الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَيْنَكُمْ كَاتِبٌ بِالْعَدْلِ} (1) وبالحديث الذي رواه أبو داود عن الشفاء بنت عبد الله قالت. ((دَخَلَ عَلَيَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأنا عند حفصة فقال لي: ألا تعلمين هذه رُقْيَة النَملة كما علمتها الكتابة" (3).
كما استدل بدليل تاريخي، وهو ما استفاض في تاريخ الأمة الإسلامية من وجود العالمات الكاتبات الكثيرات (3).
مواقفه إزاء مقاومة الإستعمار للتعليم:
إنه لا يكفي الوقت لاستعراض تاريخ دفاع ابن باديس عن الحركة التعليمية وجهاده التربوي الذي وقف حياته كلها عليه، لقد تعرَّض لاضطهاد الإستعمار ومطاردته وعراقيله، ولكنه ثبت ثبات الرجال أصحاب المبادىء لما يتسم به من التفاؤل واليقين بأن العاقبة له، وللأمة الجزائرية معتقداً أن كل محاولة لحمل الجزائريين على ترك لغتهم أو دينهم أو تاريخهم أو شيء من مقوماتهم محاولة فاشلة. وحين أراد الإستعمار منعه من التعليم كتب مقالا تحت عنوان:"بعد عشرين سنة في التعليم نسأل هل عندنا رخصة"(4). وحين صدر قانون 8 مارس 1938م بمنع التعليم كتب مقالاً آخر تحت عنوان: "يالله للإسلام والعربية في الجزائر كل من يعلم بلا رخصة يغرم ثم يغرم ثم يسجن" وأعلن فيه عزمه على المقاومة بكل قوة قائلاً: "وإننا نعلن لخصوم الإسلام والعربية عقدنا على المقاومة المشروعة عزمنا وسنمضي بحول الله في تعليم ديننا
(1) 2/ 282 البقرة.
(2)
رواه مسلم.
(3)
ج 3 م 25 ص 110. 1358هـ 1939.
(4)
الصراط عدد 7 - 1352هـ 1933م.
ولغتنا رغم كل ما يصيبنا ولن يصدنا عن ذلك شيء فنكون قد شاركنا في قتلهما بأيدينا وأننا على يقين من أن العاقبة- وإن طال البلاء- لنا وأن النصر سيكون حليفنا (1). وكتب في مناسبة أخرى: "أما الذين يحاربون العربية فهم يفرقون ويشوشون فسيندمون، وتنشر العربية بقوة الحق والفطرة وهم كارهون".
ولا نريد أن نستمر في الإطالة عليكم فإن مواقفه في الدفاع عن تعليم الدين والعربية ضد الإستعمار تتطلب وحدها محاضرة كاملة.
أيها السادة: إن الشيخ ابن باديس أمة وحده إستطاع بمفرده أولاً وبمساعدة إخوانه من العلماء ثانياً أن يقوم بتربية جيل وتكوين أمة، وتبصيرها بشخصيتها ومقوماتها، وهو الذي استطاع أن يضع أصول نهضتنا الفكرية والإجتماعية والأخلاقية والسياسية، وأن الثورة الجزائرية العظيمة في جوانبها النفسية وقوتها المعنوية التي تتمثل في كلمة "الجهاد" ترتد إلى عمله التربوي الخاص والعام، تربية الجيل في المدارس وتربية الأمة في المساجد وبرحلاته في مختلف أنحاء القطر. وإحياؤنا لذكراه إنما هو اعتراف بالجميل، وتخليد لعمله العظيم، وروحه القوية التي تمثل رمزاً من رموز حياتنا العقلية والأخلاقية، وعنصراً من عناصر وجودنا الذاتي، لأن ابن باديس قام بعملية التربية والوعي، تلك العملية التي تعتبر أعمق نشاط يؤديه الكائن البشري على الإطلاق، لأنه به يصنع المادة البشرية الصالحة، ويصوغ الذات الإجتماعية النافعة، ويبني الشخصية المتكاملة الشاعرة بوجودها وذاتيتها وحريتها.
إننا نحيِّي بإقامة ذكراه جرأته، وشجاعبه، وثباته، وتضحيته، وزهده في متاع الدنيا، في سبيل المبدأ، ونطبق ذلك العهد الذي أخذه
(1) البصائر محرم 1358هـ أفريل 1938م ص 1.
على نفسه بقوله: "إني أعاهدكم على أني أقضي بياضي على العربية والإسلام، كما قضيت سوادي عليهما وإنها لواجبات، وإني سأقصر حياتي على الإسلام والقرآن، ولغة الإسلام والقرآن، هذا عهدي لكم"(1) كما نبرهن بهذا أننا سنواصل رسالته ونحقق دعوته التي دعا إليها تلامذته ودعانا جميعاً معهم:
"أطلب منكم شيئاً واحداً وهو أن تموتوا على الإسلام والقرآن، ولغة الإسلام والقرآن "(2).
رحمك الله يا ابن باديس في الخالدين والسلام
عمار الطالبي
(1) 7 م 15 ص 346 رجب 1358هـ أوت 1939م
(2)
ن. م. ن. ص.