المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(باب رفع الصوت بالقراءة في صلاة الليل) - المنهل العذب المورود شرح سنن أبي داود - جـ ٧

[السبكي، محمود خطاب]

فهرس الكتاب

- ‌(باب تفريع صلاة الاستسقاء)

- ‌(باب رَفْعِ الْيَدَيْنِ فِي الاِسْتِسْقَاءِ)

- ‌ الدعاء في الاستسقاء

- ‌(باب صلاة الكسوف)

- ‌(باب القراءة في صلاة الكسوف)

- ‌(باب الصدقة فيها)

- ‌(باب العتق فيها)

- ‌(باب الصلاة عند الظلمة ونحوها)

- ‌(باب السجود عند الآيات)

- ‌(باب متى يقصر المسافر)

- ‌ المسافر لا يقصر الصلاة إلا إذا فارق بناء البلد

- ‌(باب الأذان في السفر)

- ‌(باب المسافر يصلي وهو يشك في الوقت)

- ‌(باب الجمع بين الصلاتين)

- ‌(باب قصر قراءة الصلاة في السفر)

- ‌(باب التطوع في السفر)

- ‌(باب التطوع على الراحلة والوتر)

- ‌(باب الفريضة على الراحلة من عذر)

- ‌ اقتداء المقيم بالمسافر

- ‌(باب إذا أقام بأرض العدو يقصر)

- ‌ الخوف والعدو في غير جهة القبلة

- ‌ كيفية رابعة لصلاة الخوف والعدو في غير جهة القبلة

- ‌(باب صلاة الطالب)

- ‌(باب ركعتي الفجر)

- ‌(باب في تخفيفهما)

- ‌(باب الاضطجاع بعدها)

- ‌الاضطجاع قبلهما

- ‌(باب إذا أدرك الإمام ولم يصل ركعتي الفجر)

- ‌(باب من فاتته متى يقضيها)

- ‌(باب الأربع قبل الظهر وبعدها)

- ‌(باب الصلاة قبل العصر)

- ‌(باب الصلاة بعد العصر)

- ‌(باب الصلاة قبل المغرب)

- ‌ استحباب التنفل قبل المغرب وغيره

- ‌(باب صلاة الضحى)

- ‌(باب صلاة النهار)

- ‌(باب صلاة التسبيح)

- ‌(باب ركعتي المغرب أين تصليان)

- ‌(باب الصلاة بعد العشاء)

- ‌(باب نسخ قيام الليل)

- ‌(باب قيام الليل)

- ‌(باب النعاس في الصلاة)

- ‌(باب من نام عن حزبه)

- ‌(باب من نوى القيام فنام)

- ‌(باب أي الليل أفضل)

- ‌(باب وَقْتِ قِيَامِ النَّبِيِّ -صَلَّى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ- مِنَ اللَّيْلِ)

- ‌(باب افتتاح صلاة الليل بركعتين)

- ‌الحكمة في تخفيفهما

- ‌(باب صلاة الليل مثنى مثنى)

- ‌(باب رفع الصوت بالقراءة في صلاة الليل)

- ‌(باب في صلاة الليل)

- ‌(باب ما يؤمر به من القصد في الصلاة)

- ‌(باب في قيام شهر رمضان)

- ‌(باب في ليلة القدر)

- ‌(باب من روى أنها ليلة سبع عشر

- ‌(باب من روى أنها في السبع الأواخر)

- ‌(باب من قال سبع وعشرون)

- ‌(باب من قال هي في كل رمضان)

الفصل: ‌(باب رفع الصوت بالقراءة في صلاة الليل)

(من أخرج الحديث أيضًا) أخرجه الشيخان ومالك والنسائي والطحاوي ومحمد بن نصر في كتاب قيام الليل، والترمذي من طريق الليث عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أنه قال صلاة الليل مثنى مثنى فإذا خفت الصبح فأوتر بواحدة واجعل آخر صلاتك وترًا، وقال حديث حسن صحيح

(باب رفع الصوت بالقراءة في صلاة الليل)

(ص) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ الْوَرْكَانِيُّ نَا ابْنُ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ عَمْرِو بْنِ أَبِي عَمْرٍو مَوْلَى الْمُطَّلِبِ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: كَانَتْ قِرَاءَةُ النَّبِيِّ -صَلَّى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ- عَلَى قَدْرِ مَا يَسْمَعُهُ مَنْ فِي الْحُجْرَةِ وَهُوَ فِي الْبَيْتِ.

(ش)(الوركاني) نسبة إلى وركان بفتح الواو وسكون الراء اسم لقرية من قرى قاشان ينسب إليها محمد بن جعفر. و (ابن أبي الزناد) عبد الرحمن بن عبد الله بن ذكران تقدم بالثاني صفحة 143

(قوله كانت قراءة النبي الخ) يعني كان رفع صوته بالقراءة ليلًا متوسطًا بحيث يسمعه من في حجرة البيت والحال أنه صلى الله عليه وآله وسلم يصلي داخله، والمراد بالحجرة صحن البيت. وهو يدل على استحباب التوسط في رفع الصوت بقراءة الليل

(والحديث) أخرجه البيهقي، وفي إسناده ابن أبي الزناد، وفيه مقال لكن استشهد به البخاري في مواضع

(ص) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكَّارِ بْنِ الرَّيَّانِ نَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ زَائِدَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي خَالِدٍ الْوَالِبِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ قَالَ: كَانَتْ قِرَاءَةُ النَّبِيِّ -صَلَّى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ- بِاللَّيْلِ يَرْفَعُ طَوْرًا وَيَخْفِضُ طَوْرًا. قَالَ أَبُو دَاوُدَ: أَبُو خَالِدٍ الْوَالِبِيُّ اسْمُهُ هُرْمُزُ.

(ش)(رجال الحديث)(عمران بن زائدة) بن نشيط الكوفي. روى عن أبيه وحسين بن أبي عائشة ونفيع. وعنه ابن المبارك ووكيع وعيسى بن يونس وحفص بن غياث وأبو نعيم وغيرهم، وثقه ابن معين والنسائي وابن حبان. روى له أبو داود والترمذي وابن ماجه و (أبوه) زائدة بن نشيط الكوفي. روى عن أبي خالد الوالبي. وعنه ابنه عمران وفطر بن خليفة، ذكراه ابن حبان في الثقات. روى له أبو داود والترمذي وابن ماجه

و(أبو خالد) اسمه هرمزكما قاله المصنف، ويقال هرم الكوفي. روى عن ابن عباس وجابر

ص: 257

ابن سمرة وميمونة. وعنه الأعمش ومنصوربن المعتمر وفطر بن خليفة وزائدة بن نشيط وغيرهم قال أبو حاتم صالح الحديث وذكره ابن حبان في الثقات. و (الوالبي) بالموحدة نسبة إلى والبة حيّ من بني أسد بن خزيمة

(معنى الحديث)

(قوله كانت قراءة النبي الخ) أي كانت قراءته في الصلاة أو غيرها في الليل مختلفة فتارة يرفع صوته بها رفعًا متوسطًا، وتارة يخفضه، وكان ذلك على حسب اقتضاء الحال

(من أخرج الحديث أيضًا) أخرجه الحاكم عن أبي هريرة بلفظ أنه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم كان إذا قام من الليل رفع صوته طورًا، وخفضه طورًا وكان يذكر أن رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم يفعل ذلك، وقال هذا حديث صحيح الإسناد

(ص) حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ نَا حَمَّادٌ عَنْ ثَابِتٍ الْبُنَانِيِ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ح وَنَا الْحَسَنُ بْنُ الصَّبَّاحِ نَا يَحْيَى بْنُ إِسْحَاقَ أَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ ثَابِتٍ الْبُنَانِيِ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ عَنْ أَبِي قَتَادَةَ: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم خَرَجَ لَيْلَةً فَإِذَا هُوَ بِأَبِي بَكْرٍ رضي الله عنه يُصَلِّي يَخْفِضُ مِنْ صَوْتِهِ -قَالَ- وَمَرَّ بِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَهُوَ يُصَلِّي رَافِعًا صَوْتَهُ -قَالَ- فَلَمَّا اجْتَمَعَا عِنْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "يَا أَبَا بَكْرٍ مَرَرْتُ بِكَ وَأَنْتَ تُصَلِّي تَخْفِضُ صَوْتَكَ". قَالَ: قَدْ أَسْمَعْتُ مَنْ نَاجَيْتُ يَا رَسُولَ اللهِ. قَالَ وَقَالَ لِعُمَرَ: "مَرَرْتُ بِكَ وَأَنْتَ تُصَلِّي رَافِعًا صَوْتَكَ". قَالَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ أُوقِظُ الْوَسْنَانَ وَأَطْرُدُ الشَّيْطَانَ. زَادَ الْحَسَنُ في حَدِيثِهِ: فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "يَا أَبَا بَكْرٍ ارْفَعْ مِنْ صَوْتِكَ شَيْئًا". وَقَالَ لِعُمَرَ: "اخْفِضْ مِنْ صَوْتِكَ شَيْئًا".

و(ش)(رجال الحديث)(يحيى بن إسحاق) البجلي أبو زكريا، ويقال أبو بكر السيلحيني روى عن فليح بن سليمان ومبارك بن فضالة والحمادين والليث وأبان العطار وآخرين. وعنه أحمد ابن حنبل وأبو بكر بن أبي شيبة والحسن بن علي الخلال وأحمد بن منيع وطائفة، قال أحمد صالح

ص: 258

ثقة صدوق وقال ابن معين صدوق وقال ابن سعد كان ثقة حافظًا. مات سنة عشرين ومائتين روى له أبو داود والنسائي والترمذي وابن ماجه

(معنى الحديث)

(قوله قال قد أسمعت من ناجيت) أي قال أبو بكر مبينًا وجه إسراره إني أناجي الله وهو لا يحتاج إلى رفع الصوت. والمناجي المخاطب

(قوله فقال يا رسول الله إني أوقظ الوسنان) أي قال عمر يا رسول الله أريد برفع صوتي تنبيه النائم نومًا خفيفُ اوإبعاد الشيطان عن الوسوسة

(قوله زاد الحسن الخ) أي زاد الحسن بن الصباح في حديثه قوله فقال النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم يا أبا بكر ارفع صوتك شيئًا قليلًا لينتفع السامع وقال لعمر اخفض صوتك شيئًا قليلًا منعا للتشويش على نحو فصل. وأراد صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم بذلك إرشادهما إلى الطريق الوسطى التي هي أكمل المراتب عملًا بقوله تعالى ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها وابتغ بين ذلك سبيلًا. فكأنه قال للصديق اجمع بين المناجاة وانتفاع السامع بقراءتك، وقال لعمر افعل ما به كمال الخشوع وأبعد عن المضرة. وفي هذا دلالة على أن المستحب في قراءة صلاة الليل التوسط في الجهر بها

(من أخرج الحديث أيضًا) أخرجه الحاكم في المستدرك والبيهقي بلفظ المصنف، وأخرجه الترمذي عن أبي قتادة بلفظ أنه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم قال لأبي بكر مررت بك وأنت تقرأ وأنت تخفض من صوتك، قال إني أسمعت من ناجيت قال ارفع قليلًا، وقال لعمر مررت بك وأنت تقرأ وأنت ترفع صوتك، قال إني أوقظ الوسنان وأطرد الشيطان، قال اخفض قليلًا، وقال الترمذي حديث غريب وإنما أسنده يبيح بن إسحاق عن حماد بن عبد الله الرباح مرسلًا اهـ

والمصنف رواه كما ترى معضلًا وأكثر الناس إنما رووا هذا الحديث عن ثابت البناني

(ص) حَدَّثَنَا أَبُو حَصِينِ بْنُ يَحْيَى الرَّازِيُّ نَا أَسْبَاطُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِهَذِهِ الْقِصَّةِ لَمْ يَذْكُرْ فَقَالَ لأَبِي بَكْرٍ: "ارْفَعْ مِنْ صَوْتِكَ شَيْئًا". وَلِعُمَرَ: "اخْفِضْ شَيْئًا". زَادَ: "وَقَدْ سَمِعْتُكَ يَا بِلَالُ وَأَنْتَ تَقْرَأُ مِنْ هَذِهِ السُّورَةِ وَمِنْ هَذِهِ السُّورَةِ". قَالَ: كَلَامٌ طَيِّبٌ يَجْمَعُ الله تَعَالَى بَعْضَهُ إِلَى بَعْضٍ. فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "كُلُّكُمْ قَدْ أَصَابَ".

ص: 259

(ش)(رجال الحديث)(أبو حصين) بفتح الحاء وكسر الصاد المهملتين اسمه وكنيته وسماه أبو حاتم عبد الله (بن يحيى) بن سليمان الرازي. روى عن حفص بن غياث ووكيع ويحيى ابن سليم وأسباط بن محمَّد وجعفر بن عون ويونس بن بكير وغيرهم. وعنه أبو داود وعلي بن سعيد وأحمد بن علي، وثقه أبو حاتم وقال صدوق، ووثقه الطبراني

(معنى الحديث)

(قوله بهذه القصة الخ) أي حدثنا أبوهريرة بقصة أبي بكر وعمر المبينة في الحديث السابق غير أنه لم يذكر أمر النبي صلى الله عليه وآله وسلم إياهما بالتوسط في رفع الصوت بالقراءة، وزاد في روايته قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم لبلال قد سمعتك تقرأ بعض آيات من سورة وبعضًا من سورة أخرى، فقال بلال في سبب جمعه آيات من سور القرآن كلام حسن طيب جمع الله بعضه علي بعض وهو كلام الله أقرأ منه ما تدعو إليه الحاجة

(قوله كلكم قد أصاب) أي كل واحد منكم قد أصاب فيما فعل. وهذا يدل على أن أمره صلي الله تعالى عليه وعلى آله وسلم أبا بكر عمر في الحديث السابق بالتوسط في رفع الصوت بالقراءة أمر إرشاد إلى الأكمل

(وفي هذا) دليل على جواز رفع الصوت بالقراءة في صلاة الليل وجواز الإسرار فيها وجواز قراءة عدة آيات من سور مختلفة في الصلاة وخارجها وإن كان هذا خلاف الأولى بل الجمهور على كراهته. فقد قال محمَّد بن نصر في كتاب قيام الليل: ذكر عن يحيى بن القطان عن عبد الرحمن ابن حرملة عن سعيد بن المسيب أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم مر بأبي بكر وهو يقول وهو يخافت، ومر بعمر وهو يجهر ومر ببلال وهو يقرأ من هذه السورة ومن هذه السورة فقال لأبي بكر مررت بك وأنت تجهر، فقال إني أسمع من أناجي، فقال ارفع من صوتك شيئًا وقال لعمر مررت بك وأنت تجهر، فقال أطرد الشيطان وأوقظ الوسنان فقال اخفض شيئًا، وقال لبلال مررت بك وأنت تقرأ من هذه السورة ومن هذه السورة، فقال أخفض الطيب بالطيب، فقال اقرأ السورة على وجهها. ولرواية قال لبلال إذا قرأت السورة فأنفذها

(أي أتمها) قال أبو عبيد فالأمر عندنا على الكراهة لقراءة الآيات المختلفة كما أنكر النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم على بلال، وذلك أثبت عندي لأنه أشبه بفعل العلماء اهـ

(والحديث) أخرجه البيهقي

(ص) حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ نَا حَمَّادٌ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها: أَنَّ رَجُلًا قَامَ مِنَ اللَّيْلِ فَقَرَأَ فَرَفَعَ صَوْتَهُ بِالْقُرْآنِ فَلَمَّا أَصْبَحَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ-: "يَرْحَمُ اللَّهُ فُلَانًا كَأَيِّنْ مِنْ آيَةٍ أَذْكَرَنِيهَا اللَّيْلَةَ كُنْتُ قَدْ أَسْقَطْتُهَا".

(ش)(حماد) بن سلمة تقدم بالأول صفحة 26

(قوله أن رجلًا) هو عبد الله بن

ص: 260

يزيد الأنصاري كما جزم به عبد الغني بن سعيد في المبهمات، فقد روى من طريق عمرة عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وعلي آله وسلم سمع صوت قارئ يقرأ فقال صوت من هذا، قالوا عبد الله بن يزيد، قال لقد أذكرني آية يرحمه الله كنت أنسيتها. وقيل هو عباد بن بشر الأنصاري لما في رواية للبخاري من حديث عباد بن عبد الله عن عائشة تهجد النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم فسمع صوت عباد يصلي في المسجد فقال عائشة أصوت عباد هذا، قلت نعم قال اللهم ارحم عبادًا ويؤيد الأول مشابهة قصة عمرة عن عائشة التي ذكرها عبد الغني في المبهمات بقصة عروة عنها التي في حديث الباب، بخلاف قصة عباد بن عبد الله عنها فليس فيها تعرض لنسيان الآية أفاده الحافظ في الفتح

(قوله فقرأ فرفع صوته) يعني في المسجد كما جاء في رواية للبخاري عن عائشة قالت سمع النبي صلى الله تعالى عليه وعلي آله وسلم رجلًا يقرأ في المسجد الخ

(قوله كأين من آية أذكرنيها الليلة) أي كثير من الآيات أذكرنيه بقراءته الليلة، فكأين بكاف وهمزة مفتوحتين وياء مكسورة مشددة ونون ساكنة للتكثير بمعنى كم مبتدأ، ويحتمل أن يكون كأين من آية مفعول لمحذوف يفسره المذكور، ولعله إشارة إلى قوله تعالى (وَكَأَيِّنْ مِنْ آيَةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْهَا وَهُمْ عَنْهَا مُعْرِضُونَ)

(قوله كنت أسقطتها) أي تركتها نسيانًا وفي رواية لمسلم عن عائشة قالت كان النبي صلى الله تعالى عليه وعلي آله وسلم يستمع قراءة رجل في المسجد فقال رحمه الله لقد أذكرني آية كنت أنسيتها، وفي رواية معمر عن هشام عند الإسماعيلي

كنت نسيتها بفتح النون ليس قبلها همزة. هذا وقد اختلف العلماء في نسيان القرآن فمنهم من جعله كبيرة محتجًا بما أخرجه الترمذي والمصنف عن أنس مرفوعًا عرضت علي ذنوب أمتي فلم أر ذنبًا أعظم من سورة من القرآن أو آية أوتيها رجل ثم نسيها وفي سنده ضعف وتقدم الكلام على هذا في "باب في كنس المساجد"

(فقه الحديث) دل الحديث علي جواز رفع الصوت بالقراءة في الليل ولو في المساجد لأنه صلى الله تعالى عليه وعلي آله وسلم سمعه وأقره، وهو محمول عل رفع شأنه أن لا يحصل منه التشويش. ويدل له ما في الحديث الآتي من نهيه صلى الله تعالى عليه وعلي آله وسلم عن رفع الصوت بالقراءة، وعلى مشروعية الدعاء لمن تسبب في خير للغير، وعلي حواز النسيان على النبي صلى الله تعالى عليه وعلي آله وسلم فيما بلغه للأمة وهذا متفق عليه. أما ما لم يبلغه فلا يجوز عليه نسيانه قبل التبليغ. وتقدم الكلام علي هذا في سجود السهو

(من أخرج الحديث أيضًا) أخرجه البخاري ومسلم من عدة طرق بألفاظ متقاربة، وأخرجه النسائي والبيهقي ومحمد بن نصر في قيام الليل. وفي بعض النسخ بعد هذا الحديث زيادة قوله "قال أبو داود ورواه هارون النحوي عن حماد بن سلمه في سورة آل عمران في الحروف وكأين من نبي" أي أن هارون بن موسى الأزدي أبو عبد الله النحوي روى هذا الحديث عن حماد بن

ص: 261

سلمة بلفظ يرحم الله فلانًا أذكرني في سورة آل عمران حروفًا أي كلمات أسقطتها وهي قوله ئعالى (وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ)(الآية) ويحتمل أن يراد بالحروف القراءآت، فالجمهور يقرءون وكأين بفتح الكاف والهمزة وتشديد الياء مكسورهّ ونون ساكنة وقرأ ابن كثير وكائن على وزن اسم الفاعل فإن كان الرجل قرأ برواية الجمهور فهي التي نسيها صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم، وإن كان قرأ برواية ابن كثير فهي التي نسيها وكان حافظًا لها "ولا منافاة" بين هذه الرواية وحديث الباب لجواز تعدد القصة

(ص) حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ نَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَنَا مَعْمَرٌ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أُمَيَّةَ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ: اعْتَكَفَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ- فِي الْمَسْجِدِ فَسَمِعَهُمْ يَجْهَرُونَ بِالْقِرَاءَةِ فَكَشَفَ السِّتْرَ وَقَالَ: "أَلَا إِنَّ كُلَّكُمْ مُنَاجٍ رَبَّهُ فَلَا يُؤْذِيَنَّ بَعْضُكُمْ بَعْضًا وَلَا يَرْفَعْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ فِي الْقِرَاءَةِ". أَوْ قَالَ: "فِي الصَّلَاةِ".

(ش)(عبد الرزاق) بن همام تقدم بالأول صفحة 106. و (معمر) بن راشد و (أبو سلمة) بن عبد الرحمن بن عوف و (أبو سعيد) الخدري

(قوله اعتكف رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلي آله وسلم) أي مكث في المسجد للعبادة

(قوله فكشف الستر) بكسر السين ما يستر به وجمعه ستور والسترة والستارة مثله. وفي رواية الحاكم فسمعهم يجهرون بالقراءة وهو في قبة له فكشف الستور

(قوله ألا إن كلكم مناج ربه) وفي رواية الحاكم ألا كلكم يناجي ربه يعني يعبد ربه وهو يسمع السر وأخفى

(قوله ولا يرفع بعضكم علي بعض في القراءة أو قال في الصلاة) بالشك وفي رواية الحاكم ولا يرفعن بعضم علي بعض في القراءة في الصلاة. وفي الحديث دليل على مشروعية الاعتكاف وجواز التنقل في المسجد. بلا كراهة. وعلى أن رفع الصوت بالقرآن وغيره في المسجد ممنوع إذا ترتب عليه إيذاء أو تشويش على نحو فصل أو نائم

(من أخرج الحديث أيضًا) أخرجه النسائي والبيهقي والحاكم وقال حديث صحيح على شرط الشيخين وأخرجه أحمد والبزار والطبراني بإسناد صحيح عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم خرج على الناس وهم يصلون وقد علت أصواتهم بالقراءة فقال إن المصلى يناجى ربه عز وجل فلينظر بم يناجيه ولا يجهر بعضكم على بعض بالقرآن

(ص) حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ نَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ عَنْ بَحِيرِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ خَالِدِ

ص: 262