المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(باب إذا أدرك الإمام ولم يصل ركعتي الفجر) - المنهل العذب المورود شرح سنن أبي داود - جـ ٧

[السبكي، محمود خطاب]

فهرس الكتاب

- ‌(باب تفريع صلاة الاستسقاء)

- ‌(باب رَفْعِ الْيَدَيْنِ فِي الاِسْتِسْقَاءِ)

- ‌ الدعاء في الاستسقاء

- ‌(باب صلاة الكسوف)

- ‌(باب القراءة في صلاة الكسوف)

- ‌(باب الصدقة فيها)

- ‌(باب العتق فيها)

- ‌(باب الصلاة عند الظلمة ونحوها)

- ‌(باب السجود عند الآيات)

- ‌(باب متى يقصر المسافر)

- ‌ المسافر لا يقصر الصلاة إلا إذا فارق بناء البلد

- ‌(باب الأذان في السفر)

- ‌(باب المسافر يصلي وهو يشك في الوقت)

- ‌(باب الجمع بين الصلاتين)

- ‌(باب قصر قراءة الصلاة في السفر)

- ‌(باب التطوع في السفر)

- ‌(باب التطوع على الراحلة والوتر)

- ‌(باب الفريضة على الراحلة من عذر)

- ‌ اقتداء المقيم بالمسافر

- ‌(باب إذا أقام بأرض العدو يقصر)

- ‌ الخوف والعدو في غير جهة القبلة

- ‌ كيفية رابعة لصلاة الخوف والعدو في غير جهة القبلة

- ‌(باب صلاة الطالب)

- ‌(باب ركعتي الفجر)

- ‌(باب في تخفيفهما)

- ‌(باب الاضطجاع بعدها)

- ‌الاضطجاع قبلهما

- ‌(باب إذا أدرك الإمام ولم يصل ركعتي الفجر)

- ‌(باب من فاتته متى يقضيها)

- ‌(باب الأربع قبل الظهر وبعدها)

- ‌(باب الصلاة قبل العصر)

- ‌(باب الصلاة بعد العصر)

- ‌(باب الصلاة قبل المغرب)

- ‌ استحباب التنفل قبل المغرب وغيره

- ‌(باب صلاة الضحى)

- ‌(باب صلاة النهار)

- ‌(باب صلاة التسبيح)

- ‌(باب ركعتي المغرب أين تصليان)

- ‌(باب الصلاة بعد العشاء)

- ‌(باب نسخ قيام الليل)

- ‌(باب قيام الليل)

- ‌(باب النعاس في الصلاة)

- ‌(باب من نام عن حزبه)

- ‌(باب من نوى القيام فنام)

- ‌(باب أي الليل أفضل)

- ‌(باب وَقْتِ قِيَامِ النَّبِيِّ -صَلَّى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ- مِنَ اللَّيْلِ)

- ‌(باب افتتاح صلاة الليل بركعتين)

- ‌الحكمة في تخفيفهما

- ‌(باب صلاة الليل مثنى مثنى)

- ‌(باب رفع الصوت بالقراءة في صلاة الليل)

- ‌(باب في صلاة الليل)

- ‌(باب ما يؤمر به من القصد في الصلاة)

- ‌(باب في قيام شهر رمضان)

- ‌(باب في ليلة القدر)

- ‌(باب من روى أنها ليلة سبع عشر

- ‌(باب من روى أنها في السبع الأواخر)

- ‌(باب من قال سبع وعشرون)

- ‌(باب من قال هي في كل رمضان)

الفصل: ‌(باب إذا أدرك الإمام ولم يصل ركعتي الفجر)

المسيب وطائفة. وثقه أبو حاتم والنسائي وابن حبان. مات سنة أربع وخمسين ومائتين و (أبو مكين) بفتح الميم وكسر الكاف هو نوح بن ربيعة الأنصاري مولاهم البصري روى عن أبي مجلز وعكرمة ونافع وأبي صالح السمان وأبي الفضل بن خلف وغيرهم. وعنه يزيد بن زريع ويحيى القطان وسهل بن حماد ووكيع ومحمد بن بشر. وثقه أحمد وابن سعد وأبو داود وابن حبان وقال كان يخطئُ وقال العقيلي لا يتابع على حديثه. وقال في التقريب صدوق من الثالثة. روى له أبو داود والنسائي وابن ماجه. و (أبو الفضل) بن خلف الأنصاري وقيل أبو الفضيل كما ذكره المصنف ويقال أبو المفضل وقيل ابن المفضل. روى عن مسلم بن أبي بكرة. وعنه أبو مكين. قال أبو الحسن القطان مجهول وقال في التقريب مجهول من الرابعة. روى له أبو داود. وأشار بقوله رجل من الأنصار إلى أنه مجهول الاسم. و (مسلم بن أبي بكرة) بن الحارث الثقفي. روى عن أبيه أبي بكرة نفيع بن الحارث. وعنه عثمان الشحام وسعيد بن جمهان وأبو الفضل وسعيد بن سلمة. وثقه ابن حبان والعجلي. مات سنة بضع وثمانين. روى له مسلم وأبو داود والترمذي والنسائي

(معنى الحديث)

(قوله إلا ناداه بالصلاة الخ) أي أعله بدخول وقت الصلاة إما بالقول أو بالفعل كهزّة برجله

(قوله قال زياد الخ) أي قال زياد بن يحيى في روايته قال أبو مكين حدثنا أبو الفضيل بالتصغير بدل أبو الفضل المذكور في رواية العباس. وفي الحديث دليل على استحباب إيقاظ النائمين وقت الصلاة، وعلي إباحة الكلام مع غير الأهل بين ركعتي الفجر وصلاة الصبح

(والحديث) أخرجه البيهقي وفي إسناده أبو الفضل وهو مجهول

(باب إذا أدرك الإمام ولم يصل ركعتي الفجر)

أي في بيان ما يطلب ممن أدرك الإمام وهو يصلي الصبح ولم يصل هو ركعتي الفجر

(ص) حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ نَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ عَاصِمٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَرْجِسَ قَالَ جَاءَ رَجُلٌ وَالنَّبِيُّ -صَلَّى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ- يُصَلِّي الصُّبْحَ فَصَلَّى الرَّكْعَتَيْنِ ثُمَّ دَخَلَ مَعَ النَّبِيِّ -صَلَّى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ- فِي الصَّلَاةِ فَلَمَّا انْصَرَفَ قَالَ "يَا فُلَانُ أَيَّتُهُمَا صَلَاتُكَ الَّتِى صَلَّيْتَ وَحْدَكَ أَوِ الَّتِى صَلَّيْتَ مَعَنَا".

(ش)(عاصم) بن سليمان الأحول تقدم بالجزء الأول صفحة 274

(قوله فصلى الركعتين) أي ركعتي الفجر

(قوله قال يا فلان) كناية عن اسم ذلك الرجل الذي بدأ بتأدية السنة

(قوله أيتهما

ص: 151

صلاتك الخ) أي أي الصلاتين قصدت واعتمدت عليها وجئت لأجلها أصلاتك وحدك أم صلاتك معنا فإن كانت التي صليتها وحدك: هي النافلة فالبيت أولى بها من المسجد وإن كانت الفريضة فلم أخرتها وقدمت غيرها فهو استفهام إنكاري الغرض منه تبكيته على صلاته النافلة والإمام في الفريضة. فأيتهما صلاتك مبتدأ وخبر ويحتمل أن يكون أيتهما مفعولًا لفعل محذوف أي قصدت أي الصلاتين وجعلتها صلاتك

(وفي الحديث) دليل علي أن من أدرك الإمام في الفريضة لا يدخل في النافلة وإن ظن أنه يدرك من الفريضة الركعة الأولى مع الإمام. وفيه رد على من قال إن علم أنه يدرك الإمام في الركعة الأولى أو الثانية يبدأ بسنة الصبح. وقالوا إن إنكاره صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم على الرجل لوصله النافلة بالفريضة وصلاتهما في مكان واحد بلا فاصل بينهما غير السلام وهذا كنهيه من صلى الجمعة عن التطوع بعدها في مكانها حتى يتكلم أو يتقدم. وقالوا أيضًا إن حديث الباب محمول علي أن الرجل صلى ركعتي الفجر مخالطًا للصف فقد روى ابن ماجه من طريق أبي معاوية عن عاصم عن عبد الله بن سرجس أن النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم رأى رجلًا يصلي الركعتين قبل صلاة الغداة وهو في الصلاة اهـ

فإن رؤيته صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم إياه لا تتأتي إلا وهو في جانب المسجد في الصف الأول. واستدلوا على ما ذهبوا إليه بما رواه الطحاوي من طريق يحيى بن أبي كثير عن محمد بن عبد الرحمن أن رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم مر بعبد الله بن مالك بن بحينة وهو منتصب يصلي بين يدي نداء الصبح فقال لا تجعلوا هذه الصلاة كصلاة قبل الظهر وبعدها واجعلوا بينهما فصلًا اهـ

فظهر بهذا الحديث أن الذي كرهه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم لابن بحينة إنما هو وصله الفريضة بالنافلة في مكان واحد من غير فصل يينهما. وفيه أن الحديث ليس صريحًا في أن ابن بحينة كان يصلي ركعتي الفجر بل يحتمل أنه كان يصلي نافلة غيرها قبل الأذان كما يشعر بذلك قوله يصلي بين يدي نداء الصبح. وقالوا أيضًا فيما ذهبنا إليه جمع بين الفضيلتين فضيلة إدراك السنة وفضيلة إدراك الجماعة. وقد ثبت عن ابن مسعود وابن عمر وابن عباس وأبي الدرداء أنهم أدّوا سنة الصبح والإمام في الفريضة. فقد روى الطحاوي من طريق عبد الله بن أبي موسى عن عبد الله يعني ابن مسعود أنه دخل المسجد والإمام في الصلاة فصلى ركعتي الفجر. وروى من طريق زيد بن أسلم عن ابن عمر أنه جاء والإمام يصلي الصبح ولم يكن صلى الركعتين قبل صلاة الصبح فصلاهما في حجرة حفصة وصلى مع الإمام. وروى من طريق أبي عثمان الأنصاري قال جاء عبد الله بن عباس والإمام في صلاة الغداة ولم يكن صلى الركعتين فصلى الركعتين خلف الإمام ثم دخل معه. وروى من طريق أبي عبيد الله عن أبي الدرداء أنه كان يدخل المسجد والناس صفوف في صلاة الفجر فيصلي الركعتين في ناحية

ص: 152

المسجد ثم يدخل مع القوم في الصلاة.

ويبعد أن يكون حديث الباب على إطلاقه ويفعل على خلاف هؤلاء الصحابة الأجلاء.

وفي هذا كله نظر لأن ظاهر الحديث الإنكار على من دخل في النافلة والإمام في الفريضة.

وحمل الإنكار على عدم الفصل بين النافلة والفريضة بعيد لما في رواية البيهقي عن عبد الله بن سرجس قال دخل رجل المسجد ورسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم في صلاة الصبح فصلى الركعتين قبل أن يصل إلى الصف الخ.

وما في رواية مسلم من قوله دخل رجل المسجد ورسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم في صلاة الغداة فصلى ركعتين في جانب المسجد ثم دخل مع رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم "الحديث" فإت ظاهرهما أنه صلى النافلة في غير مكان الفريضة.

ويؤيد بقاء الحديث على ظاهره الحديث الآتي فإن فيه النهى عن ابتداء صلاة أخرى بعد إقامة الصلاة الحاضرة ويؤيده أيضًا ما رواه البزار عن أنس قال خرج رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم حين أقيمت الصلاة فرأى ناسًا يصلون ركعتي الفجر فقال أصلاتان معًا ونهى أن تصليا إذا أقيمت الصلاة. وأخرجه مالك في الموطأ بدون قوله ونهى الخ.

وما رواه الطبراني في الكبير عن أبي موسى أن رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم رأى رجلًا يصلي ركعتي الغداة حين أخذ المؤذن يقيم فغمز النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم منكبه وقال ألا كان هذا قبل هذا "وما ذكروه" من أن ما ذهبوا إليه فيه الجمع بين الفضيلتين "متعقب" بأنه يمكن الحصول على الجمع بين الفضيلتين بصلاة الركعتين بعد الفراغ من الفريضة كما سيأتي للمصنف بعد من إقراره صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم من صلاهما بعد الفريضه ولم ينكر عليه. وما ذكروه من الآثار معارض بالمثل. فقد ثبت عن عمر وأبي هريرة وغيرها أنهم كانوا يمنعون الشروع في النافلة بعد إقامة الصلاة فقد روى البيهقي عن عمر بن الخطاب أنه كان إذا رأى رجلًا يصلي وهو يسمع الإقامة ضربه.

وروى ابن حزم عن أبى هريرة قال إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة. وعلى تقدير عدم المعارض فهي لا تقوى على معارضة الأحاديث المرفوعة إلى النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم. قال ابن عبد البر وغيره الحجة عند التنازع السنة فمن أدلى بها فقد أفلح.

وترك التنفل عند إقامة الصلاة وتداركها بعد قضاء الفرض أقرب إلى اتباع السنة ويتأيد ذلك من حيث المعنى بأن قوله في الأحاديث حى على الصلاة معناه هلموا إلى الصلاة التى يقام لها فأسعد الناس بامتثال هذا الأمر من لا يتشاغل عنه بغيره اهـ

(من أخرج الحديث أيضًا) أخرجه مسلم والنسائي وابن ماجه والطحاوي

(ص) حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ نَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ ح وَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ نَا مُحَمَّدُ بْنُ

ص: 153

جَعْفَرٍ نَا شُعْبَةُ عَنْ وَرْقَاءَ ح وَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ نَا أَبُو عَاصِمٍ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ ح وَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ نَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ عَنْ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ ح وَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُتَوَكِّلِ نَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَنَا زَكَرِيَّا بْنُ إِسْحَاقَ كُلُّهُمْ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ- "إِذَا أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ فَلَا صَلَاةَ إِلَاّ الْمَكْتُوبَةُ".

(ش)(رجال الحديث)(ورقاء) بن عمر اليشكري أبو بشر الكوفي. روى عن أبي إسحاق السبيعي وزيد بن أسلم وسعد بن سعيد الأنصاري والأعمش وكثيرين. وعنه ابن المبارك ومعاذ بن معاذ وإسحاق بن يوسف الأزرق ووكيع وآدم بن أبي إياس وغيرها. وثقه أحمد ووكيع وقالا ابن معين وأبو حاتم صالح الحديث وقال أبو داود الطيالسي قال لي شعبة عليك بورقاء إنك لا تلقى بعده مثله. قيل لأبي داود أيّ شيء عنى بذلك قال أفضل وأورع وخيرًا منه وقال ابن عدي روى أحاديث غلط في أسانيدها وباقي أحاديثه لا بأس بها. و (أبو عاصم) الضحاك النبيل

(قوله كلهم عن عمرو بن دينار) أي روى كل من حماد بن سلمة في الطريق الأول وورقاء بن عمر في الطريق الثاني وابن جرج في الثالث وأيوب السختياني في الرابع وزكريا بن إسحاق في الخامس عن عمرو بن دينار فهذه خمس طرق متصلة بعمرو بن دينار

(معنى الحديث)

(قوله إذا أقيمت الصلاة الخ) أي شرع في إقامتها ففي رواية ابن حبان عن محمد بن جحادة عن عمرو بن دينار إذا أخذ المؤذن في الإقامة فلا صلاة إلا المكتوبة وهو نفي بمعنى النهي والنهي متوجه إلى الشروع في غير المكتوبة المقامة أما إتمام ما شرع فيه قبل الإقامة فلا يشمله النهى بل يتمه. وإلا لزم إبطاله. وهو منهي عنه بقوله تعالى (وَلَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ) ويحتمل إبقاء النفي على أصله أي فلا صلاة صحيحة أو كاملة. وحمله على نفي الصحة أولى لأن نفيها أقرب إلى نفي الحقيقة. لكن لما لم يأمر النبي صل الله تعالى عليه وعلى آله وسلم الرجل في الحديث السابق بإعادة ركعتي الفجر واقتصر على الإنكار دل على أن المراد هنا نفي الكمال.

والحكمة في النهي عن الدخول في النافلة بعد الإقامة للمكتوبة التفرغ للفريضة من أولها والمحافظة على إكمالها مع الإمام وعلى أسباب الاتفاق والبعد مما يؤدي إلى الخلاف على الأئمة والطعن عليهم

(وفي الحديث) دليل على أنه لا يجوز لمن حضر حال الإقامة أن يشرع في غير الصلاة المقام لها لا فرق في ذلك بين سنة الصبح وغيرها

"وللعلماء" في ذلك أقوال "أحدهما" الكراهة وبها قال عمر وأبوهريرة وعروة بن الزبير وابن سيرين

ص: 154

وسعيد بن جبير وابن المبارك والشافعي وأحمد وإسحاق

"الثاني" لا يجوز صلاة شيء من النوافل إذا أقيمت المكتوبة لا فرق بين ركعتي الفجر وغيرها قاله ابن عبد البر والظاهرية وقالوا من سمع الإقامة لا يحل له الدخول في ركعتي الفجر ولا في غيرهما من النوافل ولو خارج المسجد

"الثالث" لا تنعقد صلاة التطوع بالشروع فيها وقت إقامة الفريضة. حكاه صاحب النيل عن الظاهرية أيضًا. واستدل أرباب هذه الأقوال بظاهر حديث الباب. فمن قال بالأول قال إن المراد بالنفي فيه النهي وهو محمول على الكراهة أو أن النفي فيه باق على حقيقته والمراد به نفي الكمال وقد تقدم وجهه. ومن قال بالثاني حمل النفي فيه على نهي التحريم. ومن قال بالثالث قال إن النفي فيه لنفي الصحة. وقد تقدم رده

"القول الرابع" لا بأس بصلاة سنة الصبح خارج المسجد أو فيه والإمام في الفريضة إذا تيقن إدراك الركعة الأخيرة مع الإمام وهو قول أبي حنيفة وأصحابه. وقد روى عن ابن مسعود وابن عمر وابن عباس وأبي الدرداء كما تقدم. وعن مسروق والحسن البصري ومكحول ومجاهد والأوزاعي وغيرها. واستدلوا بحديث أبي هريرة أن النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم قال إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة إلا ركعتي الفجر. رواه البيهقي من طريق حجاج بن نصير عن عباد بن كثير وقال هذه الزيادة لا أصل لها وحجاج وعباد ضعيفان اهـ

"القول الخامس" يركعهما خارج المسجد إن لم يخف فوات الركعة الأولى مع الإمام وإلا تركها ودخل مع الإمام. وهو قول مالك. وقال الثوري يركعهما ولو في المسجد ما لم يخش فوات ركعة مع الإمام

"القول السادس" يصليهما ولو فاتته الصلاة مع الإمام إذا كان الوقت واسعًا. وهو قول ابن الجلاب من المالكية

"واستدل" أرباب هذه الأقوال بما تقدم من الآثار التي ذكرناها في الحديث السابق. وهذه التفاصيل لا دليل عليها. وما استدلوا به من الآثار لا يقاوم حديث الباب وأجابوا عن تضعيف البيهقي لحجاج وعباد في حديث أبي هريرة بأن حجاجًا إنما ضعف في حديث شعبة. قال يعقوب بن شيبة سألت ابن معين عن حجاج بن نصير فقال كان شيخًا صدوقًا لكنهم أخذوا عليه أشياء في حديث شعبة وليس في سند البيهقي شعبة وأورد له ابن عدي أحاديثه عن شعبة ثم قال للحجاج روايات عن شيوخه ولا أعلم له شيئًا منكرًا غير ما ذكرت وهو في غير ما ذكرته صالح. وأما عباد بن كثير الرملي فوثقه ابن معين وقال ليس به بأس. وقال زياد بن الربيع كان ثقة

(أقول) لكن ما قاله البيهقي أقوى فإن حجاجًا ضعفه غير ابن معين على الإطلاق. قال ابن المديني ذهب حديثه. وقال أبو داود متروك الحديث. وقال النسائي ضعيف ليس بثقة ولا يكتب حديثه وقال ابن حبان يخطئُ ويهم. وضعفه ابن سعد والدارقطني والأزدي والعجلي وابن قانع. وأما عباد بن كثير فمن جرّحه أكثر

ص: 155