الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يعنى لصلاة الضحى كما هو الظاهر من ذكر هذا الحديث في باب صلاة الضحى. ويحتمل أنه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم قام للانصراف من المسجد. وعليه فلا يكون الحديث مناسبًا للترجمة. وقد ذكره مسلم تحت ترجمة باب فضل الجلوس في مصلاه بعد صلاة الصبح. وفي الحديث استحباب الجلوس في المسجد بعد صلاة الصبح إلى طلوع الشمس وذلك لما تقدم في باب فضل القعود في المسجد عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله تعالى وعلى آله وسلم قال الملائكة تصلي على أحدكم ما دام في مصلاه "الحديث"
(من أخرج الحديث أيضًا) أخرجه النسائي وكذا البيهقي ومسلم بلفظ كان صلى الله تعالى عليه وعلي آله وسلم إذا صلى الفجر جلس في مصلاه حتى تطلع الشمس
(باب صلاة النهار)
أي في بيان كيفية صلاة التطوع نهارًا
(ص) حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ مَرْزُوقٍ أَنَا شُعْبَةُ عَنْ يَعْلَى بْنِ عَطَاءٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْبَارِقِيِّ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ- قَالَ "صَلَاةُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ مَثْنَى مَثْنَى".
(ش)(رجال الحديث)(علي بن عبد الله البارقي) أبو عبد الله الأزدي. روى عن ابن عباس وابن عمر وأبي هريرة وعبيد بن عمير. وعنه قتادة ومجاهد بن جبر وأبو الزبير وعبد الله بن كثير وغيرها. وثقه العجلي وقال ابن عدي ليس عنده كثير حديث وهو عندي لا بأس به وقال الذهبي في الميزان صدوق وضعفه ابن معين. روى له مسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجه والترمذي
(معنى الحديث)
(قوله صلاة الليل والنهار مثنى مثنى) أي اثنتان اثنتان. ومثنى غير منصرف للوصفية والعدل. والتكرير للتأكيد. وقد فسره ابن عمر في رواية مسلم وأحمد من طريق عقبة بن حريث قال سمعت ابن عمر يحدث عن رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم قال صلاة الليل مثنى مثنى فإذا رأيت أن الصبح يدركك فأوتر بواحدة قال فقيل لابن عمر ما مثنى مثنى قال تسلم في كل ركعتين. وبالحديث احتج الشافعي وأحمد على أن الأفضل في تطوع النهار والليل السلام في كل ركعتين. ومن أدلتهم أيضًا حديث أبي هريرة أنه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم قال صلاة الليل والنهار مثنى مثنى رواه إبراهيم الحربي. وحديث عائشة أن رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله
وسلم قال صلاة الليل والنهار مثنى مثنى رواه أبو نعيم في تاريخ أصبهان. قال البخاري في باب التطوع مثنى مثنى. ويذكر ذلك عن عمار وأبي ذر وأنس وجابر بن زيد وعكرمة والزهري وقال يحيى بن سعيد الأنصاري ما أدركت فقهاء أرضنا إلا يسلمون في كل اثنتين من النهار اهـ
وذكر أحاديث تدل على ذلك ومذهب المالكية أنه يطلب السلام من كل ركعتين في نفل الليل والنهار ويكره التنفل بأربع بسلام. وقال أبو يوسف ومحمد الأفضل في صلاة الليل أن تكون اثنين اثنين لما رواه الجماعة عن ابن عمر مرفوعًا صلاة الليل مثنى مثنى.
والأفضل في صلاة النهار أن تكون أربعًا. وقال أبو حنيفة الأفضل في صلاة النهار والليل السلام من كل أربع لما تقدم عن معاذة أنها سألت عائشة كم كان رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم يصلي الضحى قالت أربع ركعات ويزيد ما شاء الله رواه مسلم.
ولحديث زرارة بن أوفى عن عائشة أنها سئلت عن صلاة رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم في جوف الليل فقالت كان يصلي صلاة العشاء في جماعة ثم يرجع إلى أهله فيركع أربع ركعات ثم يأوي إلى فراشه "الحديث" وسيأتي للمصنف في باب صلاة الليل من عدة طرق.
ولما رواه عبد الله بن الزبير قال كان النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم إذا صلى العشاء ركع أربع ركعات وأوتر بسجدة "الحديث" رواه أحمد. وأجابوا عن حديث الباب بأن الترمذي رواه وقال اختلف أصحاب شعبة فيه فوقفه بعضهم ورفعه بعضهم والصحيح ما رواه الثقات عن ابن عمر فلم يذكروا فيه صلاة النهار وقال النسائي هذا الحديث عندي خطأ وكذا قال الحاكم في علوم الحديث وقال الدارقطني في العلل ذكر النهار فيه وهم اهـ
وقال الحافظ في التلخيص وروى "يعني ابن عبد البر" بسنده عن يحيى بن معين أنه قال صلاة النهار أربع لا يفصل بينهن فقيل له فإن أحمد بن حنبل يقول صلاة الليل والنهار مثنى مثنى فقال بأي حديث فقيل له بحديث الأزدي فقال ومن الأزدي حتى أقبل منه وأدع حديث يحيى بن سعيد الأنصاري عن نافع عن ابن عمر أنه كان يتطوع بالنهار أربعًا لا يفصل بينهن لو كان حديث الأزدي صحيحًا ما خالفه ابن عمر اهـ
(وأجاب) من أخذ بظاهر حديث الباب ونحوه بأن الزيادة التي اشتمل عليها زيادة ثقة وهي مقبولة وهو لا ينافي حديثه الذي اقتصر فيه على صلاة الليل لأنه قال في منتقى الأخبار وقع جوابًا لسؤال سائل فكان الجواب على قدر السؤال. ويقويه ما تقدم في أدلتهم من الروايات الصريحة في أن صلاة النهار مثنى مثنى. وما تقدم أيضًا من الروايات الدالة على أنه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم كان يصلي التطوع مثنى كحديث أم هانئ في صلاة الضحى وفيه كان يسلم من كل ركعتين وصلاته صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم قبل الظهر وبعدها وقبل العصر ركعتين. وما استدل به أبو حنيفة من أنه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم كان يصلي الضحى أربع ركعات فليس فيه
التصريح بالسلام بعد الأربع بل هو محتمل لذلك ولأن يسلم من كل ركعتين فلا يصلح للاحتجاج به
(من أخرج الحديث أيضًا) أخرجه أحمد والنسائي وابن ماجه والترمذي وابن خزيمة وابن حبان والدارقطني. قال ابن عبد البر لم يقله أحد عن ابن عمر غير عليّ وأنكروه عليه وكان يحيى بن معين يضعف حديثه هذا ويقول إن نافعًا وعبد الله بن دينار وجماعة رووه عن ابن عمر بدون ذكر النهار. وقال النسائي في الكبرى إسناده جيد إلا أن جماعة من أصحاب ابن عمر خالفوا الأزدي فلم يذكروا فيه النهار. وصححه ابن خزيمة وابن حبان والحاكم في المستدرك وقال البيهقي حديث صحيح، وعلى البارقي احتج به مسلم والزيادة من الثقة مقبولة. وقد صححه البخاري لما سئل عنه ثم روى ذلك بسنده إليه قال وقد روى عن محمد بن سيرين عن ابن عمر مرفوعًا بإسناد كلهم ثقات اهـ
وله طرق وشواهد ذكر الحافظ في التلخيص بعضها
(ص) حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى نَا مُعَاذُ بْنُ مُعَاذٍ نَا شُعْبَةُ حَدَّثَنِي عَبْدُ رَبِّهِ بْنُ سَعِيدٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ أَبِي أَنَسٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ عَنِ الْمُطَّلِبِ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ- قَالَ "الصَّلَاةُ مَثْنَى مَثْنَى أَنْ تَشَهَّدَ فِي كُلِّ رَكْعَتَيْنِ وَأَنْ تَبَاءَسَ وَتَمَسْكَنَ وَتُقْنِعَ بِيَدَيْكَ وَتَقُولَ اللَّهُمَّ اللَّهُمَّ فَمَنْ لَمْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَهِىَ خِدَاجٌ".
(ش)(رجال الحديث)(ابن المثنى) هو محمد. و (أنس بن أبي أنس) بن أبي عامر الأشجعي التيمي المدني. روى عن أبيه وعبد الله بن نافع. وعنه مالك بن أنس وعبد ربه بن سعيد. ذكره ابن حبان في الثقات وقال ابن يونس لست أعرفه بغير رواية شعبة روى له أبو داود والترمذي والنسائي. و (عبد الله بن نافع) بن العمياء. روى عن عبد الله بن الحارث. وعنه أنس بن أبي أنس وابن لهيعة. ذكره ابن حبان في الثقات وقال ابن المديني مجهول وقال البخاري لم يصح حديثه. روى له أبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه. و (عبد الله بن الحارث) ابن نوفل بن الحارث بن عبد المطلب بن هاشم أبو محمد المدني. روى عن النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم مرسلًا وعن عمر وعثمان وعلى والعباس وابن مسعود وابن عباس وعائشة وغيرهم. وعنه ابناه عبد الله وإسحاق وأبو إسحاق السبيعي وأبو سلمة وعمر بن عبد العزيز والزهري وطائفة. وثقه ابن معين وأبو زرعة والنسائي وابن المديني والعجلي ومحمد بن عمر. وقال يعقوب ابن شيبة ثقة ثقة ظاهر الصلاح وقال ابن عبد البر أجمعوا على أنه ثقة وقال ابن حبان من فقهاء أهل المدينة. توفي سنة أربع وثمانين. روى له الجماعة. و (المطلب) بن ربيعة بن الحارث
ابن عبد المطلب الهاشمي. روى عن النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم وعن على. وعنه ابنه عبد الله وعبد الله بن الحارث. توفي سنة إحدى وستين. روى له أبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه. وفي رواية ابن ماجه المطلب بن أبي وداعة وهو وهم
(معنى الحديث)
(قوله الصلاة مثنى مثنى الخ) أي الأفضل في صلاة التطوع ليلًا أو نهارًا السلام من كل ركعتين كما تقدم عن ابن عمر. ويحتمل أن يكون المراد أن يتشهد في كل ركعتين وإن لم يسلم ويكون قوله أن تشهد الخ تفسيرًا له. وقوله أن تشهد أي تتشهد بحذف إحدى التاءين يعني تقرأ التحيات ففيه إطلاق اسم الجزء على الكل. وقوله وأن تبأس يعني تظهر البؤس والفاقة يقال بئس الرجل يبأس من باب فرح إذا اشتدت حاجته. وفي نسخة تباءس على وزن تفاعل من البؤس وأصله تتباءس حذفت إحدى التاءين قال في القاموس التباؤس التفاقر ويطلق على التخشع والتضرع. وهذا هو المراد هنا. وقوله وتمسكن من السكون أي تتمسكن فهو على حذف إحدى التاءين يعني تظهر المذلة والخضوع. وقوله وتقنع بيديك من الاقناع يعني ترفعهما حال الدعاء بعد الصلاة كما قاله ابن العربي والباء زائدة للتقوية
(قوله فمن لم يفعل ذلك الخ) يعني من لم يظهر الفاقة والمسكنة في صلاته فهي خداج أي ناقصة في الأجر والفضيلة. ووصفها بالمصدر مبالغة أو هو على حذف مضاف أي ذات خداج. وفي الحديث دليل على أن الأفضل في صلاة التطوع أن تكون مثنى مثنى. وعلى طلب الخشوع والحضور في الصلاة ورفع اليدين عند الدعاء لأن ذلك من أسباب الإجابة والقبول
(من أخرج الحديث أيضًا) أخرجه أحمد وابن ماجه والدارقطني والبيهقي وكذا الترمذي في باب التخشع في الصلاة من حديث الليث بن سعد قال حدثنا عبد ربه بن سعيد عن عمران بن أبي أنس عن عبد الله بن نافع بن العمياء عن ربيعة بن الحارث عن الفضل بن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الصلاة مثنى مثنى تشهد في كل ركعتين وتخشع وتضرع وتمسكن وتقنع بيديك يقول ترفعهما إلى ربك مستقبلًا ببطونهما وجهك وتقول يا رب يا رب الخ وقال سمعت محمد بن إسماعيل يقول روى شعبة هذا الحديث عن عبد ربه بن سعيد فأخطأ في مواضع فقال عن أنس بن أبي أنس وهو عمران بن أبي أنس وقال عن عبد الله بن الحارث وإنما هو عبد الله ابن نافع بن العمياء عن ربيعة بن الحارث وقال شعبة عن عبد الله بن الحارث عن المطلب عن النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم وإنما هو عن ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب عن الفضل ابن عباس عن النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم قال محمد وحديث الليث بن سعد أصح من حديث شعبة اهـ
قال الخطابي قال يعقوب بن سفيان في هذا الحديث مثل قول البخاري وخطأ شعبة وصوّب الليث بن سعد. وكذلك قال محمد بن إسحاق بن خزيمة اهـ