الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مُتَوَفِّرًا - فِي حَالَتَيِ الْغَلَاءِ وَالرُّخْصِ - بِأَنْ يَكُونَ التَّعَامُل بِهَذَا النَّقْدِ مَسْمُوحًا بِهِ مِنْ قِبَل الدَّوْلَةِ.
أَمَّا إِذَا مَنَعَتِ الدَّوْلَةُ النَّاسَ مِنَ التَّعَامُل بِهِ، فَلَا يُجْبَرُ الدَّائِنُ عَلَى قَبُولِهِ، وَيَكُونُ لَهُ الْقِيمَةُ وَقْتَ ثُبُوتِ الدَّيْنِ مِنْ غَيْرِ جِنْسِهِ مِنَ النُّقُودِ إِنْ تَرَتَّبَ عَلَى أَخْذِ الْقِيمَةِ مِنْ جِنْسِهِ رِبَا الْفَضْل، سَوَاءٌ اتَّفَقَ النَّاسُ عَلَى تَرْكِ التَّعَامُل بِهَذَا النَّقْدِ أَمْ لَمْ يَتَّفِقُوا، أَمَّا إِذَا لَمْ يَتَرَتَّبْ عَلَى أَدَاءِ الْقِيمَةِ مِنْ جِنْسِهِ رِبَا الْفَضْل، فَلَا مَانِعَ مِنْ أَنْ يَكُونَ الْوَفَاءُ بِقِيمَتِهِ مِنْ جِنْسِهِ (1) .
تَغَيُّرُ النُّقُودِ إِذَا كَانَ الدَّيْنُ نَقْدًا بِالاِصْطِلَاحِ:
إِذَا كَانَ الدَّيْنُ الثَّابِتُ فِي الذِّمَّةِ نَقْدًا بِالاِصْطِلَاحِ لَا بِالْخِلْقَةِ كَسَائِرِ الْعُمُلَاتِ الأُْخْرَى غَيْرِ الذَّهَبِيَّةِ وَالْفِضِّيَّةِ، فَطَرَأَ عَلَيْهِ تَغَيُّرٌ عِنْدَ حُلُولِهِ، فَعِنْدَئِذٍ يُفَرَّقُ بَيْنَ خَمْسِ حَالَاتٍ:
الْحَالَةُ الأُْولَى: (الْكَسَادُ الْعَامُّ لِلنَّقْدِ) :
66 -
وَذَلِكَ بِأَنْ تُوقِفَ الْجِهَةُ الْمُصْدِرَةُ لِلنَّقْدِ التَّعَامُل بِهِ، فَتُتْرَكُ الْمُعَامَلَةُ بِهِ فِي جَمِيعِ الْبِلَادِ،
(1) كشاف القناع 3 / 301، الشرح الكبير على المقنع 4 / 358، شرح منتهى الإرادات 2 / 226، المغني 4 / 365 (مطبوع مع الشرح الكبير بمطبعة المنار 1347 هـ) ، المبدع 4 / 207، المحرر لمجد الدين ابن تيمية 1 / 335
وَهُوَ مَا يُسَمِّيهِ الْفُقَهَاءُ بِـ " كَسَادِ النَّقْدِ "(1) .
فَفِي هَذِهِ الْحَالَةِ: لَوِ اشْتَرَى شَخْصٌ سِلْعَةً بِنَقْدٍ مُحَدَّدٍ مَعْلُومٍ، ثُمَّ كَسَدَ ذَلِكَ النَّقْدُ قَبْل الْوَفَاءِ، أَوِ اسْتَدَانَ نَقْدًا مَعْلُومًا ثُمَّ كَسَدَ قَبْل الأَْدَاءِ، أَوْ وَجَبَ فِي ذِمَّتِهِ الْمَهْرُ الْمُؤَجَّل نَقْدًا مُحَدَّدًا، ثُمَّ كَسَدَ قَبْل حُلُولِهِ. فَقَدِ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي ذَلِكَ عَلَى أَرْبَعَةِ أَقْوَالٍ:
الْقَوْل الأَْوَّل: لأَِبِي حَنِيفَةَ، وَهُوَ أَنَّ النَّقْدَ الَّذِي كَسَدَ إِذَا كَانَ ثَمَنًا فِي بَيْعٍ، فَإِنَّهُ يُفْسِدُ الْعَقْدَ، وَيَجِبُ الْفَسْخُ مَا دَامَ مُمْكِنًا؛ لأَِنَّهُ بِالْكَسَادِ خَرَجَ عَنْ كَوْنِهِ ثَمَنًا، حَيْثُ إِنَّ ثَمَنِيَّتَهُ ثَبَتَتْ بِالاِصْطِلَاحِ، فَإِذَا تَرَكَ النَّاسُ التَّعَامُل بِهِ، فَإِنَّهَا تَزُول عَنْهُ صِفَةُ الثَّمَنِيَّةِ، فَيَبْقَى الْمَبِيعُ بِلَا ثَمَنٍ، فَيَفْسُدُ الْبَيْعُ. أَمَّا إِذَا كَانَ دَيْنًا فِي قَرْضٍ أَوْ مَهْرًا مُؤَجَّلاً، فَيَجِبُ رَدُّ مِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ كَاسِدًا؛ لأَِنَّهُ هُوَ الثَّابِتُ فِي الذِّمَّةِ لَا غَيْرُهُ (2) . حَيْثُ " إِنَّ الْقَرْضَ إِعَارَةٌ، وَمُوجِبُهَا رَدُّ الْعَيْنِ مَعْنًى، وَذَلِكَ يَتَحَقَّقُ بِرَدِّ مِثْلِهِ
(1) الكساد في اللغة: عدم النفاق لقلة الرغبات. (المصباح المنير 2 / 644)، أما في اصطلاح الفقهاء:" فهو أن يبطل التداول بنوع من العملة، ويسقط رواجها في البلاد كافة ". (شرح المجلة لعلي حيدر (1 / 108) ، تبيين الحقائق 4 / 143، تنبيه الرقود لابن عابدين 2 / 60.
(2)
الفتاوى الهندية 3 / 225، بدائع الصنائع 7 / 3244 وما بعدها، تبيين الحقائق 4 / 142، درر الحكام لعلي حيدر 3 / 94