الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَمَا اسْتَقَرَّ عَلَيْهِ حُكْمُ أَرْضِهِ مِنْ عُشْرٍ أَوْ خَرَاجٍ، فَإِنْ كَانَ جَمِيعُهُ أَرْضَ عُشْرٍ لَمْ يَلْزَمْ إِثْبَاتُ مِسَاحَاتِهِ؛ لأَِنَّ الْعُشْرَ عَلَى الزَّرْعِ دُونَ الْمِسَاحَةِ، وَيَكُونُ مَا اسْتُؤْنِفَ زَرْعُهُ مَرْفُوعًا إِلَى دِيوَانِ الْعُشْرِ لَا مُسْتَخْرَجًا مِنْهُ، وَيَلْزَمُ تَسْمِيَةُ أَرْبَابِهِ عِنْدَ رَفْعِهِ إِلَى الدِّيوَانِ؛ لأَِنَّ وُجُوبَ الْعُشْرِ فِيهِ مُعْتَبَرٌ بِأَرْبَابِهِ دُونَ رِقَابِ الأَْرْضِينَ، وَإِذَا رُفِعَ الزَّرْعُ بِأَسْمَاءِ أَرْبَابِهِ ذُكِرَ مَبْلَغُ كَيْلِهِ وَحَال سَقْيِهِ بِسَيْحٍ (مَاءٍ جَارٍ) أَوْ عَمَلٍ؛ لاِخْتِلَافِ حُكْمِهِ لِيُسْتَوْفَى عَلَى مُوجِبِهِ.
وَإِنْ كَانَ جَمِيعُهُ أَرْضَ خَرَاجٍ لَزِمَ إِثْبَاتُ مِسَاحَاتِهِ؛ لأَِنَّ الْخَرَاجَ عَلَى الْمِسَاحَةِ، فَإِنْ كَانَ هَذَا الْخَرَاجُ فِي حُكْمِ الأُْجْرَةِ لَمْ يَلْزَمْ تَسْمِيَةُ أَرْبَابِ الأَْرْضِينَ؛ لأَِنَّهُ لَا يَخْتَلِفُ بِإِسْلَامٍ وَلَا بِكُفْرٍ، وَإِنْ كَانَ الْخَرَاجُ فِي حُكْمِ الْجِزْيَةِ لَزِمَ تَسْمِيَةُ أَرْبَابِهِمْ وَوَصْفُهُمْ بِإِسْلَامٍ أَوْ كُفْرٍ؛ لاِخْتِلَافِ حُكْمِهِ بِاخْتِلَافِ أَهْلِهِ.
وَإِنْ كَانَ بَعْضُهُ عُشْرًا وَبَعْضُهُ خَرَاجًا فُصِّل فِي دِيوَانِ الْعُشْرِ مَا كَانَ مِنْهُ عُشْرًا، وَفِي دِيوَانِ الْخَرَاجِ مَا كَانَ مِنْهُ خَرَاجًا؛ لاِخْتِلَافِ الْحُكْمِ فِيهِمَا، وَأُجْرِيَ عَلَى كُل وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَا يَخْتَصُّ بِحُكْمِهِ.
الثَّالِثُ: بَيَانُ أَحْكَامِ الأَْرْضِ الْخَرَاجِيَّةِ وَمَا اسْتَقَرَّ عَلَيْهَا مِنْ مُقَاسَمَةٍ عَلَى الزَّرْعِ أَوْ وَرِقٍ (فِضَّةٍ) مُقَدَّرٍ عَلَى الْخَرَاجِ.
الرَّابِعُ: ذِكْرُ مَنْ فِي كُل بَلَدٍ مِنْ أَهْل الذِّمَّةِ
وَمَا اسْتَقَرَّ عَلَيْهِمْ فِي عَقْدِ الْجِزْيَةِ، فَإِنْ كَانَتْ مُخْتَلِفَةً بِالْيَسَارِ وَالإِْعْسَارِ سُمُّوا فِي الدِّيوَانِ مَعَ ذِكْرِ عَدَدِهِمْ، لِيُخْتَبَرَ حَال يَسَارِهِمْ وَإِعْسَارِهِمْ، وَإِنْ لَمْ تَخْتَلِفْ فِي الْيَسَارِ وَالإِْعْسَارِ جَازَ الاِقْتِصَارُ عَلَى ذِكْرِ عَدَدِهِمْ وَوَجَبَ مُرَاعَاتُهُمْ فِي كُل عَامٍ لِيُثْبَتَ مَنْ بَلَغَ وَيُسْقَطَ مَنْ مَاتَ أَوْ أَسْلَمَ، لِيَنْحَصِرَ بِذَلِكَ مَا يُسْتَحَقُّ مِنْ جِزْيَتِهِمْ.
الْخَامِسُ: ذِكْرُ أَجْنَاسِ الْمَعَادِنِ فِي الْبَلَدِ - إِنْ كَانَ مِنْ بُلْدَانِ الْمَعَادِنِ - وَعَدَدِ كُل جِنْسٍ، لِيُسْتَوْفَى حَقُّ الْمَعْدِنِ مِنْهَا.
السَّادِسُ: إِنْ كَانَ الْبَلَدُ ثَغْرًا يُتَاخِمُ دَارَ الْحَرْبِ وَكَانَتْ أَمْوَال الْكُفَّارِ قَدْ دَخَلَتْ دَارَ الإِْسْلَامِ مَعْشُورَةً عَنْ صُلْحٍ اسْتَقَرَّ مَعَهُمْ وَأُثْبِتَ فِي دِيوَانِ عَقْدِ صُلْحِهِمْ وَقُدِّرَ الْمَأْخُوذُ مِنْهُمْ مِنْ عُشْرٍ أَوْ خُمُسٍ أَوْ زِيَادَةٍ أَوْ نُقْصَانٍ، فَإِنْ كَانَ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الأَْمْتِعَةِ وَالأَْمْوَال فُصِّلَتْ فِيهِ، وَكَانَ الدِّيوَانُ مَوْضُوعًا لإِِخْرَاجِ رُسُومِهِ وَلاِسْتِيفَاءِ مَا يُرْفَعُ إِلَيْهِ مِنْ مَقَادِيرِ الأَْمْتِعَةِ الْمَحْمُولَةِ إِلَيْهِ (1) .
الْقِسْمُ الثَّالِثُ: مَا يَخْتَصُّ بِالْعُمَّال مِنْ تَقْلِيدٍ وَعَزْلٍ:
10 -
وَبَيَانُهُ فِيمَا يَلِي:
الأَْوَّل: ذِكْرُ مَنْ يَصِحُّ مِنْهُ تَقْلِيدُ الْعُمَّال، وَهُوَ
(1) الأحكام السلطانية للماوردي ص 206 - 209، الأحكام السلطانية لأبي يعلى 244 - 246.
مُعْتَبَرٌ بِنُفُوذِ الأَْمْرِ وَجَوَازِ النَّظَرِ، وَهَذَا يَكُونُ مِنْ أَحَدِ ثَلَاثَةٍ: السُّلْطَانِ الْمُسْتَوْلِي عَلَى كُل الأُْمُورِ، أَوْ وَزِيرِ التَّفْوِيضِ، أَوْ عَامِل عَامِّ الْوِلَايَةِ كَعَامِل إِقْلِيمٍ أَوْ مِصْرٍ عَظِيمٍ يُقَلَّدُ فِي خُصُوصِ الأَْعْمَال عَامِلاً.
أَمَّا وَزِيرُ التَّنْفِيذِ فَلَا يَصِحُّ مِنْهُ تَقْلِيدُ عَامِلٍ إِلَاّ بَعْدَ الْمُطَالَعَةِ وَالاِسْتِئْمَارِ.
الثَّانِي: ذِكْرُ مَنْ يَصِحُّ أَنْ يَتَقَلَّدَ الْعِمَالَةَ، وَهُوَ مَنِ اسْتَقَل بِكِفَايَتِهِ وَوُثِقَ بِأَمَانَتِهِ، فَإِنْ كَانَتْ عِمَالَةُ تَفْوِيضٍ تَفْتَقِرُ إِلَى اجْتِهَادٍ رُوعِيَ فِيهَا الْحُرِّيَّةُ وَالإِْسْلَامُ، وَإِنْ كَانَتْ عِمَالَةُ تَنْفِيذٍ لَا اجْتِهَادَ لِلْعَامِل فِيهَا، لَمْ يَفْتَقِرْ إِلَى الْحُرِّيَّةِ وَالإِْسْلَامِ.
الثَّالِثُ: ذِكْرُ الْعَمَل الَّذِي يَتَقَلَّدُهُ، وَهَذَا يُعْتَبَرُ فِيهِ ثَلَاثَةُ شُرُوطٍ:
أ - تَحْدِيدُ النَّاحِيَةِ بِمَا تَتَمَيَّزُ بِهِ عَنْ غَيْرِهَا.
ب - تَعْيِينُ الْعَمَل الَّذِي يَخْتَصُّ بِنَظَرِهِ فِيهَا مِنْ جِبَايَةٍ أَوْ خَرَاجٍ أَوْ عُشْرٍ.
ج - الْعِلْمُ بِرُسُومِ الْعَمَل وَحُقُوقِهِ عَلَى تَفْصِيلٍ يَنْفِي عَنْهُ الْجَهَالَةَ. فَإِذَا اسْتُكْمِلَتْ هَذِهِ الشُّرُوطُ فِي عَمَلٍ عَلِمَ بِهِ الْمُوَلِّي وَالْمُوَلَّى صَحَّ التَّقْلِيدُ وَنَفَذَ.
الرَّابِعُ: بَيَانُ زَمَانِ النَّظَرِ، وَلَا يَخْلُو مِنْ ثَلَاثَةِ أَحْوَالٍ:
أ - أَنْ يُقَدَّرَ بِمُدَّةٍ مَحْصُورَةٍ، فَيَكُونُ التَّقْدِيرُ بِهَذِهِ الْمُدَّةِ مُجَوِّزًا لِلنَّظَرِ فِيهَا وَمَانِعًا مِنَ النَّظَرِ بَعْدَ انْقِضَائِهَا، وَلَا يَكُونُ النَّظَرُ فِي الْمُدَّةِ الْمُقَدَّرَةِ لَازِمًا
مِنْ جِهَةِ الْمُوَلِّي، وَلَهُ صَرْفُهُ وَالاِسْتِبْدَال بِهِ إِنْ رَأَى ذَلِكَ صَلَاحًا.
ب - أَنْ يُقَدَّرَ بِالْعَمَل، فَيَقُول الْمُوَلِّي: قَلَّدْتُكَ خَرَاجَ نَاحِيَةِ كَذَا فِي هَذِهِ السَّنَةِ، أَوْ قَلَّدْتُكَ صَدَقَاتِ بَلَدِ كَذَا فِي هَذَا الْعَامِ، فَتَكُونُ مُدَّةُ نَظَرِهِ مُقَدَّرَةً بِفَرَاغِهِ عَنْ عَمَلِهِ، فَإِذَا فَرَغَ انْعَزَل عَنْهُ، وَهُوَ قَبْل فَرَاغِهِ يَجُوزُ أَنْ يَعْزِلَهُ الْمُوَلِّي، وَعَزْلُهُ لِنَفْسِهِ مُعْتَبَرٌ بِصِحَّةِ جَارِيهِ (1) وَفَسَادِهِ.
ج - أَنْ يَكُونَ التَّقْلِيدُ مُطْلَقًا فَلَا يُقَدَّرُ بِمُدَّةٍ وَلَا عَمَلٍ، فَيَقُول الْمُوَلِّي مَثَلاً: قَلَّدْتُكَ خَرَاجَ الْكُوفَةِ، أَوْ أَعْشَارَ الْبَصْرَةِ، أَوْ حِمَايَةَ بَغْدَادَ، وَهُوَ تَقْلِيدٌ صَحِيحٌ وَإِنْ جُهِلَتْ مُدَّتُهُ.
الْخَامِسُ: فِي جَارِي (مُقَابِل) الْعَامِل عَلَى عَمَلِهِ، وَلَا يَخْلُو مِنْ ثَلَاثَةِ أَحْوَالٍ:
أ - أَنْ يُسَمِّيَ مَعْلُومًا فَيَسْتَحِقَّ الْمُسَمَّى إِذَا وَفَّى الْعِمَالَةَ حَقَّهَا، فَإِنْ قَصَّرَ فِيهَا رُوعِيَ تَقْصِيرُهُ، وَإِنْ زَادَ فِي الْعَمَل رُوعِيَتْ الزِّيَادَةُ.
ب - أَنْ يُسَمِّيَ مَجْهُولاً فَيَسْتَحِقَّ جَارِيَ مِثْلِهِ فِيمَا عَمِل، فَإِنْ كَانَ جَارِي الْعَمَل مُقَدَّرًا فِي الدِّيوَانِ، وَعَمِل بِهِ جَمَاعَةٌ مِنَ الْعُمَّال، صَارَ ذَلِكَ الْقَدْرُ هُوَ جَارِيَ الْمِثْل، وَإِنْ لَمْ يَعْمَل بِهِ إِلَاّ وَاحِدًا لَمْ يَصِرْ ذَلِكَ مَأْلُوفًا فِي جَارِي الْمِثْل.
ج - أَنْ لَا يُسَمَّى بِمَجْهُولٍ وَلَا بِمَعْلُومٍ، وَفِيمَا
(1) الجاري هو ما يجري عليه من الرزق (المرتب) .