الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
صَاحِبُهُ، وَالْعَيْنُ بِيَدِ الصَّانِعِ، فَإِنَّهُ يَتَعَلَّقُ بِمَا فِي يَدِهِ مِنْ مَتَاعِهِ، وَيُقَدَّمُ بِهِ عَلَى سَائِرِ الْغُرَمَاءِ (1) .
جَاءَ فِي " الْمُدَوَّنَةِ ": " إِذَا أَفْلَسَ الرَّجُل وَلَهُ حُلِيٌّ عِنْدَ صَائِغٍ قَدْ صَاغَهُ لَهُ، كَانَ هُوَ أَوْلَى بِأَجْرِهِ، وَلَمْ يُحَاصَّهُ الْغُرَمَاءُ، بِمَنْزِلَةِ الرَّهْنِ فِي يَدَيْهِ (2) "، " وَكُل ذِي صَنْعَةٍ مِثْل الْخَيَّاطِ وَالصَّبَّاغِ وَالصَّائِغِ وَمَا أَشْبَهَهُمْ مِنْهُمْ أَحَقُّ بِمَا فِي أَيْدِيهِمْ مِنَ الْغُرَمَاءِ فِي الْمَوْتِ وَالتَّفْلِيسِ جَمِيعًا، وَكُل مَنْ تُكُورِيَ عَلَى حَمْل مَتَاعٍ فَحَمَلَهُ إِلَى بَلَدٍ مِنَ الْبُلْدَانِ، فَالْمُكْرَى أَحَقُّ بِمَا فِي يَدَيْهِ مِنَ الْغُرَمَاءِ فِي الْمَوْتِ وَالتَّفْلِيسِ جَمِيعًا (3) ".
19 -
ز - دَيْنُ الْكِرَاءِ الَّذِي يَسْتَحِقُّهُ صَاحِبُ الأَْرْضِ الْمُؤَجَّرَةِ إِذَا أَفْلَسَ الْمُسْتَأْجِرُ بَعْدَمَا زَرَعَهَا، فَإِنَّهُ يَتَعَلَّقُ بِالزَّرْعِ، وَيُقَدَّمُ بِهِ عَلَى سَائِرِ غُرَمَاءِ الْمُسْتَأْجِرِ (4) . قَال التَّسَوُّلِيُّ:" لأَِنَّ الزَّرْعَ كَرَهْنٍ بِيَدِهِ فِي كِرَائِهَا، فَيُبَاعُ وَيُؤْخَذُ الْكِرَاءُ مِنْ ثَمَنِهِ (5) ". وَكَذَا " كُل مَنِ اسْتُؤْجِرَ فِي زَرْعٍ أَوْ نَخْلٍ أَوْ أَصْلٍ يَسْقِيهِ، فَسَقَاهُ ثُمَّ فَلَّسَ صَاحِبُهُ،
(1) القوانين الفقهية ص 347، البهجة شرح التحفة للتسولي 2 / 333، شرح ميارة على تحفة ابن عاصم 2 / 242
(2)
المدونة 13 / 239 (مطبعة السعادة بمصر سنة 1323 هـ)
(3)
المدونة 13 / 239 (مطبعة السعادة سنة 1323 هـ) .
(4)
شرح ميارة على التحفة 2 / 242، والقوانين الفقهية ص 347.
(5)
البهجة شرح التحفة 2 / 333
فَسَاقِيهِ أَوْلَى بِهِ مِنَ الْغُرَمَاءِ حَتَّى يَسْتَوْفِيَ حَقَّهُ (1) ".
20 -
ح - الدَّيْنُ الْوَاجِبُ عَلَى مَنْ تُوُفِّيَ وَتَرَكَ مَالاً، فَإِنَّهُ يَتَعَلَّقُ بِتَرِكَتِهِ كَتَعَلُّقِ الدَّيْنِ بِالْمَرْهُونِ.
وَقَدْ أَثْبَتَ الشَّارِعُ هَذَا التَّعَلُّقَ لِمَصْلَحَةِ الْمَيِّتِ كَيْ تَبْرَأَ ذِمَّتُهُ " فَاللَاّئِقُ بِهِ أَلَاّ يُسَلَّطَ الْوَارِثُ عَلَيْهِ (2) ".
21 -
ط - الدَّيْنُ الَّذِي يَكُونُ لِلْمُسْتَأْجِرِ الَّذِي عَجَّل الأُْجْرَةَ وَتَسَلَّمَ الْعَيْنَ الْمُؤَجَّرَةَ، إِذَا فُسِخَتْ الإِْجَارَةُ قَبْل انْتِهَاءِ مُدَّتِهَا لِمَوْتِ الْمُؤَجِّرِ، فَإِنَّ مَا يُقَابِل الْمُدَّةَ الْبَاقِيَةَ مِنَ الأُْجْرَةِ يَكُونُ دَيْنًا مُتَعَلِّقًا بِالْعَيْنِ الْمُؤَجَّرَةِ، فَإِذَا بِيعَتِ الدُّيُونُ عَلَى مَالِكِهَا الْمُتَوَفَّى كَانَ دَيْنُ الْمُسْتَأْجِرِ مُقَدَّمًا عَلَى دُيُونِ سَائِرِ الْغُرَمَاءِ، وَهَذَا عَلَى مَذْهَبِ الْحَنَفِيَّةِ الْقَائِلِينَ بِانْفِسَاخِ الإِْجَارَةِ بِمَوْتِ أَحَدِ الْعَاقِدَيْنِ. قَال ابْنُ عَابِدِينَ:" فَإِنَّهُ إِذَا أَعْطَى الأُْجْرَةَ أَوَّلاً ثُمَّ مَاتَ الآْجِرُ صَارَتِ الدَّارُ هُنَا بِالأُْجْرَةِ (3) ".
أَسْبَابُ ثُبُوتِ الدَّيْنِ:
22 -
الأَْصْل بَرَاءَةُ ذِمَّةِ الإِْنْسَانِ مِنْ كُل دَيْنٍ أَوِ
(1) المدونة 13 / 238
(2)
الهداية للمرغيناني (مطبعة الميمنية سنة 1319 هـ) 9 / 436، روضة الطالبين 4 / 84، المهذب 1 / 334، شرح منتهى الإرادات 2 / 286، كشاف القناع 3 / 427، الزرقاني على خليل 8 / 203، منح الجليل 4 / 697.
(3)
رد المحتار 5 / 484 (بولاق 1272 هـ)
الْتِزَامٍ أَوْ مَسْئُولِيَّةٍ مَا لَمْ يُوجَدْ سَبَبٌ يُنْشِئُ ذَلِكَ وَيُلْزِمُ بِهِ، وَمِنْ هُنَا كَانَ لَا بُدَّ لِثُبُوتِ أَيِّ دَيْنٍ مِنْ سَبَبٍ مُوجِبٍ يَقْتَضِيهِ. . وَالْبَاحِثُ فِي كُتُبِ الْفِقْهِ يَجِدُ أَنَّ أَسْبَابَ وُجُوبِ الدَّيْنِ عَدِيدَةٌ مُتَنَوِّعَةٌ، غَيْرَ أَنَّهُ يُمْكِنُ حَصْرُهَا فِي تِسْعَةِ أَسْبَابٍ:
23 -
أَحَدُهَا: الاِلْتِزَامُ بِالْمَال: سَوَاءٌ أَكَانَ فِي عَقْدٍ يَتِمُّ بَيْنَ طَرَفَيْنِ كَالْبَيْعِ، وَالسَّلَمِ، وَالْقَرْضِ، وَالإِْجَارَةِ، وَالزَّوَاجِ، وَالطَّلَاقِ عَلَى مَالٍ، وَالْحَوَالَةِ، وَالْكَفَالَةِ بِالْمَال، وَالاِسْتِصْنَاعِ وَنَحْوِهَا، أَوْ كَانَ فِي الْتِزَامٍ فَرْدِيٍّ يَتِمُّ بِإِرَادَةٍ وَاحِدَةٍ كَنَذْرِ الْمَال عِنْدَ جَمِيعِ الْفُقَهَاءِ، وَالْتِزَامِ الْمَعْرُوفِ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ (1) .
فَفِي الْقَرْضِ مَثَلاً يَلْتَزِمُ الْمُقْتَرِضُ أَنْ يَرُدَّ لِلْمُقْرِضِ مَبْلَغًا مِنَ النُّقُودِ، أَوْ قَدْرًا مِنْ أَمْوَالٍ
(1) حيث إن المالكية يرون أن كل التزام فردي بهبة، أو صدقة، أو حبس، أو جائزة، أو قرض، على وجه الصلة وطلب البر والمكافأة وما أشبه ذلك من الوجوه المعروفة بين الناس في احتسابهم وحسن معاشرتهم، لازم لصاحبه، لا يقبل منه الرجوع عنه، ولصاحب الحق فيه إذا كان معي " للحطاب 1 / 219 (مطبوع ضمن فتح العلي المالك لعليش ط الحلبي 1958 م) : " من التزم الإنفاق على شخص مدة معينة أو مدة حياة المنفق أو المنفق عليه، أو حتى يقدم زيد، أو إلى أجل مجهول لزمه ما لم يفلس أو يمت، لأن في كلام ابن رشد أن المعروف - على مذهب مالك وأصحابه - لازم لمن أوجبه على نفسه ما لم يفلس أو يمت
مِثْلِيَّةٍ يَكُونُ قَدِ اقْتَرَضَهَا مِنْهُ، وَثَبَتَتْ دَيْنًا فِي ذِمَّتِهِ.
عَلَى أَنَّ جَمِيعَ الدُّيُونِ الَّتِي تَثْبُتُ فِي عُقُودِ الْمُعَاوَضَاتِ الْمَالِيَّةِ لَا تَسْتَقِرُّ فِي الذِّمَّةِ بَعْدَ لُزُومِهَا إِلَاّ بِقَبْضِ الْبَدَل الْمُقَابِل لَهَا، إِذْ بِهِ يَحْصُل الأَْمْنُ مِنْ فَسْخِ الْعَقْدِ بِسَبَبِ تَعَذُّرِ تَسْلِيمِهِ إِلَاّ دَيْنًا وَاحِدًا وَهُوَ دَيْنُ السَّلَمِ، فَإِنَّهُ وَإِنْ كَانَ لَازِمًا فَهُوَ غَيْرُ مُسْتَقَرٍّ لاِحْتِمَال طُرُوءِ انْقِطَاعِ الْمُسْلَمِ فِيهِ، مِمَّا يُؤَدِّي إِلَى انْفِسَاخِ الْعَقْدِ وَسُقُوطِ الدَّيْنِ.
وَتَعْلِيل ذَلِكَ أَنَّ اسْتِقْرَارَ الدَّيْنِ فِي أَيِّ عَقْدٍ مِنْ عُقُودِ الْمُعَاوَضَاتِ إِنَّمَا يَعْنِي الأَْمْنَ مِنْ فَسْخِ الْعَقْدِ بِسَبَبِ تَعَذُّرِ حُصُول الدَّيْنِ الْمَذْكُورِ؛ لِعَدَمِ وُجُودِ جِنْسِهِ وَامْتِنَاعِ الاِعْتِيَاضِ عَنْهُ. . وَذَلِكَ مَخْصُوصٌ بِدَيْنِ السَّلَمِ دُونَ بَقِيَّةِ الدُّيُونِ؛ لِجَوَازِ الاِعْتِيَاضِ عَنْهَا عِنْدَ انْقِطَاعِ جِنْسِهَا (1) .
24 -
وَالثَّانِي: الْعَمَل غَيْرُ الْمَشْرُوعِ الْمُقْتَضِي لِثُبُوتِ دَيْنٍ عَلَى الْفَاعِل: كَالْقَتْل الْمُوجِبِ لِلدِّيَةِ وَالْجِنَايَاتِ الْمُوجِبَةِ لِلأَْرْشِ، وَإِتْلَافِ مَال الْغَيْرِ، وَكَتَعَدِّي يَدِ الأَْمَانَةِ أَوْ تَفْرِيطِهَا فِي الْمُحَافَظَةِ عَلَى مَا بِحَوْزَتِهِ مِنْ أَمْوَالٍ، كَتَعَمُّدِ الأَْجِيرِ الْخَاصِّ إِتْلَافَ الأَْعْيَانِ الْمَوْجُودَةِ تَحْتَ يَدِهِ أَوْ إِهْمَالِهِ فِي
(1) الأشباه والنظائر للسيوطي ص 326، الأشباه والنظائر لابن نجيم ص 350
حِفْظِهَا (1) . وَيُعَدُّ مِنْ هَذَا الْقَبِيل مَا لَوْ " أَتْلَفَ عَلَى شَخْصٍ وَثِيقَةً تَتَضَمَّنُ دَيْنًا لَهُ عَلَى إِنْسَانٍ، وَلَزِمَ مِنْ إِتْلَافِهَا ضَيَاعُ ذَلِكَ الدَّيْنِ، فَيَلْزَمُهُ الدَّيْنُ (2) ".
25 -
وَالثَّالِثُ: هَلَاكُ الْمَال فِي يَدِ الْحَائِزِ إِذَا كَانَتْ يَدَ ضَمَانٍ، مَهْمَا كَانَ سَبَبُ الْهَلَاكِ، كَتَلَفِ الْمَغْصُوبِ فِي يَدِ الْغَاصِبِ وَهَلَاكِ الْمَتَاعِ فِي يَدِ الأَْجِيرِ الْمُشْتَرِكِ أَوِ الْقَابِضِ عَلَى سَوْمِ الشِّرَاءِ وَنَحْوِ ذَلِكَ.
26 -
وَالرَّابِعُ: تَحَقُّقُ مَا جَعَلَهُ الشَّارِعُ مَنَاطًا لِثُبُوتِ حَقٍّ مَالِيٍّ: كَحَوَلَانِ الْحَوْل عَلَى النِّصَابِ فِي الزَّكَاةِ، وَاحْتِبَاسِ الْمَرْأَةِ فِي نَفَقَةِ الزَّوْجِيَّةِ، وَحَاجَةِ الْقَرِيبِ فِي نَفَقَةِ الأَْقَارِبِ، وَنَحْوِ ذَلِكَ. فَإِذَا وُجِدَ سَبَبٌ مِنْ ذَلِكَ وَجَبَ الدَّيْنُ فِي ذِمَّةِ مَنْ قَضَى الشَّارِعُ بِإِلْزَامِهِ بِهِ.
27 -
وَالْخَامِسُ: إِيجَابُ الإِْمَامِ لِبَعْضِ التَّكَالِيفِ الْمَالِيَّةِ عَلَى الْقَادِرِينَ عَلَيْهَا لِلْوَفَاءِ بِالْمَصَالِحِ الْعَامَّةِ لِلأُْمَّةِ إِذَا عَجَزَ بَيْتُ الْمَال عَنِ الْوَفَاءِ بِهَا، أَوْ لِلْمُسَاهَمَةِ فِي إِغَاثَةِ الْمَنْكُوبِينَ وَإِعَانَةِ
(1) القوانين الفقهية لابن جزي ص 360، الفروق للقرافي 2 / 206
(2)
قاله الإمام تقي الدين السبكي، ونقله عنه ولده تاج الدين في طبقات الشافعية الكبرى (ط. عيسى الحلبي) 10 / 232، وانظر القوانين الفقهية ص 361، الفروق للقرافي 2 / 206.
الْمُتَضَرِّرِينَ بِزِلْزَالٍ مُدَمِّرٍ أَوْ حَرِيقٍ شَامِلٍ أَوْ حَرْبٍ مُهْلِكَةٍ، وَنَحْوِ ذَلِكَ مِمَّا يَفْجَأُ النَّاسَ وَلَا يَتَّسِعُ بَيْتُ الْمَال لِتَحَمُّلِهِ أَوِ التَّعْوِيضِ عَنْهُ (1) .
لَكِنْ لَا يَجُوزُ هَذَا إِلَاّ بِشُرُوطٍ:
الشَّرْطُ الأَْوَّل: أَنْ تَتَعَيَّنَ الْحَاجَةُ. فَلَوْ كَانَ فِي بَيْتِ الْمَال مَا يَقُومُ بِهِ لَمْ يَجُزْ أَنْ يُفْرَضَ عَلَيْهِمْ شَيْءٌ. الشَّرْطُ الثَّانِي: أَنْ يَتَصَرَّفَ فِيهِ بِالْعَدْل. وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَسْتَأْثِرَ بِهِ دُونَ الْمُسْلِمِينَ، وَلَا أَنْ يُنْفِقَهُ فِي سَرَفٍ، وَلَا أَنْ يُعْطِيَ مَنْ لَا يَسْتَحِقُّ، وَلَا يُعْطِيَ أَحَدًا أَكْثَرَ مِمَّا يَسْتَحِقُّ.
الشَّرْطُ الثَّالِثُ: أَنْ يَصْرِفَ مَصْرِفَهُ بِحَسَبِ الْمَصْلَحَةِ وَالْحَاجَةِ لَا بِحَسَبِ الْغَرَضِ.
الشَّرْطُ الرَّابِعُ: أَنْ يَكُونَ الْغُرْمُ عَلَى مَنْ كَانَ قَادِرًا مِنْ غَيْرِ ضَرَرٍ وَلَا إِجْحَافٍ، وَمَنْ لَا شَيْءَ لَهُ، أَوْ لَهُ شَيْءٌ قَلِيلٌ فَلَا يَغْرَمُ شَيْئًا.
الشَّرْطُ الْخَامِسُ: أَنْ يَتَفَقَّدَ هَذَا فِي كُل وَقْتٍ، فَرُبَّمَا جَاءَ وَقْتٌ لَا يَفْتَقِرُ فِيهِ لِزِيَادَةٍ عَلَى مَا فِي بَيْتِ الْمَال، فَلَا يُوَزَّعُ. وَكَمَا يَتَعَيَّنُ الْمَال فِي
(1) رد المحتار (ط. مصطفى الحلبي 1376 هـ) 2 / 336، 337، نهاية المحتاج 8 / 50، حاشية الجمل 3 / 588، 4 / 183، الجامع لأحكام القرآن للقرطبي 2 / 242، المعيار للونشريسي ط. الأوقاف المغربية 11 / 131، والمستصفى 1 / 304.
التَّوْزِيعِ، فَكَذَلِكَ إِذَا تَعَيَّنَتِ الضَّرُورَةُ لِلْمَعُونَةِ بِالأَْبْدَانِ وَلَمْ يَكْفِ الْمَال، فَإِنَّ النَّاسَ يُجْبَرُونَ عَلَى التَّعَاوُنِ عَلَى الأَْمْرِ الدَّاعِي لِلْمَعُونَةِ بِشَرْطِ الْقُدْرَةِ وَتَعَيُّنِ الْمَصْلَحَةِ وَالاِفْتِقَارِ إِلَى ذَلِكَ (1) .
28 -
السَّبَبُ السَّادِسُ مِنْ أَسْبَابِ ثُبُوتِ الدَّيْنِ: أَدَاءُ مَا يَظُنُّ أَنَّهُ وَاجِبٌ عَلَيْهِ، ثُمَّ يَتَبَيَّنُ بَرَاءَةُ ذِمَّتِهِ مِنْهُ: كَمَنْ دَفَعَ إِلَى شَخْصٍ مَالاً يَظُنُّهُ دَيْنًا وَاجِبًا عَلَيْهِ، وَلَيْسَ بِدَيْنٍ وَاجِبٍ فِي الْحَقِيقَةِ وَنَفْسِ الأَْمْرِ، فَلَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْقَابِضِ بِمَا أَخَذَهُ مِنْهُ بِغَيْرِ حَقٍّ، وَيَكُونُ ذَلِكَ دَيْنًا فِي ذِمَّتِهِ، وَذَلِكَ لأَِنَّ مَنْ أَخَذَ مِنْ غَيْرِهِ مَا لَا حَقَّ لَهُ فِيهِ فَيَجِبُ عَلَيْهِ رَدُّهُ إِلَيْهِ (2) . وَقَدْ نَصَّتْ م 207 مِنْ مُرْشِدِ الْحَيْرَانِ " مَنْ دَفَعَ شَيْئًا ظَانًّا أَنَّهُ وَاجِبٌ عَلَيْهِ، فَتَبَيَّنَ عَدَمُ وُجُوبِهِ، فَلَهُ الرُّجُوعُ بِهِ عَلَى مَنْ قَبَضَهُ مِنْهُ بِغَيْرِ حَقٍّ ".
29 -
وَالسَّابِعُ: أَدَاءُ وَاجِبٍ مَالِيٍّ يَلْزَمُ الْغَيْرَ عَنْهُ بِنَاءً عَلَى طَلَبِهِ: كَمَا إِذَا أَمَرَ شَخْصٌ غَيْرَهُ بِأَدَاءِ دَيْنِهِ، فَأَدَّاهُ الْمَأْمُورُ مِنْ مَالِهِ عَنْهُ، فَإِنَّ مَا دَفَعَهُ يَكُونُ دَيْنًا فِي ذِمَّةِ الآْمِرِ لِلْمَأْمُورِ يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِهِ، سَوَاءٌ شَرَطَ الآْمِرُ رُجُوعَهُ - بِأَنْ
(1) المعيار للونشريسي 11 / 127 - 128
(2)
وهذه القضية فرع للقاعدة الفقهية الكلية: " لا يجوز لأحد أخذ مال أحد بلا سبب شرعي "(م 97 من المجلة العدلية) ، وانظر المبدع لبرهان الدين ابن مفلح شرح المقنع 4 / 202
قَال لَهُ: أَدِّ دَيْنِي عَلَى أَنْ أُؤَدِّيَهُ لَكَ بَعْدُ - أَوْ لَمْ يَشْرِطْ ذَلِكَ، بِأَنْ قَال لَهُ: أَدِّ دَيْنِي - فَقَطْ - فَأَدَّاهُ (1) .
وَمِثْل ذَلِكَ مَا لَوْ أَمَرَ شَخْصٌ آخَرَ بِشِرَاءِ شَيْءٍ لَهُ، أَوْ بِبِنَاءِ دَارٍ أَوْ دُكَّانٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ، فَفَعَل الْمَأْمُورُ ذَلِكَ، فَإِنَّهُ يَرْجِعُ عَلَى الآْمِرِ بِمَا دَفَعَهُ، سَوَاءٌ اشْتَرَطَ عَلَيْهِ الرُّجُوعَ أَوْ لَمْ يَشْتَرِطْ (2) . وَكَذَا لَوْ أَمَرَ شَخْصٌ آخَرَ بِأَنْ يَكْفُلَهُ بِالْمَال فَكَفَلَهُ، ثُمَّ أَدَّى الْكَفِيل مَا كَفَل بِهِ، فَإِنَّهُ يَرْجِعُ عَلَى الْمَكْفُول بِمَا أَدَّى عَنْهُ (3) . وَكَذَا إِذَا أَحَال مَدِينٌ دَائِنَهُ عَلَى شَخْصٍ غَيْرِ مَدِينٍ لِلْمُحِيل، فَرَضِيَ الْمُحَال عَلَيْهِ، وَأَدَّى عَنْهُ الدَّيْنَ الْمُحَال بِهِ بِنَاءً عَلَى طَلَبِهِ، فَإِنَّ الْمُحَال عَلَيْهِ يَرْجِعُ عَلَى الْمُحِيل بِمَا أَدَّى عَنْهُ (4) .
(1) رد المحتار (ط. الحلبي 1386هـ) 2 / 674، تكملة رد المحتار 2 / 334، اختلاف الفقهاء لابن جرير الطبري 2 / 62 وما بعدها، نهاية المحتاج 4 / 448، فتح العزيز 10 / 389، وانظر م (1506) من المجلة العدلية وم 198، 199 من مرشد الحيران
(2)
تكملة رد المحتار 2 / 334، وانظر م (1508) من المجلة العدلية وم 200 من مرشد الحيران.
(3)
رد المحتار 4 / 271، المغني لابن قدامة 5 / 86، نهاية المحتاج 4 / 447، المهذب 1 / 349، فتح العزيز 10 / 390، وانظر م 862 من مرشد الحيران، الإشراف للقاضي عبد الوهاب ط. تونس 2 / 21.
(4)
بدائع الصنائع 7 / 3443 مطبعة الإمام، رد المحتار 4 / 294، تبيين الحقائق 4 / 174، فتح العزيز 10 / 339، المغني 4 / 579، أسنى المطالب 2 / 231، المهذب 1 / 345، كشاف القناع 3 / 372، البهجة شرح التحفة 2 / 58، شرح التاودي على التحفة 2 / 57، الشرح الكبير على المقنع 5 / 58
30 -
وَالثَّامِنُ: الْفِعْل الْمَشْرُوعُ حَالَةَ الضَّرُورَةِ إِذَا تَرَتَّبَ عَلَيْهِ إِتْلَافُ مَال الْغَيْرِ: كَمَنْ أَكَل طَعَامَ غَيْرِهِ بِدُونِ إِذْنِهِ مُضْطَرًّا لِدَفْعِ الْهَلَاكِ عَنْ نَفْسِهِ، فَإِنَّ تَرْخِيصَ الشَّارِعِ وَإِبَاحَتَهُ اسْتِهْلَاكَ مَال الْغَيْرِ بِدُونِ إِذْنِهِ لِدَاعِي الضَّرُورَةِ لَا يُسْقِطُ عَنِ الْفَاعِل الْمَسْئُولِيَّةَ الْمَالِيَّةَ، وَلَا يُعْفِيهِ مِنْ ثُبُوتِ مِثْل مَا أَتْلَفَهُ أَوْ قِيمَتِهِ دَيْنًا فِي ذِمَّتِهِ لِمَالِكِهِ، فَالأَْعْذَارُ الشَّرْعِيَّةُ لَا تُنَافِي عِصْمَةَ الْمَحَل، وَالإِْبَاحَةُ لِلاِضْطِرَارِ لَا تُنَافِي الضَّمَانَ (1) ؛ وَلأَِنَّ إِذْنَ الشَّارِعِ الْعَامَّ بِالتَّصَرُّفِ إِنَّمَا يَنْفِي الإِْثْمَ وَالْمُؤَاخَذَةَ بِالْعِقَابِ، وَلَا يُعْفِي مِنْ تَحَمُّل تَبَعَةِ الإِْتْلَافِ، بِخِلَافِ إِذْنِ الْمَالِكِ (2) ، وَلِلْقَاعِدَةِ الْفِقْهِيَّةِ الْكُلِّيَّةِ " الاِضْطِرَارُ لَا يُبْطِل حَقَّ الْغَيْرِ "(م 33) مِنَ الْمَجَلَّةِ الْعَدْلِيَّةِ، وَبِهَذَا قَال جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ وَالْمَالِكِيَّةِ فِي الْمَشْهُورِ عِنْدَهُمْ وَغَيْرِهِمْ (3) .
وَخَالَفَ فِي ذَلِكَ بَعْضُ الْمَالِكِيَّةِ فَقَالُوا: لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ؛ لأَِنَّ دَفْعَ الْهَلَاكِ
(1) رد المحتار 5 / 215
(2)
وهو ما عبر عنه القرافي بقوله: " الإذن العام من قبل صاحب الشرع في التصرفات لا يسقط الضمان، وإذن المالك الآدمي في التصرفات يسقطه ". الفروق 1 / 195
(3)
قواعد الأحكام للعز بن عبد السلام 1 / 94، 2 / 176، القواعد لابن رجب ص 37، 69، 72، الفروق 1 / 196، رد المحتار 5 / 215، المهذب 1 / 257، التنبيه للشيرازي (ط. الحلبي) ص 53، نهاية المحتاج 8 / 152 وما بعدها م (33) من مجلة الأحكام العدلية
عَنْهُ كَانَ وَاجِبًا عَلَى الْمَالِكِ، وَالْوَاجِبُ لَا يُؤْخَذُ لَهُ عِوَضٌ (1) .
وَهُنَاكَ رَأْيٌ ثَالِثٌ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ، وَهُوَ أَنَّ الْمُضْطَرَّ إِلَى طَعَامِ الْغَيْرِ لِدَفْعِ الْهَلَاكِ عَنْ نَفْسِهِ إِنَّمَا يَضْمَنُ قِيمَتَهُ لِصَاحِبِهِ إِنْ كَانَتْ مَعَهُ - أَيْ بِأَنْ كَانَ مَعَهُ مَالٌ حَاضِرٌ - وَإِلَاّ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِوُجُوبِ بَذْل رَبِّهِ لَهُ (2) .
31 -
وَالتَّاسِعُ: الْقِيَامُ بِعَمَلٍ نَافِعٍ لِلْغَيْرِ بِدُونِ إِذْنِهِ: وَهُوَ نَوْعَانِ:
النَّوْعُ الأَْوَّل: أَنْ يَأْتِيَ بِعَمَلٍ يَلْزَمُ الْغَيْرَ أَوْ يَحْتَاجُهُ بِدُونِ إِذْنِهِ، كَمَنْ أَنْفَقَ عَنْ غَيْرِهِ نَفَقَةً وَاجِبَةً عَلَيْهِ، أَوْ قَضَى عَنْهُ دَيْنًا ثَابِتًا فِي ذِمَّتِهِ، وَلَمْ يَنْوِ الْمُنْفِقُ بِذَلِكَ التَّبَرُّعَ، فَإِنَّ مَا دَفَعَهُ يَكُونُ دَيْنًا فِي ذِمَّةِ الْمُنْفِقِ عَنْهُ. وَعَلَى ذَلِكَ نَصَّ الْمَالِكِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ (3) . خِلَافًا لِلشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَفِيَّةِ (4) . فَقَدْ جَاءَ فِي مُرْشِدِ الْحَيْرَانِ (م 205) : " إِذَا قَضَى أَحَدٌ دَيْنَ غَيْرِهِ بِلَا أَمْرِهِ سَقَطَ الدَّيْنُ عَنِ
(1) الفروق للقرافي 1 / 196
(2)
الزرقاني على خليل وحاشية البناني عليه 3 / 30، منح الجليل وحاشيته لعليش 1 / 599، المحلى لابن حزم 8 / 303
(3)
شرح الخرشي (7 / 64، 128) ، الزرقاني على خليل (7 / 63، 116) ، القواعد لابن رجب (ص 143 وما بعدها) ، منح الجليل (4 / 129) ، الجامع لأحكام القرآن للقرطبي (9 / 232) ، أعلام الموقعين (2 / 414 - 420) ، القياس لابن تيمية (ط. السلفية) ص 38
(4)
فتح العزيز 10 / 388، نهاية المحتاج 4 / 448
الْمَدْيُونِ، سَوَاءٌ أَقَبِل أَمْ لَمْ يَقْبَل، وَيَكُونُ الدَّافِعُ مُتَبَرِّعًا لَا رُجُوعَ لَهُ عَلَى الْمَدْيُونِ بِشَيْءٍ مِمَّا دَفَعَهُ بِلَا أَمْرِهِ، وَلَا رُجُوعَ لَهُ عَلَى رَبِّ الدَّيْنِ الْقَابِضِ لاِسْتِرْدَادِ مَا دَفَعَهُ إِلَيْهِ ".
وَحُجَّتُهُمْ عَلَى ذَلِكَ: أَنَّ مَنْ أَدَّى عَنْ غَيْرِهِ وَاجِبًا عَلَيْهِ مِنْ دَيْنٍ أَوْ نَفَقَةٍ عَلَى قَرِيبٍ أَوْ زَوْجَةٍ مِنْ غَيْرِ إِذْنِهِ، فَهُوَ إِمَّا فُضُولِيٌّ، وَهُوَ جَدِيرٌ بِأَنْ يَفُوتَ عَلَيْهِ مَا فَوَّتَهُ عَلَى نَفْسِهِ، أَوْ مُتَفَضِّلٌ فَعِوَضُهُ عَلَى اللَّهِ دُونَ مَنْ تَفَضَّل عَلَيْهِ، فَلَا يَسْتَحِقُّ مُطَالَبَتَهُ (1) .
32 -
وَقَدْ ذَكَرَ عَلِيّ حَيْدَر فِي كِتَابِهِ: " دُرَرُ الْحُكَّامِ شَرْحُ مَجَلَّةِ الأَْحْكَامِ " قَاعِدَةَ الْحَنَفِيَّةِ فِي هَذَا النَّوْعِ وَهِيَ: " أَنَّ مَنْ أَدَّى مَصْرُوفًا عَائِدًا عَلَى غَيْرِهِ بِدُونِ أَمْرِهِ أَوْ إِذْنِ الْحَاكِمِ يَكُونُ مُتَبَرِّعًا (2) ".
وَحَكَى لِهَذِهِ الْقَاعِدَةِ فُرُوعًا كَثِيرَةً مِنْهَا:
أ - إِذَا وَفَّى شَخْصٌ دَيْنَ آخَرَ بِدُونِ أَمْرِهِ يَكُونُ مُتَبَرِّعًا.
ب - إِذَا دَفَعَ الرَّاهِنُ أَوِ الْمُرْتَهِنُ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِهِ مَصْرُوفًا عَلَى الرَّهْنِ يَلْزَمُ الآْخَرَ بِدُونِ أَمْرِهِ أَوْ إِذْنِ الْحَاكِمِ يُعْتَبَرُ مُتَبَرِّعًا، وَلَا يَحِقُّ لَهُ الْمُطَالَبَةُ بِهِ؛ لأَِنَّهُ لَيْسَ مُضْطَرًّا لِهَذَا الإِْنْفَاقِ طَالَمَا أَنَّهُ مُقْتَدِرٌ عَلَى اسْتِحْصَال أَمْرٍ مِنَ الْحَاكِمِ بِهِ لِتَأْمِينِ حَقِّهِ بِالرُّجُوعِ عَلَى الْمُسْتَفِيدِ بِمَا أَدَّى عَنْهُ. وَعَلَى
(1) انظر أعلام الموقعين
(2)
درر الحكام 2 / 114، 3 / 638
ذَلِكَ نَصَّتْ الْمَجَلَّةُ الْعَدْلِيَّةُ فِي (م 725)(1) .
ج - إِذَا أَدَّى الْمُسْتَأْجِرُ الْمَصَارِيفَ اللَاّزِمَةَ عَلَى الْمُؤَجِّرِ بِلَا أَمْرِهِ يَكُونُ مُتَبَرِّعًا (م 529) مِنَ الْمَجَلَّةِ الْعَدْلِيَّةِ (2) .
وَإِذَا أَعْطَى الْمُسْتَأْجِرُ الْحَيَوَانَ الْمَأْجُورَ عَلَفًا بِدُونِ أَمْرِ الْمُؤَجِّرِ يَكُونُ مُتَبَرِّعًا (3) .
د - إِذَا كَفَل شَخْصٌ دَيْنَ آخَرَ بِدُونِ أَمْرِهِ يَكُونُ مُتَبَرِّعًا (4) .
هـ - إِذَا صَرَفَ الْمُودَعُ عَلَى الْوَدِيعَةِ بِلَا أَمْرِ صَاحِبِهَا أَوْ إِذْنِ الْحَاكِمِ يُعَدُّ مُتَبَرِّعًا (5) .
و إِذَا عَمَّرَ الشَّرِيكُ الْمِلْكَ الْمُشْتَرَكَ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِهِ بِدُونِ إِذْنِ الشَّرِيكِ أَوِ الْحَاكِمِ يُعَدُّ مُتَبَرِّعًا (6) .
ز - لَوْ أَنْشَأَ أَحَدٌ دَارًا أَوْ عَمَّرَهَا لِصَاحِبِهَا بِدُونِ أَمْرِهِ كَانَ الْبِنَاءُ أَوِ الْعِمَارَةُ لِصَاحِبِ الْعَرْصَةِ أَوِ الدَّارِ، وَيَكُونُ الْمُنْشِئُ مُتَبَرِّعًا فِيمَا أَنْفَقَهُ (7) .
ح - لَوْ أَنْفَقَ شَخْصٌ عَلَى عُرْسِ آخَرَ بِلَا إِذْنِهِ
(1) انظر درر الحكام 2 / 112 وما بعدها، 3 / 642
(2)
وانظر درر الحكام 1 / 517 وما بعدها، 2 / 114
(3)
م 561 من المجلة، وانظر درر الحكام 1 / 551، 2 / 114، 3 / 642.
(4)
درر الحكام 1 / 694، 2 / 114.
(5)
انظر م 786 من المجلة، درر الحكام 2 / 114، 252، 3 / 642
(6)
انظر م 1311 من المجلة وم 765 - 769 من مرشد الحيران ودرر الحكام 2 / 114، 3 / 334 وما بعدها.
(7)
درر الحكام 3 / 642