الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَإِنْ عَفَا مُطْلَقًا بِأَنْ لَمْ يُقَيِّدْهُ بِقَوَدٍ وَلَا دِيَةٍ، أَوْ قَال: عَفَوْتُ عَنِ الْقَوَدِ، فَلَهُ الدِّيَةُ؛ لاِنْصِرَافِ الْعَفْوِ إِلَى الْقَوَدِ فِي مُقَابَلَةِ الاِنْتِقَامِ، وَالاِنْتِقَامُ إِنَّمَا يَكُونُ بِالْقَتْل (1) .
2 - عَفْوُ بَعْضِ الأَْوْلِيَاءِ:
21 -
إِذَا عَفَا بَعْضُ الأَْوْلِيَاءِ عَنِ الْقَوَدِ دُونَ الْبَعْضِ سَقَطَ الْقِصَاصُ عَنِ الْقَاتِل؛ لأَِنَّهُ سَقَطَ نَصِيبُ الْعَافِي بِالْعَفْوِ، فَيَسْقُطُ نَصِيبُ الآْخَرِ فِي الْقَوَدِ ضَرُورَةً؛ لأَِنَّهُ لَا يَتَجَزَّأُ فَلَا يُتَصَوَّرُ اسْتِيفَاءُ بَعْضِهِ دُونَ بَعْضٍ.
وَفِي هَذِهِ الْحَالَةِ يَبْقَى لِلآْخَرِينَ نَصِيبُهُمْ مِنَ الدِّيَةِ، وَذَلِكَ بِاتِّفَاقِ الْفُقَهَاءِ لإِِجْمَاعِ الصَّحَابَةِ رضي الله عنهم، فَإِنَّهُ رُوِيَ عَنْ عُمَرَ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ وَابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهم أَنَّهُمْ أَوْجَبُوا فِي عَفْوِ بَعْضِ الأَْوْلِيَاءِ لِلَّذِينَ لَمْ يَعْفُوا نَصِيبَهُمْ مِنَ الدِّيَةِ، وَذَلِكَ بِمَحْضَرٍ مِنَ الصَّحَابَةِ رضي الله عنهم، وَلَمْ يُنْقَل أَنَّهُ أَنْكَرَ أَحَدٌ عَلَيْهِمْ، فَيَكُونُ إِجْمَاعًا.
وَيَسْتَوِي فِي هَذِهِ الْحَالَةِ عَفْوُ أَحَدِ الأَْوْلِيَاءِ مَجَّانًا أَوْ إِلَى الدِّيَةِ.
وَلَا يَصِحُّ الْعَفْوُ عَنِ الْقِصَاصِ مِنْ قِبَل الصَّغِيرِ وَالْمَجْنُونِ، وَإِنْ كَانَ الْحَقُّ ثَابِتًا لَهُمَا،
(1) مغني المحتاج 4 / 48، 49، والمهذب 2 / 189، كشاف القناع 5 / 543، 544، والمغني 7 / 742، 744.
وَهَذَا بِاتِّفَاقِ الْفُقَهَاءِ؛ لأَِنَّهُ مِنَ التَّصَرُّفَاتِ الْمُضِرَّةِ الْمَحْضَةِ، فَلَا يَمْلِكَانِهِ كَالطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ وَنَحْوِهِمَا (1) .
ب -
مَوْتُ الْجَانِي (فَوَاتُ مَحَل الْقِصَاصِ) :
22 -
صَرَّحَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ بِأَنَّ الْقَاتِل إِذَا مَاتَ أَوْ قُتِل سَقَطَ الْقِصَاصُ بِفَوَاتِ مَحَلِّهِ وَلَا تَجِبُ الدِّيَةُ؛ لأَِنَّ الْقِصَاصَ فِي الْعَمْدِ هُوَ الْوَاجِبُ عَيْنًا، لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى (2) } . الآْيَةَ، حَتَّى لَا يَمْلِكُ الْوَلِيُّ أَنْ يَأْخُذَ الدِّيَةَ مِنَ الْقَاتِل بِغَيْرِ رِضَاهُ.
وَقَال الْحَنَابِلَةُ: إِنْ مَاتَ الْقَاتِل أَوْ قُتِل وَجَبَتِ الدِّيَةُ فِي تَرِكَتِهِ؛ لأَِنَّ الْوَاجِبَ بِقَتْل الْعَمْدِ أَحَدُ شَيْئَيْنِ: الْقَوَدُ أَوِ الدِّيَةُ، وَيُخَيَّرُ الْوَلِيُّ بَيْنَهُمَا، وَلَوْ لَمْ يَرْضَ الْجَانِي. فَإِذَا تَعَذَّرَ اسْتِيفَاءُ الْقِصَاصِ بِمَوْتِ الْجَانِي بَقِيَ حَقُّهُ فِي اسْتِيفَاءِ الدِّيَةِ.
وَلِلشَّافِعِيَّةِ فِي الْمَسْأَلَةِ قَوْلَانِ: الأَْوَّل وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ: أَنَّ مُوجِبَ الْقَتْل الْعَمْدِ الْقَوَدُ عَيْنًا، وَهَذَا مُتَّفِقٌ مَعَ قَوْل الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ، إِلَاّ أَنَّهُمْ قَالُوا: إِنَّ الدِّيَةَ بَدَلٌ عِنْدَ سُقُوطِ الْقِصَاصِ بِعَفْوٍ
(1) بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع للكاساني 7 / 246 - 247، وحاشية الدسوقي مع الشرح الكبير 4 / 261، والمهذب للشيرازي 2 / 190، والمغني لابن قدامة 7 / 744.
(2)
سورة البقرة / 178.