الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عَبْدَ الْمَلِكِ بْنَ مَرْوَانَ لَمَّا أَرَادَ ضَرْبَ الدَّنَانِيرِ، سَأَل عَنْ أَوْزَانِ الْجَاهِلِيَّةِ، فَأَجْمَعُوا لَهُ عَلَى أَنَّ الْمِثْقَال اثْنَانِ وَعِشْرُونَ قِيرَاطًا إِلَاّ حَبَّةً بِالشَّامِيِّ فَضَرَبَهَا كَذَلِكَ (1) .
الدِّينَارُ الشَّرْعِيُّ:
7 -
الدِّينَارُ الَّذِي ضَرَبَهُ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ هُوَ الدِّينَارُ الشَّرْعِيُّ؛ لِمُطَابَقَتِهِ لِلأَْوْزَانِ الْمَكِّيَّةِ الَّتِي أَقَرَّهَا رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَالصَّحَابَةُ. وَوَزْنُهُ كَمَا ذَكَرَتِ الرِّوَايَاتُ اثْنَانِ وَعِشْرُونَ قِيرَاطًا إِلَاّ حَبَّةً بِالشَّامِيِّ، وَهُوَ أَيْضًا بِزِنَةِ اثْنَتَيْنِ وَسَبْعِينَ حَبَّةَ شَعِيرٍ مِنْ حَبَّاتِ الشَّعِيرِ الْمُتَوَسِّطَةِ الَّتِي لَمْ تُقَشَّرْ وَقَدْ قُطِعَ مِنْ طَرَفَيْهَا مَا امْتَدَّ (2) .
وَقَال ابْنُ خَلْدُونٍ: الإِْجْمَاعُ مُنْعَقِدٌ مُنْذُ صَدْرِ الإِْسْلَامِ وَعَهْدِ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ أَنَّ الدِّرْهَمَ الشَّرْعِيَّ: هُوَ الَّذِي تَزِنُ الْعَشَرَةُ مِنْهُ سَبْعَةَ مَثَاقِيل مِنَ الذَّهَبِ، وَهُوَ عَلَى هَذَا سَبْعَةُ أَعْشَارِ الدِّينَارِ، وَوَزْنُ الْمِثْقَال مِنَ الذَّهَبِ اثْنَتَانِ وَسَبْعُونَ حَبَّةً مِنَ الشَّعِيرِ (3) .
وَبِهَذَا قَال جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ (الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ) .
(1) المقريزي في رسالته (النقود القديمة والإسلامية) هامش الأحكام السلطانية لأبي يعلى 175، 177، والمجموع للنووي 5 / 475.
(2)
فتوح البلدان / 453.
(3)
مقدمة ابن خلدون / 184.
وَخَالَفَهُمْ فِي ذَلِكَ الْحَنَفِيَّةُ فَهُوَ عِنْدَهُمْ مِائَةُ شَعِيرَةٍ. وَالظَّاهِرُ أَنَّ مَنْشَأَ هَذَا الاِخْتِلَافِ هُوَ فِي تَقْدِيرِ الْقِيرَاطِ. فَقَدْ ذَكَرَ ابْنُ عَابِدِينَ أَنَّ وَزْنَ الْمِثْقَال عِشْرُونَ قِيرَاطًا، وَأَنَّ الْقِيرَاطَ خَمْسُ شَعِيرَاتٍ، فَالْمِثْقَال مِائَةُ شَعِيرَةٍ.
وَمِمَّا يُؤَيِّدُ هَذَا هُوَ مَا ذَكَرَهُ الْمَالِكِيَّةُ مِنْ أَنَّ الْمِثْقَال أَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ قِيرَاطًا، وَأَنَّ الْقِيرَاطَ ثَلَاثُ حَبَّاتٍ مِنْ مُتَوَسِّطِ الشَّعِيرِ، فَيَكُونُ وَزْنُ الْمِثْقَال اثْنَتَيْنِ وَسَبْعِينَ حَبَّةً.
وَقَدْ ذَكَرَ ابْنُ عَابِدِينَ أَنَّ الْمَذْكُورَ فِي كُتُبِ الشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ أَنَّ الْمِثْقَال اثْنَتَانِ وَسَبْعُونَ شَعِيرَةً مُعْتَدِلَةً لَمْ تُقَشَّرْ وَقُطِعَ مِنْ طَرَفَيْهَا مَا دَقَّ وَطَال، وَهُوَ لَمْ يَتَغَيَّرْ جَاهِلِيَّةً وَلَا إِسْلَامًا. ثُمَّ قَال وَقَدْ ذُكِرَتْ أَقْوَالٌ كَثِيرَةٌ فِي تَحْدِيدِ الْقِيرَاطِ (1) .
تَقْدِيرُ الدِّينَارِ الشَّرْعِيِّ فِي الْعَصْرِ الْحَاضِرِ:
8 -
تَبَيَّنَ مِمَّا سَبَقَ أَنَّ الدِّينَارَ الَّذِي ضَرَبَهُ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ هُوَ الدِّينَارُ الشَّرْعِيُّ؛ لِمُطَابَقَتِهِ لأَِوْزَانِ الْعَرَبِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَهِيَ الأَْوْزَانُ الَّتِي أَقَرَّهَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَالصَّحَابَةُ، وَأَنَّ السَّلَفَ الصَّالِحَ
(1) ابن عابدين 2 / 28 - 30، والفواكه الدواني 1 / 382، والشرح الصغير 1 / 217 ط الحلبي، والمجموع للنووي 5 / 464، 475 - 476، ومغني المحتاج 1 / 389، وشرح منتهى الإرادات 1 / 402.