الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تَغْلِيظُ الدِّيَةِ فِي الْقَتْل الْعَمْدِ:
18 -
الدِّيَةُ فِي الْقَتْل الْعَمْدِ مُغَلَّظَةٌ، سَوَاءٌ أُوجِبَ فِيهِ الْقِصَاصُ وَسَقَطَ بِالْعَفْوِ، أَوْ لِشُبْهَةٍ أَوْ نَحْوِهِمَا، أَمْ لَمْ يَجِبْ أَصْلاً، كَقَتْل الْوَالِدِ وَلَدَهُ.
وَاخْتَلَفُوا فِي كَيْفِيَّةِ تَغْلِيظِ الدِّيَةِ فِي الْقَتْل الْعَمْدِ:
فَقَال الْمَالِكِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ: تَجِبُ أَرْبَاعًا، خَمْسٌ وَعِشْرُونَ حِقَّةً، وَخَمْسٌ وَعِشْرُونَ جَذَعَةً، وَخَمْسٌ وَعِشْرُونَ بِنْتَ مَخَاضٍ، وَخَمْسٌ وَعِشْرُونَ بِنْتَ لَبُونٍ، وَتَجِبُ فِي مَال الْجَانِي حَالَّةً، وَذَلِكَ تَغْلِيظًا عَلَى الْقَاتِل.
لَكِنِ الْمَالِكِيَّةُ قَالُوا: تُثَلَّثُ الدِّيَةُ فِي قَتْل الأَْبِ وَلَدَهُ عَمْدًا إِذَا لَمْ يُقْتَل بِهِ.
فَفِي هَذِهِ الْحَالَةِ يَكُونُ التَّثْلِيثُ بِثَلَاثِينَ حِقَّةً، وَثَلَاثِينَ جَذَعَةً، وَأَرْبَعِينَ خَلِفَةً أَيْ حَامِلاً.
وَقَال الشَّافِعِيَّةُ: دِيَةُ الْعَمْدِ مُثَلَّثَةٌ فِي مَال الْجَانِي حَالَّةً فَهِيَ مُغَلَّظَةٌ مِنْ ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ: كَوْنِهَا عَلَى الْجَانِي، وَحَالَّةً، وَمِنْ جِهَةِ السِّنِّ (1) .
وَلَا تُؤَجَّل الدِّيَةُ فِي الْقَتْل الْعَمْدِ عِنْدَ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ؛ لأَِنَّ الأَْصْل وُجُوبُ الدِّيَةِ حَالَّةً بِسَبَبِ الْقَتْل، وَالتَّأْجِيل فِي الْخَطَأِ ثَبَتَ مَعْدُولاً بِهِ عَنِ الأَْصْل لإِِجْمَاعِ الصَّحَابَةِ رضي الله عنهم، أَوْ مَعْلُولاً بِالتَّخْفِيفِ عَلَى الْقَاتِل، حَتَّى تَحْمِل عَنْهُ
(1) الفواكه الدواني 2 / 258، 259، جواهر الإكليل 2 / 265، وكشاف القناع 6 / 19، 20، ومغني المحتاج 4 / 53 - 55.
الْعَاقِلَةُ، وَالْعَامِدُ يَسْتَحِقُّ التَّغْلِيظَ، وَلِهَذَا وَجَبَ فِي مَالِهِ لَا عَلَى الْعَاقِلَةِ.
وَقَال الْحَنَفِيَّةُ: التَّغْلِيظُ فِي الْقَتْل الْعَمْدِ كَالتَّغْلِيظِ فِي شِبْهِ الْعَمْدِ مِنْ نَاحِيَةِ أَسْنَانِ الإِْبِل، فَتَجِبُ أَرْبَاعًا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ، وَأَثْلَاثًا عِنْدَ مُحَمَّدٍ، كَمَا تَقَدَّمَ فِي شِبْهِ الْعَمْدِ. إِلَاّ أَنَّهَا تَجِبُ فِي مَال الْجَانِي وَحْدَهُ وَلَا تَحْمِلُهَا الْعَاقِلَةُ؛ لأَِنَّهَا جَزَاءُ فِعْلٍ ارْتَكَبَهُ قَصْدًا وَقَدْ قَال اللَّهُ تَعَالَى:{وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى (1) } . وَقَال صلى الله عليه وسلم: وَلَا يَجْنِي جَانٍ إِلَاّ عَلَى نَفْسِهِ (2) .
وَتَجِبُ الدِّيَةُ فِي الْقَتْل الْعَمْدِ مُؤَجَّلَةً أَيْضًا فِي ثَلَاثِ سِنِينَ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ (خِلَافًا لِجُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ) ؛ لأَِنَّ الأَْجَل وَصْفٌ لِكُل دِيَةٍ وَجَبَتْ بِالنَّصِّ، فَدِيَةُ الْقَتْل الْعَمْدِ مُغَلَّظَةٌ مِنْ وَجْهَيْنِ فَقَطْ: أَحَدُهُمَا مِنْ نَاحِيَةِ الأَْسْنَانِ، وَالثَّانِي أَنَّهَا تَجِبُ فِي مَال الْجَانِي (3) .
حَالَاتُ وُجُوبِ الدِّيَةِ فِي الْقَتْل الْعَمْدِ:
أ -
الْعَفْوُ عَنِ الْقِصَاصِ:
19 -
رَغَّبَ الشَّارِعُ فِي الْعَفْوِ عَنِ الْقِصَاصِ فَقَال
(1) سورة الأنعام / 164.
(2)
حديث: " لا يجني جان إلا على نفسه " أخرجه الترمذي (4 / 461 - ط الحلبي) من حديث عمرو بن الأحوص، وقال:" حديث حسن صحيح ".
(3)
البدائع 7 / 256، 257.