الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
البيهقي عن إسحاق بن راهويه قال دخلت على عبد الله بن طاهر فقال لي يا أبا يعقوب تقول إن الله ينزل كل ليلة فقلت أيها الأمير إن الله بعث إلينا نبيًا نقل إلينا عنه أخبار بها نحلل الدماء وبها نحرم وبها نحلل الفروج وبها نحرم وبها نبيح الأموال فإن صح ذا صح ذاك وإن بطل ذا بطل ذاك قال فأمسك عبد الله اهـ
(باب وَقْتِ قِيَامِ النَّبِيِّ -صَلَّى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ- مِنَ اللَّيْلِ)
(ص) حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ يَزِيدَ الْكُوفِيُّ نَا حَفْصٌ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ إِنْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ- لَيُوقِظُهُ اللَّهُ عز وجل بِاللَّيْلِ فَمَا يَجِئُ السَّحَرُ حَتَّى يَفْرُغَ مِنْ حِزْبِهِ.
(ش)(رجال الحديث)(حسين بن يزيد) بن يحيى الطحان الأنصاري أبو علي الكوفي. روى عن حفص بن غياث ومحمد بن فضيل ووكيع وعبد الله بن إدريس وآخرين. وعنه أبو داود والترمذي وأبو زرعة وأبو يعلى والحسن بن سفيان، ذكره ابن حبان في الثقات وقال أبو حاتم لين الحديث. توفي سنة أربع وأربعين ومائتين و (حفص) بن غياث تقدم بالثاني صفحة 145
(معنى الحديث)
(قوله إن كان رسول الله الخ) أي أنه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم كان يوقظه الله وينبهه من الليل فيصلي ما كان يعتاده من الصلاة فما يحيء وقت السحر إلا وقد انتهى منه، فإن مخففة من الثقيلة واسمها ضمير الشأن والسحر بفتحتين قبيل الصبح وهو السدس الأخير من الليل. والحزب بالحاء المهملة والزاي الموحدة تقدم أنه ما يعتاده الشخص من صلاة أو غيرها، وقيل المراد به هنا ما كان يقرأه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم من السور في صلاة الليل. وفي بعض النسخ حتى يفرغ من جزئه بالجيم المضمومة والهمزة وهي بمعنى الأولى وإن كان الجزء في الأصل النصيب والقطعة من الشيء، والمراد به هنا ما اعتاده صلي الله تعالى عليه وعلى آله وسلم من صلاة الليل أو غيرها
(فقه الحديث) دل الحديث على استحباب قيام الليل. وعلى أنه ينبغي للإنسان أن يجعل على نفسه حزبًا في العبادة يؤديه في الليل
(والحديث) أخرجه البيهقي
(ص) حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى نَا أَبُو الأَحْوَصِ ح وَنَا هَنَّادٌ عَنْ أَبِي الأَحْوَصِ -وَهَذَا حَدِيثُ إِبْرَاهِيمَ- عَنْ أَشْعَثَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ مَسْرُوقٍ قَالَ سَأَلْتُ عَائِشَةَ رضي الله عنها عَنْ
صَلَاةِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ- فَقُلْتُ لَهَا أَيُّ حِينٍ كَانَ يُصَلِّي قَالَتْ كَانَ إِذَا سَمِعَ الصُّرَاخَ قَامَ فَصَلَّى.
(ش)(أبو الأحوص) هو سلام بن سليم تقدم بالأول صفحة 240 (وأشعث) بن أبي الشعثاء سليم تقدم بالسادس صفحة 6 و (أبوه) سليم بن أسود الكوفي تقدم بالرابع صفحة 217 و (مسروق) بن الأجدع تقدم بالثاني صفحة 254
(قوله وحديث إبراهيم الخ) يعني ما ذكره المصنف لفظ حديث إبراهيم بن موسى لا لفظ حديث هناد
(قوله أيُّ حين كان يصلي) وفي رواية البخاري متى كان يقوم
(قوله إذا سمع الصراخ) بضم ففتح الصوت الشديد والمراد به هنا صياح الديك. وفي رواية البخاري ومسلم إذا سمع الصارخ أي الديك سمي بذلك لكثرة صياحه. وقد جرت العادة بأنه يصيح عند نصف الليل أو قبله أو بعده بقليل كما قاله ابن عباس قال ابن بطال يصرخ عند ثلث الليل واختار النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم هذا الوقت لأنه وقت نزول الرحمة وهدوء الأصوات
(فقه الحديث) دل الحديث على أن قيام النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم كان في النصف الأخير من الليل أو قبله بقليل. وعلى أنه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم كان يقوم بعض الليل لما يترتب علي قيامه كله من الملل والسآمة وإضعاف البدن بالسهر
(من أخرج الحديث أيضًا) أخرجه البخاري ومسلم والبيهقي عن مسروق قال سألت عائشة أيّ العمل كان أحب إلى رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم قالت الدائم قلت متى كان يقوم قالت كان يقوم إذا سمع الصارخ
(ص) حَدَّثَنَا أَبُو تَوْبَةَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: مَا أَلْفَاهُ السَّحَرُ عِنْدِى إِلَاّ نَائِمًا تَعْنِي النَّبِيَّ -صَلَّى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ-.
(ش)(أبو توبة) الربيع بن نافع تقدم بالأول صفحة 125
(قوله عن أبيه) هو سعد ابن إبراهيم تقدم بالثالث صفحة 304. و (أبوسلمة) بن عبد الرحمن بن عوف تقدم بالأول صفحة 23
(قوله ما ألفاه السحر الخ) أي ما أتى على النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم السحر وهو عندي إلا وجده نائمًا. فالضمير المنصوب في ألفاه عائد عليه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم والسحر فاعل. والمراد نومه بعد قيامه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم الذي كان بعد سماع الصارخ جمعًا بينه وبين الحديث السابق. وظاهر الحديث والسياق
يدل على أنه كان نائمًا حقيقة وأنه كان يداوم على ذلك. وهو مخصوص بغير رمضان فقد كانت عادته صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم في جميع السنة أنه ينام عند السحر إلا في رمضان فإنه كان يتشاغل بالسحور في آخر الليل ثم يخرج إلى صلاة الصبح عقبة. فقد روى البخاري عن أنس أن نبي الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم وزيد بن ثابت تسحرا فلما فرغا من سحورهما قام نبي الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم إلى الصلاة فصلى فقلنا لأنس كم كان بين فراغهما من سحورهما ودخولهما في الصلاة قال كقدر ما يقرأ الرجل خمسين آية اهـ.
ولذا ذكر البخاري حديث الباب تحت ترجمة من نام عند السحر وحديث أنس تحت ترجمة من تسحر فلم ينم حتى صلى الصبح "وما قاله" ابن التين من أن المراد من النوم في الحديث الاضطجاع على جنبه لأنها قالت في حديث آخر فإن كنت مستيقظة حدثني وإلا اضطجع "صرف" للفظ عن حقيقته بلا مقتضى إذ الاضطجاع لا ينافي النوم وأما أنه كان يحدثها إذا كانت مستيقظة فكان في بعض الأحيان فهو مخصص لعموم حديث الباب
(فقه الحديث) دل الحديث على استحباب النوم عند السحر عقب قيام الليل ليستريح من نصب القيام، وهذا هو النوم الذي كان ينامه داود عليه السلام فإنه كان ينام أول الليل ثم يقوم في الوقت الذي ينادي فيه الله عز وجل هل من سائل ثم ينام عند السحر. وقد رغب في العمل على هذا النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم حيث قال: أحب الصلاة إلى الله صلاة داود وأحب الصيام إلى الله صيام داود كان ينام نصف الليل ويقوم ثلثه وينام سدسه ويصوم يومًا ويفطر يومًا، أخرجه البخاري عن عبد الله بن عمرو
(والحديث) أخرجه الشيخان وابن ماجه
(ص) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى نَا يَحْيَى بْنُ زَكَرِيَّا عَنْ عِكْرِمَةَ بْنِ عَمَّارٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الدُّؤَلِيِّ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ أَخِى حُذَيْفَةَ عَنْ حُذَيْفَةَ قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ -صَلَّى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ- إِذَا حَزَبَهُ أَمْرٌ صَلَّى.
(ش) وجه مناسبة الحديث للترجمة أن الصلاة تشمل قيام الليل
(رجال الحديث)
(قوله محمد بن عبد الله) بن أبي قدامة الحنفي وقيل محمد بن عبيد أبو قدامة. روى عن عبد العزيز بن أخي حذيفة وعمر بن عبد العزيز. وعنه عكرمة بن عمار قال في التقريب مقبول. وقال الذهبي ما روى عنه فيما أعلم إلا عكرمة بن عمار. روى له أبو داود. وما في تهذيب التهذيب من أنه روى عن عبد العزيز بن أبي حذيفة مصحف والصواب ابن أخي حذيفة. و (الدؤلي) بضم الدال وفتح الهمزة نسبة إلى دئل بضم فكسر اسم لابن محلم
ابن غالب بن خزيمة أبي قبيلة سميت باسمه ويقال دوليّ بضم الدال وفتح الواو. و (عبد العزيز ابن أخي حذيفة) بن اليمان وقال ابن منده إنه أخو حذيفة وقد وهم في ذلك. وصحح أبو نعيم الأول كما في تهذيب التهذيب. روى عبد العزيز عن حذيفة. وعنه محمد بن عبد الله الدؤلي. وحميد بن زياد ذكره ابن حبان في الثقات وقال لا صحبة له ووهم ابن منده بذكره في الصحابة وإن ذكره فيهم أبو اسحاق بن الأمير وغيره وهذا بناء منهم أنه أخو حذيفة وقد علمت ما فيه. و (حذيفة) ابن اليمان تقدم بالأول صفحة 91
(معنى الحديث)
(قوله إذا حزبه أمر صلى) بفتح الحاء المهملة والزاي الموحدة ويقال حزبه أمر يحزبه من باب قتل إذا أصابه. وفي رواية حزنه بالنون بدل الموحدة أي كان صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم إذا نزل به همّ صلى لأن الصلاة تعين على دفع النوائب وتفريج الكروب قال الله تعالى (يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ)
(فقه الحديث) دل الحديث على أنه ينبغي لمن نزل به كرب وهمّ أن يفزع إلى خدمة مولاه بالصلاة. ومنه أخذ بعضهم ندب صلاة المصيبة وهي ركعتان عقبها وكان ابن عباس يفعل ذلك ويقول نفعل ما أمرنا الله به بقوله (وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ) ومثل الصلاة في ذلك الذكر والدعاء فقد كان النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم إذا حزبه أمر قال لا إله إلا الله الحليم الكريم سبحان الله رب العرش العظيم الحمد لله رب العالمين رواه أحمد عن عبد الله بن جعفر بإسناد حسن
(والحديث) أخرجه أحمد
(ص) حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ نَا الْهِقْلُ بْنُ زِيَادٍ السَّكْسَكِيُّ نَا الأَوْزَاعِيُّ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ قَالَ سَمِعْتُ رَبِيعَةَ بْنَ كَعْبٍ الأَسْلَمِيَّ يَقُولُ: كُنْتُ أَبِيتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ- آتِيهِ بِوَضُوئِهِ وَبِحَاجَتِهِ فَقَالَ: "سَلْنِي". فَقُلْتُ: مُرَافَقَتَكَ فِي الْجَنَّةِ. قَالَ: "أَوَغَيْرَ ذَلِكَ". قُلْتُ: هُوَ ذَاكَ. قَالَ: "فَأَعِنِّى عَلَى نَفْسِكَ بِكَثْرَةِ السُّجُودِ".
(ش) وجه مناسبة الحديث للترجمة أن المراد بكثرة السجود كثرة الصلاة وهي صادقة بصلاة الليل
(رجال الحديث)(الهقل) بكسر الهاء وسكون القاف لقب له وهو في الأصل الفتى من النعام والطويل الأخرق كما في القاموس واسمه محمد وقيل عبد الله (بن زياد) بن عبيد الله أبو عبد الله الدمشقي كاتب الأوزاعي. روى عنه وعن حريز بن عثمان ومعاوية بن يحيى وغيرهم
وعنه ابنه محمد والليث بن سعد ومنصور بن عمار وخالد بن يحيى العمري وهشام بن عمار وآخرون قال ابن معين ثقة صدوق ما كان بالشام أوثق منه، وقال أحمد لا يكتب حديث الأوزاعي عن أوثق من هقل، وقال أبو حاتم صالح الحديث وقال ابن عمار من أثبت أصحاب الأوزاعي. مات ببيروت سنة تسع وسبعين ومائة. روى له مسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجه والترمذي
(قوله السكسكي) بسينين مهملتين مفتوحتين بينهما كاف ساكنة نسبة إلى سكاسك حي باليمن كما في القاموس و (ربيعة بن كعب) بن مالك المدني كان من أهل الصفة خدم النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم روى له اثنا عشر حديثًا. وروى عنه أبو سلمة بن عبد الرحمن ونعيم المجمر وحنظلة بن علي الأسلمي قيل إنه أبو فراس الذي روى عنه أبو عمران الجوني. ويقويه ما رواه الحاكم في المستدرك من طريق المبارك بن فضالة قال حدثني أبو عمران الجوني حدثني ربيعة بن كعب الأسلمي قال كنت أخدم النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم فقال لي يا ربيعة ألا تتزوج الخ. قال في تهذيب التهذيب وصوب الحاكم أبو أحمد وابن عبد البر تبعًا للبخاري أن ربيعة بن كعب غير أبي فراس الذي روى عنه أبو عمران الجوني اهـ مات سنة ثلاث وستين. روى له مسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجه والترمذي
(معنى الحديث)
(قوله آتيه بوضوئه وبحاجته) أي بالماء الذي يتوضأ به وبما يحتاج إليه من أمور الطهارة وغيرها
(قوله مرافقتك في الجنة الخ) أي أسألك مرافقتك وصحبتك في الجنة، فقال صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم أتسأل هذا وغيره فالهمزة للاستفهام داخلة على محذوف والواو عاطفة، ويحتمل أن تكون أو الساكنة التي للإباحة أي يباح أن تسأل هذا أو غيره
(قوله هو ذاك) أي المسئول منك مرافقتك في الجنة لا غير
(قوله فأعني على نفسك بكثرة السجود) أي كن عونًا لي على إصلاح نفسك وجعلها طاهرة مستحقة لما تطلبه بكثرة الصلاة وخص السجود بالذكر لأنه مذلل للنفس وقاهر لها لما فيه من وضع أشرف الأعضاء وأعلاها من الأرض. وأي نفس خضعت لله تعالى استحقت رحمته وإحسانه. وفي الحديث أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد فأكثروا الدعاء، رواه مسلم وأبو داود والنسائي عن أبي هريرة
(فقه الحديث) دل الحديث على حث الرءيس على الأهتمام بأمر مرءوسيه وسؤاله إياهم ما يحتاجونه، وجواز طلب الرتب الرفيعة، وأن من الناس من يكون مع الأنبياء في الجنة وعلى الحث على مجاهدة النفس وقهرها بكثرة الطاعة، وعلى أن نيل المراتب العلية إنما يكون بمخالفة النفس الدنية، وعلى مزيد فضل الصلاة، وأن كثرتها سبب لعلو الدرجات ومصاحبته صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم في دار الكرامات. وفيه دليل لمن يقول إن كثرة الركوع والسجود أفضل من طول القيام، وتقدم بيانه في باب الدعاء في الركوع والسجود
(من أخرج الحديث أيضًا) أخرجه مسلم والنسائي وأحمد وأخرج الترمذي وأبن ماجه طرفًا منه
(ص) حَدَّثَنَا أَبُو كَامِلٍ نَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ نَا سَعِيدٌ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ فِي هَذِهِ الآيَةِ {تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ} قَالَ: كَانُوا يَتَيَقَّظُونَ مَا بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ يُصَلُّونَ وَكَانَ الْحَسَنُ يَقُولُ: قِيَامُ اللَّيْلِ.
(ش)(أبو كامل) فضيل بن حسين بن الجحدري تقدم بالأول صفحة 227 وكذا (سعيد) بن أبي عروبة صفحة 69. و (قتادة) بن دعامة
(قوله في هذه الآية الخ) أي في تفسير هذه الآية وبينها بقوله تتجافى جنوبهم عن المضاجع الخ أي تتباعد جنوبهم عن مواضع الاضطجاع، والمراد أنهم كانوا يشتغلون بعبادة الله تعالى ودعائه عن طيب المضجع لما يرجونه من رحمة الله وإحسانه ويتضرعون إلى الله تعالى خوفًا من عقابه وطمعًا في رحمته وإنعامه ويتصدقون مما رزقهم الله بأنواع الصدقات فرضًا ونفلًا
(قوله قال كانوا يتيقظون الخ) أي قال أنس نزلت الآية في شأن قوم كانوا يصلون بين المغرب والعشاء، وفي نسخة كانوا يتنفلون ما بين المغرب والعشاء، فقد رأى أنس أن المراد من الآية التنفل بين المغرب والعشاء. فقد أخرج الطبري في تفسيره بسنده إلى مالك بن دينار عن أنس بن مالك أن هذه الآية نزلت في رجال من أصحاب النبي صلى الله تعالى عليه وعلي آله وسلم كانوا يصلون فيما بين المغرب والعشاء (تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ) وأخرج بسنده إلى قتادة عن أنس (تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ) قال يتطوعون فيما بين المغرب والعشاء. وروى ذلك أيضًا عن عبد الله بن عيسى قال كان ناس من الأنصار يصلّون ما بين المغرب والعشاء فنزلت فيهم (تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ)، وعن ابن المنكدر وأبي حازم قالا (تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ) هي صلاة ما بين المغرب وصلاة العشاء صلاة الأوابين ذكره محمد بن نصر في قيام الليل. وأخرج ابن مردويه من رواية يزيد بن أسلم عن أبيه قال قال بلال لما نزلت هذه الآية (تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ) كنا نجلس في المجلس وناس من أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم كانوا يصلون بين المغرب إلى العشاء، وممن قال بذلك أيضًا سعيد بن جبير وزين العابدين وقتادة وعكرمة. فقد أخرج الطبري بسنده إلى سعيد ابن أبي عروبة عن قتادة (تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ) قال كانوا يتنفلون ما بين صلاة المغرب
وصلاة العشاء
(قوله قال وكان الحسن الخ) أي قال قتادة كان الحسن البصري يقول المراد من التجافي في قوله تعالى (تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ) قيام الليل، وهذا هو المشهور عند الجمهور، وبه قال مجاهد ومالك والأوزاعي وغيرهم، ويشهد لهم ما أخرجه أحمد والترمذي وصححه النسائي وابن ماجه وابن أبي حاتم وابن جرير والحاكم وصححه والبيهقي في الشعب ومحمد بن نصر في قيام الليل عن معاذ ابن جبل قال أقبلنا مع النبي صلي الله تعالى عليه وعلى آله وسلم من غزوة تبوك فلما رأيته خاليًا قلت يا رسول الله أخبرني بعمل يدخلني الجنة قال بخ بخ لقد سألت عن عظيم وإنه ليسير على من يسره الله عليه، تقيم الصلاة المكتوبة وتؤتي الزكاة المفروضة وتلقى الله لا تشرك به شيئًا أولا أدلك على أبواب الجنة: الصوم جنة والصدقة برهان وقيام الرجل في جوف الليل يكفر الخطيئة وتلا هذه الآية (تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا) إلى (يَعْمَلُونَ)
وما أخرجه الطبري في تفسيره بسنده إلى عروة بن الزبير عن معاذ بن جبل أن رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم قال له ألا أدلك على أبواب الخير الصوم جنة والصدقة تكفر الخطيئة وقيام العبد في جوف الليل وتلا هذه الآية (تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا)، وما أخرجه بسنده إلى مجاهد قال ذكر رسول الله صلي الله عليه وعلى آله وسلم قيام الليل ففاضت عيناه حتى تحادرت دموعه فقال (تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ)
(فقه الحديث) دلّ الحديث على الترغيب في الإكثار من الصلاة بين المغرب والعشاء أو على قيام الليل. وعلى مدح من واظب على ذلك. وقد أشار الله تعالى إلى عظم ما يكون لهم بقوله (فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ)
(من أخرج الحديث أيضًا) أخرجه البيهقي بطوله والترمذي مختصرًا وصححه، ولفظه عن أنس في قوله تعالى (تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ)، نزلت في انتظار الصلاة التي تدعى العتمة. وأخرجه ابن منده من طريق سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن أنس في هذه الآية قال يصلون ما بين المغرب والعشاء، قال العراقي إسناده جيد، ورواه أيضًا من طرق أخرى
(ص) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى نَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ وَابْنُ أَبِي عَدِيٍّ عَنْ سَعِيدٍ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ فِي قَوْلِهِ جَلَّ وَعَزَّ {كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ} قَالَ: كَانُوا يُصَلُّونَ فِيمَا بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ زَادَ فِي حَدِيثِ يَحْيَى: وَكَذَلِكَ {تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ} .
(ش)(ابن أبي عدي) هو محمد أبو عمرو البصري تقدم بالثالث صفحة 10. و (سعيد) ابن أبي عروبة. و (قتادة) بن دعامة
(قوله كانوا قليلًا من الليل ما يهجعون) أي كانوا ينامون