الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تحذير:
فرط قوم فأهملوا الإستشفاء بالذكر المأثور واقتصروا على الدواء المادي فحرموا أنفسهم من خير كبير إذا لم يكونوا له كالمنكرين، وأفرط آخرون فأهملوا الدواء المادي وزهدوا الناس فيه وتزيدوا في جانب المأثور حتى خرجوا عنه واتخذوا لهم من ذلك حرفة ومورداً لمعاش ونسوا أنواع أشفية القرآن الروحية والإجتماعية التي هي المقصودة بالقصد الأول من تنزيله، مقتصرين على الوجه الذي وجدوا منه سبيلاً إلى الإسترزاق على ما أحدثوا فيه وما ابتدعوا. فعكسوا الأمر وخالفوا السنة ووقعوا في المحظور من عدة وجوه. هذان الطرفان مذمومان. والعدل هو الوسط الذي لا يهمل هذا ولا ذاك ويقف في الوارد عندما ورد ويتناوله على ما ورد.
تطبيق:
نزول الآيات في الكافرين لا يمنع من تطبيقها على من شاركهم في مثل الحال الذي أنكرته عليهم من المؤمنين لأن الوصف المذموم سواء أكان المتصف به مؤمنا أم كان كافراً. فالذين تتلى عليهم الآيات القرآنية والأحاديث النبوية وتوضح لهم الدلائل الشرعية وهم عنها معرضون وعن تدبرها غافلون وبها متهاونون- يزدادون بكل مرة إثما بإعراضهم وغفلتهم وتهاونهم فيخسرون بقدر ما بقوتهم من الهداية على حسب حالهم، وإذا لم يكن خسارهم كخسار الكافرين فهو كخسار المعرضين الغافلين المتهاونين، وكفى به خساراً يتنزه عنه المؤمنون ويأباه الراشدون.
سلوك:
نتناول القرآن العظيم دواء من عند ربنا شفاء لأمراض عقولنا، وأمراض نفوسنا، وأمراض مجتمعنا، فنتطلب ذلك منه بتدبر آياته
وتفهم إشاراته ووجوه دلالاته، وشفاء أيضاً لأبداننا فنفعل كما كان يفعل النبي صلى الله عليه وسلم إذا أوى إلى فراشه على ما تقدم في حديث عائشة - رضي الله تعالى عنها. وعلى ما جاء من نحو ذلك مما ثبت عنه - عليه وآله الصلاة والسلام - وانتهى إليه علمنا. غير مقصرين ولا غالين وعلى ربنا متوكلين، سائلين أن يشفينا بالقرآن الكريم أجمعين آمين يا رب العالمين (1).
(1) ش: ج 5 م 7 ص 289 - 295. محرم 1350 - ماي 1931