الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَسَبَقَ فِي حَقِيقَةِ الذَّكَاةِ الاِخْتِيَارِيَّةِ (ف 11) أَنَّ الْمُخْتَصَّ بِالنَّحْرِ مِنَ الْحَيَوَانَاتِ هُوَ الإِْبِل عِنْدَ الْجُمْهُورِ، وَزَادَ الشَّافِعِيَّةُ كُل مَا طَال عُنُقُهُ، وَزَادَ الْمَالِكِيَّةُ مَا قُدِرَ عَلَيْهِ مِنَ الزَّرَافِ وَالْفِيلَةِ، وَجَوَّزُوا الذَّبْحَ وَالنَّحْرَ - مَعَ أَفْضَلِيَّةِ الذَّبْحِ - فِي الْبَقَرِ وَمَا قُدِرَ عَلَيْهِ مِنْ بَقَرِ الْوَحْشِ وَحُمُرِهِ وَخَيْلِهِ وَبِغَالِهِ.
ثُمَّ إِنَّ خِلَافَ الأَْئِمَّةِ فِيمَا يَكْفِي مِنْ قَطْعِ الأَْوْدَاجِ فِي النَّحْرِ هُوَ الْخِلَافُ السَّابِقُ فِي " حَقِيقَةِ الذَّبْحِ "(ف 14) .
إِلَاّ أَنَّ الْمَالِكِيَّةَ فَرَّقُوا بَيْنَ الذَّبْحِ وَالنَّحْرِ فَقَالُوا: إِنَّ الذَّبْحَ يَكُونُ بِقَطْعِ الْحُلْقُومِ وَالْوَدَجَيْنِ، وَالنَّحْرُ يَكُونُ بِالطَّعْنِ فِي اللَّبَّةِ طَعْنًا مُفْضِيًا إِلَى الْمَوْتِ، دُونَ اشْتِرَاطِ قَطْعِ شَيْءٍ مِنَ الْعُرُوقِ الأَْرْبَعَةِ عَلَى الْمَشْهُورِ، خِلَافًا لِلَّخْمِيِّ؛ لأَِنَّ وَرَاءَ اللَّبَّةِ عِرْقًا مُتَّصِلاً بِالْقَلْبِ يُفْضِي طَعْنُهُ إِلَى سُرْعَةِ خُرُوجِ الرُّوحِ. (1)
شَرَائِطُ النَّحْرِ:
44 -
يُشْتَرَطُ فِي صِحَّةِ النَّحْرِ الشَّرَائِطُ السَّابِقُ ذِكْرُهَا فِي الذَّبْحِ، إِلَاّ أَنَّ الْمَالِكِيَّةَ قَالُوا يُشْتَرَطُ أَنْ لَا يَكُونَ الْحَيَوَانُ الْمَنْحُورُ مُخْتَصًّا بِالذَّبْحِ وَهُوَ مَا عَدَا الأَْصْنَافَ الثَّمَانِيَةَ. فَلَوْ نَحَرَ مَا يَخْتَصُّ بِالذَّبْحِ لِغَيْرِ ضَرُورَةٍ حَرُمَ النَّحْرُ وَالْحَيَوَانُ الْمَنْحُورُ
(1) الخرشي على العدوي 2 / 301، 302، والشرح الصغير مع بلغة السالك 1 / 314.
خِلَافًا لِسَائِرِ الْمَذَاهِبِ الَّتِي تُجِيزُ نَحْرَ مَا يُذْبَحُ.
آدَابُ النَّحْرِ:
45 -
يُسْتَحَبُّ فِي النَّحْرِ كُل مَا يُسْتَحَبُّ فِي الذَّبْحِ، وَاخْتِلَافُ الْمَذَاهِبِ هُنَاكَ هُوَ نَفْسُ اخْتِلَافِهَا هُنَا. إِلَاّ أَنَّ الإِْبِل تُنْحَرُ قَائِمَةً عَلَى ثَلَاثٍ مَعْقُولَةَ الْيَدِ الْيُسْرَى. (1)
وَذَكَرَ الْمَالِكِيَّةُ لِلنَّحْرِ كَيْفِيَّةً وَهِيَ أَنْ يُوَجِّهَ النَّاحِرُ مَا يُرِيدُ نَحْرَهُ إِلَى الْقِبْلَةِ وَيَقِفَ بِجَانِبِ الرِّجْل الْيُمْنَى غَيْرِ الْمَعْقُولَةِ مُمْسِكًا مِشْفَرَهُ الأَْعْلَى بِيَدِهِ الْيُسْرَى وَيَطْعَنُهُ فِي لَبَّتِهِ بِيَدِهِ الْيُمْنَى مُسَمِّيًا. (2)
وَنُقِل عَنْ أَحْمَدَ أَنَّهُ إِنْ خَشِيَ عَلَيْهَا أَنَاخَهَا. (3)
وَمِمَّا يَدُل عَلَى اسْتِحْبَابِ إِقَامَةِ الإِْبِل عَلَى ثَلَاثٍ عِنْدَ النَّحْرِ قَوْله تَعَالَى: {فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا صَوَافَّ} (4) قَال ابْنُ عَبَّاسٍ: (مَعْقُولَةً عَلَى ثَلَاثَةٍ)(5) .
وَأَحَادِيثُ مِنْهَا: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَأَصْحَابَهُ
(1) البدائع 5 / 41، ونهاية المحتاج 8 / 111، والمقنع بحاشيته 1 / 474.
(2)
الشرح الصغير مع بلغة السالك 1 / 319.
(3)
المقنع بحاشيته 1 / 475، والإقناع بحاشية البجيرمي 4 / 250.
(4)
سورة الحج / 36.
(5)
أثر ابن عباس أخرجه البيهقي (5 / 237 - ط دائرة المعارف العثمانية) .