الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أَوْ غَيْرِهِ كَمَوْتِ الْجَانِي، فَتَجِبُ الدِّيَةُ بِغَيْرِ رِضَا الْجَانِي.
وَفِي قَوْلٍ آخَرَ: مُوجِبُ الْعَمْدِ أَحَدُ شَيْئَيْنِ (الْقَوَدُ أَوِ الدِّيَةُ) مُبْهَمًا لَا بِعَيْنِهِ، وَعَلَى كِلَا الْقَوْلَيْنِ تَجِبُ الدِّيَةُ عِنْدَ سُقُوطِ الْقِصَاصِ بِمَوْتِ الْجَانِي عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ (1) .
ج -
الدِّيَةُ فِي أَحْوَال سُقُوطِ الْقِصَاصِ:
23 -
إِذَا وُجِدَ مَا يَمْنَعُ الْقِصَاصَ، فَتَجِبُ الدِّيَةُ بَدَلاً عَنْهُ، وَقَدْ ذَكَرَ الْفُقَهَاءُ لِوُجُوبِ الدِّيَةِ حَال سُقُوطِ الْقِصَاصِ بِسَبَبِ الشُّبْهَةِ أَمْثِلَةً، مِنْهَا:
1 - قَتْل الْوَالِدِ وَلَدَهُ:
24 -
ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ إِلَى أَنَّهُ إِذَا قَتَل الْوَالِدُ وَلَدَهُ فَلَا قِصَاصَ لِحَدِيثِ: " لَا يُقَادُ الأَْبُ مِنِ ابْنِهِ (2) " وَإِنَّمَا سَقَطَ الْقِصَاصُ عَنِ الْوَالِدِ لِشُبْهَةِ الْجُزْئِيَّةِ وَتَجِبُ عَلَيْهِ الدِّيَةُ فِي مَالِهِ.
وَفِي حُكْمِ الْوَالِدِ الْجَدُّ وَالْوَالِدَةُ عِنْدَ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ. وَفِي رِوَايَةٍ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ تُقْتَل الأُْمُّ بِقَتْل وَلَدِهَا.
(1) البدائع 7 / 241، والدسوقي مع الشرح الكبير للدردير 4 / 239، مغني المحتاج 4 / 48، كشاف القناع 7 / 543، 545.
(2)
حديث: " لا يقاد الأب من ابنه. . . " أخرجه البيهقي في السنن (8 / 38 - ط دائرة المعارف العثمانية) من حديث عبد الله بن عمر، ونقل الزيلعي في نصب الراية (4 / 339 - ط المجلس العلمي) عن البيهقي أنه صححه.
وَهَذَا بِخِلَافِ قَتْل الْوَلَدِ لِلْوَالِدِ فَيَجِبُ الْقِصَاصُ عِنْدَ الْجَمِيعِ. وَعَلَّل الْفُقَهَاءُ ذَلِكَ بِأَنَّ الْقِصَاصَ شُرِعَ لِتَحْقِيقِ حِكْمَةِ الْحَيَاةِ بِالزَّجْرِ وَالرَّدْعِ، وَالْحَاجَةُ إِلَى الزَّجْرِ فِي جَانِبِ الْوَلَدِ لَا فِي جَانِبِ الْوَالِدِ؛ وَلأَِنَّ الْوَالِدَ كَانَ سَبَبًا فِي حَيَاةِ الْوَلَدِ فَلَا يَكُونُ الْوَلَدُ سَبَبًا فِي مَوْتِهِ.
وَقَال الْمَالِكِيَّةُ: إِذَا قَتَل الرَّجُل ابْنَهُ مُتَعَمِّدًا، وَاعْتَرَفَ بِقَصْدِ قَتْلِهِ، أَوْ فَعَل بِهِ فِعْلاً مِنْ شَأْنِهِ الْقَتْل مِثْل أَنْ يَذْبَحَهُ أَوْ يَشُقَّ بَطْنَهُ، وَلَا شُبْهَةَ لَهُ فِي ادِّعَاءِ الْخَطَأِ يُقْتَل بِهِ قِصَاصًا (1) .
2 - الاِشْتِرَاكُ مَعَ مَنْ لَا قِصَاصَ عَلَيْهِ:
25 -
لَوِ اشْتَرَكَ اثْنَانِ فِي قَتْل رَجُلٍ أَحَدُهُمَا عَلَيْهِ الْقِصَاصُ لَوِ انْفَرَدَ وَالآْخَرُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ لَوِ انْفَرَدَ، كَالصَّبِيِّ مَعَ الْبَالِغِ، وَالْمَجْنُونِ مَعَ الْعَاقِل، وَالْخَاطِئِ مَعَ الْعَامِدِ فَإِنَّهُ لَا قِصَاصَ عَلَى أَيِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا، وَهَذَا مَذْهَبُ الْحَنَفِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ، وَهُوَ مَذْهَبُ الْمَالِكِيَّةِ فِي شَرِيكِ الْمُخْطِئِ وَالْمَجْنُونِ. فَتَجِبُ عَلَى الْمُتَعَمِّدِ نِصْفُ الدِّيَةِ فِي مَالِهِ وَنِصْفُهَا عَلَى عَاقِلَةِ الْمُخْطِئِ وَالْمَجْنُونِ. وَاسْتَدَلُّوا لِسُقُوطِ الْقِصَاصِ
(1) بدائع الصنائع 7 / 235، وحاشية ابن عابدين 5 / 343، مغني المحتاج 4 / 18، والمهذب 2 / 174، والمغني 7 / 666، 667، والدسوقي 4 / 242، والفواكه الدواني 2 / 259.
فِي هَذِهِ الْحَالَاتِ - كَمَا قَال الْكَاسَانِيُّ - بِتَمَكُّنِ الشُّبْهَةِ فِي فِعْل كُل وَاحِدٍ مِنْهُمَا؛ لأَِنَّهُ يَحْتَمِل أَنْ يَكُونَ فِعْل مَنْ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْقِصَاصُ لَوِ انْفَرَدَ مُسْتَقِلًّا فِي الْقَتْل، فَيَكُونُ فِعْل الآْخَرِ فَضْلاً (1) .
وَفِي شَرِيكِ الصَّبِيِّ قَال الْمَالِكِيَّةُ: عَلَيْهِ الْقِصَاصُ إِنْ تَمَالآَ عَلَى قَتْلِهِ عَمْدًا، وَعَلَى عَاقِلَةِ الصَّبِيِّ نِصْفُ الدِّيَةِ؛ لأَِنَّ عَمْدَهُ كَخَطَئِهِ. وَإِنْ لَمْ يَتَمَالآَ عَلَى قَتْلِهِ وَتَعَمَّدَا قَتْلَهُ، أَوْ تَعَمَّدَ الْكَبِيرُ فَعَلَيْهِ نِصْفُ الدِّيَةِ فِي مَالِهِ، وَعَلَى عَاقِلَةِ الصَّبِيِّ نِصْفُهَا.
أَمَّا إِذَا اشْتَرَكَ أَجْنَبِيٌّ مَعَ الأَْبِ فِي قَتْل وَلَدِهِ فَالْجُمْهُورُ: (الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَهُوَ الرَّاجِحُ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ) عَلَى أَنَّهُ يُقْتَل شَرِيكُ الأَْبِ، وَعَلَى الأَْبِ نِصْفُ الدِّيَةِ مُغَلَّظَةً عِنْدَ مَنْ يَقُول بِعَدَمِ الْقِصَاصِ عَلَيْهِ. وَقَال الْحَنَفِيَّةُ، وَهُوَ رِوَايَةٌ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ: لَا قِصَاصَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا؛ لِتَمَكُّنِ الشُّبْهَةِ فِي فِعْل كُل وَاحِدٍ مِنْهُمَا، كَشَرِيكِ الْخَاطِئِ وَالصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ، وَعَلَى ذَلِكَ فَعَلَى كُل وَاحِدٍ مِنْهُمَا نِصْفُ الدِّيَةِ (2) .
وَتَفْصِيلُهُ فِي: (قِصَاص) .
(1) البدائع 7 / 235، وجواهر الإكليل 2 / 257، والدسوقي مع الشرح الكبير 4 / 246، 247، والمغني 7 / 676، 677، 680، ومغني المحتاج 4 / 20، 21، وحاشية القليوبي 4 / 108.
(2)
البدائع 7 / 237، وجواهر الإكليل 2 / 257، والدسوقي 4 / 246، 247، ومغني المحتاج 4 / 20، والمغني 7 / 636، 666.
3 -
إِرْثُ الْوَلَدِ حَقَّ الاِقْتِصَاصِ مِنْ أَصْلِهِ:
26 -
إِذَا وَرِثَ الْوَلَدُ الْقِصَاصَ مِنْ أَحَدِ الأَْبَوَيْنِ عَلَى الآْخَرِ يَسْقُطُ الْقِصَاصُ وَتَجِبُ الدِّيَةُ وَذَلِكَ لِشُبْهَةِ الْوِرَاثَةِ. فَلَوْ قَتَل أَحَدُ الأَْبَوَيْنِ صَاحِبَهُ وَلَهُمَا وَلَدٌ لَمْ يَجِبِ الْقِصَاصُ؛ لأَِنَّهُ لَوْ وَجَبَ لَوَجَبَ لِوَلَدِهِ، وَلَا يَجِبُ لِلْوَلَدِ قِصَاصٌ عَلَى وَالِدِهِ.؛ لأَِنَّهُ إِذَا لَمْ يَجِبْ بِالْجِنَايَةِ عَلَيْهِ فَلأََنْ لَا يَجِبَ لَهُ بِالْجِنَايَةِ عَلَى غَيْرِهِ أَوْلَى. وَسَوَاءٌ أَكَانَ الْوَلَدُ ذَكَرًا أَمْ أُنْثَى. أَوْ كَانَ لِلْمَقْتُول وَلَدٌ سِوَاهُ أَوْ مَنْ يُشَارِكُهُ فِي الْمِيرَاثِ أَمْ لَمْ يَكُنْ؛ لأَِنَّهُ لَوْ ثَبَتَ الْقِصَاصُ لَوَجَبَ لَهُ جُزْءٌ مِنْهُ وَلَا يُمْكِنُ وُجُوبُهُ. وَإِذَا لَمْ يَثْبُتْ بَعْضُهُ سَقَطَ كُلُّهُ؛ لأَِنَّ الْقِصَاصَ لَا يَتَبَعَّضُ، وَصَارَ كَمَا لَوْ عَفَا بَعْضُ مُسْتَحَقِّي الْقِصَاصِ عَنْ نَصِيبِهِ مِنْهُ، وَهَذَا عِنْدَ مَنْ يَقُول بِعَدَمِ وُجُوبِ الْقِصَاصِ عَلَى الْوَالِدِ بِسَبَبِ قَتْل وَلَدِهِ، وَهُمُ الْجُمْهُورُ.
وَكَذَا لَوْ قَتَل رَجُلٌ أَخَاهُ أَوْ أَحَدًا يَرِثُ ابْنُهُ حَقَّ الْقِصَاصِ أَوْ شَيْئًا مِنْهُ.
وَهُنَاكَ أَنْوَاعٌ أُخْرَى تَمْنَعُ الْقِصَاصَ (1) . يُنْظَرُ تَفْصِيلُهَا فِي مُصْطَلَحَاتِ: (قِصَاص، قَتْل، شُبْهَة) .
(1) الزيلعي 6 / 105، 106، والفواكه الدواني 2 / 257، ونهاية المحتاج 7 / 21، المغني لابن قدامة 7 / 668، 669.