المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ كيفية رابعة لصلاة الخوف والعدو في غير جهة القبلة - المنهل العذب المورود شرح سنن أبي داود - جـ ٧

[السبكي، محمود خطاب]

فهرس الكتاب

- ‌(باب تفريع صلاة الاستسقاء)

- ‌(باب رَفْعِ الْيَدَيْنِ فِي الاِسْتِسْقَاءِ)

- ‌ الدعاء في الاستسقاء

- ‌(باب صلاة الكسوف)

- ‌(باب القراءة في صلاة الكسوف)

- ‌(باب الصدقة فيها)

- ‌(باب العتق فيها)

- ‌(باب الصلاة عند الظلمة ونحوها)

- ‌(باب السجود عند الآيات)

- ‌(باب متى يقصر المسافر)

- ‌ المسافر لا يقصر الصلاة إلا إذا فارق بناء البلد

- ‌(باب الأذان في السفر)

- ‌(باب المسافر يصلي وهو يشك في الوقت)

- ‌(باب الجمع بين الصلاتين)

- ‌(باب قصر قراءة الصلاة في السفر)

- ‌(باب التطوع في السفر)

- ‌(باب التطوع على الراحلة والوتر)

- ‌(باب الفريضة على الراحلة من عذر)

- ‌ اقتداء المقيم بالمسافر

- ‌(باب إذا أقام بأرض العدو يقصر)

- ‌ الخوف والعدو في غير جهة القبلة

- ‌ كيفية رابعة لصلاة الخوف والعدو في غير جهة القبلة

- ‌(باب صلاة الطالب)

- ‌(باب ركعتي الفجر)

- ‌(باب في تخفيفهما)

- ‌(باب الاضطجاع بعدها)

- ‌الاضطجاع قبلهما

- ‌(باب إذا أدرك الإمام ولم يصل ركعتي الفجر)

- ‌(باب من فاتته متى يقضيها)

- ‌(باب الأربع قبل الظهر وبعدها)

- ‌(باب الصلاة قبل العصر)

- ‌(باب الصلاة بعد العصر)

- ‌(باب الصلاة قبل المغرب)

- ‌ استحباب التنفل قبل المغرب وغيره

- ‌(باب صلاة الضحى)

- ‌(باب صلاة النهار)

- ‌(باب صلاة التسبيح)

- ‌(باب ركعتي المغرب أين تصليان)

- ‌(باب الصلاة بعد العشاء)

- ‌(باب نسخ قيام الليل)

- ‌(باب قيام الليل)

- ‌(باب النعاس في الصلاة)

- ‌(باب من نام عن حزبه)

- ‌(باب من نوى القيام فنام)

- ‌(باب أي الليل أفضل)

- ‌(باب وَقْتِ قِيَامِ النَّبِيِّ -صَلَّى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ- مِنَ اللَّيْلِ)

- ‌(باب افتتاح صلاة الليل بركعتين)

- ‌الحكمة في تخفيفهما

- ‌(باب صلاة الليل مثنى مثنى)

- ‌(باب رفع الصوت بالقراءة في صلاة الليل)

- ‌(باب في صلاة الليل)

- ‌(باب ما يؤمر به من القصد في الصلاة)

- ‌(باب في قيام شهر رمضان)

- ‌(باب في ليلة القدر)

- ‌(باب من روى أنها ليلة سبع عشر

- ‌(باب من روى أنها في السبع الأواخر)

- ‌(باب من قال سبع وعشرون)

- ‌(باب من قال هي في كل رمضان)

الفصل: ‌ كيفية رابعة لصلاة الخوف والعدو في غير جهة القبلة

الْقِصَّةِ قَالَتْ كَبَّرَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ- وَكَبَّرَتِ الطَّائِفَةُ الَّذِينَ صُفُّوا مَعَهُ ثُمَّ رَكَعَ فَرَكَعُوا ثُمَّ سَجَدَ فَسَجَدُوا ثُمَّ رَفَعَ فَرَفَعُوا ثُمَّ مَكَثَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ- جَالِسًا ثُمَّ سَجَدُوا هُمْ لأَنْفُسِهِمُ الثَّانِيَةَ ثُمَّ قَامُوا فَنَكَصُوا عَلَى أَعْقَابِهِمْ يَمْشُونَ الْقَهْقَرَى حَتَّى قَامُوا مِنْ وَرَائِهِمْ وَجَاءَتِ الطَّائِفَةُ الأُخْرَى فَقَامُوا فَكَبَّرُوا ثُمَّ رَكَعُوا لأَنْفُسِهِمْ ثُمَّ سَجَدَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ- فَسَجَدُوا مَعَهُ ثُمَّ قَامَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ- وَسَجَدُوا لأَنْفُسِهِمُ الثَّانِيَةَ ثُمَّ قَامَتِ الطَّائِفَتَانِ جَمِيعًا فَصَلُّوا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ- فَرَكَعَ فَرَكَعُوا ثُمَّ سَجَدَ فَسَجَدُوا جَمِيعًا ثُمَّ عَادَ فَسَجَدَ الثَّانِيَةَ وَسَجَدُوا مَعَهُ سَرِيعًا كَأَسْرَعِ الإِسْرَاعِ جَاهِدًا لَا يَأْلُونَ سِرَاعًا ثُمَّ سَلَّمَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ- وَسَلَّمُوا فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ- وَقَدْ شَارَكَهُ النَّاسُ فِي الصَّلَاةِ كُلِّهَا.

(ش) أي أن ما تقدم هو ما حدثنا به الحسن بن علي ومحمد بن عمرو الرازي بسندهما إلى عروة بن الزبير عن أبي هريرة بواسطة مروان بن الحكم وبلا واسطته. وأما عبيد الله بن سعد بن إبراهيم فقد حدثنا عن عمه يعقوب بن إبراهيم عن أبيه إبراهيم عن محمد بن إسحاق بسنده إلى عائشة بما يخالف رواية عروة عن أبي هريرة. وغرض المصنف بذكر هذا الحديث بيان‌

‌ كيفية رابعة لصلاة الخوف والعدو في غير جهة القبلة

. وحاصلها أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم صف طائفة وراءه وقامت طائفة تجاه العدو فأحرم رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم وأحرمت معه الطائفة التي خلفه ثم ركع بهم ورفع وسجد وسجدوا معه ورفع رأسه فرفعوا ثم مكث رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم جالسًا بين السجدتين وسجدوا وحدهم السجدة الثانية ثم رجعوا إلى ورائهم حتى قاموا خلف الذين أمام العدو وأقبلت الطائفة الثانية فاصطفوا خلفه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم فأحرموا ثم ركعوا ورفعوا لأنفسهم ثم سجد صلى الله تعالى عليه وعلي آله وسلم سجدته الثانية فسجدوا معه ثم قام صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم إلى الركعة الثانية وسجدوا لأنفسهم السجدة الثانية ثم رجعت الطائفة الأولى فوقفوا خلفه صلى الله تعالى

ص: 115

عليه وعلى آله وسلم فصلى بهم جميعًا الركعة الثانية مخففًا في سجودها الثاني ثم سلم بهم جميعًا وبهذا أخذت الظاهرية. وهو قول للإمام أحمد لقوله لا أعلم في هذا الباب حديثًا إلا صحيحًا

(قوله قالت كبر رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم) أي بعد أن جعل القوم فرقتين فرقة خلفه وفرقة إزاء العدو

(قوله ثم مكث رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم الخ)

أي استمر جالسًا بين السجدتين حتى سجدت الطائفة الأولى السجدة الثانية ثم قاموا فرجعوا إلى ورائهم حتى قاموا خلف الطائفة الأخرى وجاءت الطائفة الثانية فقاموا خلف رسول الله صل الله تعالى عليه وعلى آله وسلم فأحرموا ثم ركعوا

(قوله ثم سجد رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم) أي السجدة الثانية من الركعة الأولى

(قوله سريعًا كأسرع الإسراع) بكسر الهمزة مصدر أسرع أي صلوا الركعة الثانية مسرعين في سجودها الثاني إسراعًا مبالغًا فيه. يعنى مع مراعاة ما يحصل به أقل الكمال في الصلاة. وإنما اجتهدوا في تخفيف السجود مخافة مهاجمة العدوّ حيث إن الكل ساجد

(قوله لا يألون سراعًا) أي لا يقصرون في التخفيف ما استطاعوا

(قوله وقد شاركه الناس في الصلاة كلها) هذا باعتبار أن الطائفة الثانية قضت الركعة التي فاتتها قبل سلام الإِمام وسلموا بسلامه فلا يرد أن الطائفة الثانية لم تشارك رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم في معظم الركعة الأولى

(من أخرج الحديث أيضًا) أخرجه البيهقي والحاكم من طريق العباس بن محمد بن حاتم الدوري عن يعقوب بن إبراهيم بن سعد وقال الحاكم حديث صحيح على شرط مسلم وهو أتم حديث وأشفاه في صلاة الخوف كذا قال

(باب مَنْ قَالَ يُصَلِّي بِكُلِّ طَائِفَةٍ رَكْعَةً)

(ثُمَّ يُسَلِّمُ فَيَقُومُ كُلُّ صَفٍّ فَيُصَلُّونَ لأَنْفُسِهِمْ رَكْعَةً.)

هذا بيان لكيفية خامسة لصلاة الخوف والعدو في غير جهة القبلة. وحاصلها أن يصلي الإِمام بالطائفة الأولى ركعة والطائفة الأخرى مواجهة للعدو ثم تنصرف الأولى وتذهب إلى وجه العدو وتجيء الثانية فيصلي بها الإِمام ركعة ثم يسلم ثم تقضي كل واحدة منهما ركعة. وبهذه الكيفية أخذ أبو حنيفة وأصحابه والأوزاعي وأشهب من المالكية. وهي رواية للشافعى على تفصيل يأتي بيانه إن شاء الله تعالى

(ص) حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ نَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ عَنْ مَعْمَرٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَالِمٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ- صَلَّى بِإِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ رَكْعَةً وَالطَّائِفَةُ

ص: 116

الأُخْرَى مُوَاجِهَةُ الْعَدُوِّ ثُمَّ انْصَرَفُوا فَقَامُوا فِي مَقَامِ أُولَئِكَ وَجَاءَ أُولَئِكَ فَصَلَّى بِهِمْ رَكْعَةً أُخْرَى ثُمَّ سَلَّمَ عَلَيْهِمْ ثُمَّ قَامَ هَؤُلَاءِ فَقَضَوْا رَكْعَتَهُمْ وَقَامَ هَؤُلَاءِ فَقَضَوْا رَكْعَتَهُمْ.

(ش)(قوله ثم قام هؤلاء الخ) أي قامت الطائفة الثانية كما يؤخذ من حديث ابن مسعود الآتي فصلوا ركعتهم الثانية ثم سلموا وذهبوا إلى العدو وقامت الطائفة الأولى فصلوا ركعتهم الثانية بعد أن رجعوا إلى المكان الذي صلوا فيه الركعة الأولى كما صرح به في الحديث الآتي، ويحتمل أنهم صلوا الركعة الثانية في مكانهم مستقبلين القبلة بعد أن تولت الطائفة الثانية الحراسة. وبهذا يكونون أدوا صلاتهم علي التعاقب. وهو الراجح من حيث المعنى. ويؤيده حديث ابن مسعود بعد. ويحتمل أن كل طائفة أتمت لأنفسها في وقت واحد وهو ظاهر الحديث واختاره المصنف ولذا جعل حديث ابن مسعود دليلًا على كيفية أخرى بترجمة خاصة. وهو ضعيف من حيث المعنى لما يلزم عليه من تضييع الحراسة المطلوبة وانفراد الإمام بها

(وبالحديث) أخذ أبو حنيفة وغيره كما تقدم واختاره البخاري. ويندب عند الحنفية أن تذهب الطائفة الثانية بعد سلام الإِمام إلى وجه العدو وتجيء الأولى ندبًا إلى مكانها وتتم بلا قراءة لأنها لاحقة وتسلم وتذهب إلى العدو ولو أتمت عنده صح وتجئ الثانية ندبًا وتتم بالقراءة لأنها مسبوقة. قال ابن الهمام في فتح القدير بعد ذكره حديث ابن مسعود الآتي وحديث ابن عمر هذا. ولا يخفى أن كلا من الحديثين إنما يدل على بعض ما ذهب إليه أبو حنيفة وهو مشي الطائفة الأولى وإتمام الطائفة الثانية في مكانها من خلف الإمام وهو أقل تغييرًا وقد دل على تمام ما ذهب إليه ما هو موقوف على ابن عباس من رواية أبي حنيفة ذكره محمد في كتاب الآثار ولا يخفى أن ذلك مما لا مجال للرأي فيه لأنه تغيير بالمنافي للصلاة فالموقوف فيه كالمرفوع اهـ بتصرف.

وبه يندفع قول النووي إنه لم يرد في شيء من طرق الحديث التي في الصحيحين وغيرهما أن فرقة جاءت إلى مكانها ثم أتمت صلاتها وإنما فيها أن كلا صلى بعد سلام النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم ما بقي له في محله. وقد رجح ابن عبد البر الكيفية الواردة في حديث ابن عمر لقوة إسنادها ولموافقتها الأصول في أن المأموم لا يتم صلاته قبل سلام إمامه

(والحديث) أخرجه الشيخان والنسائي والطحاوي والبيهقي والترمذي وقال حديث صحيح

(ص) قَالَ أَبُو دَاوُدَ وَكَذَلِكَ رَوَاهُ نَافِعٌ وَخَالِدُ بْنُ مَعْدَانَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ-

(ش) أي روى نافع مولى ابن عمر وخالد بن معدان الحديث عن ابن عر مرفوعًا مثل

ص: 117

رواية سالم عنه. أما رواية نافع فقد وصلها مسلم والدارقطني والطحاوي والبيهقي والنسائي قال أخبرنا عبد الأعلي بن واصل بن عبد الأعلى قال حدثنا يحيى بن آدم عن سفيان عن موسى ابن عقبة عن نافع عن ابن عمر قال صلى رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم صلاة الخوف في بعض أيامه فقامت طائفة معه وطائفة بإزاء العدو فصلى بالذين معه ركعة ثم ذهبوا وجاء الآخرون وصلى بهم ركعة ثم قضت الطائفتان ركعة ركعة. وأما رواية خالد بن معدان فم نقف على من وصلها وغرض المصنف بذكر هذا التعليق وما بعده إلى آخر الباب تقوية الحديث وبيان بعض من أخذ به من الأئمة

(ص) وَكَذَلِكَ قَوْلُ مَسْرُوقٍ وَيُوسُفَ بْنِ مِهْرَانَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ

(ش) أي قول مسروق بن الأجدع الإِمام في صلاة الخوف موافق لما دل عليه حديث ابن عمر. وروى عن يوسف بن مهران عن ابن عباس مثل قول مسروق. وقول مسروق وصله ابن أبي شيبة في مصنفه قال حدثنا غندر عن شعبة عن المغيرة عن الشعبي عن مسروق أنه قال صلاة الخوف يقوم الإِمام ويصفون خلفه صفين تم يركع الإِمام فيركع الذين يلونه ثم يسجد بالذين يلونه فإذا قام تأخر هؤلاء الذين يلونه وجاء الأخرون فقاموا مقامهم فركع بهم وسجد بهم والآخرون قيام "يعني أمام العدو" ثم يقومون فيقضون ركعة فيكون للإمام ركعتان في جماعة ويكون للقوم ركعة ركعة في جماعة ويقضون الركعة الثانية. وروى ابن أبي شيبة أيضًا عن غندر عن شعبة عن علي بن زيد عن يوسف بن مهران عن ابن عباس مثل قول مسروق

(ص) وَكَذَلِكَ رَوَى يُونُسُ عَنِ الْحَسَنِ عَنْ أَبِي مُوسَى أَنَّهُ فَعَلَهُ.

(ش) أي وروى يونس بن عبيد عن الحسن البصري عن أبى موسى الأشعري أنه صلى صلاة الخوف مثل ما في حديث ابن عمر. وقد وصل هذا ابن أبي شيبة قال ثنا عبد الأعلى عن يونس عن الحسن أن أبا موسى صلى بأصحابه بأصبهان فصلت طائفة منهم معه وطائفة مواجهة العدو فصلى بهم ركعة ثم نكصوا وأقبل الآخرون يتخللونهم فصلى بهم ركعة ثم سلم وقامت الطائفتان فصلتا ركعة ركعة. ووصله ابن جرير أيضًا قال حدثني يعقوب بن إبراهيم ثنا ابن علية عن يونس بن عبيد عن الحسن أن أبا موسى الأشعري صلى بأصحابه صلاة الخوف بأصبهان إذ غزاها قال فصلى بطائفة كما القوم ركعة وطائفة تحرس فنكص هؤلاء الذين صلى بهم ركعة وخلفهم الآخرون فقاموا مقامهم فصلى بهم وكعة ثم سلم فقامت كل طائفة فصلت ركعة اهـ

ص: 118

(باب مَنْ قَالَ يُصَلِّي بِكُلِّ طَائِفَةٍ رَكْعَةً ثُمَّ يُسَلِّمُ فَيَقُومُ الَّذِينَ خَلْفَهُ)

(فَيُصَلُّونَ رَكْعَةً ثُمَّ يَجِئُ الآخَرُونَ إِلَى مَقَامِ هَؤُلَاءِ فَيُصَلُّونَ رَكْعَةً.)

هذا بيان لكيفية سادسة لصلاة الخوف والعدو في غير جهة القبلة وهي كالكيفية السابقة غير أن إتمام القوم صلاتهم في وقت واحد هناك. وهنا على التعاقب أو على التعاقب في كل منهما غير أن الطائفة الثانية ثم هناك مكانها عند العدو مستقبلة القبلة وهنا ترجع إلى المكان الذي صلت فيه الركعة الأولى، وبهذا يفرق أيضًا بين الحديثين وقد تقدم حمل حديث ابن عمر السابق علي مافى حديث الباب عن ابن مسعود وهو الراجح وعليه فلا فرق بينهما

(ص) حَدَّثَنَا عِمْرَانُ بْنُ مَيْسَرَةَ نَا ابْنُ فُضَيْلٍ نَا خُصَيْفٌ عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ صَلَّى بِنَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ- صَلَاةَ الْخَوْفِ فَقَامُوا صَفَّيْنِ صَفٌّ خَلْفَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ- وَصَفٌّ مُسْتَقْبِلَ الْعَدُوِّ فَصَلَّى بِهِمْ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ- رَكْعَةً ثُمَّ جَاءَ الآخَرُونَ فَقَامُوا مَقَامَهُمْ وَاسْتَقْبَلَ هَؤُلَاءِ الْعَدُوَّ فَصَلَّى بِهِمُ النَّبِيُّ -صَلَّى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ- رَكْعَةً ثُمَّ سَلَّمَ فَقَامَ هَؤُلَاءِ فَصَلَّوْا لأَنْفُسِهِمْ رَكْعَةً ثُمَّ سَلَّمُوا ثُمَّ ذَهَبُوا فَقَامُوا مَقَامَ أُولَئِكَ مُسْتَقْبِلِي الْعَدُوِّ وَرَجَعَ أُولَئِكَ إِلَى مَقَامِهِمْ فَصَلَّوْا لأَنْفُسِهِمْ رَكْعَةً ثُمَّ سَلَّمُوا.

(ش)(رجال الحديث)(عمران بن ميسرة) أبو الحسن المنقرى البصري. روى عن المعتمر بن سليمان وعبد الوارث بن سعيد وحفص بن غياث ومحمد بن فضيل. وعنه البخاري وأبو داود وأبو زرعة وأبو حاتم وآخرون. ذكره ابن حبان في الثقات ووثقه الدارقطني. توفي سنة ثلاث وعشرين ومائتين. و (ابن فضيل) هو محمد تقدم في الجزء الأول صفحة 205 و (خصيف) بضم الخاء المعجمة وفتح الصاد المهملة ابن عبد الرحمن الجزري تقدم بصفحة 50 من الجزء الثالث. و (أبوعبيدة) هو عامر بن عبد الله بن مسعود تقدم في السادس صفحة 108

(معنى الحديث)

(قوله فقاموا صفين الخ) وفي نسخة فقاموا صفًا خلف رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم أي قاموا مصطفين خلفه وقام صف قبالة العدو

(قوله فقام هؤلاء) أي الطائفة الثانية

(قوله فقاموا مقام أولئك الخ) يعني مقام الطائفة الأولى

ص: 119

مواجهين للعدو

(قوله ورجع أولئك إلى مقامهم) يعني رجعت الطائفة الأولى إلى مكانهم الذى صلوا فيه الركعة الأولى

(من أخرج الحديث أيضًا) أخرجه الطحاوي والبيهقي. وقال أبو عبيدة لم يسمع من أبيه وخصيف ليس بالقوى اهـ لكن أبو عبيدة ثقة أخرج له البخاري محتجًا به في غير موضع وروى له مسلم وغيره وقال أبوداود كان أبو عبيدة يوم مات أبوه ابن سبع سنين مميزًا اهـ وابن سبع سنين يحتمل السماع والحفظ. وخصيف وثقه أبو زرعة والعجلي وابن معين وابن سعد وقال النسائي صالح

(ص) حَدَّثَنَا تَمِيمُ بْنُ الْمُنْتَصِرِ أَنَا إِسْحَاقُ -يَعْنِي ابْنَ يُوسُفَ- عَنْ شَرِيكٍ عَنْ خُصَيْفٍ بِإِسْنَادِهِ وَمَعْنَاهُ. قَالَ فَكَبَّرَ نَبِيُّ اللَّهِ -صَلَّى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ- وَكَبَّرَ الصَّفَّانِ جَمِيعًا.

(ش) الغرض من ذكر هذه الرواية بيان الفرق بين حديث محمد بن فضيل عن خصيف وبين حديث شريك بن عبد الله النخعي عنه بأن شريكًا ذكر في حديثه أن رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسم كبر بالصفين جميعًا. ولم يذكره ابن فضيل في حديثه. لكن هذه الرواية أخرجها ابن جرير بسنده إلى شريك عن خصيف عن أبي عبيدة عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم نحوه. يعني نحو حديث عبد الواحد بن زياد عن خصيف وليس فيه فكبر الصفان جميعًا وأخرجها البيهقي معلقة

(ص) قَالَ أَبُو دَاوُدَ رَوَاهُ الثَّوْرِيُّ بِهَذَا الْمَعْنَى عَنْ خُصَيْفٍ

(ش) أي روى حديث ابن مسعود سفيان الثوري عن خصيف بمعنى رواية شريك عنه (وهذه) الرواية وصلها الطحاوي قال حدثنا علي بن شيبة ثنا قبيصة ثنا سفيان ح وحدثنا أبو بكر ثنا مؤمل ثنا سفيان عن خصيف عن أبي عبيدة عن عبد الله قال صلى رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم صلاة الخوف في بعض أيامه فصف صفًا خلفه وصفًا موازى العدو وكلهم في صلاة فصلى بهم ركعة ثم ذهب هؤلاء إلى مصاف هؤلاء وجاء هؤلاء إلى مصاف هؤلاء فصلى بهم ركعة ثم قضوا ركعة ثم ذهب هؤلاء إلى مصاف هؤلاء وجاء هؤلاء إلى مصاف هؤلاء فقضوا ركعة اهـ

فقول سفيان في روايته وكلهم في صلاة بمعنى قول شريك في روايته فكبر الصفان جميعًا. وهذا إن كان ضمير "وكلهم" يرجع إلى الصفين. وأما إن كان يرجع إلى الصف الذي خلف رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فليس قول سفيان بمعنى قول شريك. وعليه فلعل شريكًا فهم من قول سفيان المعنى الأول غلطًا فرواه بالمعنى. وهو كان يخطئُ كثيرًا. وقد روى عن خصيف هذا الحديث خمسة. ابن فضيل وعبد الواحد بن زياد وعبد الملك بن الحسين والثوري وشريك

ص: 120

فلم يذكر لفظ "فكبر الصفان جميعًا" إلا شريك

(ص) قَالَ أَبُو دَاوُدَ وَصَلَّى عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ سَمُرَةَ هَكَذَا إِلَاّ أَنَّ الطَّائِفَةَ الَّتِى صَلَّى بِهِمْ رَكْعَةً ثُمَّ سَلَّمَ مَضَوْا إِلَى مَقَامِ أَصْحَابِهِمْ وَجَاءَ هَؤُلَاءِ فَصَلَّوْا لأَنْفُسِهِمْ رَكْعَةً ثُمَّ رَجَعُوا إِلَى مَقَامِ أُولَئِكَ فَصَلَّوْا لأَنْفُسِهِمْ رَكْعَةً.

"ش" أي صلى عبد الرحمن بن سمرة بن حبيب صلاة الخوف مثل مافى حديث ابن مسعود غير أن الطائفة الثانية لم توال بين ركعتيها بل صلت الركعة الأولى خلف الإمام فلما سلم مضت إلى مكان الطائفة الأولى عند العدو وجاءت الأولى فصلت ركعة وسلمت ثم رجعت إلى مكان الطائفة الثانية عند العدو وجاءت هذه فأتمت صلاتها. وقد وصل المصنف هذا التعليق بعد

(ص) قَالَ أَبُو دَاوُدَ حَدَّثَنَا بِذَلِكَ مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ نَا عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ حَبِيبٍ قَالَ أَخْبَرَنِي أَبِي أَنَّهُمْ غَزَوْا مَعَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَمُرَةَ كَابُلَ فَصَلَّى بِنَا صَلَاةَ الْخَوْفِ.

"ش" أي حدثنا بفعل عبد الرحمن بن سمرة مسلم بن إبراهيم الفراهيدي. قال حدثنا (عبد الصمد بن حبيب) بن عبدالله الأزدي العوذي الراسبي. روى عن أبيه وسعيد بن طهمان ومعقل القسملي. وعنه عبد الصمد بن عبد الوارث ومحمد بن جعفر المدائني وإبراهيم بن أعين ومسلم بن إبراهيم وآخرون ضعفه أحمد وأبو حاتم وقال يكتب حديثه ليس بالمتروك وقال ابن معبن ليس به بأس: قال (أخبرني أبي) حبيب بن عبد الله الأزدي اليحمدي بضم الياء وسكون الحاء وكسر الميم البصري روى عن الحكم بن عمرو الغفاري وسنان بن سلمة وشبل بن عوف. وعنه ابنه عبد الصمد. قال أبو حاتم مجهول الحال. وكابل بضم الموحدة كانت أولًا اسمًا لولاية كبيرة ذات مروج واسعة بين الهند وبلاد فارس. افتتحها المسلون أيام الوليد بن عبد الملك سنة أربع وتسعين وهي الآن عاصمة بلاد الأفغان

(باب من قال يصلي بكل طائفة ركعة ولا يقضون)

ذكره لبيان كيفية سابعة لصلاة الخوف والعدو في غير جهة القبلة. وهي أن يصلي الإِمام بكل طائفة ركعة واحدة مقتصرين عليها

(ص) حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ نَا يَحْيَى عَنْ سُفْيَانَ حَدَّثَنِي الأَشْعَثُ بْنُ سُلَيْمٍ عَنِ الأَسْوَدِ بْنِ هِلَالٍ

ص: 121

عَنْ ثَعْلَبَةَ بْنِ زَهْدَمٍ قَالَ كُنَّا مَعَ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ بِطَبَرِسْتَانَ فَقَامَ فَقَالَ أَيُّكُمْ صَلَّى مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ- صَلَاةَ الْخَوْفِ فَقَالَ حُذَيْفَةُ أَنَا فَصَلَّى بِهَؤُلَاءِ رَكْعَةً وَبِهَؤُلَاءِ رَكْعَةً وَلَمْ يَقْضُوا.

(ش)(رجال الحديث)(يحيى) القطان تقدم في الجزء الأول صفحة 248. وكذا (سفيان) الثوري صفحة 65 و (الأشعث بن سليم) تقدم بصفحة 6 من الجزء السادس

و(الأسود بن هلال) أبو سلام الكوفي المحاربي. روى عن عمر ومعاذ وابن مسعود وأبي هريرة وثعلبة بن زهدم. وعنه أبو إسحاق السبيعي وأشعث بن أبي الشعثاء وابراهيم النخعي. وثقه النسائي وابن معين والعجلي. توفي سنة أربع وثمانين. روى له البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي

و(ثعلبة بن زهدم) بفتح الزاي وسكون الهاء الحنظلي التيمي. روى عن النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم وعن حذيفة وأبي مسعود. وعنه الأسود بن هلال. وقد اختلف في صحبته فجزم بصحتها ابن حبان وابن السكن وابن حزم وجماعة ممن صنف في الصحابة يطول تعدادهم وذكره البخاري في التاريخ الكبير وقال قال الثوري له صحبة ولا يصح. وقال الترمذي في تاريخه أدرك النبي صلى الله تعالى عليه وعلي آله وسلم وعامة روايته عن الصحابة وقال العجلي تابعي ثقة وذكره مسلم في الطبقة الأولى من التابعين. روى له أبو داود والنسائي.

و(طبرستان) بفتح الطاء والباء وكسر الراء اسم بلاد واسعة بالعجم وهي مركبة من كلمتين طبر وهي بالفارسية اسم للفأس. وأستان وهي الناحية. ولكثرة اشتباك أشجارها لا يتمكن الجيش من سلوكها إلا بعد قطع الأشجار بالطبر فلذا سميت طبرستان. وقيل الطبر ما يشق به الأحطاب ونحوها وعليه سميت طبرستان لأن أهل تلك الجهة كثيرو الحروب وأكثر أسلحتهم الأطبار. فتحت في عهد عثمان رضي الله عنه علي يد سعيد بن العاص رضي الله عنه سنة تسع وعشرين من الهجرة

"معنى الحديث""قوله فصلى بهؤلاء الخ" أي صلى حذيفة كما جاء في رواية الحاكم وفيها فقام حذيفة فصف الناس خلفه وصفا موازي العدو فصلى بالذين خلفه ركعة ثم انصرف هؤلاء مكان هؤلاء وجاء أولئك فصلى بهم ركعة ولم يقضوا

(قوله ولم يقضوا) يعني لم يصلوا ركعة أخرى وحدهم بل اقتصرت كل طائفة على الركعة التي صلتها مع الإمام

(وفي الحديث) دليل على أن من صفات صلاة الخوف اقتصار كل طائفة على ركعة وبه يقول حذيفة وابن عباس وزيد بن ثابت وجابر بن عبد الله وأبوهريرة وأبو موسى الأشعري والثوري وأحمد وإسحاق وغيرهم (وذهب الجهور) إلى أن صلاة الخوف كصلاة

ص: 122

الأمن فلا يجوز الاقتصار فيها على ركعة واحدة في أي حال. وتأولوا حديث الباب ونحوه بأن المراد أن كل طائفة صلت مع الإمام ركعة وأتموا لأنفسهم ركعة. وقوله ولم يقضوا أي لم يعيدوا الصلاة بعد الأمن. وهو بعيد لأن المتبادر من قوله ولم يقضوا أي لم يصلوا ركعة أخرى غير التي صلوها مع الإمام. ويؤيد ماذهب إليه الأولون من الأخذ بظاهر الحديث بقية أحاديث الباب. وهو المعول عليه ولا مانع من العمل به. قال الخطابي أخبرني الحسن بن يحيى عن ابن المنذر قال قال أحمد بن حنبل كل حديث في أبواب صلاة الخوف فالعمل به جائز اهـ

(والحديث) أخرجه النسائي والطحاوي والبيهقي والحاكم وقال صحيح الإسناد

(ص) قَالَ أَبُو دَاوُدَ وَكَذَا رَوَاهُ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ وَمُجَاهِدٌ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ-

"ش" أي روى هذا الحديث عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود ومجاهد بن جبر المكي عن ابن عباس عن النبي صلي الله تعالى عليه وعلى آله وسلم. أما حديث عبيد الله فقد وصله الطحاوي والحاكم وابن جرير والنسائي بإسناد رجاله ثقات قال النسائي أخبرنا محمد ابن بشار ثنا يحيى بن سعيد عن سفيات حدثني أبو بكر بن أبي الجهم عن عبيد الله بن عبد الله عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم صلى بذى قرد وصف الناس خلفه صفين صفًا خلفه وصفًا موازي العدو فصلى بالذين خلفه ركعة ثم انصرف هؤلاء إلى مكان هؤلاء وجاء أولئك فصلى بهم ركعة ولم يقضوا اهـ وصححه ابن حبان وغيره. وأما حديث مجاهد عن ابن عباس فقد ذكره المصنف آخر الباب. وغرض المصنف من ذكر هذا التعليق والتعاليق بعده تقوية حديث حذيفة بأن صلاة الخوف تكون ركعة للمأمومين وركعتين للإمام

(ص) وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ شَقِيقٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ-

"ش" أي وكذا روى هذا الحديث عبد الله بن شقيق العقيلي عن أبي هريرة مرفوعًا. وقد وصله النسائي بسنده عن عبد الله بن شقيق قال ثنا أبوهريرة قال كان رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم نازلًا بين ضجنان وعسفان محاصر المشركين فقال المشركون إن لهؤلاء صلاة هي أحب إليهم من أبنائهم وأبكارهم أجمعوا أمركم ثم ميلوا عليهم ميلة واحدة فجاء جبريل عليه السلام فأمره أن يقسم أصحابه نصفين فصلى بطائفة منهمّ وطائفة مقبلون على عدوهم قد أخذوا حذرهم وأسلحتهم فيصلي بهم ركعة ثم يتأخر هؤلاء ويتقدم أولئك فيصلي بهم ركعة تكون لهم مع النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم ركعة ركعة وللنبى صلى الله تعالى عليه وآله وسلم ركعتان

ص: 123

(ص) وَيَزِيدُ الْفَقِيرُ وَأَبُو مُوسَى جَمِيعًا عَنْ جَابِرٍ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ-

"ش" أي وروى هذا الحديث يزيد بن صهيب الفقير وأبو موسى عن جابر مرفوعًا. أما حديث ابن يزيد فقد وصله الطحاوي والنسائي من طريق يزيد بن زريع قال حدثنا عبد الرحمن ابن عبد الله المسعودى قال أن يزيد الفقير أنه سمع جابر بن عبد الله قال كنا مع رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلي آله وسلم فأقيمت الصلاة فقام رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم وقامت خلفه طائفة وطائفة مواجهة العدو فصلى بالذين خلفه ركعة وسجد بهم سجدتين ثم إنهم انطلقوا فقاموا مقام أولئك الذين كانوا في وجه العدو وجاءت تلك الطائفة فصلى بهم رسول الله صلي الله تعالى عليه وعلى آله وسلم ركعة وسجد بهم سجدتين ثم إن رسول الله صلي الله تعالى عليه وعلى آله وسلم سلم فسلم الذين خلفه وسلم أولئك.

هذا (وأبو موسى) رجل من التابعين وليس هو أبا موسى الاشعري كما صرح به في بعض النسخ. قيل اسمه علي بن رباح اللخمي روى عن جابر. وعنه زياد بن نافع. وروايته وصلها ابن جرير قال حدثنا أحمد بن عبد الرحمن ابن وهب قال ثني عمي عبد الله بن وهب أخبرني عمرو بن الحارث أن بكر بن سوادة حدثه عن زياد بن نافع حدثه عن أبي موسى أن جابر بن عبد الله حدثهم أن رسول الله صلي الله تعالى عليه وعلى آله وسلم صلى بهم صلاة الخوف يوم محارب وثعلبة لكل طائفة ركعة وسجدتين

(ص) وَقَدْ قَالَ بَعْضُهُمْ فِي حَدِيثِ يَزِيدَ الْفَقِيرِ إِنَّهُمْ قَضَوْا رَكْعَةً.

"ش" أي قال بعضهم في رواية لحديث يزيد الفقير إن الطائفتين قضوا ركعة أخرى ولما كانت هذه الرواية غير ثابتة تبرأ منها المصنف. فقد أخرج النسائي من طريق حجاج ابن محمد عن شعبة عن الحكم عن يزيد الفقير عن جابر بن عبد الله أن رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم صلى بهم صلاة الخوف فقام صف بين يديه وصف خلفه صلى بالذين خلفه ركعة وسجدتين ثم تقدم هؤلاء حتى قاموا في مقام أصحابهم وجاء أولئك فقاموا مقام هؤلاء فصلى بهم رسول الله صلي الله تعالى عليه وعلى آله وسلم ركعة وسجدتين ثم سلم فكان للنبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم ركعتان ولهم ركعة. وأخرج ابن أبى شيبة من طريق المسعودي ومسعر عن يزيد الفقير عن جابر قال صلاة الخوف ركعة ركعة اهـ. فلم يكن فيما روى من حديث يزيد الفقير قوله إنهم قضوا ركعة

ص: 124

(ص) وَكَذَلِكَ رَوَاهُ سِمَاكٌ الْحَنَفِيُّ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ-

"ش" أي روى هذا الحديث سماك عن عبد الله بن عمر مرفوعًا مثل رواية هؤلاء من اقتصار كل طائفة على ركعة. و (سماك الحنفي) هو ابن الوليد أبو زميل. وثقه أحمد وابن معين والعجلي وقال أبوحاتم صدوق لا بأس به وقال ابن عبد البر أجمعوا على أنه ثقة. روى له مسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجه والترمذي. وحديثه أخرجه ابن جرير في تفسيره قال حدثني أحمد بن الوليد القرشي قال ثنا محمد بن جعفر قال ثنا شعبة عن سماك الحنفي قال سألت ابن عمر عن صلاة السفر فقال ركعتان تمام غير قصر إنما القصر صلاة المخافة قلت وما صلاة المخافة قال يصلي الإمام بطائفة ركعة ثم يجئ هؤلاء مكان هؤلاء ويجئ هؤلاء مكان هؤلاء فيصلي بهم ركعة فيكون للإمام ركعتان ولكل طائفة ركعة ركعة اهـ

ورواه البيهقي عن سماك الحنفي عن ابن عمر عن النبي صلي الله تعالى عليه وعلى آله وسلم أنه صلى بهؤلاء ركعة وبهؤلاء ركعة صلاة الخوف "قال البيهقي" كذا أتى به سماك مختصرًا وقد رويناه عن سالم ونافع عن ابن عمر أن كل واحدة من الطائفتين قضوا ركعتهم. والحكم للإثبات في مثل هذا اهـ

(ص) وَكَذَلِكَ رَوَاهُ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ- قَالَ فَكَانَتْ لِلْقَوْمِ رَكْعَةً رَكْعَةً وَلِلنَّبِيِّ -صَلَّى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ- رَكْعَتَيْنِ.

"ش" أي روى الحديث زيد بن ثابت مرفوعًا كرواية هؤلاء. وقد وصله الطحاوي بسنده إلى القاسم بن حسان قال أتيت ابن وديعة فسألته عن صلاة الخوف فقال ائت زيد بن ثابت فاسأله فلقيته فسألته فقال صلى رسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم صلاة الخوف في بعض أيامه فصف صفًا خلفه وصفًا موازي العدو فصلى بهم ركعة ثم ذهب هؤلاء إلى مصاف هؤلاء وجاء هؤلاء إلى مصاف هؤلاء فصلى بهم ركعة ثم سلم عليهم. وقال في رواية ثنا مؤمل ابن إسماعيل ثنا سفيان وذكر بسنده مثله وقال عبد الله بن وديعة وزاد فكانت للنبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم ركعتان ولكل طائفة ركعة ركعة. ووصله النسائي أيضًا

(ص) حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ وَسَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ قَالَا نَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ بُكَيْرِ بْنِ الأَخْنَسِ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ فَرَضَ اللَّهُ تَعَالَى الصَّلَاةَ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّكُمْ -صَلَّى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ- فِي الْحَضَرِ أَرْبَعًا وَفِى السَّفَرِ رَكْعَتَيْنِ وَفِى الْخَوْفِ رَكْعَةً.

ص: 125

(ش) بهذا وصل المصنف تعليق مجاهد عن ابن عباس الذي أشار إليه أول الباب بعد الحديث بقوله وكذا رواه عبيد الله بن عبد الله ومجاهد عن ابن عباس

(رجال الحديث)(أبو عوانة) الوضاح تقدم بصفحة 91 من الجزء الأوّل. وبكير بن الاخنس) السدوسي ويقال الليثي الكوفي. روى عن أنس وابن عباس وابن عمر وأبى هريرة ومجاهد وعطاء وغيرهم. وعنه مسعر والأعمش وأبو إسحاق الشيباني وجماعة. وثقه ابن معين وأبو زرعة وأبو حاتم والنسائيُّ والعجلي وابن حبّان. روى له مسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجه

(معنى الحديث)

(قوله فرض الله عز وجل الصلاة) أي الرباعية فأل فيها للعهد بدليل السياق

(قوله في السفر ركعتين) تقدم أنه من أدلة الحنفية على أن القصر في السفر واجب وأنه عزيمة

(قوله وفي الخوف ركعة) أي لكل من الطائفتين في الثنائية حقيقة وهي الصبح سفرًا وحضرًا أو ثنائية حكما كالرباعية في السفر أما الإمام فلا يقتصر على ركعة لاتفاق أحاديث الباب أنه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم صلى ركعتين

(والحديث) من أدلة من قال يجوز في صلاة الخوف الاقتصار على ركعة لكل طائفة. وتأول الجمهور هذا الحديث بأن المراد ركعة مع الإمام وركعة أخرى منفردين جمعًا بينه وبين الأحاديث الصحيحة الدالة على أن النبي صلى الله تعالى عليه وعلي آله وسلم وأصحابه صلوا صلاة الخوف ركعتين. وقد علمت قوة قول من أخذ بظاهر هذا الحديث .. ولا منافاة بين الأدلة لجواز حمل هذا الحديث ونحوه على أن الركعة أقل ما يحزئُ في صلاة الخوف. وحمل الأحاديث الدالة على الركعتين على أنها الأكمل لورود صلاة الخوف بكيفيات مختلفة منها الاقتصار على ركعة واحدة

(من أخرح الحديث أيضًا) أخرجه مسلم والنسائي وابن ماجه والطحاوي والبيهقي

(باب من قال يصلي بكل طائفة ركعتين)

بيان لكيفية ثامنة لصلاة الخوف والعدو في غير جهة القبلة وهو أن يصلي الإمام مرتين بكل طائفة مرة

(ص) حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُعَاذٍ نَا أَبِي نَا الأَشْعَثُ عَنِ الْحَسَنِ عَنْ أَبِي بَكْرَةَ قَالَ صَلَّى النَّبِيُّ -صَلَّى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ- فِي خَوْفٍ الظُّهْرَ فَصَفَّ بَعْضَهُمْ خَلْفَهُ وَبَعْضَهُمْ بِإِزَاءِ الْعَدُوِّ فَصَلَّى بِهِمْ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ سَلَّمَ فَانْطَلَقَ الَّذِينَ صَلَّوْا مَعَهُ فَوَقَفُوا مَوْقِفَ أَصْحَابِهِمْ ثُمَّ جَاءَ

ص: 126

أُولَئِكَ فَصَلَّوْا خَلْفَهُ فَصَلَّى بِهِمْ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ سَلَّمَ فَكَانَتْ لِرَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ- أَرْبَعًا وَلأَصْحَابِهِ رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ.

(ش)(الأشعث) بن عبد الملك تقدم بصفحة 238 من الجزء الثالث. و (أبو بكرة) نفيع بن الحارث تقدم في الجزء الثاني صفحة 316

(قوله فكانت لرسول الله صلى الله تعالى عليه وعلي آله وسلم أربعًا الخ) فيه دليل علي أن من صفات صلاة الخوف أن يصلي الإمام الصلاة مرتين لكل طائفة مرة فتكون إحدى الصلاتين له فريضة والأخرى نافلة ويكون فيه اقتداء المفترض بالمتنفل. وبهذا قال الشافعي وحكي عن الحسن البصري. وأجاب عنه من لم يحوّز اقتداء المفترض بالمتنفل بأن الحديث محمول علي صلاة الحضر وأن كل طائفة أتموا لأنفسهم ركعتين بعد سلام الإمام وأن تسليمه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم بعد الركعتين الأوليين من خصوصياته. ولا يخفى بعد هذا إذ الخصوصية لا تثبت إلا بدليل ولا دليل عليها.

وليس في الحديث ما يفيد أن الطائفتين أتموا لأنفسهم ركعتين بعد سلام الإمام.

وأجابوا بأجوبة غير ما ذكر لا تقوى علي رد ظاهر الحديث. قال محمد بن عبد الهادي الحنفي ولا يخفى أنه يلزم فيه إقتداء المفترض بالمتنقل قطعًا ولم أر لهم عنه جوابًا شافيًا

(من أخرج الحديت أيضًا) أخرجه أحمد والنسائي وابن حبان والحاكم والدارقطني والطحاوي والبيهقي. قال في النيل وأعله ابن القطان بأن أبا بكرة أسلم بعد وقوع صلاة الخوف بمدة اهـ قال الحافظ هذه ليست بعلة فإنه يكون مرسل صحابي

(ص) وَبِذَلِكَ كَانَ يُفْتِي الْحَسَنُ.

(ش) يعني بما في حديث أبي بكرة كان يفتي الحسن البصري. واختار هذه الكيفية للفتوى لما فيها من التسوية بين الطائفتين بإحرازكل طائفة فضيلة الجماعة في الصلاة كلها بلا ارتكاب مناف للصلاة أثناءها. ولم نقف على من وصل فتوى الحسن البصري

(ص) قَالَ أَبُو دَاوُدَ وَكَذَلِكَ فِي الْمَغْرِبِ يَكُونُ لِلإِمَامِ سِتَّ رَكَعَاتٍ وَلِلْقَوْمِ ثَلَاثًا ثَلَاثًا.

(ش) يعني أن الإمام يصلي المغرب مرتين بكل طائفة مرة فيكون له ست ركعات ولكل طائفة ثلاث. وهذا قياس من المصنف للغرب على غيرها لكن أخرج الدارقطني والحاكم والبيهقي من طريق عمرو بن خليفة البكراوي حدثنا أشعث بن عبد الملك الحمراني عن الحسن.

ص: 127

عن أبى بكرة أن النبي صلى الله تعالى عليه وعلي آله وسلم صلى بالقوم في صلاة الخوف صلاة المغرب ثلاث ركعات ثم انصرف وجاء الآخرون فصلى بهم ثلاث ركعات فكانت للنبي صلى الله عليه وآله وسلم ست ركعات وللقوم ثلاثًا ثلاثًا. قال الحاكم سمعت أبا علي الحافظ يقول هذا حديث غريب أشعث الحمراني لم يكتبه إلا بهذا الإسناد قال الحاكم وإنه صحيح علي شرط الشيخين اهـ

وبهذا تعلم أن قول الحافط في الفتح لم يقع في شيء من الأحاديث المروية في صلاة الخوف تعرّض لكيفية صلاة المغرب غير مسلم إلا أن يحمل قوله على أنه لم يرد في تجزئتها بين الطائفتين شيء ولذا اختلفوا فيما إذا صليت المغرب علي التجزئة هل يصلي الأمام بالطائفة الألي ركعتين وبالثانية واحدة أو العكس. فذهب إلى تعين الأول أبو حنيفة وأصحابه ومالك. وإلى اختياره الشافعي وأحمد وقالا بجواز الثاني. قال الشوكاني روى في البحر عن علي أنه صلى بالطائفة الأولى ركعتين قال وهو توقيف. واحتج لأهل القول الثاني بفعل علي أيضًا. يعني ما روى عنه أيضًا أنه صلى بالطائفة الأولى ركعة وبالثانية ركعتين. وأجاب عنه في البحر بأن الرواية الأولى أرجح أي من جهة المعنى لأنها أخف وأوفق للمعتاد في نظم الصلاة من انصراف كل طائفة عقب التشهد فمن قال بالأول قال تفارق الطائفة الأولى الإمام إذا قام إلى الثالثة وتتمم لنفسها علي ماسبق في غير المغرب وتأتيه الطائفة الثانية وهو في قيام الثالثة ثم تفارقه بعد السلام أو حين جلوسه للتشهد. ومن قال بالثاني قال تفارق الطائفة الأولى الإمام إذا قام للركعة الثانية وتتمم لأنفسها وتأتيه الطائفة الثانية وهو في قيام الثانية وتصلى معه الركعتين ثم تفارقه حين جلوسه الأخير أو بعد سلامه. وفي ذلك تفصيل مبين في الفروع

(ص) قَالَ أَبُو دَاوُدَ وَكَذَلِكَ رَوَاهُ يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ جَابِرٍ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ-

(ش) أي روي حديث أبي بكرة يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عبد الله بن عبد الرحمن بن عوف عن جابر مرفوعًا كما رواه الأشعث عن الحسن عن أبي بكرة. ورواية جابر وصلها البيهقي ومسلم قال حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة نا عفان أنا أبان بن يزيد العطار نا يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن جابر قال أقبلنا مع رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم حتى إذا كنا بذات الرقاع قال كنا إذا أتينا علي شجرة ظليلة تركناها لرسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قال فجاء رجل من المشركين وسيف رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلي آله وسلم معلق بشجرة فأخذ سيف رسول الله صلى الله تعالي عليه وآله وسلم فاخترطه فقال لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أتخافني قال لا قال فن يمنعك مني قال الله يمنعني منك فتهدده أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فأغمد السيف وعلقة قال فنودي بالصلاة فصلى بطائفة ركعتين ثم

ص: 128

تأخروا وصلى بالطائفة الأخرى ركعتين قال فكانت لرسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم أربع ركعات وللقوم ركعتان. ووصله الطحاوي وعلقه البخاريُّ

(ص) وَكَذَلِكَ قَالَ سُلَيْمَانُ الْيَشْكُرِيُّ عَنْ جَابِرٍ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ-.

(ش) أي كما روى أبو سلمة عن جابر روى سليمان بن قيس اليشكري هذا الحديث عنه أيضًا. وسيمان روى أيضًا عن أبي سعيد الخدري وأبى سعد الأزدي. وعنه قتادة وعمرو بن دينار. وفي سماعها منه مقال. وثقه النسائي وأبو زرعة والعجلي. و (اليشكري) نسبة إلى يشكر ابن وائل بن قاسط. وهذه الروايات المعلقة جميعها تفيد أن النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم صلى صلاة الخوف بكل طائفة ركعتين صلاة تامة فكان للنبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم أربع ركعات ولكل طائفة ركعتان. وساقها المصنف تقوية لرواية أبى بكرة. وهذا التعليق وصله ابن جرير الطبري قال حدثنا ابن بشار قال ثنا معاذ بن هشام قال ثنا أبى عن قتادة عن سيمان اليشكري أنه سأل جابر بن عبد الله عن إقصار الصلاة أي يوم أنزل أو أيّ يوم هو فقال جابر انطلقنا نتلقى عير قريش آتية من الشام حتى إذا كنا بنخل جاء رجل من القوم إلى رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم فقال يا محمد قال نعم قال هل تخافني قال لا قال فن يمنعك مني قال الله يمنعني منك قال فسل السيف ثم هدده وأوعده ثم نادى بالرحيل وأخذ السلاح ثم نودى بالصلاة فصلى رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلي آله وسلم بطائفة من القوم وطائفة أخرى يحرسونهم فصلى بالذين يلونه ركعتين ثم تأخر الذين يلونه على أعقابهم فقاموا في مصاف أصحابهم ثم جاء الآخرون فصلى بهم ركعتين والآخرون يحرسونهم ثم سلم فكانت للنبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم أربع ركعات وللقوم ركعتين ركعتين فيومئذ أنزل الله في إقصار الصلاة وأمر المؤمنين بأخذ السلاح اهـ ورواه البيهقي معلقًا

(تنبيه) علم مما تقدم أنه روى في صلاة الخوف عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وجوه ذكر المصنف منها تسعة "الأول" صلاتها والعدو في جهة القبلة وهو ما دل عليه حديث أبي عياش الزرقي وبه قال سفيان الثوري وابن أبي ليلى والشافعي وروى عن مالك وأحمد. وأما إذا كان العدو في غير جهة القبلة فقد ورد في كيفيتها وجوه "الأول" ما دل عليه حديث سهل بن أبي حثمة وبه قال على وابن عباس وأبوهريرة وابن عمر ومالك والشافعي وأحمد وأبو ثور "الثاني" ما دل عليه حديثًا صالح بن خوات عن خوات وعن سهل. وبه قال مالك والشافعي وأحمد وداود الظاهري "الثالث" ما دل عليه حديث أبى هريرة "الرابع" ما دل عليه حديث عائشة وبهما يقول

ص: 129