الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كَانُوا يَنْحَرُونَ الْبَدَنَةَ مَعْقُولَةَ الْيُسْرَى قَائِمَةً عَلَى مَا بَقِيَ مِنْ قَوَائِمِهَا (1) .
وَمِنْهَا مَا وَرَدَ عَنْ زِيَادِ بْنِ جُبَيْرٍ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ أَتَى عَلَى رَجُلٍ وَهُوَ يَنْحَرُ بَدَنَتَهُ بَارِكَةً، فَقَال:" ابْعَثْهَا قِيَامًا مُقَيَّدَةً سُنَّةَ نَبِيِّكُمْ صلى الله عليه وسلم "(2) .
مَكْرُوهَاتُ النَّحْرِ:
46 -
يُكْرَهُ فِي النَّحْرِ جَمِيعُ الْمَكْرُوهَاتِ الَّتِي سَبَقَ ذِكْرُهَا فِي الذَّبْحِ.
الذَّكَاةُ الاِضْطِرَارِيَّةُ:
47 -
الذَّكَاةُ الاِضْطِرَارِيَّةُ هِيَ الْجَرْحُ فِي أَيِّ مَوْضِعٍ كَانَ مِنَ الْبَدَنِ عِنْدَ الْعَجْزِ عَنِ الْحَيَوَانِ، أَيْ كَأَنَّهَا صَيْدٌ فَتُسْتَعْمَل لِلضَّرُورَةِ فِي الْمَعْجُوزِ عَنْهُ مِنَ الصَّيْدِ وَالأَْنْعَامِ، وَتُسَمَّى هَذِهِ الْحَالَةُ: الْعَقْرَ.
ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ (الْحَنَفِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ) إِلَى حِل لَحْمِ الْحَيَوَانِ بِذَكَاةِ الضَّرُورَةِ لأَِنَّ الذَّبْحَ إِذَا لَمْ يَكُنْ مَقْدُورًا، وَلَا بُدَّ مِنْ إِخْرَاجِ الدَّمِ لإِِزَالَةِ الْمُحَرَّمِ وَهُوَ الدَّمُ الْمَسْفُوحُ وَتَطْيِيبِ اللَّحْمِ، فَيُقَامُ سَبَبُ الذَّبْحِ مَقَامَهُ وَهُوَ الْجَرْحُ؛ لأَِنَّ التَّكْلِيفَ بِحَسَبِ الْوُسْعِ.
(1) حديث: " أن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه كانوا ينحرون البدنة معقولة " أخرجه أبو داود (2 / 371 - تحقيق عزت عبيد دعاس) ، وأورده ابن حجر في الفتح (3 / 553 - ط السلفية) وسكت عنه.
(2)
حديث زياد بن جبير عن ابن عمر. أخرجه البخاري (الفتح 3 / 553 - ط السلفية) ، ومسلم (2 / 956 - ط الحلبي) ، واللفظ لمسلم.
فَلَوْ تَوَحَّشَ حَيَوَانٌ أَهْلِيٌّ بَعْدَ أَنْ كَانَ إِنْسِيًّا أَوْ مُسْتَأْنَسًا، أَوْ نَدَّ بَعِيرٌ (شَرَدَ) أَوْ تَرَدَّى فِي بِئْرٍ وَنَحْوِهِ، وَلَمْ تُمْكِنِ الذَّكَاةُ الاِخْتِيَارِيَّةُ، أَيْ عَجَزَ عَنْ ذَبْحِهِ فِي الْحَلْقِ فَذَكَاتُهُ حَيْثُ يُصَابُ بِأَيِّ جَرْحٍ مِنْ بَدَنِهِ، وَيَحِل حِينَئِذٍ أَكْلُهُ كَصَيْدِ الطَّائِرِ أَوِ الْحَيَوَانِ الْمُتَوَحِّشِ، لِحَدِيثِ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ، قَال: كُنَّا مَعَ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي سَفَرٍ، فَنَدَّ بَعِيرٌ مِنْ إِبِل الْقَوْمِ، وَلَمْ يَكُنْ مَعَهُمْ خَيْلٌ، فَرَمَاهُ رَجُلٌ بِسَهْمٍ فَحَبَسَهُ، فَقَال رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: إِنَّ لِهَذِهِ الْبَهَائِمِ أَوَابِدَ كَأَوَابِدِ الْوَحْشِ فَإِذَا غَلَبَكُمْ مِنْهَا شَيْءٌ فَافْعَلُوا بِهِ هَكَذَا. (1)
وَسَوَاءٌ نَدَّ الْبَعِيرُ أَوِ الْبَقَرَةُ أَوِ الشَّاةُ فِي الصَّحْرَاءِ أَوْ فِي الْمِصْرِ، فَذَكَاتُهَا الْعَقْرُ، وَبِهِ قَال عَلِيٌّ وَابْنُ مَسْعُودٍ وَابْنُ عُمَرَ وَابْنُ عَبَّاسٍ وَعَائِشَةُ رضي الله عنهم.
قَال الْكَاسَانِيُّ: فَإِنْ نَدَّتْ الشَّاةُ فِي الصَّحْرَاءِ فَذَكَاتُهَا الْعَقْرُ؛ لأَِنَّهُ لَا يَقْدِرُ عَلَيْهَا، وَإِنْ نَدَّتْ فِي الْمِصْرِ لَمْ يَجُزْ عَقْرُهَا؛ لأَِنَّهُ يُمْكِنُ أَخْذُهَا، إِذْ هِيَ لَا تَدْفَعُ عَنْ نَفْسِهَا فَكَانَ الذَّبْحُ مَقْدُورًا عَلَيْهِ فَلَا يَجُوزُ الْعَقْرُ، وَهَذَا لأَِنَّ الْعَقْرَ خَلَفٌ مِنَ الذَّبْحِ وَالْقُدْرَةَ عَلَى الأَْصْل تَمْنَعُ الْمَصِيرَ إِلَى الْخَلَفِ.
ثُمَّ لَا خِلَافَ فِي التَّذْكِيَةِ الاِضْطِرَارِيَّةِ بِالسَّهْمِ وَالرُّمْحِ وَالْحَجَرِ وَالْخَشَبِ وَنَحْوِهَا، وَأَمَّا إِذَا لَمْ
(1) حديث رافع بن خديج: " إن لهذه البهائم أوابد. . . . " أخرجه البخاري (الفتح 9 / 638 - ط السلفية) ، ومسلم (3 / 1558 - الحلبي) .