الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَاخْتَارَهُ ابْنُ قُدَامَةَ مِنَ الْحَنَابِلَةِ: أَنَّهَا تَجِبُ فِي مَال الْجَانِي (1) . وَذَهَبَ الْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّهَا تَسْقُطُ (2) بِتَعَذُّرِ أَخْذِهَا مِنْ بَيْتِ الْمَال حَيْثُ وَجَبَتْ فِيهِ، وَلَا شَيْءَ عَلَى الْقَاتِل، وَهَذَا هُوَ الْمَذْهَبُ عِنْدَهُمْ، وَلَا عَلَى الْعَاقِلَةِ أَيْضًا لِعَجْزِهَا عَنْ أَدَاءِ مَا وَجَبَ عَلَيْهَا مِنَ الدِّيَةِ، وَلَوْ أَيْسَرَتِ الْعَاقِلَةُ بَعْدَ ذَلِكَ أُخِذَتِ الدِّيَةُ مِنْهَا كَامِلَةً لِئَلَاّ يَضِيعَ دَمُ الْمُسْلِمِ هَدَرًا، قَال الرَّحِيبَانِيُّ: وَهَذَا مُتَّجَهٌ، وَيُتَّجَهُ أَنَّهُ إِذَا تَعَذَّرَ أَخْذُ الدِّيَةِ مِنْ بَيْتِ الْمَال فَتَجِبُ فِي مَال الْقَاتِل (3) .
وَفِي وَجْهٍ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ: لَا تُؤْخَذُ مِنَ الْجَانِي بَل تَجِبُ عَلَى جَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ كَنَفَقَةِ الْفُقَرَاءِ كَمَا ذَكَرَهُ النَّوَوِيُّ فِي الرَّوْضَةِ، وَقَال: لَوْ حَدَثَ فِي بَيْتِ الْمَال مَالٌ هَل يُؤْخَذُ مِنْهُ الْوَاجِبُ؟ وَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا لَا، كَمَا لَا يُطَالَبُ فَقِيرُ الْعَاقِلَةِ لِغِنَاهُ بَعْدَ الْحَوْل (4) .
مَنْ يَسْتَحِقُّ الدِّيَةَ:
82 -
لَا خِلَافَ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ فِي أَنَّ الْمُسْتَحِقَّ لِلدِّيَةِ فِي الْجِنَايَةِ عَلَى مَا دُونَ النَّفْسِ أَيْ قَطْعِ الأَْطْرَافِ وَإِزَالَةِ الْمَعَانِي هُوَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ نَفْسُهُ، إِذْ هُوَ الْمُتَضَرِّرُ، فَلَهُ أَنْ يُطَالِبَ بِالدِّيَةِ، وَلَهُ حَقُّ الإِْبْرَاءِ وَالْعَفْوُ عَنْهَا. وَإِذَا عَفَا عَنِ الدِّيَةِ فَلَيْسَ
(1) ابن عابدين 5 / 413، الخرشي 8 / 46، ومغني المحتاج 4 / 97، والروضة 9 / 357، والمغني 7 / 792، 793
(2)
نيل المآرب 2 / 110
(3)
مطالب أولي النهى 6 / 139، 140
(4)
الروضة 9 / 357
لِلأَْوْلِيَاءِ الْمُطَالَبَةُ بِشَيْءٍ إِذَا لَمْ تَسْرِ الْجِنَايَةُ إِلَى النَّفْسِ.
أَمَّا إِذَا سَرَتِ الْجِنَايَةُ إِلَى النَّفْسِ وَمَاتَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ بَعْدَ عَفْوِهِ عَنْ قَطْعِ الأَْطْرَافِ وَالْمَعَانِي فَهَل لِلأَْوْلِيَاءِ الْمُطَالَبَةُ بِدِيَةِ النَّفْسِ لأَِنَّ الْعَفْوَ حَصَل عَنِ الْقَطْعِ لَا عَنِ الْقَتْل؟ أَوْ لَيْسَ لَهُمُ الْمُطَالَبَةُ بِالدِّيَةِ الْكَامِلَةِ؛ لأَِنَّ الْعَفْوَ عَنْ مُوجِبِ الْجِنَايَةِ وَهُوَ الْقَطْعُ عَفْوٌ عَنِ الْجِنَايَةِ نَفْسِهَا؟ فِي ذَلِكَ خِلَافٌ وَتَفْصِيلٌ، يُنْظَرُ فِي مُصْطَلَحِ:(قِصَاص، وَعَفْو، وَسِرَايَة) .
أَمَّا دِيَةُ النَّفْسِ فَهِيَ مَوْرُوثَةٌ كَسَائِرِ أَمْوَال الْمَيِّتِ حَسَبَ الْفَرَائِضِ الْمُقَدَّرَةِ شَرْعًا فِي تَرِكَتِهِ فَيَأْخُذُ مِنْهَا كُلٌّ مِنَ الْوَرَثَةِ الرِّجَال وَالنِّسَاءِ نَصِيبَهُ الْمُقَدَّرَ لَهُ بِاسْتِثْنَاءِ الْقَاتِل، وَذَلِكَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ} (1) وَلِمَا رَوَاهُ عَمْرُو بْنُ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَنَّ رَسُول اللَّهِ قَال: الْعَقْل مِيرَاثٌ بَيْنَ وَرَثَةِ الْقَتِيل عَلَى فَرَائِضِهِمْ (2) . وَهَذَا قَوْل أَكْثَرِ الْفُقَهَاءِ (3) .
(1) سورة النساء / 92
(2)
حديث: " العقل ميراث بين ورثة القتيل على فرائضهم " أخرجه النسائي (8 / 3 - ط المكتبة التجارية) ، وأبو داود (4 / 692 - تحقيق عزت عبيد دعاس) وإسناده حسن
(3)
فتح القدير مع الهداية 8 / 284، 286، وكفاية الطالب شرح الرسالة 2 / 247، والمواق مع الحطاب 6 / 258، وحاشية الجمل 5 / 108، 109، ومغني المحتاج 4 / 105، ومطالب أولي النهى 4 / 497، 498، والأم للشافعي 7 / 149، والمغني لابن قدامة 6 / 320