الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إِنِّي أَرْسَلْتُ إِلَى النِّسْوَةِ مَنْ يُدْخِلُهَا قَبْرَهَا، فَأَرْسَلْنَ: مَنْ كَانَ يَحِل لَهُ الدُّخُول عَلَيْهَا فِي حَيَاتِهَا، فَرَأَيْتُ أَنْ قَدْ صَدَقْنَ.
وَلأَِنَّ امْرَأَةَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا لَمَّا تُوُفِّيَتْ قَال لأَِهْلِهَا: أَنْتُمْ أَحَقُّ بِهَا. وَلأَِنَّهُمْ أَوْلَى النَّاسِ بِوِلَايَتِهَا حَال الْحَيَاةِ، فَكَذَا بَعْدَ الْمَوْتِ، ثُمَّ زَوْجُهَا؛ لأَِنَّهُ أَشْبَهُ بِمَحْرَمِهَا مِنَ النَّسَبِ مِنَ الأَْجَانِبِ، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ فِيهِمْ ذُو رَحِمٍ فَلَا بَأْسَ لِلأَْجَانِبِ وَضْعُهَا فِي قَبْرِهَا، وَلَا يُحْتَاجُ إِلَى إِحْضَارِ النِّسَاءِ لِلدَّفْنِ؛ لأَِنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم حِينَ مَاتَتِ ابْنَتُهُ أَمَرَ أَبَا طَلْحَةَ، فَنَزَل فِي قَبْرِ ابْنَتِهِ (1) . وَهُوَ أَجْنَبِيٌّ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ مَحَارِمَهَا كُنَّ هُنَاكَ، كَأُخْتِهَا فَاطِمَةَ وَلأَِنَّ تَوَلِّيَ النِّسَاءِ لِذَلِكَ لَوْ كَانَ مَشْرُوعًا لَفُعِل فِي عَصْرِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَعَصْرِ خُلَفَائِهِ، وَلَمْ يُنْقَل. ثُمَّ يُقَدَّمُ خَصِيٌّ، ثُمَّ شَيْخٌ، ثُمَّ أَفْضَل دِينًا وَمَعْرِفَةً. فَإِنْ لَمْ يَكُنْ، فَقَدْ رُوِيَ عَنْ أَحْمَدَ أَنَّهُ قَال: إِنَّهُ أَحَبُّ إِلَيَّ أَنْ يُدْخِلَهَا النِّسَاءُ؛ لأَِنَّهُ مُبَاحٌ لَهُنَّ النَّظَرُ إِلَيْهَا وَهُنَّ أَحَقُّ بِغُسْلِهَا، الْقُرْبَى فَالْقُرْبَى كَالرِّجَال.
وَاسْتَثْنَى الشَّافِعِيَّةُ الزَّوْجَ، فَإِنَّهُ أَحَقُّ مِنْ غَيْرِهِ؛ لأَِنَّ مَنْظُورَهُ أَكْثَرُ (2) .
(1) حديث: " أمر أبا طلحة بالنزول في قبر ابنته ". أخرجه البخاري (الفتح 3 / 208 - ط السلفية) من حديث أنس بن مالك.
(2)
البدائع 1 / 310، وكشاف القناع 2 / 132، 133، وروضة الطالبين 2 / 133.
وَنَصَّ الْمَالِكِيَّةُ بِأَنَّ الْمَيِّتَ إِنْ كَانَ رَجُلاً فَيَضَعُهُ فِي قَبْرِهِ الرِّجَال، وَإِنْ كَانَتِ امْرَأَةً فَيَتَوَلَّى ذَلِكَ زَوْجُهَا مِنْ أَسْفَلِهَا وَمَحَارِمُهَا مِنْ أَعْلَاهَا، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَصَالِحُوا الْمُؤْمِنِينَ، فَإِنْ وُجِدَ مِنَ النِّسَاءِ مَنْ يَتَوَلَّى ذَلِكَ فَهُوَ أَوْلَى مِنَ الأَْجَانِبِ (1) .
وَقَال الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ: إِنَّ الأَْوْلَى بِدَفْنِ الرِّجَال أَوْلَاهُمْ بِغُسْلِهِ وَالصَّلَاةِ عَلَيْهِ، فَلَا يَنْزِل الْقَبْرَ إِلَاّ الرِّجَال مَتَى وُجِدُوا؛ لأَِنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم لَحَدَهُ الْعَبَّاسُ وَعَلِيٌّ وَأُسَامَةُ رضي الله عنهم، وَهُمُ الَّذِينَ كَانُوا تَوَلَّوْا غُسْلَهُ (2) ، وَلأَِنَّ الْمُقَدَّمَ بِغُسْلِهِ أَقْرَبُ إِلَى سَتْرِ أَحْوَالِهِ، وَقِلَّةِ الاِطِّلَاعِ عَلَيْهِ، ثُمَّ أَقْرَبُ الْعَصَبَةِ، ثُمَّ ذَوُو أَرْحَامِهِ الأَْقْرَبُ فَالأَْقْرَبُ، ثُمَّ الرِّجَال الأَْجَانِبُ، ثُمَّ مِنْ مَحَارِمِهِ مِنَ النِّسَاءِ، ثُمَّ الأَْجْنَبِيَّاتُ لِلْحَاجَةِ إِلَى دَفْنِهِ وَعَدَمِ غَيْرِهِنَّ (3) .
أَمَّا دَفْنُ الْقَاتِل لِلْمَقْتُول: فَقَدْ صَرَّحَ الْحَنَابِلَةُ بِأَنَّهُ لَا حَقَّ لَهُ فِي دَفْنِهِ لِمُبَالَغَتِهِ فِي قَطِيعَةِ الرَّحِمِ (4) .
دَفْنُ الْمُسْلِمِ لِلْكَافِرِ
7 -
لَا خِلَافَ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ فِي أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِلْمُسْلِمِ
(1) القوانين الفقهية / 94، 95.
(2)
أخرجه أحمد (1 / 259 - ط الميمنية) من حديث ابن عباس، وأعله محقق المسند الشيخ أحمد شاكر بضعف أحد رواته (المسند 4 / 104 - ط دار المعارف) .
(3)
روضة الطالبين 2 / 133، وكشاف القناع 2 / 132، 133، والمغني 2 / 503.
(4)
كشاف القناع 2 / 89.