الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
من الطريقين ثقات عدول وقد صرح المصنف في رواية عبد الرزاق ومحمد بن بكر عن ابن جريج بسماعه من عبد الله بن أبي عمار وصرح بعض المحدثين بسماعه من عبد الرحمن وتقدم للمصنف في رواية يحيى القطان وعبد الرزاق عن ابن جريج قال حدثني عبد الرحمن بن عبد الله فالوجه أن يقال إن ابن جريج سمع الحديث من عبد الرحمن ومن أبيه وحدث به كما سمع. هذا و (حماد بن مسعدة) هو أبو سعيد البصري التيمي. روى عن سليمان التيمي وحميد الطويل وهشام بن عروة ومالك وابن أبي ذئب وكثيرين. وعنه أحمد وإسحاق وأبو بكر بن أبي شيبة وهارون بن سليمان وثقه أبو حاتم وابن سعد وابن شاهين وابن حبان. توفي سنة ثنتين ومائتين. روى له الجماعة. ولم نقف على من أخرج روايته. أما رواية أبي عاصم فقد وصلها البيهقي من طريق أبي العباس محمد بن يعقوب قال ثنا إبراهيم بن مرزوق ثنا أبو عاصم عن ابن جريج أنبأ عبد الرحمن بن عبد الله بن أبي عمار عن عبد الله بن بابي عن يعلى قال قلت لعمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه قول الله عز وجل (أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ) قال عجبت مما عجبت منه فسألت رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم فقال صدقة تصدق الله عليكم بها فاقبلوها
(باب متى يقصر المسافر)
يعني في بيان ابتداء القصر والمسافة التي تقصر فيها الصلاة
(ص) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ نَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ نَا شُعْبَةُ عَنْ يَحْيَى بْنِ يَزِيدَ الْهُنَائِيِّ قَالَ سَأَلْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ عَنْ قَصْرِ الصَّلَاةِ فَقَالَ أَنَسٌ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ- إِذَا خَرَجَ مَسِيرَةَ ثَلَاثَةِ أَمْيَالٍ أَوْ ثَلَاثَةِ فَرَاسِخَ -شُعْبَةُ شَكَّ- يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ.
(ش)(رجال الحديث)(ابن بشار) هو محمد. و (يحيى بن يزيد) أبو نصر البصري روى عن أنس والفرزدق. وعنه شعبة بن الحجاج وخلف بن خليفة وابن علية. قال أبو حاتم شيخ وذكره ابن حبان في الثقات. وقال في التقريب مقبول من الخامسة. روى له مسلم وأبو داود و (الهنائي) بضم الهاء وتخفيف النون نسبة إلى هناءة بن عمرو بن مالك بطن من الأزد
(معنى الحديث)
(قوله كان رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم إذا خرج مسيرة ثلاثة أميال أو ثلاثة فراسخ) هكذا في رواية مسلم بالشك. والميل بكسر الميم عند العرب مقدار مدّ البصر في الأرض. وعند القدماء من أهل الهيئة ثلاثة آلاف ذراع. وعند المحدّثين أربعة آلاف ذراع. والخلاف لفطي لأنهم اتفقوا على أن مقداره ست وتسعون
ألف أصبع والأصبع ست شعيرات بطن كل واحدة إلى الأخرى. لكن القدماء يقولون الذراع اثنتان وثلاثون إصبعا. والمحدثون يقولون أربع وعشرون إصبعا فإذا قسم مقدار الميل "96 ألف أصبع" على 32 أصبعا كان المتحصل ثلاثة آلاف ذراع وهو رأى القدماء. وإن قسم على 24 كان المتحصل أربعة آلاف ذراع وهو رأى المحدثين. وهو المختار عند الحنفية. وقالت المالكية الصحيح أن الميل ثلاثة آلاف وخمسمائة ذراع على ما قاله ابن عبد البر. وقيل ثلاثة آلاف ذراع. ومشهور المذهب أنه ألفًا ذراع والذراع ستة وثلاثون إصبعًا. وقالت الشافعية والحنابلة الميل ستة آلاف ذراع والذراع عندهما أربعة وعشرون أصبعا. والفرسخ عند الجميع ثلاثة أميال (واختلف) العلماء في المسافة التي تقصر في الصلاة. فذهبت الظاهرية إلى أن أقل مسافة القصر ثلاثة أميال لما رواه البخاري ومسلم عن ابن عمر أن النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم قال لا تسافر امرأة ثلاثًا إلا ومعها ذو محرم. وقال ابن حزم أقلها ميل. واحتج بإطلاق السفر في قوله تعالى (وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ) الآية. وكذا في سنة رسوله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم. قال فلم يخص الله ولا رسوله ولا المسلون سفرًا من سفر. ثم احتج على ترك القصر فيما دون المحل بأنه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم خرج إلى البقيع لدفن الموتى وللفضاء لقضاء الحاجة ولم يقصر (وذهب) الصادق وأحمد بن عيسى والقاسم والهادي إلى أن أقل مسافة القصر بريد محتجين بما رواه الحاكم مرفوعًا لا تسافر المرأة بريدًا إلا مع ذى محرم (وذهب) الأوزاعي وآخرون إلى أن أقلها مسير يوم تام. قال ابن المنذر وبه أقول مستدلين بما رواه الشيخان عن أبي هريرة مرفوعًا لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر مسيرة يوم وليلة ليس معها حرمة "أي محرم"(وذهب) الشافعي ومالك وأصحابهما وأحمد والليث وإسحاق والحسن البصري والشعبي والثوري وجماعة إلى أن أقل مسافة القصر مرحلتان وهما ثمانية وأربعون ميلًا. وهو قول ابن عباس وابن عمر. واستدلوا بما رواه ابن المنذر والبيهقي بإسناد صحيح وعلقه البخاري عن عطاء بن أبي رباح أن ابن عمر وابن عباس كانا يصليان الرباعية ركعتين ويفطران في أربعة برد فا فوق ذلك. وبما رواه الشافعي والبيهق بإسناد صحيح أيضًا عن عطاء قال سئل ابن عباس أتقصر الصلاة إلى عرفة فقال لا ولكن إلى عسفان فإلى جدة وإلى الطائف. ونقل النووي عن مالك أن بين مكة وكل من الطائف وعسفان أربعة برد (وقالت) الحنفية أقل مسافة القصر مسيرة ثلاثة أيام أوليال من أقصر أيام السنة أولياليها بالسير الوسط وهو سير الإبل ومشي الأقدام في السهل. لما رواه أبو داود وغيره عن خزيمة بن ثابت مرفوعًا. المسح على الخفين للمسافر ثلاثة أيام وللقيم يوم وليلة. ووجه التمسك به أنه يقتضي أن كل من صدق عليه أنه مسافر شرع المسح له ثلاثة أيام لأن اللام في المسافر
للاستغراق ولا يتصور ذلك إلا إذا قدر أقل مدة السفر ثلاثة أيام لأنه لو قدر بأقل من ذلك لا يمكنه استيفاء مدته لانتهاء سفره فاقتضى تقديره بها ضرورة وإلا لخرج بعض المسافرين. قالوا ولا يشترط سفركل اليوم إلى الليل بل إلى الزوال لأنه أكثر النهار الشرعي الذي هو من الفجر إلى الغروب. والمدة من الفجر إلى الزوال في أقصر أيام السنة في القطر المصري سبع ساعات إلا ثلثا فزمن السير في ثلاثة أيام عشرون ساعة وهو قريب من مسافة القصر عند الأئمة الثلاثة. وقد اعتمد بعض علماء الحنفية أن قدرها بالزمن مسير يوم وليلة أو يومين معتدلين وكذا ليلتان بحيث يقطع المسافر أربعًا وعشرين ساعة يسير الإبل المثقلة بالأحمال ودبيب الأقدام ذهابًا لا إيابًا بما في ذلك زمن استراحة المسافر الذي يقضي فيه مصالحة من أكل وطهارة وصلاة وإصلاح متاع. وعن أبي حنيفة تقديره بثلاث مراحل وهو قريب من الأول. ويعتبر في كل شيء السير المعتاد فيه مع الاستراحة المعتادة حتى لو ركب قطارًا مثلًا فقطع مسيرة ثلاثة أيام في زمن يسير قصر الصلاة. وقيل إنه مقدر بالفراسخ. فقيل بأحد وعشرين. وقيل ثمانية عشر. والصحيح أنه لا اعتبار بالفراسخ. قال في البحر وأشار المصنف "يعني النسفى" إلى أنه لا اعتبار بالفراسخ وهو الصحيح لأنّ الطريق لو كان وعرًا بحيث يقطع في ثلاثة أيام أقل من في خمسة عشر فرسخًا قصر بالنص وعلى التقدير بها لا يقصر فيعارض النص فلا يعتبر سوى سير الثلاثة اهـ وفي النهاية الفتوى على اعتبار ثمانية عشر فرسخًا.
وفي المجتبى فتوى أكثر أئمة خوارزم على خمسة عشر فرسخًا اهـ
وقال في فتح القدير وكل من قدر بقدر اعتقد أنه مسيرة ثلاثة أيام اهـ
وهذا التقدير ملاحظ فيه الطريق السهل. وأما الصعب فالمسافة فيه أقل من خمسة عشر فرسخًا على قدر صعوبة. هذا واعلم أن الفرسخ ثلاثة أميال والميل أربعة آلاف ذراع فلكي والذراع ستة وأربعون سنتيمترًا وثلاثة أثمان سنتيمترًا فيكون الميل 1855 متر خمسًا وخمسين وثمانمائة وألف متر. ويكون الفرسخ 5565 متر خمسة وستين وحمسمائة وخمسة ألاف متر. وتكون الخمسة عشر فرسخًا 83475 متر خمسة وسبعين وأربعمائة وثلاثة وثمانين ألف متر. أي نحو ثلاثة وثمانين كيلو متر ونصف كيلو متر.
هذا (وأجاب) الجمهور عما احتج به ابن حزم من إطلاق الآية والأحاديث بأنه ينقل عنه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم القصر صريحًا في أقل من مرحلتين. وعن حديث الباب بأن المراد به أنه كان إذا سافر سفرًا طويلًا ابتدأ القصر بعد ثلاثة أميال. فهو بيان لابتداء القصر وليس المراد منه بيان غاية السفر وليس التقييد بالثلاثة لكونه لا يجوز القصر عند مفارقة البلد بل لأنه ما كان يحتاج إلى القصر إلا إذا تباعد هذا القدر لأن الظاهر أنه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم كان لا يسافر عند دخول وقت الصلاة إلا بعد أن يصليها فلا تدركه الصلاة الأخرى إلا وقد
تباعد عن المدينة بهذا القدر أفاده النووي.
قال الحافظ في الفتح لا يخفى بعد هذا الحل مع أن البيهقي ذكر في روايته من هذا الوجه أن يحيى بن يزيد راويه عن أنس قال سألت أنسًا عن قصر الصلاة وكنت أخرج إلى الكوفة يعني من البصرة فأصلي ركعتين ركعتين حتى أرجع فقال أنس فذكر الحديث "يعني حديث الباب" فظهر أنه سأله عن جواز القصر في السفر لا عن الموضع الذي يبتدئ القصر منه. ثم قال وردّه "يعني الحديث" القرطبي بأنه مشكوك فيه فلا يحتج به. فإن كان المراد به أنه لا يحتج به في التحديد بثلاثة أميال فمسلم لكن لا يمتنع أن يحتج به في التحديد بثلاثة فراسخ فإن الثلاثة الأميال مندرجة فيها فيؤخذ بالأكثر احتياطا اهـ
قال في سبل السلام لكن قيل إنه لم يذهب إلى التحديد بالثلاثة الفراسخ أحد اهـ
وقال الخطابي إذا ثبت هذا الحديث كانت الثلاثة الفراسخ حدًّا فيما تقصر الصلاة إلا أني لا أعرف أحدًا من الفقهاء يقول به اهـ
(وقال) في الروضة الندية لم يأت في تعيين قدر السفر الذى يقصر فيه المسافر شيء عن النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم فوجب الرجوع إلى ما يسمى سفرًا لغة وشرعًا فمن خرج من بلده قاصدًا محلًا يعدّ في سيره إليه مسافرًا قصر الصلاة وإن كان ذلك المحل دون بريد ولم يأت من اعتبر البريد واليوم وإليومين والثلاثة بحجة نيرة. وغاية ما جاءوا به حديث لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر ثلاثة أيام بغير ذي محرم. وفي رواية يومًا وليلة وفي رواية بريدًا. وليس فيه ذكر القصر ولا هو في سياقه. والاحتجاج به مجرد تخمين "ولا يقال" محل الدليل فيه كونه سمى تلك المدة سفرًا "لأنا نقول" تسميتها سفرًا لا ينافي تسمية ما دونها سفرًا فقد سمى النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم مسافة الثلاث سفرًا كما سمى مسافة البريد سفرًا في ذلك الحديث. وتسمية البريد سفرًا لا ينافي تسمية ما دونه سفرًا "وأما ما رواه" الدارقطني والبيهقي والطبراني من حديث ابن عباس أنه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم قال يأهل مكة لا تقصروا في أقل من أربعة برد من مكة إلى عسفان "فهو ضعيف" لا تقوم به الحجة لأن في إسناده محمد الوهاب بن مجاهد الحجازي وهو متروك وقد نسبه النووي إلى الكذب وقال الأزدي لا تحل الرواية عنه وراويه عنه إسماعيل بن عياش وهو ضعيف في الحجازيين. والصحيح أنه موقوف على ابن عباس كما أخرجه عنه الشافعي بإسناد صحيح ومالك في الموطأ اهـ ملخصًا
(وعلى الجملة) فلم يرد عن النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم دليل صحيح صريح يفيد تحديد المسافة التي تقصر فيها الصلاة. وحديث الباب وإن كان صحيحًا فقد علمت ما فيه. فالاحتياط للدين أن لا تقصر الصلاة فيما دون أربعة برد خروجا من الخلاف
(من أخرج الحديث أيضًا) أخرجه مسلم والبيهقي قال الحافظ في الفتح هو أصح حديث ورد في بيان مسافة القصر اهـ ولا وجه لمن قال إن يحيى بن يزيد ليس ممن يوثق به في ضبط هذا