الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْحَوْل يُسْقِطُ الزَّكَاةَ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ سَوَاءٌ أَكَانَ الْهَلَاكُ قَبْل التَّمَكُّنِ مِنَ الأَْدَاءِ أَمْ بَعْدَهُ؛ لأَِنَّ وُجُوبَ الضَّمَانِ يَسْتَدْعِي تَفْوِيتَ مِلْكٍ أَوْ يَدٍ، وَتَأْخِيرَ الزَّكَاةِ عَنْ أَوَّل أَوْقَاتِ الإِْمْكَانِ لَمْ يُفَوِّتْ عَلَى الْفَقِيرِ مِلْكًا وَلَا يَدًا فَلَا يَضْمَنُ.
وَيَقُول ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ: مَنْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ زَكَاةٌ فَعَزَلَهَا وَأَخْرَجَهَا فَتَلِفَتْ مِنْهُ بِغَيْرِ تَفْرِيطٍ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ. وَعِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ لَا تَسْقُطُ الزَّكَاةُ إِلَاّ إِنْ تَلِفَ الْمَال قَبْل التَّمَكُّنِ مِنَ الأَْدَاءِ بِلَا تَقْصِيرٍ، أَمَّا بَعْدَ التَّمَكُّنِ فَتَلَفُ الْمَال يُوجِبُ الضَّمَانَ (1) .
وَقَال ابْنُ قُدَامَةَ: الزَّكَاةُ لَا تَسْقُطُ بِتَلَفِ الْمَال فَرَّطَ أَوْ لَمْ يُفَرِّطْ، هَذَا الْمَشْهُورُ عَنْ أَحْمَدَ، وَحَكَى عَنْهُ الْمَيْمُونِيُّ أَنَّهُ إِذَا تَلِفَ النِّصَابُ قَبْل التَّمَكُّنِ مِنَ الأَْدَاءِ سَقَطَتِ الزَّكَاةُ عَنْهُ، وَإِنْ تَلِفَ بَعْدَهُ لَمْ تَسْقُطْ، وَحَكَاهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ مَذْهَبًا لأَِحْمَدَ، ثُمَّ قَال ابْنُ قُدَامَةَ بَعْدَ ذَلِكَ: وَالصَّحِيحُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ أَنَّ الزَّكَاةَ تَسْقُطُ بِتَلَفِ الْمَال إِذَا لَمْ يُفَرِّطْ فِي الأَْدَاءِ لأَِنَّهَا تَجِبُ عَلَى سَبِيل الْمُوَاسَاةِ فَلَا تَجِبُ عَلَى وَجْهٍ يَجِبُ أَدَاؤُهَا مَعَ عَدَمِ الْمَال وَفَقْرِ مَنْ تَجِبُ عَلَيْهِ (2) .
وَيُنْظَرُ تَفْصِيل ذَلِكَ فِي: (زَكَاة) .
(1) البدائع 2 / 22، 53، والأشباه لابن نجيم ص 359، والكافي لابن عبد البر 1 / 302، ومغني المحتاج 1 / 418.
(2)
المغني 2 / 682 - 683.
4 - الرِّدَّةُ
15 -
ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ إِلَى أَنَّ الرِّدَّةَ تُسْقِطُ دَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى، سَوَاءٌ أَكَانَ بَدَنِيًّا أَمْ مَالِيًّا لِقَوْل اللَّهِ تَعَالَى:{قُل لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ} (1) وَقَوْل النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: الإِْسْلَامُ يَهْدِمُ مَا كَانَ قَبْلَهُ (2) . وَعَلَى هَذَا فَمَنْ كَانَ مُسْلِمًا ثُمَّ ارْتَدَّ - وَالْعِيَاذُ بِاللَّهِ - ثُمَّ أَسْلَمَ فَمَا كَانَ مِنْ دُيُونِ اللَّهِ تَعَالَى فِي ذِمَّتِهِ فَقَدْ بَطَل تَعَلُّقُهُ بِهَا وَسَقَطَ عَنْهُ الْقَضَاءُ. وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ إِلَى أَنَّ الرِّدَّةَ لَا تُسْقِطُ حَقًّا لِلَّهِ تَعَالَى مَالِيًّا أَوْ بَدَنِيًّا (3) .
وَقَدْ فَصَّل ابْنُ قُدَامَةَ الْقَوْل بِالنِّسْبَةِ لِمَذْهَبِ الْحَنَابِلَةِ فَقَال فِي الزَّكَاةِ: مَنِ ارْتَدَّ قَبْل مُضِيِّ الْحَوْل وَحَال الْحَوْل وَهُوَ مُرْتَدٌّ فَلَا زَكَاةَ عَلَيْهِ نَصَّ عَلَيْهِ؛ لأَِنَّ الإِْسْلَامَ شَرْطٌ لِوُجُوبِ الزَّكَاةِ فَعَدَمُهُ فِي بَعْضِ الْحَوْل يُسْقِطُ الزَّكَاةَ كَالْمِلْكِ وَالنِّصَابِ، وَإِنْ رَجَعَ إِلَى الإِْسْلَامِ قَبْل مُضِيِّ الْحَوْل اسْتَأْنَفَ حَوْلاً، أَمَّا إِنِ ارْتَدَّ بَعْدَ الْحَوْل لَمْ تَسْقُطِ الزَّكَاةُ عَنْهُ.
(1) سورة الأنفال / 38.
(2)
حديث: " الإسلام يهدم ما كان قبله " أخرجه مسلم (1 / 112 - ط الحلبي) من حديث عمرو بن العاص.
(3)
البدائع 2 / 4، 53، 117، 7 / 136، ومنح الجليل 4 / 472، ومغني المحتاج 1 / 130، 408.