الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تقسيم:
الأمراض الإنسانية قسمان أمراض أرواح وأمراض أبدان، وكلاهما أنواع. وأمراض الأرواح المقصودة بالذات هنا ترجع إلى نوعين: مرض العقول ومرض النفوس، فالأول بجمود النظر وفساد الإدراك وتقليد الآباء واعتقاد الباطل والشك في الحق. والثاني بفساد الأخلاق وانحطاط الصفات. أما الأعمال فهي تابعة لهما فتصلح بصلاحهما وتفسد بفسادهما، والقرآن قد جاء داعياً إلى النظر والتفكر والإعتبار والتدبر، مبيناً- بما ساق من حجج الله وحجج رسله- الطريق الأقوم في الإدراك الصحيح. والسبيل الأشد في الفهم والتفهيم ناعياً على المقلدين تقليدهم، كاشفاً لأهل الباطل عن باطلهم، ذاكراً من قواطع البراهين البينة الواضحة ما لا يبقى معه خفاء في الحق ولا ريب. وجاء أيضاً مبيناً للأخلاق الفاسدة وذاكراً سوء أثرها وقبح مغبتها، مبيناً كذلك الأخلاق الصحيحة وعظيم نفعها وحسن عاقبتها فهذا شفاؤه للنفوس والعقول. وهو راجع إلى تصحيح العقائد وتقويم الأخلاق وبهما سلامة الأرواح وكمالها وعليهما قوام الهيئة الإجتماعية وانتظامها. على أن القرآن هو شفاء للإجتماع البشري كما هو شفاء لأفراده فقد شرع من أصول العدل وقواعد العمران ونظم التعامل وسياسة الناس ما فيه العلاج والدواء الشافي لأمراض المجتمع الأنساني مع جميع أمراضه وعلله. شفاء العقائد والأخلاق- وهما أساس الأعمال- والمجتمع. هذه الثلاثة لا تكاد تخلو آيات القرآن من معالجتها وبيان ما هو شفاء لها. ولا شفاء لها إلا بالقرآن- وبيان النبي راجع إلى القرآن- ومن طلب شفاءها في غير القرآن فإنه لا يزيدها إلا مرضاً، فهذه الأمم الغربية بسجونها ومشانقها ومحاكمها وقوتها قد إمتلأت بالجنايات والفضائح المنكرة التي تقشعر منها الأبدان، وهذه الممالك الإسلامية التي تقيم الحدود القرآنية
كالمملكة النجدية الحجازية والمملكة اليمنية قد ضرب الأمن رواقه عليهما واستقرت السكينة فيها دون سجون ولا مشانق مثل أولئك، وما ذلك إلا لأنهم داووا الملك بدواء القرآن فكان الشفاء التام.
وأما الأمراض البدنية فقد قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "ما أنزل الله داء إلا أنزل له شفاء" رواه البخاري من طريق أبي هريرة وقال: "لكل داء دواء فإذا أصيب دواء الداء برأ بإذن الله تعالى" رواه مسلم من طريق جابر، وثبت عنه أنه داوى وتداوى، وروى الأئمة من ذلك عنه الكثير الطيب في كتاب الطب من صحيح البخاري وغيره. وثبت عنه صلى الله عليه وآله وسلم أنه استشفى واسترقى ببعض آيات القرآن العظيم، وأقر على ذلك من فعله من أصحابه. روى البخاري من طريق يونس عن ابن شهاب عن عروة بن الزبير عن عائشة - رضي الله تعالى عنها - قالت:"كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إذا أوى إلى فراشه نفث في كفيه بـ: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} وبالمعوذتين جميعاً، ثم يمسح بهما وجهه وما بلغت يداه من جسده. قالت عائشة: فلما اشتكى كان يأمرني أن أفعل ذلك به. قال يونس: كنت أرى ابن شهاب يصنع ذلك إذا أتى إلى فراشه" وروى الشيخان واللفط للبخاري عن أبي سعيد الخدري - رضي الله تعالى عنه - قال: "انطلق نفر من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم في سفرة سافروها حتى نزلوا على حي من أحياء العرب فاستضافوهم فأبوا أن يضيفوهم فلدغ سيد ذلك الحي فسعوا له بكل شيء لا ينفعه شيء، فقال بعضهم: لو أتيتم هؤلاء الرهط الذين نزلوا لعله أن يكون عند بعضهم شيء، فأتوهم فقالوا: يا أيها الرهط إن سيدنا لدغ وسعينا له بكل شيء لا ينفعه، فهل عند أحد منكم من شيء؟ فقال بعضهم: نعم والله، إني لأرقي ولكن والله لقد استضفناكم فلم تضيفونا فما أنا براق لكم حتى تجعلوا لنا جعلاً، فصالحوهم على قطع من الغنم فانطلق يتفل عليه