الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
جلية لا خفاء بها، كما قال صلى الله عليه وسلم:"وأيم الله لقد تركتكم على مثل البيضاء ليلها ونهارها سواء "(1) فكانت مشاهدة معينة كما أشير إليها في الآية إشارة المعاين المشاهد.
كان يدعو إلى دين الله ويبين هو ذلك الدين وبمثله يدعو إلى عبادة الله وتوحيده وطاعته، ويشاهد الناس تلك العبادة والتوحيد والطاعة فكان صلى الله عليه وسلم كله دعوة إلى الله. فما دعا إلى نفسه، فقد مات ودرعه مرهونة في دَيْن، وما دعا إلى قومه، فقد كان يقول:"لا فضل لأسود على أحمر، ولا لأحمر على أسود إلا بتقوى الله". كان يدعو الناس كلهم، إذ هو رسول الله إلى الناس كلهم فكتب الكتب وأرسل الرسل فبلغت دعوته إلى الأمم وملوك الأمم. كان يدعو الكافرين كما يدعو المؤمنين، يدعو أولئك إلى الدخول في دين الله، ويدعو هؤلاء إلى القيام بدين الله، فلم ينقطع عن الإنذار والتبشير، والوعظ والتذكير.
كان يدعو إلى الله على بينة وحجة يحصل بها الإدراك التام للعقل حتى يصير الأمر المدرك واضحاً لديه كوضوح الأمر المشاهد بالصبر فهو على بينة ويقين من كل ما يقول ويفعل، وفي كل ما يدعو من وجوه الدعوة إلى الله في حياته كلها وفي جميع أحواله. وكانت دعوته المبنية على الحجة والبرهان مشتملة على الحجة والبرهان، فكان يستشهد بالعقل ويعتقد بالعلم ويستنصر بالوجدان ويحتج بأيام الله في الأمم الخالية وما استفاض من أخبارها وبقي من آثارها من أنباء الأولين وما يمر الناس عليه مصبحين وبالليل.
على كل مسلم أن يكون داعياً إلى الله:
لقد كان في بيان أن الدعوة إلى الله هي سبيل محمد - صلى الله
(1) رواه ابن ماجة عن طريق ابي الدرداء رضي الله عنه بسند موثق وفيه ابن سميع قال فيه ابن عدي: حسن الحديث.
عليه وسلم - ما يفيد أن على اتباعه- وهو قدوتهم ولهم فيه الأسوة الحسنة- أن تكون الدعوة إلى الله سبيلهم- ولكن لتأكيد هذا عليهم وبيان أنه من مقتضى كونهم أتباعه وأن اتباعهم له لا يتم إلا به- جاء التصريح بذلك هكذا:
{أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي} . فالمسلمون أفراداً وجماعات عليهم أن يقوموا بالدعوة إلى الله وأن تكون دعوتهم على بينة وحجة وإيمان ويقين. وأن تكون دعوتهم وفقاً لدعوته وتبعاً لها. فمن الدعوة إلى الله دروس العلوم كلها مما يفقه في دين الله ويعرف بعظمة الله وآثار قدرته ويدل على رحمة الله وأنواع نعمته، فالفقيه الذي يبين حكم الله وحكمته داع إلى الله، والطبيب المشرح الذي يبين دقائق العضو ومنفعته داع إلى الله، ومثلهما كل مبين في كل علم وعمل. ومن الدعوة إلى الله بيان حجج الإسلام ودفع الشبه عنه ونشر محاسنه بين الأجانب عنه ليدخلوا فيه وبين مزعزعي العقيدة من أبنائه ليثبتوا عليه. ومن الدعوة إلى الله مجالس الوعظ والتذكير لتعريف المسلمين بدينهم وتربيتهم في عقائدهم وأخلاقهم وأعمالهم على ما جاء به، وتحبيبهم فيه ببيان ما فيه من خير وسعادة لهم، وتحذيرهم مما أدخل من محدثات عليه هي سبب كل شقاوة وشر لحقهم، وبيان أنه ما من سبب مما تسعد به البشرية، أفرادها وأممها، إلا بينه لهم ودعاهم إليه. وما من سبب مما تشقا به البشرية أفرادها وأممها إلا بينه لهم ونهاهم عنه. وبيان أنه لولا عقيدته المتأصلة فيهم وبقاياه الباقية لديهم ومظاهره القائمة بهم لما بقيت لهم- وهم المجردون من كل قوة- بقية، ولتلاشت أشلاؤهم- وهم الأموات- في الأمم الحية.
ومن الدعوة إلى الله الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وهو فرض عين على كل مسلم ومسلمة بدون استثناء، وإنما يتنوع الواحب بحسب