الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَأَمَّا مَنْ قُتِل حَدًّا فَيُدْفَنُ فِي مَقَابِرِ الْمُسْلِمِينَ، وَكَذَلِكَ تَارِكُ الصَّلَاةِ (1) .
دَفْنُ كَافِرَةٍ حَامِلٍ مِنْ مُسْلِمٍ:
17 -
اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي دَفْنِ كَافِرَةٍ حَامِلٍ مِنْ مُسْلِمٍ عَلَى أَقْوَالٍ: فَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ، وَهُوَ الأَْصَحُّ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ، وَالْمَذْهَبُ لَدَى الْحَنَابِلَةِ إِلَى أَنَّ الأَْحْوَطَ دَفْنُهَا عَلَى حِدَةٍ، وَيُجْعَل ظَهْرُهَا إِلَى الْقِبْلَةِ؛ لأَِنَّ وَجْهَ الْوَلَدِ لِظَهْرِهَا. وَاسْتَدَل الْحَنَابِلَةُ لِذَلِكَ بِأَنَّهَا كَافِرَةٌ، فَلَا تُدْفَنُ فِي مَقْبَرَةِ الْمُسْلِمِينَ فَيَتَأَذَّوْا بِعَذَابِهَا، وَلَا فِي مَقْبَرَةِ الْكُفَّارِ؛ لأَِنَّ وَلَدَهَا مُسْلِمٌ، فَيَتَأَذَّى بِعَذَابِهِمْ، وَتُدْفَنُ مُنْفَرِدَةً، وَقَدْ رُوِيَ مِثْلُهُ عَنْ وَاثِلَةَ بْنِ الأَْسْقَعِ.
وَفِي قَوْلٍ آخَرَ لِلشَّافِعِيَّةِ: إِنَّهَا تُدْفَنُ فِي مَقَابِرِ الْمُسْلِمِينَ، وَتُنَزَّل مَنْزِلَةَ صُنْدُوقِ الْوَلَدِ، وَقِيل: فِي مَقَابِرِ الْكُفَّارِ، وَهُنَاكَ وَجْهٌ رَابِعٌ قَطَعَ بِهِ صَاحِبُ " التَّتِمَّةِ " بِأَنَّهَا تُدْفَنُ عَلَى طَرَفِ مَقَابِرِ الْمُسْلِمِينَ، وَحُكِيَ عَنِ الشَّافِعِيِّ: أَنَّهَا تُدْفَعُ إِلَى أَهْل دِينِهَا؛ لِيَتَوَلَّوْا غُسْلَهَا وَدَفْنَهَا (2) .
وَاخْتَلَفَ الصَّحَابَةُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ: قَال بَعْضُهُمْ: تُدْفَنُ فِي مَقَابِرِنَا تَرْجِيحًا لِجَانِبِ الْوَلَدِ، وَقَال بَعْضُهُمْ: تُدْفَنُ فِي مَقَابِرِ
(1) أسنى المطالب 4 / 122، وروضة الطالبين 10 / 105.
(2)
روضة الطالبين 2 / 135، والمغني 2 / 563.
الْمُشْرِكِينَ؛ لأَِنَّ الْوَلَدَ فِي حُكْمِ جُزْءٍ مِنْهَا مَا دَامَ فِي بَطْنِهَا، وَقَال وَاثِلَةُ بْنُ الأَْسْقَعِ: يُتَّخَذُ لَهَا مَقْبَرَةٌ عَلَى حِدَةٍ، وَهُوَ مَا أَخَذَ بِهِ الْجُمْهُورُ كَمَا سَبَقَ، وَهُوَ الأَْحْوَطُ، كَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ عَابِدِينَ نَقْلاً عَنِ الْحِلْيَةِ. وَالظَّاهِرُ كَمَا أَفْصَحَ بِهِ بَعْضُهُمْ: أَنَّ الْمَسْأَلَةَ مُصَوَّرَةٌ فِيمَا إِذَا نُفِخَ فِيهِ الرُّوحُ وَإِلَاّ دُفِنَتْ فِي مَقَابِرِ الْمُشْرِكِينَ (1) .
الْجُلُوسُ بَعْدَ الدَّفْنِ:
18 -
صَرَّحَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ بِأَنَّهُ يُسْتَحَبُّ أَنْ يَجْلِسَ الْمُشَيِّعُونَ لِلْمَيِّتِ بَعْدَ دَفْنِهِ لِدُعَاءٍ وَقِرَاءَةٍ بِقَدْرِ مَا يُنْحَرُ الْجَزُورُ، وَيُفَرَّقُ لَحْمُهُ لِمَا رُوِيَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ إِذَا فَرَغَ مِنْ دَفْنِ الْمَيِّتِ وَقَفَ عَلَيْهِ، فَقَال: اسْتَغْفِرُوا لأَِخِيكُمْ وَسَلُوا لَهُ التَّثْبِيتَ، فَإِنَّهُ الآْنَ يُسْأَل (2) . وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ رضي الله عنهما يَسْتَحِبُّ أَنْ يَقْرَأَ عَلَى الْقَبْرِ بَعْدَ الدَّفْنِ أَوَّل سُورَةِ الْبَقَرَةِ وَخَاتِمَتَهَا، وَلِمَا رُوِيَ أَنَّ عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ لَمَّا حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ قَال: اجْلِسُوا عِنْدَ قَبْرِي قَدْرَ مَا يُنْحَرُ جَزُورٌ وَيُقَسَّمُ، فَإِنِّي أَسْتَأْنِسُ بِكُمْ (3) .
(1) ابن عابدين (1 / 577) .
(2)
حديث: " كان إذا فرغ من دفن الميت. . . " أخرجه أبو داود (3 / 550 - تحقيق عزت عبيد دعاس) ، وجود إسناده النووي في المجموع (5 / 292 - ط المنيرية) .
(3)
ابن عابدين 1 / 601، وروضة الطالبين 2 / 137، والمغني 2 / 505.