الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَتَجْصِيصُهَا وَالْبِنَاءُ عَلَيْهَا، وَخُصُوصًا إِذَا كَانَ فِيهَا مَيِّتٌ لَمْ يُبْل، وَمَا يَفْعَلُهُ جَهَلَةُ الْحَفَّارِينَ مِنْ نَبْشِ الْقُبُورِ الَّتِي لَمْ تُبْل أَرْبَابُهَا، وَإِدْخَال أَجَانِبَ عَلَيْهِمْ، فَهُوَ مِنَ الْمُنْكَرِ الظَّاهِرِ، وَلَيْسَ مِنَ الضَّرُورَةِ الْمُبِيحَةِ لِدَفْنِ مَيِّتَيْنِ فَأَكْثَرَ فِي قَبْرٍ وَاحِدٍ.
وَيَرَى بَعْضُ الْفُقَهَاءِ أَنَّهُ يُكْرَهُ ذَلِكَ حَتَّى إِذَا صَارَ الْمَيِّتُ تُرَابًا؛ لأَِنَّ الْحُرْمَةَ بَاقِيَةٌ (1) .
دَفْنُ أَجْزَاءِ الْمَيِّتِ بَعْدَ دَفْنِهِ:
15 -
إِذَا وُجِدَتْ أَطْرَافُ مَيِّتٍ، أَوْ بَعْضُ بَدَنِهِ لَمْ يُغَسَّل، وَلَمْ يُصَل عَلَيْهِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ، بَل يُدْفَنُ (2) .
وَيَرَى الشَّافِعِيَّةُ أَنَّهُ لَوْ وُجِدَ عُضْوُ مُسْلِمٍ عُلِمَ مَوْتُهُ يَجِبُ مُوَارَاتُهُ بِخِرْقَةٍ وَدَفْنُهُ، وَلَوْ لَمْ يُعْلَمْ مَوْتُ صَاحِبِ الْعُضْوِ لَمْ يُصَل عَلَيْهِ، لَكِنْ يُنْدَبُ دَفْنُهُ، وَيَجِبُ فِي دَفْنِ الْجُزْءِ مَا يَجِبُ فِي دَفْنِ الْجُمْلَةِ.
أَمَّا الْحَنَابِلَةُ فَقَالُوا: إِنْ وُجِدَ جُزْءُ الْمَيِّتِ بَعْدَ دَفْنِهِ غُسِّل، وَصُلِّيَ عَلَيْهِ، وَدُفِنَ إِلَى جَانِبِ
(1) الاختيار 1 / 96، 97، والبدائع 1 / 319، وابن عابدين 1 / 598، 599، وحاشية الدسوقي 1 / 422، وجواهر الإكليل 1 / 114، وشرح الزرقاني 2 / 103، ومواهب الجليل 2 / 235، 236، وروضة الطالبين 2 / 138، 142، وكشاف القناع 2 / 143، والمغني 2 / 563.
(2)
ابن عابدين 1 / 576، وفتح القدير 2 / 76 ط دار إحياء التراث العربي.
الْقَبْرِ، أَوْ نُبِشَ بَعْضُ الْقَبْرِ وَدُفِنَ فِيهِ، وَلَا حَاجَةَ إِلَى كَشْفِ الْمَيِّتِ؛ لأَِنَّ ضَرَرَ نَبْشِ الْمَيِّتِ وَكَشْفِهِ أَعْظَمُ مِنَ الضَّرَرِ بِتَفْرِقَةِ أَجْزَائِهِ (1) .
دَفْنُ الْمُسْلِمِ فِي مَقَابِرِ الْمُشْرِكِينَ وَعَكْسُهُ:
16 -
اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّهُ يَحْرُمُ دَفْنُ مُسْلِمٍ فِي مَقْبَرَةِ الْكُفَّارِ وَعَكْسُهُ إِلَاّ لِضَرُورَةٍ. أَمَّا لَوْ جُعِلَتْ مَقْبَرَةُ الْكُفَّارِ الْمُنْدَرِسَةُ مَقْبَرَةً لِلْمُسْلِمِينَ بَعْدَ نَقْل عِظَامِهَا إِنْ كَانَتْ جَازَ، كَجَعْلِهَا مَسْجِدًا؛ لِعَدَمِ احْتِرَامِهِمْ. وَالدَّفْنُ فِي غَيْرِ مَقْبَرَةِ الْكُفَّارِ الْمُنْدَرِسَةِ أَوْلَى إِنْ أَمْكَنَ، تَبَاعُدًا عَنْ مَوَاضِعِ الْعَذَابِ. وَلَا يَجُوزُ الْعَكْسُ، بِأَنْ تُجْعَل مَقْبَرَةُ الْمُسْلِمِينَ الْمُنْدَرِسَةُ مَقْبَرَةً لِلْكُفَّارِ، وَلَا نَقْل عِظَامِ الْمُسْلِمِينَ لِتُدْفَنَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ لاِحْتِرَامِهَا (2) .
أَمَّا الْمُرْتَدُّ فَقَدْ ذَكَرَ الإِْسْنَوِيُّ نَقْلاً عَنِ الْمَاوَرْدِيِّ أَنَّهُ لَا يُدْفَنُ فِي مَقَابِرِ الْمُسْلِمِينَ لِخُرُوجِهِ بِالرِّدَّةِ عَنْهُمْ، وَلَا فِي مَقَابِرِ الْمُشْرِكِينَ؛ لِمَا تَقَدَّمَ لَهُ مِنْ حُرْمَةِ الإِْسْلَامِ.
(1) فتح القدير 2 / 76 ط دار إحياء التراث العربي، وابن عابدين 1 / 576، والقليوبي 1 / 337، 338، وروضة الطالبين 2 / 117، والمغني 2 / 540، وكشاف القناع 2 / 124.
(2)
ابن عابدين 1 / 599، وجواهر الإكليل 1 / 117، 118، والقليوبي 1 / 329، والجمل 2 / 201، وروضة الطالبين 2 / 142، وكشاف القناع 2 / 124.