الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(ش)(ابن جريج) هو عبد الملك تقدم في الجزء الأول صفحة 74. وكذا (عطاء) صفحة 288
(قوله لم يكن على شيء الخ) أي لم يكن النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم محافظًا على شيء من النوافل أكثر من محافظته على الركعتين قبل الصبح فقوله على شيء من النوافل متعلق بمحذوف خبر يكن وأشد صفة لموصوف محذوف ومعاهدة تمييز. وفي الحديث دليل على تأكد ركعتي الفجر وأنهما من أفضل التطوع. وفيه رد على من قال من المالكية إنهما رغيبة يعني أقل من السنة. وبمواظبته صلى الله عليه وآله وسلم علي ركعتي الفجر استدل الحسن البصري على وجوبهما وهو شاذ والصواب قول الجمهور إنهما سنة فإن المواظبة لا تقتضي الوجوب إلا إن قامت قرينة على ذلك كإنكاره صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم على التارك لها. وأيضا فإن النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم ساقها مع سائر السنن في حديث المثابرة وغيره
(من أخرج الحديث أيضًا) أخرجه الطحاوي والبيهقي من هذا الطريق وأخرجه البخاري ومسلم والنسائي من طريق يعقوب الدورقي
(باب في تخفيفهما)
أي في استحباب تخفيف ركعتي الفجر
(ص) حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي شُعَيْبٍ الْحَرَّانِيُّ نَا زُهَيْرُ بْنُ مُعَاوِيَةَ نَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ عَمْرَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ كَانَ النَّبِيُّ -صَلَّى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ- يُخَفِّفُ الرَّكْعَتَيْنِ قَبْلَ صَلَاةِ الْفَجْرِ حَتَّى إِنِّي لأَقُولُ هَلْ قَرَأَ فِيهِمَا بِأُمِّ الْقُرْآنِ
(ش)(رجال الحديث)(محمد بن عبد الرحمن) بن عبد الله بن عبد الرحمن بن سعد بن زرارة روى عن أم هشام بنت حارثة ويحيى بن سعد وعمرو بن شرحبيل وآخرين. وعنه يحيى بن سعيد ويحيى بن أبي كثير وعمارة بن غزية وشعبة وسفيان بن عيينة وجماعة. وثقه النسائي وابن سعد. توفي سنة أربع وعشرين ومائة. روى له الجماعة. و (عمرة) بنت عبد الرحمن بن سعد ابن زرارة تقدمت في الجزء الثالث صفحة 82
(معنى الحديث)
(قوله إني لأقول هل قرأ فيهما بأم القرآن) كذا في رواية الحموي عند البخاري. وفي رواية عنده أيضًا بأم الكتاب. وفي رواية مالك في الموطأ أقر أبأم القرآن أم لا وأم القرآن هي الفاتحة سميت بذلك لاشتمالها على أصول معاني القرآن الثلاث ما يتعلق بالمبدأ وهو الثناء على الله تعالى وبالحياة وهو العبادة والاستعانة وبالمعاد وهو الجزاء على الأعمال وتقدم نحوه في باب القراءة في الصلاة. وليس المراد بقول عائشة هل قرأ بأم القرآن الشك في قراءته
بل المراد المبالغة في التخفيف بالنسبة إلى عادته صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم من إطالة صلاة النوافل ليلًا أو نهارًا. والحكمة في تخفيفه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم القراءة فإما المبادرة لصلاة الصبح أول وقتها. وبه جزم القرطبي وقيل ليستفتح صلاة النهار بركعتين خفيفتين كما كان يستفتح قيام الليل بركعتين ليتأهب للتفرغ للفرض أولقيام الليل الذي هو أفضل النوافل المطلقة. والحديث يدل على مشروعية تخفيف القراءة في ركعتي الفجر. وهو مذهب الجمهور وتمسك من زعم أنه لا قراءة فيهما أصلًا بهذا الحديث كأبي بكر الأصم وابن علية وطائفة من الظاهرية مردود بما ثبت في الأحاديث الآتية بل بالحديث نفسه. فإن الغرض منه الاقتصار على قراءة الفاتحة. قال القرطبي ليس معنى الحديث أنها شكت في قراءته صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم الفاتحة. وإنما معناه أنه كان يطيل القراءة في النوافل فلما خفف قراءة ركعتي الفجر صار كأنه لم يقرأ فيهما بالنسبة لغيرهما من الصلوات اهـ ببعض تصرف.
وبالحديث تمسك مالك في المشهور عنه فقال لا يزيد في ركعتي الفجر على القراءة بأم القرآن لقول عائشة إني لأقول هل قرأ فيهما بأم القرآن أولا فإنه يدل على أن قراءة الفاتحة فيهما كان أمرًا مقررًا عندهم لكن لا يصلح للتمسك به على هذا لما علمت من أن المراد منه المبالغة في تخفيف القراءة فيهما بالنسبة لغيرهما فلا يقوى على رد الأحاديث الصريحة الآتية الدالة على أنه قرأ فيهما بغير أم القرآن. على أن ابن القاسم روى في مالك أنه كان يقرأ فيهما بأم القرآن وسورة من قصار المفصل. وروى ابن وهب أنه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم قرأ فيهما بـ (قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ) و (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ). وذكر الحديث لمالك فأعجبه
(والحديث) أخرجه مالك والشيخان والنسائي والطحاوي والبيهقي
(ص) حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ نَا مَرْوَانُ بْنُ مُعَاوِيَةَ نَا يَزِيدُ بْنُ كَيْسَانَ عَنْ أَبِي حَازِمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ- قَرَأَ فِي رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ (قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ) وَ (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ).
(ش) مناسبة الحديث للترجمة من حيث أنه قرأ فيهما بسورة قصيرة مع الفاتحة
(رجال الحديث)(يزيد بن كيسان) أبو إسماعيل اليشكري. روى عن أبي حازم وسعيد بن الأزهر. وعنه ابن عيينة وأبو خالد الأحمر ومروان بن معاوية وجماعة. وثقة النسائي وابن معين وأحمد والدارقطني وقال أبو حاتم يكتب حديثه محله الصدق صالح الحديث وقال ابن حبان كان يخطئُ ولم يفحش خطؤه حتى لا يعد من العدول ولا أتى بما ينكر فهو مقبول إلا ما يعلم أنه أخطأ فيه فيترك. روى له مسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجه والترمذي والبخاري
في الأدب. و (أبو حازم) هو سليمان الأشجعي تقدم في الجزء السادس صفحة 27
(معنى الحديث)
(قوله قرأ في ركعتي الفحر الخ) يعني بعد الفاتحة وإنما لم يذكر الفاتحة للعلم بها ويؤيده قول عائشة في الحديث السابق حتى إني لأقول أقرأ بأم القرآن أم لا ويؤيده أيضًا حديث لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب. وفي الحديث دليل لما ذهب إليه الجمهور من استحباب قراءة سورة في كل ركعة من هاتين الركعتين بعد الفاتحة وكون المقروء في الركعة الأولى بعد الفاتحة قل يأيها الكافرون وفي الثانية الإخلاص. ولا دليل فيه لمن قال لا تتعين قراءة الفاتحة في الصلاة لعدم ذكرها مع السورتين لما علمت من أن عدم ذكرها لاشتهار طلبها. ويرد ما روى عن مالك من الاقتصار فيهما على الفاتحة وما روى عن بعض الظاهرية من أنه لا قراءة فيهما
(من أخرج الحديث أيضًا) أخرجه مسلم والنسائي وابن ماجة والبيهقي والطحاوي
(ص) حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ نَا أَبُو الْمُغِيرَةِ نَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْعَلَاءِ حَدَّثَنِي أَبُو زِيَادَةَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ زِيَادٍ الْكِنْدِيُّ عَنْ بِلَالٍ أَنَّهُ حَدَّثَهُ أَنَّهُ أَتَى رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ- لِيُؤْذِنَهُ بِصَلَاةِ الْغَدَاةِ فَشَغَلَتْ عَائِشَةُ بِلَالًا بِأَمْرٍ سَأَلَتْهُ عَنْهُ حَتَّى فَضَحَهُ الصُّبْحُ فَأَصْبَحَ جِدًّا قَالَ فَقَامَ بِلَالٌ فَآذَنَهُ بِالصَّلَاةِ وَتَابَعَ أَذَانَهُ فَلَمْ يَخْرُجْ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ- فَلَمَّا خَرَجَ صَلَّى بِالنَّاسِ وَأَخْبَرَهُ أَنَّ عَائِشَةَ شَغَلَتْهُ بِأَمْرٍ سَأَلَتْهُ عَنْهُ حَتَّى أَصْبَحَ جِدًّا وَأَنَّهُ أَبْطَأَ عَلَيْهِ بِالْخُرُوجِ فَقَالَ "إِنِّى كُنْتُ رَكَعْتُ رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ". فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّكَ أَصْبَحْتَ جِدًّا. قَالَ "لَوْ أَصْبَحْتُ أَكْثَرَ مِمَّا أَصْبَحْتُ لَرَكَعْتُهُمَا وَأَحْسَنْتُهُمَا وَأَجْمَلْتُهُمَا".
(ش) مناسبة الحديث للترجمة في قوله وأجملتها أي أديتهما على وجه الإجمال والتخفيف
(رجال الحديث)(أبو المغيرة) هو عبد القدوس بن الحجاج تقدم في الجزء الثاني صفحة 48. و (أبو زيادة عبيد الله بن زيادة الكندي) ويقال البكري. روى عن بلال بن رباح وأبي الدرداء وعطي وعبد الله ابني بسر. وعنه عبد الله بن العلاء وعبد الرحمن بن يزيد. وثقة دحيم وذكره ابن حبان في الثقات. روى له أبو داود
(قوله أنه حدثه) أي أن بلالًا أخبر أبا زيادة
(معنى الحديث)
(قوله ليؤذنه بصلاة الغداة) أي ليعلم بلال النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم بدخول وقت صلاة الصبح
(قوله حتى فضحه الصبح) بالفاء والضاد المعجمة
أي دهمته فضحة الصبح وهي بياضه. ويروى فصحه بالصاد المهملة ومعناه ظهر له الصبح. وقيل المعنى أنه لما تبيّن له الصبح جدًا وظهرت غفلته عن الوقت فصار كمن افتضح بعيب ظهر منه
(قوله فأصبح جدًا) أي دخل في الصباح دخولًا بينا لانتشار الضوء
(قوله فآذنه بالصلاة الخ) أي أعلم بلال النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم بحلول وقت صلاة الصبح وكرر ذلك فلم يبادر النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم بالخروج عقب الإعلام لاشتغاله بتأدية ركعتي الفجر كما سيأتي
(قوله وأخبره أن عائشة الخ) أي أخبر بلال النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم عن سبب تأخره عن إعلامه بالصلاة حتى انتشر البياض وسأله بلال عن سبب تأخره عن الخروج عقب الإعلام فأخبره النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم أنه كان مشغولًا بتأدية ركعتي الفجر
(قوله فقال يا رسول الله إنك أصبحت جدًا الخ) أي دخلت في وقت الصبح دخولا بينًا فلو كنت تركت النافلة لأن أداء الفرض في أول وقته أهم من الاشتغال بها فقال صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم إن انتشار البياض واتضاح النهار لا يمنع من تأديتهما قبل صلاة الصبح على الوجه الحسن باستكمال الأركان والآداب. والحديث يدل على تأكد ركعتي الفجر وأنه لا ينبغي التفريط فيهما
(والحديث) أخرجه البيهقي.
(ص) حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ نَا خَالِدٌ نَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ -يَعْنِي ابْنَ إِسْحَاقَ الْمَدَنِيَّ- عَنِ ابْنِ زَيْدٍ عَنِ ابْنِ سِيْلَانَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ- "لَا تَدَعُوهُمَا وَإِنْ طَرَدَتْكُمُ الْخَيْلُ".
(ش) هذا الحديث غير مناسب للترجمة
(رجال الحديث)(خالد) الحذاء تقدم في الجزء الأوّل صفحة 158. و (ابن زيد) هو محمد بن زيد بن مهاجر تقدم في الجزء الخامس صفحة 27. و (ابن سيلان) بكسر فسكون هو عبد ربه الدوسي كما سماه أحمد في بعض طرق الحديث وقال أبو حاتم عبد ربه بن سيلان يروي عن أبي هريرة وعنه محمد بن زيد بن المهاجر وكذا ذكره البخاري وابن حبّان في الثقات وقال في التقريب في ترجمة جابر بن سيلان. والصواب أن الذي روى له أبو داود اسمه عبد ربه قال ابن القطان حاله مجهول لم نر له راويًا غير ابن قنفذ.
(معنى الحديث)
(قوله لا تدعوهما الخ) أي لا تتركوا ركعتي الفجر وإن دفعتم الأعداء والمراد به المبالغة والحث على تأدية ركعتي الفجر ولو اشتد العذر فينبغى المحافظة عليهما حضرًا وسفرًا وأمنًا وخوفًا ركبانًا ومشاة ولو إيماء ولو لغير القبلة. والحديث يدل وجوب ركعتي
الفجر فإن النهي عن تركهما في مثل هذه الحالة الشديدة التي يباح لأجلها ترك كثير من الواجبًات دليل واضح على الوجوب. وإليه ذهب الحسن البصري وروى عن أبي حنيفة. وللجمهور أن يقولوا الحديث لا يصلح للاحتجاج به لأن في إسناده عبد الرحمن بن إسحاق المدني وعبد ربه بن سيلان وقد تكلم فيهما. وعلى فرض صلاحيته للاحتجاج به فهو محمول على المبالغة في الحث على تأديتهما. وقد صرف النهي عن حقيقته ما تقدم في الأحاديث من ذكرهما في النوافل
(من أخرج الحديث أيضًا) أخرجه أحمد والطحاوي والبيهقي وفيه مقال كما تقدم. وأخرجه أيضًا أبو يعلى بسنده إلى ابن عمر قال سمعت رسول الله صل الله تعال عليه وعلى آله وسلم يقول لا تتركوا ركعتي الفجر فإن فيهما الرغائب.
(ص) حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ نَا زُهَيْرٌ نَا عُثْمَانُ بْنُ حَكِيمٍ أَخْبَرَنِي سَعِيدُ بْنُ يَسَارٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ كَثِيرًا مِمَّا كَانَ يَقْرَأُ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ- فِي رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ بِـ (آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا) هَذِهِ الآيَةَ قَالَ هَذِهِ فِي الرَّكْعَةِ الأُولَى وَفِى الرَّكْعَةِ الآخِرَةِ بِـ (آمَنَّا بِاللَّهِ وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ).
(ش) مناسبة هذا الحديث وما بعده للترجمة من حيث إنه قرأ في ركعتي الفجر بعد الفاتحة بآيتين قصيرتين. وقد ذكرهما البيهقي تحت ترجمة "باب ما يستحب قراءته في ركعتي الفجر بعد الفاتحة، (زهير) بن معاوية أبو خيثمة تقدم في الجزء الأول صفحة 112
(قوله أن كثيرًا مما كان يقرأ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الخ) أي أن هاتين الآيتين بعض ما كان يقرأه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أحيانًا كثيرة في ركعتي الفجر. فمما خبر مقدم وما موصولة والعائد محذوف وكثيًرا صفة لموصوف محذوف وقوله بآمنا بالله الخ اسم أن والباء فيه زائدة
(قوله هذه الآية) أي اقرأ هذه الآية التي في البقرة وهي قوله تعالى (قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ)
(قوله قال هذه في الركعة الأولى الخ) أي قال ابن عباس هذه الآية كان يقرأها صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم في الركعة الأولى يعني بعد الفاتحة وكان صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم يقرأ في الركعة الثانية بالآية التي في آل عمران وهي (فَلَمَّا أَحَسَّ عِيسَى مِنْهُمُ الْكُفْرَ قَالَ مَنْ أَنْصَارِي إِلَى اللَّهِ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصَارُ اللَّهِ آمَنَّا بِاللَّهِ وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ) وفي رواية لمسلم والحاكم والبيهقيُّ عن ابن عباس قال كان صلى
الله تعالى عليه وعلى آله وسلم يقرأ في ركعتي الفجر (قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا) والتي في آل عمران (تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ
…
الآية) وفي الحديث دليل على استحباب قراءة هذه الآيات بعد الفاتحة في ركعتي الفجر
(من أخرج الحديث أيضًا) أخرجه مسلم والنسائي والطحاوي والبيهقي.
(ص) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ بْنِ سُفْيَانَ نَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عُمَرَ -يَعْنِي ابْنَ مُوسَى- عَنْ أَبِي الْغَيْثِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ -صَلَّى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ- يَقْرَأُ فِي رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ (قُلْ آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا) فِي الرَّكْعَةِ الأُولَى وَفِى الرَّكْعَةِ الأُخْرَى بِهَذِهِ الآيَةِ (رَبَّنَا آمَنَّا بِمَا أَنْزَلْتَ وَاتَّبَعْنَا الرَّسُولَ فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ) أَوْ (إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ بِالْحَقِّ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلَا تُسْأَلُ عَنْ أَصْحَابِ الْجَحِيمِ) شَكَّ الدَّرَاوَرْدِيُّ.
(ش)(رجال الحديث)(عثمان بن عمر يعني ابن موسى) بن عبد الله بن معمر بن عثمان التيمي. روى عن حارثة بن زيد وأبان بن عثمان والقاسم بن محمد والزهري. وعنه ابنه عمرو وإبراهيم بن طلحة ومحمد بن راشد وعبد الواحد بن زياد. قال ابن معين لا أعرفه وذكره ابن حبّان في الثقات وكان على قضاء المدينة في زمن مروان بن محمد ثم ولى القضاء للمنصور فكان معه حتى مات. روى له أبو داود وابن ماجه. و (أبو الغيث) هو سالم مولى ابن مطيع. روى عن أبي هريرة. وعنه سعيد المقبري وإسحق بن سالم وصفوان بن سليم قال أحمد أحاديثه متقاربة وقال ابن معين ثقة يكتب حديثه وقال ابن سعد كان ثقة حسن الحديث. روى له الجماعة.
(معنى الحديث)
(قوله قل آمنا بالله الخ) أي إلى آخر آية آل عمران وتمامها (وَمَا أُنْزِلَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَالنَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ)
(قوله ربنا آمنا الخ) وهي في آل عمران أيضًا بعد آية (فَلَمَّا أَحَسَّ عِيسَى) فهي قبل الآية السابقة وكذا آية (إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ بِالْحَقِّ) فإنها في البقرة في ما ننسخ
(قوله شك الدراوردي) أي شك عبد العزيز بن محمد الدراوردي فيما قرأه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم في الركعة الثانية أهو آية ربنا آمنا أم آية إنا أرسلناك وهكذا رواه البيهقي عن محمد بن الصباح بالشك والتنكيس ورواه عن سعيد بن منصور عن عبد العزيز بن محمد الدراوردي قال ثنا عثمان بن عمر بن موسى قال سمعت أبا الغيث يقول سمعت أبا هريرة
يقول سمعت رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم يقرأ في السجدتين قبل الصبح في السجدة الأولى (قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ) وفي الثانية (رَبَّنَا آمَنَّا بِمَا أَنْزَلْتَ وَاتَّبَعْنَا الرَّسُولَ فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ) هكذا أخبرناه بلا شك. فقد اختلفت الروايات عن عبد العزيز. فرواه ابن الصباح بالشك والتنكيس وذكر (قُلْ آمَنَّا بِاللَّهِ) آية آل عمران، في الركعة الأولى. ورواه عن عبد العزيز بن سعيد ابن منصور بلا شك ولا تنكيس وبذكر قوله تعالى (قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ). آية البقرة. بدل آية آل عمران فهي الراجحة لخلوها من الشك وموافقتها نظم القرآن ورواية ابن عباس السابقة ولعل محمد بن الصباح وهم في روايته. وعلى فرض عدم وهمه فيها فتحمل على أنه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم نكس لبيان الجواز وهو مكروه في حق غيره.
(فقه الحديث) دلّ الحديث على جواز التنكيس في القراءة في الصلاة بأن يقرأ في الركعة الثانية آية متقدمة في رسم المصحف على ما قرأ في الركعة الأولى. وقد علمت ما فيه. ودلّ على جواز الجهر بالقراءة في ركعتي الفجر لأن من أخبر بقراءته صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم في سنة الفجر كان يسمع قراءته. وأحاديث الباب ترد على من قال يقتصر في ركعتي الفجر على الفاتحة وعلى من قال لا يقرأ فيهما أصلًا
(وقد اختلف) العلماء فيما يقرأ في ركعتي الفجر على أقوال لاختلاف ظاهر الأدلة "الأوّل" يقرأ فيهما بالفاتحة وسورة أو آية قصيرة مما تقدم ذكره في الباب وهو قول الجمهور ورواه ابن القاسم عن مالك "الثاني" يقتصر فيهما على الفاتحة وهو مشهور مذهب المالكية. وروى عن عبد الله بن عمرو بن العاص لحديث عائشة السابق "الثالث" يقتصر فيهما على قل يأيها الكافرون في الركعة الأولى وقل هو الله أحد في الركعة الثانية أو آيتين من الآيات السابقة. وهو قول بعض الظاهرية. وهو مردود بما تقدم للمصنف في باب من ترك القراءة في صلاته عن عبادة بن الصامت أن النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم قال لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب "الرابع" لا قراءة فيهما أصلًا وهو قول أبي بكر الأصم وابن علية وبعض الظاهرية لحديث عائشة المتقدم أول الباب. وتقدم بيانه. والجهور علي استحباب تخفيف القراءة في ركعتي الفجر. وخص بعض العلماء استحباب التخفيف بمن لم يتأخرعليه بعض حزبه الذي اعتاد قراءته في الليل أما من بقي عليه شيء فيقرأه في ركعتي الفجر لما روى ابن أبى شيبة عن الحسن البصري قال لا بأس أن يطيل ركعتي الفجر يقرأ فيهما من حزبه إذا فاته. ونحوه عن مجاهد والثوري. وقال أبو حنيفة ربما قرأت في ركعتي الفجر حزبي من الليل. وروى ابن أبي شيبة أيضًا في مصنفه مرسلًا من رواية سعيد بن جبير قال كان النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ربما أطال ركعتي الفجر. ورواه البيهقي أيضًا وفي إسناده رجل