الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْمُسْلِمِينَ يَرِثُونَ مَنْ لَا وَارِثَ لَهُ، فَيَعْقِلُونَ عَنْهُ عِنْدَ عَدَمِ عَاقِلَتِهِ، كَعَصَبَاتِهِ وَمَوَالِيهِ.
وَالثَّانِيَةُ: لَا يَجِبُ ذَلِكَ؛ لأَِنَّ بَيْتَ الْمَال فِيهِ حَقٌّ لِلنِّسَاءِ وَالصَّبِيَّانِ وَالْمَجَانِينِ وَالْفُقَرَاءِ، وَلَا عَمَل عَلَيْهِمْ، فَلَا يَجُوزُ صَرْفُهُ فِيمَا لَا يَجِبُ عَلَيْهِمْ (1) .
وَقَال الْمَالِكِيَّةُ: الْكَافِرُ الذِّمِّيُّ يَعْقِل عَنْهُ ذَوُو دِينِهِ الَّذِينَ يُؤَدُّونَ مَعَهُ الْجِزْيَةَ، وَالصُّلْحِيُّ يَعْقِل عَنْهُ أَهْل صُلْحِهِ (2) .
ب -
خَطَأُ الإِْمَامِ أَوِ الْحَاكِمِ فِي حُكْمِهِ:
79 -
إِذَا أَخْطَأَ وَلِيُّ الأَْمْرِ أَوِ الْقَاضِي فِي حُكْمِهِ فَتَلِفَ بِذَلِكَ نَفْسٌ أَوْ عُضْوٌ، فَدِيَتُهُ عَلَى بَيْتِ الْمَال عِنْدَ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ وَهُمُ الْحَنَفِيَّةُ، وَهُوَ الأَْصَحُّ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ وَقَوْلٌ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ، وَمِثَالُهُ مَنْ مَاتَ فِي التَّعْزِيرِ بِسَبَبِ الزِّيَادَةِ وَالتَّجَاوُزِ بِأَمْرِ الإِْمَامِ، فَإِنَّ دِيَتَهُ تَجِبُ فِي بَيْتِ الْمَال، لَا عَلَى الْعَاقِلَةِ.
وَاسْتَدَلُّوا عَلَى وُجُوبِهَا فِي بَيْتِ الْمَال بِأَنَّهُ خَطَأٌ يَكْثُرُ وُجُودُهُ، فَلَوْ وَجَبَ ضَمَانُهُ عَلَى عَاقِلَةِ الإِْمَامِ أَجْحَفَ بِهِمْ (3) .
وَفِي الأَْظْهَرِ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَهُوَ الرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ: أَنَّهَا تَجِبُ عَلَى عَاقِلَتِهِ؛ لأَِنَّهَا وَجَبَتْ
(1) المغني 7 / 791
(2)
جواهر الإكليل 2 / 271
(3)
حاشية ابن عابدين 5 / 190، وروضة الطالبين 11 / 308، والمغني 8 / 312.
بِخَطَئِهِ، كَمَا لَوْ رَمَى صَيْدًا فَقَتَل آدَمِيًّا (1) .
وَعِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ: إِنْ زَادَ فِي التَّعْزِيرِ يَظُنُّ السَّلَامَةَ فَخَابَ ظَنُّهُ فَهَدَرٌ، وَإِنْ شَكَّ فَالدِّيَةُ عَلَى الْعَاقِلَةِ، وَهُوَ كَوَاحِدٍ مِنْهُمْ (2) .
ج -
وُجُودُ الْقَتِيل فِي الأَْمَاكِنِ الْعَامَّةِ:
80 -
إِذَا وُجِدَ الْقَتِيل فِي مَكَانٍ يَكُونُ التَّصَرُّفُ فِيهِ لِعَامَّةِ الْمُسْلِمِينَ، كَالشَّارِعِ الأَْعْظَمِ النَّافِذِ، وَالْجَامِعِ الْكَبِيرِ، وَالسِّجْنِ وَكُل مَكَانٍ لَا يَخْتَصُّ التَّصَرُّفُ فِيهِ لِوَاحِدٍ مِنْهُمْ، وَلَا لِجَمَاعَةٍ يُحْصَوْنَ، فَالدِّيَةُ فِي بَيْتِ الْمَال؛ لأَِنَّ الْغُرْمَ بِالْغُنْمِ، فَلَمَّا كَانَ عَامَّةُ الْمُسْلِمِينَ هُمُ الْمُنْتَفَعِينَ بِهَذِهِ الأَْمَاكِنِ كَانَ الْغُرْمُ عَلَيْهِمْ، فَيُدْفَعُ مِنْ مَالِهِمُ الْمَوْضُوعِ لَهُمْ فِي بَيْتِ الْمَال. وَكَذَلِكَ إِذَا قُتِل شَخْصٌ فِي زِحَامِ طَوَافٍ أَوْ مَسْجِدٍ عَامٍّ أَوِ الطَّرِيقِ الأَْعْظَمِ وَلَمْ يُعْرَفْ قَاتِلُهُ، فَدِيَتُهُ فِي بَيْتِ الْمَال (3)، لِقَوْل عَلِيٍّ رضي الله عنه: لَا يُطَل دَمُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ (4) .
تَعَذُّرُ حُصُول الدِّيَةِ مِنْ بَيْتِ الْمَال:
81 -
إِذَا لَمْ يَكُنْ لِلْجَانِي عَاقِلَةٌ، وَتَعَذَّرَ حُصُول الدِّيَةِ مِنْ بَيْتِ الْمَال لِعَدَمِ وُجُودِهِ أَوْ عَدَمِ ضَبْطِهِ، فَهَل يَسْقُطُ الدَّمُ أَوْ تَجِبُ الدِّيَةُ كَامِلَةً عَلَى الْجَانِي نَفْسِهِ؟ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ: فَقَال الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ وَهُوَ الأَْظْهَرُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ
(1) الروضة 9 / 228 و 11 / 308، والمغني 8 / 312
(2)
الدسوقي 4 / 355.
(3)
ابن عابدين 5 / 406، ونيل المآرب 2 / 110
(4)
أثر علي رضي الله عنه: " لا يطل دم امرئ مسلم " أخرجه سعيد بن منصور في سننه كما في المغني لابن قدامة (8 / 69 - ط الرياض) .