الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
هذا الأدب أدب عام:
إنما المقصود من الكلام البيان عن المراد، وإنما المقصود من السماع وعي الكلام ليفهم المراد. فكما كان على المتعلم أن يسكت حتى يفرغ معلمه من القدر المرتبط بعضه ببعض مما يلقيه إليه حتى يفرغ المعلم من إلقائه كذلك على المناظر أن يستمع لمناظره حتى يستوفي دعواه وحجته، وعلى كل قارىء لكتاب أن يستوفي ما يرتبط بعضه ببعض منه، ثم يبدي رأيه فيه وعلى كل مستمع لمتكلم كذلك فبهذا الأدب يتم وعي المتعلم فيحفظ وفهم المناظر فيرد ويقبل وفهم القارىء فيعرف ما يأخذ ويترك وفهم السامع لتحصل فائدة الإستماع، وبترك هذا الأدب كثيراً ما يقع سوء الوعي أو سوء الفهم وفوات القصد من المناظرة أو القراءة أو الكلام.
دوام التعلم للإزدياد من العلم:
يتعلم الإنسان حتى يصير عالماً ويصير معلماً، ولكنه مهما حاز
من العلم وبلغ من درجة فيه، ومهما قضى من حياته في التعليم وتوسع فيه وتكمل به فلن يزال بحاجته إلى العلم ولن تزال أمامه فيما علمه، وعلمه أشياء مجهولة يحتاج إليها فعليه أبداً أن يتعلم وأن يطلب المزيد. ولذا أمر الله نبيه صلى الله عليه وسلم وهو المعلم الأعظم- أن يطلب من الله- وهو الذي علمه ما لم يكن يعلم- أن يزيده علماً فقال:{وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا} .
تحذير واقتداء:
ما أكثر ما رأينا من قطعهم ما حصلوا من علم عن العلم فوقف
بهم عندما انتهوا إليه فجمدوا وأكسبهم الغرور بما عندهم فتعظموا وتكلموا فيما لم يعلموا فضلوا وأضلوا وكانوا على أنفسهم وعلى الناس شر فتنة وأعظم بلاء فبمثل هذه الآية الكريمة يداوي نفسه من ابتلى
بهذا المرض فيقلع عن جموده وغروره ويزداد مما ليس عنده ممن عنده علم ما لم يعلم. ويحذر من أن يقف عن طلب العلم ما دام فيه زمن من الحياة، ويقتدي بهذا النبي الكريم- صلى الله عليه وآله وسلم فلن يزال يطلب من الله تعالى أن يزيده علماً بما ييسر له من أسباب وما يفتح له من خزائن رحمته وما يلقيه في قلبه من نور وما يجعل له من فرقان وما يوفقه إليه من أصل ذلك كله وهو تقوى الله والعمل بما عليه.
نسأل الله لنا وللمسلمين العلم النافع والعمل الصالح. فهو ولي الهداية والتوفيق (1).
(1) ش: ج5 م11 ص 275 - 278 جمادى الأولى 1354 - أوت 1935