الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عليه وعلى آله وسلم أقام بحنين أربعين يومًا يقصر الصلاة أخرجه البيهقي وقال تفرد به الحسن ابن عمارة وهو غير محتج به. وقال الهادي والقاسم من لم يعزم على إقامة مدة معلومة يقصر إلى شهر ويتم بعده. واستدلا بقول عليّ عليه السلام يتم الذي يقيم عشرًا والذي يقول اليوم أخرج، غدًا أخرج يقصر شهرًا
(قال في النيل) والحق أن الأصل في المقيم الإتمام لأن القصر لم يشرعه الشارع إلا للمسافر. والمقيم غير مسافر فلولا ما ثبت عنه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم من قصره بمكة وتبوك مع الإقامة لكان المتعين هو الإتمام فلا ينتقل عن ذلك الأصل إلا بدليل وقد دلّ الدليل على القصر مع التردد إلى عشرين يومًا كما في حديث جابر. ولم يصح أنه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم قصر في الإقامة أكثر من ذلك فيقتصر على هذا المقدار. ولا شك أن قصره صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم في تلك المدة لا ينفي القصر فيما زاد عليها ولكن ملاحظة الأصل المذكور هي القاضية بذلك
"فإن قيل" المعتبر صدق اسم المسافر على المقيم المتردد وقد قال صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم "إنا قوم سفر" فصدق عليه هذا الاسم ومن صدق عليه هذا الاسم قصر لأن المعتبر هو السفر لانضباطه لا المشقة لعدم انضباطها "فيجاب عنه" أولًا بأن في الحديث المقال المتقدم. وثانيا بأنه يعلم بالضرورة أن المقيم المتردد غير مسافر حال الإقامة فإطلاق اسم المسافر عليه مجاز باعتبار ما كان عليه أو ما سيكون عليه اهـ
(وفي الحديث) دليل على صحة
اقتداء المقيم بالمسافر
من غير كراهة خلافًا لمن زعمها فإذا سلم الإِمام أتم المقيم صلاته. ويطلب من الإِمام أن يخبرهم بحاله اقتداء بالنبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم
(من أخرج الحديث أيضًا) أخرجه البيهقي والترمذي وحسنه والطبراني وابن أبي شيبة في مصنفه وإسحاق بن راهويه والبزار. وفي إسناده علي بن زيد بن جدعان وهو ضعيف. قال الحافظ في التلخيص إنما حسن الترمذي حديثه لشواهده ولم يعتبر الاختلاف في المدة كما عرف من عادة المحدثين من اعتبارهم الاتفاق على الأسانيد دون السياق اهـ
وأخرجه أبوداود الطيالسي والبيهقي عن عمران في حصين قال ما سافرت مع رسول الله صلي الله عليه وعلي آله وسلم سفرًا قط إلا صلى ركعتين حتى يرجع وشهدت معه حنينًا والطائف فكان يصلي ركعتين ثم حججت معه واعتمرت فصلى ركعتين ثم قال يأهل مكة أتموا صلاتكم فإنا قوم سفر ثم حججت مع عمر واعتمرت فصلى ركعتين ثم قال أتموا صلاتكم فإنا قوم سفر ثم حججت مع عثمان واعتمرت فصلي ركعتين ثم إن عثمان أتمّ بمنى اهـ
(ص) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ وَعُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ -الْمَعْنَى وَاحِدٌ- قَالَا نَا حَفْصٌ عَنْ عَاصِمٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ- أَقَامَ سَبْعَ
عَشْرَةَ بِمَكَّةَ يَقْصُرُ الصَّلَاةَ. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَمَنْ أَقَامَ سَبْعَ عَشْرَةَ قَصَرَ وَمَنْ أَقَامَ أَكْثَرَ أَتَمَّ.
(ش)(حفص) بن غياث تقدم في الجزء الثاني صفحة 145. و (عاصم) بن سليمان الأحوال تقدم في الأول صفحة 274
(قوله أقام سبع عشرة بمكة) وفي رواية البخاري من هذا الطريق تسعة عشر وكذا رواه ابن المنذر من طريق عبد الرحمن الأصبهاني عن عكرمة
(والحديث) يدل كسابقه على أن المسافر سفر قصر إذا أقام في جهة ينتظر قضاء حاجة غير عازم على إقامة أيام معلومة يقصر ما دام على هذا الحال
(قوله قال ابن عباس ومن أقام الخ) يعني أن المدة التى لا تقطع السفر لو نوى المسافر إقامتها سبعة عشر يوما فأقل. فإن نوى إقامة أكثر منها أتم. وبه قال الشافعي في بعض الروايات عنه فيمن أقام متوقعا قضاء حاجة ولم ينو الإقامة أربعة أيام غير يومي الدخول والخروج فإن نواها أتم. وفي رواية عن ابن عباس أن المسافر إذا نوى إقامة خمسة عشر يومًا أتم الصلاة كما أخرجه الطحاوي عنه وكذا عن ابن عمر قالا إذا قدمت بلدة وأنت مسافر وفي نفسك أن تقيم خمس عشرة ليلة فأكمل الصلاة بها وإن كنت لا تدرى متى تظعن فاقصرها
(من أخرج الحديث أيضًا) أخرجه ابن حبان والبيهقي. قال النووي إسناده على شرط البخاري
(ص) قَالَ أَبُو دَاوُدَ قَالَ عَبَّادُ بْنُ مَنْصُورٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ أَقَامَ تِسْعَ عَشْرَةَ.
(ش) أشار به إلى رواية أخرى لحديث ابن عباس وقد وصلها البيهقي من طريق عبد الوارث قال حدثنا عباد بن منصور عن عكرمة عن ابن عباس قال أقام رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلي آله وسلم زمن الفتح تسع عشرة ليلة يصلي ركعتين ركعتين اهـ
وقوله تسع عشرة بتقديم التاء على السين وهو هكذا في رواية البخاري والترمذي وابن ماجه وهي أصح بخلاف الرواية السابقة فإنها بتقديم السين على الباء
(ص) حَدَّثَنَا النُّفَيْلِيُّ نَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ أَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ- بِمَكَّةَ عَامَ الْفَتْحِ خَمْسَ عَشْرَةَ يَقْصُرُ الصَّلَاةَ.
(ش)(النفيلي) عبدالله بن محمد تقدم في الجزء الأول صفحة 43
(قوله خمس عشرة الخ) هذه الرواية ضعفها النووي في الخلاصة. وردّ بأن رواتها ثقات ولم ينفرد بها ابن إسحاق فقد
أخرجها النسائي من رواية عراك بن مالك عن عبيد الله بن عبد الله عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أقام بمكة خمس عشرة يصلي ركعتين ركعتين. وأخرجها ابن ماجه والبيهقي، وإذا ثبت صحتها فتحمل على ما تقدم من أن الراوي ظن أن الأصل رواية سبع عشرة فحذف منها يومي الدخول والخروج
(ص) قَالَ أَبُو دَاوُدَ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ عَبْدَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ وَأَحْمَدُ بْنُ خَالِدٍ الْوَهْبِيُّ وَسَلَمَةُ بْنُ الْفَضْلِ عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ لَمْ يَذْكُرُوا فِيهِ ابْنَ عَبَّاسٍ.
(ش) أي روى حديث ابن عباس عبدة ومن معه عن محمد بن إسحاق مرسلًا بعدم ذكر ابن عباس لا كما رواه محمد بن سلمة مسندًا. والغرض منه بيان أنه قد اختلف على محمد بن إسحاق في هذا الحديث فرواه عنه محمد بن سلمة مسندًا بذكر ابن عباس. ورواه عنه مرسلًا عبدة بن سليمان ومن معه وعليه أكثر الرواة وصححه البيهقي وقال الاتصال غير محفوظ. ولم نقف على من وصل هذه التعاليق وذكرها البيهقي معلقة وقال ورواه عراك بن مالك عن النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم مرسلًا وروى بسنده إلى عبد الله بن إدريس عن ابن إسحاق قال وحدثني محمد بن مسلم ثم أقام رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم بمكة خمس عشرة ليلة يقصر الصلاة حتى سار إلى حنين. هذا هو الصحيح مرسل.
وأخرج بسنده إلى أبى سعيد الأشج قال ثنا ابن إدريس عن محمد بن إسحاق عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله عن ابن عباس قال أقام النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم عام الفتح فتح مكة خمس عشرة يقصر الصلاة حتى سار إلى حنين كذا رواه. ولا أراه محفوظا اهـ
(ص) حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ أَخْبَرَنِي أَبِي نَا شَرِيكٌ عَنِ ابْنِ الأَصْبَهَانِيِّ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ- أَقَامَ بِمَكَّةَ سَبْعَ عَشْرَةَ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ.
(ش)(رجال الحديث)
(قوله أخبرني أبي) هو علي بن نصر بن علي بن صهبان الأزدي
أبو الحسن الكبير. روى عن عبد العزيز بن أبي روّاد وهشام الدستوائي وشعبة وابن المبارك وكثيرين. وعنه ابنه نصر ووكيع وأبو نعيم. وثقه ابن معين والنسائي وقال أبو حاتم ثقة صدوق وقال صالح بن محمد صدوق. توفى سنة سبع وثمانين ومائة. روى له الجماعة. و (ابن الأصبهاني) هو عبد الرحمن بن عبد الله بن الأصبهاني الكوفي الجهني. روى عن أنس وأبى حازم الأشجعي وعكرمة وأبى صالح السمان والشعبي وآخرين. وعنه ابن أخيه محمد بن سليمان وإسماعيل بن
أبى خالد وشعبة والثوري وشريك بن عبد الله وجماعة. وثقه النسائي وابن معين وأبو زرعة والعجلي وقال أبو حاتم لا بأس به صالح. روى له الجماعة
(معنى الحديث)
(قوله أقام بمكة الخ) يعني أقام بها عام الفتح كما صرح به في بعض الروايات السابقة يصلي الرباعية ركعتين وهو المراد بقوله في الرواية السابقة يقصر الصلاة
(من أخرج الحديث أيضًا) أخرجه البيهقي
(ص) حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ وَمُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ -الْمَعْنَى- قَالَا نَا وُهَيْبٌ حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ- مِنَ الْمَدِينَةِ إِلَى مَكَّةَ فَكَانَ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ حَتَّى رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ فَقُلْنَا هَلْ أَقَمْتُمْ بِهَا شَيْئًا قَالَ أَقَمْنَا بِهَا عَشْرًا.
(ش)(رجال الحديث)(يحيى بن أبي إسحاق) الحضرمي مولاهم البصري النحوي روى عن أنس وسالم بن عبد الله وسليمان الأغرّ وسلمان بن يسار وآخرين. وعنه ابن سيرين والثوري ووهيب بن خالد وابن علية وبشر بن المفضل وطائفة. وثقه النسائي وقال أبو حاتم لا بأس به وقال ابن سعد ثقة وله أحاديث وكان صاحب قرآن وعلم بالعربية وقال أحمد في حديثه نكارة. روى له الجماعة
(معنى الحديث)
(قوله خرجنا مع رسول الله الخ) يعني لحجة الوداع كما في رواية شعبة عن يحيى بن أبي إسحاق عند مسلم
(قوله قال أقمنا بها عشرًا) وفي نسخة أقمنا عشرًا يعني عشرًا من الليالي أو من الأيام. وحذفت التاء من العشر لأن المعدود إذا حذف جاز في العدد التذكير والتأنيث. والمراد أقام بمكة وما حواليها لا في مكة فقط. إذ كان ذلك في حجة الوداع كما ذكر. فإنه قدم مكة في الرابع من ذي الحجة وأقام بها إلى الثامن وخرج فيه إلى منى وذهب إلى عرفات في التاسع وعاد إلى منى في العاشر ونفر منها في الثالث عشر إلى مكة وخرج منها إلى المدينة في الرابع عشر. وأطلق على ذلك الإقامة بمكة لأن هذه مواضع النسك وهي في حكم التابع لمكة لأن مكة المقصودة بالأصالة
(قال البيهقي) إنما أراد أنس ابن مالك بقوله فأقمنا بها عشرًا أي بمكة ومنى وعرفات وذلك لأن الأخبار الثابتة تدل على أن رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم قدم مكة في حجته لأربع خلون من ذى الحجة فأقام بها ثلاثًا يقصر ولم يحسب اليوم الذي قدم فيه مكة لأنه كان فيه سائرًا ولا يوم التروية لأنه خارج فيه إلى منى فصلى بها الظهر والعصر والمغرب والعشاء والصبح فلما طلعت الشمس
سار منها إلى عرفات ثم دفع منها حين غربت الشمس حتى أتى المزدلفة فبات بها ليلتئذ حتى أصبح ثم دفع منها حتى أتى منى فقضى بها نسكه تم أفاض إلى مكة فقضى بها طوافه ثم رجع إلى مني فأقام بها ثلاثًا يقصر ثم نفر منها فنزل بالمحصب فأذن في أصحابه بالرحيل وخرج فمر بالبيت فطاف به قبل صلاة الصبح ثم خرج إلى المدينة فلم يقم صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم في موضع واحد أربعًا يقصر اهـ
وحديث أنس لا ينافي الروايات السابقة لأنها كانت في فتح مكة وهو كان في حجة الوداع
(وبالحديث) احتج الشافعي على أن المسافر إذا نوى إقامة أقل من أربعة أيام سوى يومي الدخول والخروج قصر الصلاة. وبه قال أبو ثور وابن المسيب وهو رواية عن أحمد. أما إذا نوى إقامة أربعة أيام فأكثر غير يومي الدخول والخروج فإنه يتم مستدلين بما رواه مالك عن عطاء الخراساني أنه سمع سعيد بن المسيب. قال من أجمع على إقامة أربع ليال وهو مسافر أتم الصلاة قال مالك وذلك أحب ما سمعت إلي وذلك الأمر الذي لم يزل عليه أهل العلم عندنا.
وبما رواه البخاري ومسلم والبيهقي من حديث السائب بن يزيد أنه سمع العلاء بن الحضرمي يقول قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم يمكث المهاجر بعد قضاء نسكة ثلاثًا. وبما رواه مالك والبيهقي عن نافع عن أسلم مولى عمر بن الخطاب أن عمر ضرب لليهود والنصارى والمجوس بالمدينة إقامة ثلاث ليال يتسوّقون بها ويقضون حوائجهم ولا يقيم أحد منهم فوق ثلاث ليال.
ووجه الدلالة أنه جعل الثلاثة في حكم المسافر وما زاد في حكم الإقامة.
وبه قالت المالكية إلا أنهم لم يستثنوا يومي الدخول والخروج بل المعتبر عنهم نية إقامة أربعة أيام صحاح.
واعتبر سحنون عشرين صلاة ولو من أيام ملفقة (وقال) ابن عمر وأبو حنيفة والثوري والمزني والليث بن سعد إن نوى إقامة خمسة عشر يومًا أتم وإن نوى أقل قصر. مستدلين بما أخرجه الطحاوي عن ابن عباس وابن عمر كما تقدم. وبما أخرجه ابن أبي شيبة بإسناده عن مجاهد أن ابن عمر كان إذا أجمع إقامة خمسة عشر يومًا أتم الصلاة.
وبما أخرجه محمد بن الحسن بإسناد عن ابن عمر قال إذا كنت مسافرًا فوطنت نفسك على إقامة خمسة عشر يومًا فأتمم الصلاة وإن كنت لا تدرى فاقصر
(وقال) الأوزاعي وعبد الله بن عبد الله بن عتبة وابن عمر في رواية عنه إذا نوى إقامة اثنى عشر يومًا أتم (وقال) الحسن بن صالح إذا عزم على إقامة عشرة أيام أتم الصلاة
(وروى) عن أنس وإسحاق بن راهويه أنه يقصر أبدًا حتى يدخل وطنه أو بلدًا له فيه أهل أو مال. وروى ذلك عن ابن عمر أيضًا. وقال ربيعة إن نوى إقامة يوم وليلة أتم
(وقال) أحمد إذا عزم المسافر على أن يقيم اثنتين وعشرين صلاة أو أكثر يتم وإن نوى أقل من ذلك قصر. وهو قريب من قول مالك والشافعي إلا أنه رأى التحديد بالصلوات أحوط. واحتج بحديث ابن عباس وجابر أن النبي صلى الله تعالى عليه وآله
وسلم قدم مكة صبيحة الرابع من ذي الحجة فأقام بها الرابع والخامس والسادس والسابع وصلى الصبح في اليوم الثامن ثم خرج إلى منى. ذكره الشوكاني
(قال الحافظ) في الفتح ولا شك أنه خرج من مكة صبح الرابع عشر فتكون مدة الإقامة بمكة وضواحيها عشرة أيام بلياليها كما قال أنس وتكون مدة إقامته بمكة أربعة أيام سواء لأنه خرج منها في اليوم الثامن فصلى الظهر بمنى اهـ
فكانت صلاته بمكة إحدى وعشرين صلاة من أول صبح الرابع إلى آخر صبح الثامن
(وقال) في الروضة الندية شرح الدرر البهية "وإذا عزم على إقامة أربع أتم بعدها" وجهه ما عرفناك من أن المقيم لا يعامل معاملة المسافر إلا على الحد الذى ثبت عن الشارع ويجب الاقتصار عليه. وقد ثبت عنه مع التردد ما قدمنا ذكره. وأما مع عدم التردد بل العزم على إقامة أيام معينة فالواجب الاقتصار على ما اقتصر عليه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم مع عزمه على الإقامة في أيام الحج فإنه ثبت في الصحيحين أنه قدم مكة صبيحة رابعة من ذى الحجة فأقام بها الرابع والخامس والسادس والسابع وصلى الصبح في اليوم الثامن ثم خرج إلى منى فلما أقام النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم بمكة أربعة أيام يقصر الصلاة مع كونه لا يفعل ذلك إلا عازمًا على الإقامة إلى أن يعمل أعمال الحج كان ذلك دليلًا على أن العازم على إقامة مدة معينه يقصر إلى تمام أربعة أيام ثم يتم وليس ذلك لأجل كون النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لو أقام زيادة على الأربع لأتم فإنا لا نعلم ذلك ولكن وجهه ما قدمنا من أن المقيم العازم على إقامة مدة معينة لا يقصر إلا بإذن كما أن المتردد كذلك. ولم يأت الإذن بزيادة على ذلك ولا ثبت عن الشارع غيره اهـ
(وقال في النيل) والحق أن من حط رحله ببلد ونوى الإقامة بها أيامًا من دون تردد لا يقال له مسافر فيتم الصلاة ولا يقصر إلا لدليل. ولا دليل ها هنا إلا ما في حديث الباب من إقامته صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم بمكة أربعة أيام يقصر الصلاة. والاستدلال به متوقف على ثبوت أنه صلى الله عليه وعلى آله وسلم عزم على إقامة أربعة أيام إلا أن يقال إن تمام أعمال الحج في مكة لا يكون في دون الأربع فكان كل من يحج عازمًا على ذلك فيقتصر على هذا المقدار ويكون الظاهر والأصل في حق من نوى إقامة أكثر من أربعة أيام هو الإتمام والإلزام أن يقصر الصلاة من نوى إقامة سنين متعددة. ولا قائل به. ولا يرد على هذا قوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم في إقامته بمكة في الفتح إنا قوم سفر لأنه كان إذ ذاك مترددًا ولم يعزم على إقامة مدة معينة اهـ ببعض تصرّف
(والحديث) أخرجه الشيخان والنسائي والترمذي وابن ماجه والبيهقي
(ص) حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَابْنُ الْمُثَنَّى -وَهَذَا لَفْظُ ابْنِ الْمُثَنَّى- قَالَا نَا أَبُو أُسَامَةَ -قَالَ ابْنُ الْمُثَنَّى- قَالَ أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ
جَدِّهِ أَنَّ عَلِيًّا كَانَ إِذَا سَافَرَ سَارَ بَعْدَ مَا تَغْرُبُ الشَّمْسُ حَتَّى تَكَادَ أَنْ تُظْلِمَ ثُمَّ يَنْزِلُ فَيُصَلِّي الْمَغْرِبَ ثُمَّ يَدْعُو بِعَشَائِهِ فَيَتَعَشَّى ثُمَّ يُصَلِّي الْعِشَاءَ ثُمَّ يَرْتَحِلُ وَيَقُولُ هَكَذَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ- يَصْنَعُ. قَالَ عُثْمَانُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ بْنِ عَلِيٍّ
(ش) هذا الحديث وإن كان ثابتًا في كل النسخ ليس مناسبا للترجمة "باب متى يتم المسافر" فلعل ذكره هنا تحريف من الناسخ. ولذا قال أبو على اللؤلؤي أحد تلاميذ المصنف ليس هذا الحديث في كتابي ولكن كان في الأصل موجودًا
(رجال الحديث)(ابن المثنى) هو محمد تقدم في الجزء الأول صفحة 68. و (أبو أسامة) حماد بن أسامة تقدم فيه صفحة 152. و (عبد الله بن محمد) أبو محمد العلوي. روى عن أبيه وخالد بن أبى جعفر وعاصم بن عبيد الله وإسحاق بن سالم. وعنه ابنه عيسى وابن المبارك وابن أبى فديك وأبو أسامة وغيرها. قال ابن سعد كان قليل الحديث وقال في التقريب مقبول من السادسة. روى له أبو داود والنسائي
(قوله عن أبيه) هو محمد بن عمر بن علي ابن أبى طالب القرشي الهاشمي. روى عن جده مرسلًا وأبيه وعمه محمد بن الحنفية وعلى بن الحسين وكريب مولى ابن عباس وآخرين. وعنه أولاده عبد الله وعبيد الله وعمر وابن جريج وهشام ابن سعد. قال ابن القطان حاله مجهول وقال ابن سعد كان قليل الحديث وقال في التقريب مجهول من الثالثة وذكره ابن حبان في الثقات
(قوله عن جده) هو عمر بن على بن أبى طالب الهاشمي روى عن أبيه. وعنه أولاده محمد وعبيد الله وعلي. وثقه العجلي وقال في التقريب ثقة من الثالثة روى له أبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه
(معنى الحديث)
(قوله حتى تكاد أن تظلم) أي تقرب السماء من أن تظلم. وفي بعض النسخ حتى يكاد أن يظلم بالمثناة التحتية فيهما أي يقرب الليل من أن يظلم وجه الأرض
(قوله فيصلي المغرب) أي قبل مغيب الشفق على الظاهر من قوله تكاد أن تظلم
(قوله ثم يدعو بعشائه) بفتح العين المهملة اسم لما يتناول بعد الزوال من الطعام. والباء زائدة للتقوية
(قوله ثم يصلي العشاء) أي في أول وقتها
(قوله قال عثمان عن عبد الله الخ) أي قال عثمان بن أبي شيبة في روايته ثنا أبو أسامة عن عبد الله بن محمد الخ بالعنعنة. أما ابن المثنى فقال حدثنا أبو أسامة أخبرني عبد الله الخ بالإخبار