الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
22 -
الشَّرِيطَةُ الأُْولَى: أَنْ يَكُونَ عَاقِلاً
سَوَاءٌ كَانَ رَجُلاً أَوِ امْرَأَةً بَالِغًا أَوْ غَيْرَ بَالِغٍ إِذَا كَانَ مُمَيِّزًا وَهَذَا عِنْدَ الْجُمْهُورِ (الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ، وَهُوَ قَوْلٌ لِلشَّافِعِيَّةِ) .
وَعَلَّل الْحَنَفِيَّةُ اشْتِرَاطَ الْعَقْل بِأَنَّ صِحَّةَ الْقَصْدِ إِلَى التَّسْمِيَةِ عِنْدَ الذَّبْحِ لَا بُدَّ مِنْهَا، وَذَلِكَ بِأَنْ يَكُونَ الذَّابِحُ مُتَمَكِّنًا مِنْ قَصْدِ التَّسْمِيَةِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ قَصْدُهَا وَاجِبًا، وَلَا تَتَحَقَّقُ صِحَّةُ التَّسْمِيَةِ مِمَّنْ لَا يَعْمَل، فَلَا تُؤْكَل ذَبِيحَةُ الْمَجْنُونِ وَالصَّبِيِّ الَّذِي لَا يَعْقِل، وَالسَّكْرَانِ الَّذِي لَا يَعْقِل، أَمَّا الصَّبِيُّ وَالسَّكْرَانُ وَالْمَعْتُوهُ الَّذِينَ يَعْقِلُونَ الذَّبْحَ وَيَقْدِرُونَ عَلَيْهِ فَتُؤْكَل ذَبِيحَتُهُمْ.
وَوَجَّهَ ابْنُ قُدَامَةَ الاِشْتِرَاطَ بِأَنَّ غَيْرَ الْعَاقِل لَا يَصِحُّ مِنْهُ الْقَصْدُ إِلَى الذَّبْحِ.
وَالأَْظْهَرُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ حِل ذَبِيحَةِ الصَّبِيِّ غَيْرِ الْمُمَيِّزِ وَالْمَجْنُونِ وَالسَّكْرَانِ مَعَ الْكَرَاهَةِ - بِخِلَافِ النَّائِمِ - أَمَّا الْحِل فَلأَِنَّ لَهُمْ قَصْدًا فِي الْجُمْلَةِ، وَأَمَّا الْكَرَاهَةُ فَلأَِنَّهُمْ قَدْ يُخْطِئُونَ الذَّبْحَ، وَإِنَّمَا حُرِّمَتْ ذَبِيحَةُ (النَّائِمِ) لأَِنَّهُ لَا يُتَصَوَّرُ لَهُ قَصْدٌ. (1)
23 -
الشَّرِيطَةُ الثَّانِيَةُ: أَنْ يَكُونَ مُسْلِمًا أَوْ كِتَابِيًّا
(1) حاشية ابن عابدين على الدر المختار 5 / 188، والخرشي على خليل 2 / 301، ونهاية المحتاج 8 / 106، والمقنع 3 / 535، والمغني 8 / 581.
فَلَا تَحِل ذَبِيحَةُ الْوَثَنِيِّ وَالْمَجُوسِيِّ وَهَذَا مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وَوَجْهُ اشْتِرَاطِهَا أَنَّ غَيْرَ الْمُسْلِمِ وَالْكِتَابِيِّ لَا يُخْلِصُ ذِكْرَ اسْمِ اللَّهِ، وَذَلِكَ أَنَّ الْمُشْرِكَ يُهَلِّل غَيْرَ اللَّهِ أَوْ يَذْبَحُ عَلَى النُّصُبِ. وَقَدْ قَال تَعَالَى:{حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِل لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَل السَّبُعُ إِلَاّ مَا ذَكَّيْتُمْ وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ} (1) . وَالْمَجُوسِيُّ لَا يَذْكُرُ اسْمَ اللَّهِ عَلَى الذَّبِيحَةِ.
وَقَدْ قَال عليه الصلاة والسلام فِي الْمَجُوسِ: سُنُّوا بِهِمْ سُنَّةَ أَهْل الْكِتَابِ غَيْرَ نَاكِحِي نِسَائِهِمْ وَلَا آكِلِي ذَبَائِحِهِمْ. (2)
وَالْمُرْتَدُّ - وَلَوْ لِدِينِ أَهْل كِتَابٍ - لَا يُقَرُّ عَلَى الدِّينِ الَّذِي انْتَقَل إِلَيْهِ فَهُوَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ كَالْوَثَنِيِّ، فَإِنْ كَانَ الْمُرْتَدُّ غُلَامًا مُرَاهِقًا لَمْ تُؤْكَل ذَبِيحَتُهُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ بِنَاءً عَلَى أَنَّ رِدَّتَهُ
(1) سورة المائدة / 3.
(2)
حديث: " سنوا بهم سنة أهل الكتاب، غير ناكحي. . . . " أخرج قوله: " سنوا بهم سنة أهل الكتاب " مالك في الموطأ (1 / 278 - ط الحلبي)، وقال ابن عبد البر في " التمهيد " (2 / 114 - ط وزارة الأوقاف العراقية) :" هذا حديث منقطع "، وأخرج بقيته البيهقي (9 / 192 - ط دائرة المعارف العثمانية) من حديث الحسن بن محمد بن علي، وأعله بالإرسال.