ربع مجموع الآيات المكية ومع ذلك فإننا نجد مساحتها في المصحف تزيد على الآيات المكية زيادة واضحة.
2 -
يغلب على السور المكية معالجة قضايا العقيدة، وإقامة الدليل، والدعوة إلى نبذ عبادة الأصنام، وخلع المعتقدات الفاسدة. نلحظ ذلك بوضوح في سورة الأنعام، ويونس والفرقان، والشعراء، والقصص ..
3 -
كل سورة ذكرت فيها سجدة فهي مكية، وكذلك القصص إلّا قصة آدم وإبليس المذكورة في البقرة فهي مدنية.
4 -
كل سورة ورد فيها لفظ (كلا) مكية وقد ذكر هذا اللفظ ثلاثا وثلاثين مرة في خمس عشرة سورة، وكلها في السور الأخيرة في القرآن كسورة اقرأ والمطففين وغيرهما.
5 -
يغلب افتتاح النداء بالآيات المكية ب: يا أيها الناس ويا بني آدم.
6 -
كل سورة مبدوءة بأحرف التهجي مكية إلّا البقرة وآل عمران فهما مدنيتان وسورة الرعد فيها خلاف.
أما السور المدنية فأهم مميزاتها:
1 -
من المعلوم أن المجتمع الإسلامي قد ظهر في المدينة لأول مرة، وقد تعرضت الآيات القرآنية لبناء المجتمع وتأسيسه على أساس الأخوة، لذا نجد أن كل سورة تتحدث عن المهاجرين والأنصار فهي مدنية، كما عنيت الآيات المدنية بفضح المنافقين ومكائدهم، وكشف اليهود وتعريتهم على حقيقتهم، فكل سورة ذكر فيها النفاق فهي مدنية إلّا سورة العنكبوت، فإنها مكية عدا الآيات الإحدى عشر الأولى منها، فإنها مدنية وهي تتحدث عن المنافقين، وهكذا فإن كل سورة يذكر فيها أهل الكتاب من يهود ونصارى فهي مدنية أيضا.
2 -
ولما كانت مرحلة ما بعد الهجرة قد تميزت بقيام الدولة الإسلامية، المكلفة بنشر الإسلام، لذا فكل سورة فيها حكم يعالج قضايا التشريع والأحكام، من
عبادات ومعاملات ونظام للأسرة فهي مدنية، وكل سورة فيها ذكر للجهاد وما يترتب عليه من أحكام دولية كحكم الأسرى والغنائم والسلم والمعاهدة فهي مدنية، وقد جاء النفس في هذه الآيات طويلا ليوائم الموضوع الذي تعالجه.
3 -
ولما تكوّن المجتمع المؤمن المتميز عن المجتمعات الكافرة ناسب أن يكون النداء الموجّه من الله عز وجل: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا وقلما نجد نداء موجها لأهل المدينة مصدرا بيا أيها الناس، إلّا إذا كان في موضوع عام يتناول الناس جميعا، وقد جاء ذلك في سبعة مواضع منها:
أ- ما جاء في سورة البقرة قوله تعالى:
يا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ [البقرة: 21].
وقوله تعالى: يا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الْأَرْضِ حَلالًا طَيِّباً [البقرة: 168].
ب- ما جاء في سورة النساء:
يا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ [النساء: 1].
وقوله: إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ أَيُّهَا النَّاسُ وَيَأْتِ بِآخَرِينَ [النساء: 133].
ج- ما جاء في سورة الحجرات قوله تعالى: يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْناكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثى وَجَعَلْناكُمْ شُعُوباً وَقَبائِلَ لِتَعارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ [الحجرات: 13].
د- وأضاف العلماء إلى ذلك قوله تعالى: يا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ [الحج: 1].
فإنها نزلت ليلا عند السفر لغزوة بني المصطلق، وقد كان ذلك في السنة السادسة للهجرة.
وبعد:
فإن هذا القول منسوب لابن مسعود: «إن ما ورد فيه النداء القرآني ب يا أَيُّهَا النَّاسُ أنه مكي، وما ورد النداء في السور ب يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أنه مدني (1).
(1) قاله الزركشي في البرهان في علوم القرآن 1/ 189.
وقد وقع معه بعض من لا خبرة له في هذا الشأن في التناقض، وعدم الفهم لحقيقة مراد الصحابي الجليل عبد الله بن مسعود، فردّ على هذا القول بأن متنه مجانب للصواب وأن سنده أشد ضعفا.
والواقع أنه رضي الله عنه يريد ما هو من سور القرآن مشتمل على النداء ب يا أَيُّهَا النَّاسُ مع خلو تلك السورة من النداء ب يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا
…
فهو مكي.
وما هو مشتمل على النداء يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا
…
مع خلو السورة من النداء ب يا أَيُّهَا النَّاسُ فهو مدني.
وحينئذ يكون قد سكت رضي الله عنه عما يكون مشتملا على النداءين مجتمعين كسورة البقرة وسورة النساء وسورة الحج مثلا.
وما تكلم عنه هذا الحبر (عبد الله بن مسعود) مضطرد لا كلام في متنه ولا سنده، وما سكت عنه يحتاج إلى بحث في جعل السورة مكية أو مدنية، وذلك بالدليل والقرينة.