الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَإِذَا كَانَ مُهْدَرَ الدَّمِ، كَأَنْ كَانَ حَرْبِيًّا، أَوْ مُسْتَحِقَّ الْقَتْل حَدًّا أَوْ قِصَاصًا فَلَا تَجِبُ الدِّيَةُ بِقَتْلِهِ لِفَقْدِ الْعِصْمَةِ. وَلِبَيَانِ مَعْنَى الْعِصْمَةِ وَشُرُوطِهَا يُنْظَرُ مُصْطَلَحُ:(عِصْمَة) .
وَأَمَّا الإِْسْلَامُ فَلَيْسَ مِنْ شَرَائِطِ وُجُوبِ الدِّيَةِ لَا مِنْ جَانِبِ الْقَاتِل وَلَا مِنْ جَانِبِ الْمَقْتُول، فَتَجِبُ الدِّيَةُ سَوَاءٌ أَكَانَ الْقَاتِل أَوِ الْمَقْتُول مُسْلِمًا، أَمْ ذِمِّيًّا، أَمْ مُسْتَأْمَنًا.
وَكَذَلِكَ لَا يُشْتَرَطُ الْعَقْل وَالْبُلُوغُ، فَتَجِبُ الدِّيَةُ بِقَتْل الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ اتِّفَاقًا، كَمَا تَجِبُ فِي مَال الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ (مَعَ خِلَافٍ وَتَفْصِيلٍ) .
وَذَلِكَ لأَِنَّ الدِّيَةَ ضَمَانٌ مَالِيٌّ فَتَجِبُ فِي حَقِّهِمَا (1) ، وَسَيَأْتِي تَفْصِيلُهُ فِيمَنْ تَجِبُ عَلَيْهِ الدِّيَةُ.
ب -
وُجُودُ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ بِدَارِ الإِْسْلَامِ:
10 -
وَيُشْتَرَطُ لِوُجُوبِ الدِّيَةِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ أَنْ يَكُونَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ بِدَارِ الإِْسْلَامِ، قَال الْكَاسَانِيُّ: وَعَلَى هَذَا فَإِنَّ الْحَرْبِيَّ إِذَا أَسْلَمَ فِي دَارِ الْحَرْبِ فَلَمْ يُهَاجِرْ إِلَيْنَا فَقَتَلَهُ مُسْلِمٌ أَوْ ذِمِّيٌّ خَطَأً لَا تَجِبُ الدِّيَةُ عِنْدَ أَصْحَابِنَا.
وَلَا يَشْتَرِطُ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ هَذَا الشَّرْطَ فَيَرَوْنَ أَنَّ الْعِصْمَةَ تَحْصُل بِالإِْسْلَامِ أَوِ الأَْمَانِ، فَيَدْخُل
(1) البدائع للكاساني 7 / 253، والتاج والإكليل على هامش الحطاب 6 / 231، والإقناع 4 / 173، وكشاف القناع 6 / 5.
فِيهَا الْمُسْلِمُ - وَلَوْ كَانَ فِي دَارِ الْحَرْبِ - كَمَا يَدْخُل فِيهَا الذِّمِّيُّ، وَالْمُسْتَأْمَنُ، وَالْمَعْقُودُ مَعَهُمْ عَقْدُ الْمُوَادَعَةِ، وَالْهُدْنَةِ (1) .
أَسْبَابُ وُجُوبِ الدِّيَةِ:
أَوَّلاً: الْقَتْل:
11 -
الْقَتْل هُوَ لُغَةً: إِزْهَاقُ الرُّوحِ، يُقَال: قَتَلْتُهُ قَتْلاً: إِذَا أَزْهَقْتَ رُوحَهُ.
وَأَطْلَقَهُ الْفُقَهَاءُ أَيْضًا عَلَى الْفِعْل الْمُزْهِقِ، أَيِ الْقَاتِل لِلنَّفْسِ، أَوْ فِعْل مَا يَكُونُ سَبَبًا لِزَهُوقِ النَّفْسِ، وَالزَّهُوقُ هُوَ مُفَارَقَةُ الرُّوحِ الْبَدَنَ (2) .
وَقَسَّمَ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ الْقَتْل إِلَى عَمْدٍ، وَشِبْهِ عَمْدٍ، وَخَطَأٍ.
وَقَسَّمَهُ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى خَمْسَةِ أَقْسَامٍ: الْعَمْدِ، وَشِبْهِ الْعَمْدِ، وَالْخَطَأِ، وَمَا يَجْرِي مَجْرَى الْخَطَأِ، وَالْقَتْل بِالسَّبَبِ.
وَعِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ لَيْسَ هُنَاكَ إِلَاّ قَتْل الْعَمْدِ، وَقَتْل الْخَطَأِ.
وَتَفْصِيلُهُ فِي مُصْطَلَحِ: (قَتْل) .
(1) المراجع السابقة، وانظر الزرقاني 8 / 4، والقليوبي 4 / 221.
(2)
المصباح المنير، والبدائع 2 / 233، وتكملة الفتح 8 / 244، والاختيار 5 / 23 - 26، وجواهر الإكليل 2 / 256، والحطاب 6 / 240 - 242، ومغني المحتاج 4 / 2 - 4، 32، وكشاف القناع 5 / 13، 504 - 505.