الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حكم قراءة الترجمات القرآنية في الصلاة:
نقول: إن كلمة المجتهدين سواء في عدم جواز الصلاة بالترجمة، إلّا ما روي عن الإمام أبي حنيفة كما سنرى.
أما الشافعية فقالوا: (لا تجوز قراءة القرآن بغير لسان العرب، سواء أمكنته العربية أم عجز عنها).
أما الحنابلة فيقولون: (ولا تجزئة القراءة بغير العربية، ولا إبدال لفظ عربي، سواء أحسن القراءة بالعربية أم لم يحسن، ويلزمه التعلّم). وروي مثل ذلك عن المالكية. قال أبو بكر بن العربي- هو من فقهاء المالكية- في تفسير قوله تعالى:
وَلَوْ جَعَلْناهُ قُرْآناً أَعْجَمِيًّا لَقالُوا لَوْلا فُصِّلَتْ آياتُهُءَ أَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ [فصلت: 44]، قال علماؤنا:
وهذا يبطل قول أبي حنيفة بأن ترجمة القرآن بإبدال اللغة العربية منه بالفارسية جائز، لأن الله تعالى قال: وَلَوْ جَعَلْناهُ قُرْآناً أَعْجَمِيًّا لَقالُوا لَوْلا فُصِّلَتْ آياتُهُءَ أَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ نفى أن يكون للعجمة إليه طريق- فكيف يصرف إلى ما نفى الله عنه؟.
أما ابن حزم فيحكم بفسق من قرأ غير العربية في الصلاة.
يقول في محلّاه: (من قرأ أم القرآن أو شيئا منها أو شيئا من القرآن في صلاته مترجما بغير العربية، أو بألفاظ غير الألفاظ التي أنزل الله تعالى، عامدا لذلك، أو قدّم كلمة أو أخّرها، عامدا لذلك، بطلت صلاته، وهو فاسق، لأن الله تعالى قال:
قُرْآناً عَرَبِيًّا [يوسف: 2]، وغير العربي ليس عربيا، وإحالة عربية القرآن تحريف لكلام الله، وقد ذمّ الله تعالى من فعلوا ذلك فقال:
يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَواضِعِهِ [المائدة: 13]).
أما الحنفية فقد خالفوا جمهور الفقهاء، فقد روي عن أبي حنيفة أنه أجاز قراءة الترجمة في الصلاة سواء أكان عاجزا عن العربية أم قادرا عليها. وروي عن الصاحبين الإمام أبي يوسف ومحمد جواز ذلك للعاجز عن العربية فقط.
يقول الشيخ محمد أبو زهرة:
(إن أبا حنيفة الذي عاش أكثر من خمسين سنة في العصر الأموي، قد أدرك الفرس وهم يدخلون في دين الله أفواجا أفواجا، وهم يلوون ألسنتهم بالعربية، لا
يحسنون النطق بها، ولا تستطيع ألسنتهم إخراج الحروف العربية من مخارجها، وإن عرفوا العربية في الجملة، واستطاعوا التفاهم بها بوجه عام، ثم رآهم ينطقون بآي القرآن نطقا غير حسن فرخّص فيها واعتبرها ذكرا لا قرآنا.
ويبدو أنه رجع عن هذا القول خوفا من أن يظنّ أن الترجمة قرآن يقوم مقام الأصل العربي، فأجازها للعاجز فقط، واعتبرها ذكرا لا قرآنا كذلك. كما اعتبرها صاحباه على الوضع نفسه) (1).
(1) أبو حنيفة للشيخ محمد أبو زهرة وكشف الأسرار 1/ 25. أما أقوال المذاهب الأخرى فيرجع فيها إلى المجموع في فقه الشافعية وإلى المغني لابن قدامة. وإلى كتاب المحلى لابن حزم.