الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أحمد. في رواية والظاهرية "الخامس" ما دل عليه حديث ابن عمر وبه قال أبو حنيفة وأصحابه والأوزاعي وأشهب من المالكية وروى عن الشافعي وأحمد وأختاره البخاريُّ "السادس" حديث عبد الله بن مسعود وبه أخذ أبو حنيفة وغيوه ممن أخذ بحديث ابن عمر "السابع" ما دل عليه حديث حذيفة وبه يقول ابن عباس وزيد بن ثابت وجابر وأبوهريرة وأبو موسى الأشعري وابن عمر والثوري وإسحاق "الثامن" ما دل عليه حديث أبي بكرة وبه قال الشافعي والحسن البصري
(باب صلاة الطالب)
أي في بيان كيفية صلاة من يطلب العدو ليقتله
(ص) حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو نَا عَبْدُ الْوَارِثِ نَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ عَنِ ابْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُنَيْسٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ بَعَثَنِي رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ- إِلَى خَالِدِ بْنِ سُفْيَانَ الْهُذَلِيِّ -وَكَانَ نَحْوَ عُرَنَةَ وَعَرَفَاتٍ- فَقَالَ "اذْهَبْ فَاقْتُلْهُ". قَالَ فَرَأَيْتُهُ وَحَضَرَتْ صَلَاةُ الْعَصْرِ فَقُلْتُ إِنِّي لأَخَافُ أَنْ يَكُونَ بَيْنِي وَبَيْنَهُ مَا إِنْ أُؤَخِّرُ الصَّلَاةَ فَانْطَلَقْتُ أَمْشِي وَأَنَا أُصَلِّي أُومِئُ إِيمَاءً نَحْوَهُ فَلَمَّا دَنَوْتُ مِنْهُ قَالَ لِي مَنْ أَنْتَ قُلْتُ رَجُلٌ مِنَ الْعَرَبِ بَلَغَنِي أَنَّكَ تَجْمَعُ لِهَذَا الرَّجُلِ فَجِئْتُكَ فِي ذَاكَ. قَالَ إِنِّى لَفِي ذَاكَ فَمَشَيْتُ مَعَهُ سَاعَةً حَتَّى إِذَا أَمْكَنَنِي عَلَوْتُهُ بِسَيْفِى حَتَّى بَرَدَ.
(ش)(رجال الحديث)(عبد الوارث) بن سعيد تقدم في الجزء الأول صفحة 29
و(ابن عبد الله بن أنيس) اسمه عبد الله كما قال المنذري ويحتمل أن يكون غيره فإن أولاد عبد الله بن أنيس كانوا خمسة. عبد الله. وعيسى. وضمرة. وعطية. وعمرو. روى عن أبيه. وعنه الزهري وبكير بن عبد الله وبكير بن مسمار، ذكره ابن حبان في الثقات. روى له أبو داود
(قوله عن أبيه) هو عبد الله بن أنيس مصغرًا ابن أسعد بن حرام بن حبيب بن مالك أبو يحيى الجهني حليف الأنصار. روى عن النبي صلي الله تعالى عليه وعلي آله وسلم وعن عمر وأبي أمامة. وعنه أولاده عبد الله وضمرة وعطية وعمرو وجابر بن عبد الله وبسر بن سعيد وآخرون شهد العقبة وأحدًا وما بعدهما. قيل مات سنة ثمانين. روى له مسلم وأبو داود والنسائيُّ والترمذي وابن ماجه والبخاري في الأدب
(معنى الحديث)
(قوله بعثني رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم إلى خالد ابن سفيان) أي أرسله لقتل خالد بن سفيان الهذلي فخرج من المدينة يوم الاثنين لخمس خلون من المحرم سنة أربع من الهجرة
(قوله فكان نحو عرنة وعرفات) يعني قريبًا من عرنة وعرفات وعرنة بضم العين المهملة وفتح الراء بطن الوادي من أرض الحرم قريبة من عرفات
(قوله اذهب فاقتله) أمره صلى الله عليه وآله وسلم بقتله لأنه كان يجمع الناس لغزوه صل الله عليه وآله وسلم
(قوله فرأيته) أي رأيت خالدًا وعرفته بنعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إياه فإني كنت لا أعرفه فسألت رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم عنه فقال لي إنك إذا رأيته أذكرك الشيطان ووجدت له هيبة فلما انتهيت إليه وجدت العلامة التي قالها لي رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم وكنت لا أهاب الرجال
(قوله إني لأخاف أن يكون بيني وبينه ما إن أؤخر الصلاة) يعني أخاف أن يقع بيني وبينه جدال يوجب تأخير الصلاة. فما موصولة اسم يكون وإن زائدة وبيني ويينه متعلق بمحذوف خبر يكون. وفي رواية أحمد إني لأخاف أن يكون بيني ويينه ما يؤخر الصلاة
(قوله وأنا أصلي أومئُ إيماء نحوه) أي والحال أني أصل مشيرًا برأسي للركوع والسجود مستقبلًا الجهة التي فيها خالد بن سفيان فكان استقباله لغير القبلة
(قوله أنك تجمع لهذا الرجل الخ) أي تجمع الجيوش لقتال النبي صلى الله عليه وآله وسلم فجئتك في ذاك أي جئتك لجمعك الجيوش لذلك. وظاهر اللفظ أنه جاء لمساعدته. لكن عبد الله إنما جاء لقتله وإفساد تدبيره ولم يفقه خالد ما أراده
(قوله إني لفي ذاك) أي أشتغل بجمع الناس لقتال محمد صلى الله تعالى عليه وعلي آله وسلم
(قوله فمشيت معه ساعة الخ) أي مقدارًا من الزمن أحدثه فيه فاستطاب الحديث حتى إذا أمكنني الخ أي أقدرني على ما أريد لغفلته واطمئنانه من جهتي واستطابته حديثي وتفرق أصحابه عنه وهدوء الناس ونومهم علوته بسيفي وضربته به حتى مات فقطع رأسه وأخذها ثم دخل غارًا في الجبل فنسج عليه العنكبوت وجاءوا يطلبونه فلم يجدوا شيئًا ثم خرج يسير بالليل ويتوارى بالنهارحتى قدم المدينة فوجد النبي صلي الله عليه وآله وسلم في المسجد فلما رآه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم قال أفلح الوجه فقال ابن أنيس أفلح وجهك يا رسول الله فوضع الرأس بين يديه وأخبره الخبر فأعطاه النبي صلى الله عليه وآله وسلم عصا وقال تحضر بها في الجنة فكانت عنده فلما حضرته الوفاة أوصى بأن تدرج في كفنه فنفذت وصيته أفاده البيهقي في الدلائل وكان قدومه على النبي صلى الله عليه وآله وسلم يوم السبت لسبع بقين من المحرم سنة أربع من الهجرة فكانت غيبته ثمان عشرة ليلة
(وبالحديث) استدل علي جواز الصلاة المكتوبة بالإيماء عند خوف خروج الوقت لأن ابن أنيس أخبر النبي صلى الله عليه وآله وسلم بما فعل لما في رواية اليهقي في الدلائل من قوله وأخبرته خبري. ولا بد من كونه صلى
الله تعالى عليه وعلي آله وسلم أقره على ذلك وإلا لبين عدم إقراره. وهو دليل لمن قال إن الطالب للعدو إذا خاف فوته صلى بالايماء ولو ماشيًا ولو إلى غير القبلة وهو قول الأوزاعي وابن حبيب من المالكية ورواية عن الشافعي
(واختلف العلماء) في صلاة الطالب والمطلوب فعند أبى حنيفة يصلي المطلوب راكبًا بالإيماء بخلاف ما إذا كان ماشيًا أوسابحًا أوطالبًا ولو راكبًا وقال أحمد وعطاء والحسن البصري والثوري إن المطلوب يصلي سائرًا بالإيماء بخلاف الطالب وهذا هو المختار عند الشافعي. وظاهر حديث الباب يرد عليهم لأن ابن أنيس كان طالبًا وصلى بالإيماء
(وسوّى) الأوزاعي وابن حبيب من المالكية بينهما في صلاة كل منهما بالإيماء وهو رواية عن مالك. وكالمطلوب في ذلك كل من منعه عدو من الركوع والسجود أو خاف على نفسه أو أهله أو ماله من نحو لص أوسبع فإنه يصلي بالإيماء إلى أي جهة توجه إليها. والمختار عند مالك الإعادة في الوقت إن أمن فيه
(من أخرج الحديث أيضًا) أخرجه أحملى والبيهقي في السنن الكبرى من طريق النفيلي قال حدثنا محمد ابن سلمة عن محمد بن إسحاق حدثني محمد بن جعفر بن الزبير عن عبد الله يعني ابن عبد الله بن أنيس عن أبيه عبد الله بن أنيس أنه قال دعاني رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم فقال إنه بلغني أن ابن نبيح الهذلي يجمع الناس ليغزوني وهو بنخلة أو بعرنة "بضم العين المهملة وفتح الراء موضع قريب من مكة" فائته فاقتله قلت يا رسول الله انعته لي حتى أعرفه قال آية ما بينك وبينه أنك إذا رأيته وجدت له قشعريرة قال فخرجت متوشحًا بسيفي حتى دفعت إليه في ظعن نساء يرتاد بهن منزلًا حتى كان وقت العصر فلما رأيته وجدت له ما وصف لي رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلي آله وسلم من القشعريرة فأقبلت نحوه وخشيت أن يكون بيني وبينه مجادلة تشغلني عن الصلاة فصليت وأنا أمشي نحوه أومئُ برأسى إيماء فلما انتهيت إليه قال من الرجل قلت رجل من العرب سمع بك وبجمعك لهذا الرجل فجاء لذلك قال أجل نحن في ذلك قال فمشيت معه شيئًا حتى إذا أمكنني حملت عليه بالسيف فقتلته ثم خرجت وتركت ظعاينه مكبات عليه فلما قدمت على رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم قال أفلح الوجه قلت قد قتلته يا رسول الله قال صدقت ثم قام بي رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم فدخل بيته فأعطاني عصا فقال أمسك هذه عندك يا عبد الله بن أنيس فخرجت بها على الناس فقالوا ما هذه العصا معك يا عبد الله بن أنيس قال أعطانيها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأمرني أن أمسكها عندي قالوا أفلا ترجع إليه فتسأله عن ذلك قال فرجعت إليه فقلت يا رسول الله لم أعطيتني هذه العصا قال آية ما بيني وبينك يوم القيامة وإن أقل الناس المتخصرون يومئذ قال فقرنها عبدالله بن أنيس بسيفه فلم تزل معه حتى إذا مات أمر بها فضمت معه في كفنه فدفنا جميعا قال الحافظ في الفتح وإسناده حسن
(باب تفريع أبواب التطوع وركعات السنة)
تقدم أن التفريع في الأصل التفريق والتفصيل والمراد هنا بيان الأبواب والأحاديث الواردة في أنواع صلاة التطوع والركعات المسنونة "واعلم" أن التطوع والسنة والنفل والمندوب والمستحب والمرغب فيه والحسن ألفاظ متقاربة المعنى وهو ما رغب الشارع في فعله وجوّز تركه. وقد اشتهر إطلاق السنة على المؤكد منه. والنفل والمندوب والمستحب الخ على غير المؤكد. والتطوع على ما يعمها. ففي الترجمة عطف الخاص على العام. والحكمة في مشروعية النوافل رواتب وغيرها رفع الدرجات وتكفير السيئات وترغيم الشيطان وقطع طماعيته في منع الإنسان من تأدية الفرائض على الوجه الأكمل وتكميل ما عساه يقع من نقص في الفرائض وترك شيء من آدابها كخشوع وترك تدبر في قراءة لحديث أبى هريرة المتقدم بالجزء الخامس صفحة 309 في باب قول النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم كل صلاة لا يتمها صاحبها تتم من تطوعه
(ص) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى نَا ابْنُ عُلَيَّةَ نَا دَاوُدُ بْنُ أَبِي هِنْدٍ حَدَّثَنِي النُّعْمَانُ بْنُ سَالِمٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ أَوْسٍ عَنْ عَنْبَسَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ عَنْ أُمِّ حَبِيبَةَ قَالَتْ قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ- "مَنْ صَلَّى فِي يَوْمٍ ثِنْتَىْ عَشْرَةَ رَكْعَةً تَطَوُّعًا بُنِيَ لَهُ بِهِنَّ بَيْتٌ فِي الْجَنَّةِ".
(ش)(رجال الحديث)(النعمان بن سالم) الطائفي. روى عن جدته وعثمان بن أبي العاص وعمرو بن أوس وأبى الزبير وابن عمر ويعقوب بن إبراهيم. وعنه داود بن أبي هند وسماك بن حرب وشعبة وعدة. وثقه النسائي وابن معين وأبو حاتم وقال صالح الحديث. روى له مسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجه والترمذي. و (عمرو بن أوس) بن أبي أوس حذيفة الثقفي الطائفي روى عن أبيه والمغيرة وعبد الرحمن بن أبي بكر وابن عمرو وعروة بن الزبير. وعنه عثمان بن عبد الله والنعمان بن سالم وأبو إسحاق السبيعي وابن سيرين وجماعة. ذكره مسلم في الطبقة الأولى من التابعين. روى له الجماعة. و (عنبسة بن أبي سفيان) صخر بن حرب بن أمية بن عبد شمس المدني أبو الوليد. روى عن أخته أم حبيبة وشداد بن أوس. وعنه أبو أمامة الباهلي ويعلي بن أمية والمسيب بن رافع وعطاء بن أبي رباح وطائفة. قال أبو نعيم أدرك النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم ولا تصح له صحبة ولا رؤية. وذكره أبو زرعة في الطبقة الأولى من التابعين وابن حبان في ثقات التابعين. روى له سلم وأبو داود والنسائي وابن ماجه والترمذي. و (أم حبيبة) هي رملة بنت أبى سفيان أم المؤمنين تقدمت بصفحة 224 من الجزء. الثالث
(معنى الحديث)
(قوله من صلى في يوم) أي وليلة كما في رواية الترمذي والنسائي وابن
ماجه فالمراد في كل يوم وليلة فهو عام وإن كان نكرة مثبتة لما في رواية للنسائي وابن ماجه من حديث عائشة قالت قال النبي صلي الله تعالى عليه وعلى آله وسلم من ثابر على ثنتي عشرة ركعة من السنة بني له بيت في الجنة
(قوله ثنتي عشرهّ ركعة) أجملها صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم في هذه الرواية وبينها في رواية للترمذي بقوله أربعًا قبل الظهر وركعتين بعدها وركعتين بعد المغرب وركعتين بعد العشاء وركعتيهما قبل صلاة الفجر. وكذلك في رواية للنسائي إلا أنه قال ركعتين قبل العصر بدل ركعتين بعد العشاء. وفي هذا دليل على أن السنن التابعة للفرائض الخمس ثنتا عشرة ركعة. وفيه رد على الحسن البصري القائل بوجوب ركعتي الفجر والركعتين بعد المغرب وقد اختلف في حديث أم حبيبة كما علمت ففي رواية الترمذي إثبات ركعتين بعد العشاء لا قبل العصر وفي رواية النسائي عكس ذلك. والعمل بكل ما ذكر في الروايات صحيح وهو وإن كان أربع عشرة ركعة والأحاديث مصرحة بأن الثواب المذكور يحصل باثنتي عشرة ركعة لكنه لا يعلم الإتيان بالعدد الذي نص عليه النبي صلي الله عليه وآله وسلم في الأوقات المذكورة إلا بفعل أربع عشرة ركعة لما ذكر من الاختلاف
(قوله بنى له بهن بيت في الجنة) يعنى جعل الله له بسبب هذه الركعات بيتًا في الجنة. ومحله إذا كانت فرائضه تامة أما إذا كانت ناقصة فتكمل من تطوعه كما في حديث أبي هريرة المشار إليه في شرح ترجمة الباب
(والحديث) أخرجه أحمد ومسلم والنسائي وابن ماجه والبيهقي والحاكم وقال حسن صحيح على شرط مسلم والترمذي وقال حسن صحيح
(ص) حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ نَا هُشَيْمٌ أَنَا خَالِدٌ ح وَنَا مُسَدَّدٌ نَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ نَا خَالِدٌ -الْمَعْنَى- عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَقِيقٍ قَالَ سَأَلْتُ عَائِشَةَ عَنْ صَلَاةِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ- مِنَ التَّطَوُّعِ فَقَالَتْ كَانَ يُصَلِّي قَبْلَ الظُّهْرِ أَرْبَعًا فِي بَيْتِى ثُمَّ يَخْرُجُ فَيُصَلِّي بِالنَّاسِ ثُمَّ يَرْجِعُ إِلَى بَيْتِى فَيُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ وَكَانَ يُصَلِّي بِالنَّاسِ الْمَغْرِبَ ثُمَّ يَرْجِعُ إِلَى بَيْتِى فَيُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ وَكَانَ يُصَلِّي بِهِمُ الْعِشَاءَ ثُمَّ يَدْخُلُ بَيْتِى فَيُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ وَكَانَ يُصَلِّي مِنَ اللَّيْلِ تِسْعَ رَكَعَاتٍ فِيهِنَّ الْوِتْرُ وَكَانَ يُصَلِّي لَيْلًا طَوِيلًا قَائِمًا وَلَيْلًا طَوِيلًا جَالِسًا فَإِذَا قَرَأَ وَهُوَ قَائِمٌ رَكَعَ وَسَجَدَ وَهُوَ قَائِمٌ وَإِذَا قَرَأَ وَهُوَ قَاعِدٌ رَكَعَ وَسَجَدَ وَهُوَ قَاعِدٌ وَكَانَ إِذَا طَلَعَ الْفَجْرُ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ يَخْرُجُ فَيُصَلِّي بِالنَّاسِ صَلَاةَ الْفَجْرِ -صلى الله
تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ-.
(ش)(قوله المعنى) أي أن يزيد بن زريع روى الحديث عن خالد الحذاء بمعنى ما رواه عنه هشيم بن بشير واللفظ الذي ذكره المصنف لهشيم
(قوله من التطوع) بيان للصلاة المسئول عنها. والذي في مسلم عن تطوعه وهي أصح من جهة الرواية
(قوله وكان يصلي من الليل تسع ركعات) أي أحيانًا يصلي في الليل تسع ركعات وأحيانًا يصلي إحدى عشرة ركعة كما سيأتي للمصنف عن عائشة في باب صلاة الليل. وفي رواية لمسلم ثلاث عشرة
(قوله فيهن الوتر) أي من جملتهن الوتر وهو والتهجد سواء. وقيل الوتر غير التهجد وهو المعول عليه فإن الوتر قيل بوجوبه وانحصاره في ثلاث ركعات بسلام. وهو مذهب الحنفية. وأيضًا فإنه غير مقيد بوقت من أول الليل أو آخره. ويشترط وقوعه بعد العشاء بعد نوم أو قبله إلا أن الأفضل تأخيره إلى آخر الليل لمن يثق بالانتباه. وأما التهجد فسنة بالاتفاق وهو مقيد بآخر الليل مطلقًا أو بعد نوم
(قوله وكان يصلي ليلًا طويلًا الخ) أي زمنًا طويلًا من الليل. والمعنى أنه كان يصلي صلاة كثيرة بعضها من قيام وبعضها من قعود
(قوله فإذا قرأ وهو قائم ركع وسجد وهو قائم الخ) أي لا يقعد قبل الركوع والمراد أنه كان يصلي أحيانًا الصلاة كلها من قيام وأحيانًا كان يصليها كلها من جلوس وكذلك كان يصلي بعضها من قيام وبعضها من جلوس كما تقدم في باب صلاة القاعد
(قوله صلاة الفجر) أي فرض الصبح
(فقه الحديث) دلّ الحديث على سنية أربع ركعات قبل الظهر. وبه قالت الحنفية وهي بتسليمة واحدة عندهم للحديث الآتي في باب الأربع قبل الظهر وبعدها عن أبي أيوب الأنصاري عن النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم قال أربع قبل الظهر ليس فيهن تسليم تفتح لهن أبواب السماء. وعند مالك والشافعي وأحمد الأفضل الفصل بينهن بالسلام لما رواه مالك في الموطأ كان ابن عمر يقول صلاة الليل والنهار مثنى مثنى يسلم من كل ركعتين قال مالك وهو الأمر عندنا. قالوا وأما ما رواه الترمذي وغيره أنه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم كان يصلي أربع ركعات بعد الزوال لا يسلم إلا في آخرهن فقد ضعفه الحفاظ. ودل على استحباب تأدية الرواتب في البيت وهو الأفضل عند الجمهور. ولا فرق في ذلك بين راتبة النهار والليل. وقال بعض السلف المختار فعلها كلها في المسجد. وقال مالك والثوري الأفضل تأدية نوافل النهار في المسجد وراتبة الليل في البيت. والحديث حجة واضحة للجمهور. ويؤيده حديث صلاة المرء في بيته أفضل من صلاته في مسجدي هذا إلا المكتوبة كما تقدم للمصنف في باب صلاة الرجل التطوع في بيته فإنه صحيح صريح لا معارض له فلا يعدل عنه. ودلّ على جواز صلاة التطوع قاعدًا مع القدرة
علي القيام. واختلف فيما إذا افتتح الصلاة من جلوس وأتمها من قيام فكرهه قوم وأجازه آخرون فلم يروا به بأسًا لما فيه من الانتقال إلى الأفضل ولحديث عائشة أن النبي صلي الله تعالى عليه وعلي آله وسلم كان يصلي جالسًا فيقرأ وهو جالس فإذا بقي من قراءته قدر ما يكون ثلاثين أو أربعين آية قام فقرأ وهو قائم ثم يركع
"الحديث" متفق عليه وتقدم للمصنف في باب صلاة القاعد. ولا ينافيه حديث الباب فإن عائشة رأته صلي الله تعالى عليه وعلي آله وسلم فعل هذا مرة وهذا مرة فأخبرت بهما.
وأما من افتتح التطوع قائمًا وأراد الجلوس بلا عذر فيصح مع الكراهة عند أبي حنيفة.
وقال أبو يوسف ومحمد وأشهب المالكي يصح بلا عذر وقال الجمهور يجوز بلا كراهة
(من أخرج الحديث أيضًا) أخرجه أحمد ومسلم والبيهقي والنسائي وكذا الترمذي من طريق عبد الله بن شقيق قال سالت عائشة عن صلاة النبي صلي الله تعالى عليه وعلي آله وسلم فقالت كان يصلي قبل الظهر ركعتين وبعدها ركعتين وبعد المغرب ثنتين وبعد العشاء ركعتين وقبل الفجر ثنتين وقال حديث حسن صحيح
(ص) حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ عَنْ مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ- كَانَ يُصَلِّي قَبْلَ الظُّهْرِ رَكْعَتَيْنِ وَبَعْدَهَا رَكْعَتَيْنِ -وَبَعْدَ الْمَغْرِبِ رَكْعَتَيْنِ- فِي بَيْتِهِ وَبَعْدَ صَلَاةِ الْعِشَاءِ رَكْعَتَيْنِ وَكَانَ لَا يُصَلِّي بَعْدَ الْجُمُعَةِ حَتَّى يَنْصَرِفَ فَيُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ.
(ش)(قوله كان يصلي قبل الظهر ركعتين) وفي مسلم ورواية للبخاري سجدتين بدل ركعتين في كل الحديث. والمراد بهما الركعتان. وفي هذا الحديث الاقتصار علي ركعتين قبل الظهر وفي غيره من أحاديث الباب ذكر أربع. ويجمع بينهما بأن كل راو وصف ما رأى. أو أنه صلي الله تعالى عليه وعلى آله وسلم كان إذا صلى في المسجد صلى ركعتين وإذا صلى في البيت صلي أربعًا ويؤيده حديث عائشة السابق وفيه كان يصلي قبل الظهر أربعًا في بيتي ثم يخرج. قال أبو جعفر الطبري الأربع كانت في كثير من أحواله والركعتان في قليلها
(قوله في بيته) قيد للركعتين بعد المغرب وكذلك سنة العشاء لما في رواية البخاري عن ابن عمر فأما المغرب والعشاء ففي بيته. واستدل الشافعي وأحمد بهذا الحديث علي أن الرواتب المؤكدة عشر ركعات قال الرافعي ومنهم يعني من الشافعية من زاد علي العشر ركعتين أخريين قبل الظهر لقوله صلى