الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مِنَ الْمَعَانِي
الْعَقْل
وَالنُّطْقُ وَقُوَّةُ الْجِمَاعِ وَالإِْمْنَاءُ فِي الذَّكَرِ وَالْحَبَل فِي الْمَرْأَةِ، وَالسَّمْعُ وَالْبَصَرُ وَالشَّمُّ وَالذَّوْقُ وَاللَّمْسُ.
وَهَذَا إِذَا أُتْلِفَتِ الْمَعَانِي دُونَ إِتْلَافِ الأَْعْضَاءِ الْمُشْتَمِلَةِ عَلَيْهَا. فَإِنْ تَلِفَ الْعُضْوُ وَالْمَنْفَعَةُ مَعًا فَفِي ذَلِكَ دِيَةٌ وَاحِدَةٌ. وَإِنْ أَتْلَفَهُمَا بِجِنَايَتَيْنِ مُنْفَرِدَتَيْنِ تَخَلَّلَهُمَا الْبُرْءُ فَدِيَةُ كُل عُضْوٍ أَوْ مَنْفَعَةٍ بِحَسَبِ الْحَالَةِ.
وَبَيَانُ ذَلِكَ فِيمَا يَلِي:
أ - الْعَقْل:
56 -
لَا خِلَافَ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ فِي وُجُوبِ الدِّيَةِ الْكَامِلَةِ فِي إِذْهَابِ الْعَقْل؛ لأَِنَّهُ مِنْ أَكْبَرِ الْمَعَانِي قَدْرًا وَأَعْظَمِهَا نَفْعًا، فَإِنَّ بِهِ يَتَمَيَّزُ الإِْنْسَانُ وَيَعْرِفُ حَقَائِقَ الأَْشْيَاءِ، وَيَهْتَدِي إِلَى مَصَالِحِهِ، وَيَتَّقِي مَا يَضُرُّهُ، وَيَدْخُل فِي التَّكْلِيفِ (1) . وَقَدْ وَرَدَ فِي حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ: وَفِي الْعَقْل الدِّيَةُ (2) .
قَال ابْنُ قُدَامَةَ: فَإِنْ أَذْهَبَ عَقْلَهُ تَمَامًا بِالضَّرْبِ وَغَيْرِهِ تَجِبُ الدِّيَةُ الْكَامِلَةُ، وَإِنْ نَقَصَ عَقْلُهُ نَقْصًا مَعْلُومًا بِالزَّمَانِ وَغَيْرِهِ، مِثْل إِنْ صَارَ يَجِنُّ يَوْمًا وَيُفِيقُ يَوْمًا فَعَلَيْهِ مِنَ الدِّيَةِ بِقَدْرِ ذَلِكَ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ مِثْل أَنْ صَارَ مَدْهُوشًا، أَوْ يَفْزَعُ مِمَّا لَا يُفْزَعُ مِنْهُ وَيَسْتَوْحِشُ إِذَا خَلَا، فَهَذَا لَا يُمْكِنُ
(1) حاشية ابن عابدين 5 / 369، والزيلعي 6 / 129، وحاشية الزرقاني 8 / 35، روضة الطالبين 9 / 289، والمغني لابن قدامة 8 / 37، وما بعدها.
(2)
حديث: " وفي العقل الدية " تقدم تخريجه ف / 7.
تَقْدِيرُهُ، فَتَجِبُ فِيهِ حُكُومَةٌ (1) .
وَمِثْلُهُ مَا فِي كُتُبِ الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ (2) .
وَتَقْدِيرُ الْجِنَايَةِ يَكُونُ بِتَقْدِيرِ الْقَاضِي مُسْتَعِينًا بِقَوْل أَهْل الْخِبْرَةِ.
ب -
قُوَّةُ النُّطْقِ:
57 -
ذَهَبَ الْفُقَهَاءُ إِلَى أَنَّ فِي إِذْهَابِ قُوَّةِ النُّطْقِ دِيَةً فَإِذَا فَعَل بِلِسَانِهِ مَا يُعْجِزُهُ عَنِ النُّطْقِ بِالْكَمَال تَجِبُ الدِّيَةُ الْكَامِلَةُ، وَإِنْ عَجَزَ عَجْزًا جُزْئِيًّا بِأَنْ كَانَ يَقْدِرُ عَلَى نُطْقِ بَعْضِ الْحُرُوفِ دُونَ بَعْضِهَا فَالدِّيَةُ تُقْسَمُ بِحِسَابِ الْحُرُوفِ عِنْدَ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ، لِمَا رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه أَنَّهُ قَسَمَ الدِّيَةَ عَلَى الْحُرُوفِ، فَمَا قَدَرَ عَلَيْهِ مِنَ الْحُرُوفِ أُسْقِطَ بِحِسَابِهِ مِنَ الدِّيَةِ، وَمَا لَمْ يَقْدِرْ عَلَيْهِ أَلْزَمَهُ بِحِسَابِهِ مِنْهَا.
وَقِيل: تُوَزَّعُ الدِّيَةُ عَلَى الْحُرُوفِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِاللِّسَانِ دُونَ حُرُوفِ الْحَلْقِ السِّتَّةِ وَالْحُرُوفِ الشَّفَوِيَّةِ الْخَمْسَةِ، كَمَا تَقَدَّمَ فِي دِيَةِ اللِّسَانِ (3) .
وَقَال الْمَالِكِيَّةُ يُقَدَّرُ نَقْصُ النُّطْقِ بِالْكَلَامِ اجْتِهَادًا مِنَ الْعَارِفِينَ، لَا بِقَدْرِ الْحُرُوفِ، لاِخْتِلَافِهَا بِالْخِفَّةِ وَالثِّقَل (4) .
(1) المغني لابن قدامة 8 / 37، 38.
(2)
ابن عابدين 5 / 369، والروضة 9 / 289.
(3)
الزيلعي 6 / 129، وابن عابدين 5 / 360، وجواهر الإكليل 2 / 268، 269، وروضة الطالبين 9 / 296، وكشاف القناع 6 / 40.
(4)
جواهر الإكليل 2 / 268، 269.