الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَلِهَذَا لَوْ كَانَ الظُّفُرُ الْقَائِمُ ظُفُرَ غَيْرِهِ جَازَ وَذَلِكَ بِأَنْ يَأْخُذَ الذَّابِحُ يَدَ غَيْرِهِ فَيُمِرُّ ظُفْرَهَا كَمَا يُمِرُّ السِّكِّينَ فَإِنَّ الذَّبِيحَةَ تَحِل؛ لأَِنَّهَا قَطَعَتْ وَلَمْ تَفْسَخْ، وَخَرَجَ بِقَيْدِ " قَائِمَيْنِ " السِّنُّ وَالظُّفُرُ الْمَنْزُوعَانِ إِذَا كَانَا قَاطِعَيْنِ فَتَجُوزُ التَّذْكِيَةُ بِهِمَا. (1)
وَهَذَا لَا يُعَارِضُ الْحَدِيثَ السَّابِقَ فَإِنَّ الْمُرَادَ فِيهِ بِالسِّنِّ وَالظُّفُرِ الْقَائِمَانِ لَا الْمَنْزُوعَانِ، وَيُؤَيِّدُهُ حَدِيثُ الطَّبَرَانِيِّ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي أُمَامَةَ قَال: قَال رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: كُل مَا أَفْرَى الأَْوْدَاجَ مَا لَمْ يَكُنْ قَرْضَ سِنٍّ أَوْ حَزَّ ظُفُرٍ (2) .
وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ وَهُوَ الصَّحِيحُ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ إِلَى أَنَّهُ لَا تَجُوزُ الذَّكَاةُ بِالسِّنِّ وَالظُّفُرِ وَبَقِيَّةِ الْعِظَامِ مُطْلَقًا مُتَّصِلَيْنِ كَانَا أَوْ مُنْفَصِلَيْنِ لِظَاهِرِ حَدِيثِ الصَّحِيحَيْنِ السَّابِقِ. (3)
وَقَال الْحَنَابِلَةُ لَا يَجُوزُ بِالسِّنِّ وَالظُّفُرِ، وَفِي الْعَظْمِ رِوَايَتَانِ عَنْ أَحْمَدَ، وَالْمَذْهَبُ الْجَوَازُ. (4)
وَالْقَوْل الثَّالِثُ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ: أَنَّهُ تَجُوزُ الذَّكَاةُ مُطْلَقًا بِالسِّنِّ وَالظُّفُرِ مُنْفَصِلَيْنِ وَمُتَّصِلَيْنِ.
وَالْقَوْل الرَّابِعُ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ جَوَازُ الذَّكَاةِ
(1) البدائع 5 / 42.
(2)
حديث: " كل ما أفرى الأوداج. . . " أخرجه الطبراني في معجمه الكبير (8 / 250 - وزارة الأوقاف العراقية) ، وأورده الهيثمي في مجمع الزوائد (4 / 34 - ط القدسي)، وقال: فيه علي بن يزيد، وهو ضعيف.
(3)
الخرشي علي العدوي 2 / 315، ونهاية المحتاج 8 / 113، والمقنع 3 / 537.
(4)
المقنع 3 / 537.
بِالظُّفُرِ مُطْلَقًا وَكَرَاهِيَتُهَا بِالسِّنِّ مُطْلَقًا.
وَرُوِيَ عَنْ مَالِكٍ أَيْضًا جَوَازُ الذَّكَاةِ بِالْعَظْمِ مُطْلَقًا.
وَمَحَل أَقْوَال الْمَالِكِيَّةِ أَنْ تُوجَدَ آلَةٌ مَعَهُمَا غَيْرُ الْحَدِيدِ فَإِنْ وُجِدَ الْحَدِيدُ تَعَيَّنَ وَإِنْ لَمْ تُوجَدْ آلَةٌ سِوَاهَا تَعَيَّنَ الذَّبْحُ بِهِمَا. (1)
آدَابُ الذَّبْحِ:
42 -
يُسْتَحَبُّ فِي الذَّبْحِ أُمُورٌ. (2) مِنْهَا:
أ - أَنْ يَكُونَ بِآلَةِ حَدِيدٍ حَادَّةٍ كَالسِّكِّينِ وَالسَّيْفِ الْحَادَّيْنِ لَا بِغَيْرِ الْحَدِيدِ وَلَا بِالْكَلِيلَةِ؛ لأَِنَّ ذَلِكَ مُخَالِفٌ لِلإِْرَاحَةِ الْمَطْلُوبَةِ فِي قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: وَلْيُرِحْ ذَبِيحَتَهُ (3) .
ب - التَّذْفِيفُ فِي الْقَطْعِ - وَهُوَ الإِْسْرَاعُ - لأَِنَّ فِيهِ إِرَاحَةً لِلذَّبِيحَةِ.
ج - أَنْ يَكُونَ الذَّابِحُ مُسْتَقْبِل الْقِبْلَةِ، وَالذَّبِيحَةُ مُوَجَّهَةً إِلَى الْقِبْلَةِ بِمَذْبَحِهَا لَا بِوَجْهِهَا إِذْ هِيَ جِهَةُ الرَّغْبَةِ إِلَى طَاعَةِ اللَّهِ عَزَّ شَأْنُهُ؛ وَلأَِنَّ ابْنَ عُمَرَ رضي الله عنهما كَانَ يَكْرَهُ أَنْ يَأْكُل ذَبِيحَةً لِغَيْرِ الْقِبْلَةِ. وَلَا مُخَالِفَ لَهُ مِنَ الصَّحَابَةِ، وَصَحَّ ذَلِكَ عَنِ ابْنِ سِيرِينَ وَجَابِرِ بْنِ زَيْدٍ
(1) الخرشي علي العدوي 2 / 315.
(2)
ر: في هذه الآداب: بدائع الصنائع 5 / 60، وحاشية ابن عابدين على الدر المختار 5 / 188.
(3)
حديث: " وليرح ذبيحته. . . . " أخرجه مسلم (3 / 1548 - ط الحلبي) من حديث شداد بن أوس.
د - إِحْدَادُ الشَّفْرَةِ قَبْل إِضْجَاعِ الشَّاةِ وَنَحْوِهَا، صَرَّحَ بِذَلِكَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ (1) وَاتَّفَقُوا عَلَى كَرَاهَةِ أَنْ يَحُدَّ الذَّابِحُ الشَّفْرَةَ بَيْنَ يَدَيِ الذَّبِيحَةِ، وَهِيَ مُهَيَّأَةٌ لِلذَّبْحِ لِمَا أَخْرَجَهُ الْحَاكِمُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما أَنَّ رَجُلاً أَضْجَعَ شَاةً يُرِيدُ أَنْ يَذْبَحَهَا وَهُوَ يَحُدُّ شَفْرَتَهُ، فَقَال لَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: أَتُرِيدُ أَنْ تُمِيتَهَا مَوْتَاتٍ؟ هَلَاّ حَدَدْتَ شَفْرَتَكَ قَبْل أَنْ تُضْجِعَهَا. (2)
وَلَا تَحْرُمُ الذَّبِيحَةُ بِتَرْكِ شَيْءٍ مِنْ مُسْتَحَبَّاتِ الذَّبْحِ أَوْ فِعْل شَيْءٍ مِنْ مَكْرُوهَاتِهِ؛ لأَِنَّ النَّهْيَ الْمُسْتَفَادَ مِنَ الْحَدِيثِ لَيْسَ لِمَعْنًى فِي الْمَنْهِيِّ عَنْهُ بَل لِمَعْنًى فِي غَيْرِهِ، وَهُوَ مَا يَلْحَقُ الْحَيَوَانَ مِنْ زِيَادَةِ أَلَمٍ لَا حَاجَةَ إِلَيْهَا، فَلَا يُوجِبُ الْفَسَادَ. (3)
هـ - أَنْ تُضْجَعَ الذَّبِيحَةُ عَلَى شِقِّهَا الأَْيْسَرِ بِرِفْقٍ.
وَذَكَرَ الْمَالِكِيَّةُ كَيْفِيَّةَ الإِْضْجَاعِ وَمَا يُسَنُّ مَعَهُ فَقَالُوا: السُّنَّةُ أَنْ تَأْخُذَ الشَّاةَ بِرِفْقٍ وَتُضْجِعَهَا عَلَى شِقِّهَا الأَْيْسَرِ وَرَأْسُهَا مُشْرِفٌ، وَتَأْخُذُ بِيَدِكَ
(1) الشرح الصغير 1 / 319، ونهاية المحتاج 8 / 112.
(2)
حديث: " أتريد أن تميتها. . . " أخرجه الحاكم (4 / 231 - ط دائرة المعارف العثمانية) ، وصححه ووافقه الذهبي.
(3)
الشرح الصغير 1 / 319، ونهاية المحتاج 8 / 112، والمقنع 3 / 542.
الْيُسْرَى جَلْدَةَ حَلْقِهَا مِنَ اللَّحْيِ الأَْسْفَل بِالصُّوفِ أَوْ غَيْرِهِ فَتَمُدَّهُ حَتَّى تَتَبَيَّنَ الْبَشَرَةُ، وَتَضَعَ السِّكِّينَ فِي الْمَذْبَحِ حَتَّى تَكُونَ الْجَوْزَةُ فِي الرَّأْسِ، ثُمَّ تُسَمِّيَ اللَّهَ وَتُمِرَّ السِّكِّينَ مَرًّا مُجْهِزًا مِنْ غَيْرِ تَرْدِيدٍ، ثُمَّ تَرْفَعُ وَلَا تَنْخَعُ وَلَا تَضْرِبُ بِهَا الأَْرْضَ وَلَا تَجْعَل رِجْلَكَ عَلَى عُنُقِهَا.
وَصَرَّحَ الشَّافِعِيَّةُ بِاسْتِحْبَابِ شَدِّ قَوَائِمِهَا وَتَرْكِ رِجْلِهَا الْيُمْنَى لِتَسْتَرِيحَ بِتَحْرِيكِهَا.
وَالدَّلِيل عَلَى اسْتِحْبَابِ الإِْضْجَاعِ فِي جَمِيعِ الْمَذْبُوحَاتِ حَدِيثُ عَائِشَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَمَرَ بِكَبْشٍ أَقْرَنَ يَطَأُ فِي سَوَادٍ، وَيَبْرُكُ فِي سَوَادٍ، وَيَنْظُرُ فِي سَوَادٍ فَأُتِيَ بِهِ لِيُضَحِّيَ بِهِ، فَقَال لَهَا: يَا عَائِشَةُ، هَلُمِّي الْمُدْيَةَ ثُمَّ قَال: اشْحَذِيهَا بِحَجَرٍ فَفَعَلَتْ، ثُمَّ أَخَذَهَا وَأَخَذَ الْكَبْشَ فَأَضْجَعَهُ ثُمَّ ذَبَحَهُ. (1)
قَال النَّوَوِيُّ: جَاءَتِ الأَْحَادِيثُ بِالإِْضْجَاعِ وَأَجْمَعَ عَلَيْهِ الْمُسْلِمُونَ، وَاتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ إِضْجَاعَ الذَّبِيحَةِ يَكُونُ عَلَى جَانِبِهَا الأَْيْسَرِ لأَِنَّهُ أَسْهَل عَلَى الذَّابِحِ فِي أَخْذِ السِّكِّينِ بِالْيَمِينِ وَإِمْسَاكِ رَأْسِهَا بِالْيَسَارِ. (2)
وَقَاسَ الْجُمْهُورُ عَلَى الْكَبْشِ جَمِيعَ الْمَذْبُوحَاتِ الَّتِي تَحْتَاجُ فِيهَا إِلَى الإِْضْجَاعِ.
(1) حديث عائشة: " أمر بكبش أقرن. . . " أخرجه مسلم (3 / 1557 - ط الحلبي) .
(2)
نيل الأوطار 5 / 138.